عريب المأمونية
عريب المأمونية (797-890م) (181-277هـ) مغنية محسنة ذات فصاحة وبلاغة وحسن وجمال. ولدت سنة 181هـ فكانت لعبد الله بن إسماعيل صاحب مراكب الرشيد. وقال ابن المعتز إنها ابنة جعفر بن يحيى البرمكي وإن البرامكة لما انتبهوا سرقت وهي صغيرة. ثم خرج مولاها بها إلى البصرة فأدبها وخرجها وعلمها الخط والنحو والشعر والغناء فبرعت في ذلك كله فأصبحت مغنية محسنة وشاعرة صالحة الشعر ومليحة الخط والمذهب في الكلام مع نهاية في الحسن والجمال والظرف وحسن الصورة. وحدّث حماد بن إسحاق فقال: قال أبي ما رأيت امرأة قط أحسن وجهاً وأدباً وغناء وضرباً وشعراً ولعباً بالشطرنج والنرد من عريب. ثم صارت عريب إلى محمد الأمين بن هارون الرشيد ولما قتل محمد الأمين هربت عريب إلى مولاها المراكبي فكانت عنده حتى اشتراها عبد الله المأمون بخمسين ألف درهم. ولما مات المأمون بيعت في ميراثه ولم يبع له عبد ولا أمة غيرها فاشتراها المعتصم بمائة ألف درهم وأعتقها. وكانت عريب تجد في رأسها برداً فكانت تغلف شعرها مكان الغسلة بستين مثقالا مسكاً وعنبراً وتغسله من جمعة إلى جمعة فإذا غسلته أعادته وتقسم الجواري غسالة رأسها بالقوارير وما تسرحه بالميزان. وتوفيت عريب سنة 277هـ.
من أشعارها
أورد ابن عساكر شيئا كثيرا من شعرها، فمن ذلك قولها لما دخلت على المتوكل تعوده من حمى أصابته فقالت:
أتوني فقالوا بالخليفة علة | فقلت ونار الشوق توقد في صدري | |
ألا ليت بي حمى الخليفة جعفر | فكانت بي الحمى وكان له أجري | |
كفى بي حزن أن قيل حم فلم أمت | من الحزن إني بعد هذا لذو صبري | |
جعلت فدا للخليفة جعفر | وذاك قليل للخليفة من شكري |
ولما عوفي دخلت عليه فغنته من قيلها:
شكرا لأنعم من عافاك من سقم | دمت المعافا من الآلام والسقم | |
عادت ببرئك للأيام بهجتها | واهتز نبت رياض الجود والكرم | |
ما قام للدين بعد اليوم من ملك | أعف منك ولا أرعى إلى الذمم | |
فعمر الله فينا جعفرا ونفى | بنور وجنته عنا دجى الظلم |
ولها في عافيته أيضا:
حمدنا الذي عافى الخليفة جعفرا | على رغم أشياخ الضلالة والكفر | |
وما كان إلا مثل بدر أصابه | كسوف قليل ثم أجلي عن البدر | |
سلامته للدين عز وقوة | وعلته للدين قاصمة الظهر | |
مرضت فأمرضت البرية كلها | وأظلمت الأمصار من شدة الذعر | |
فلما استبان الناس منك إفاقة | أفاقوا وكانوا كالنيان على الجمر | |
سلامة دنيانا سلامة جعفر | فدام معافا سالما آخر الدهر | |
إمام أعم الناس بالفضل والندا | قريبا من التقوى بعيدا من الوزر |
ولها أشعار كثيرة رائعة.