ktp2019 Tra4097
ktp2019 Tra4097
ktp2019 Tra4097
ﺇﻋﺩﺍﺩ ﺍﻟﻁﺎﻟﺏ
ﻁﺎﺭﻕ ﺯﻴﺎﺩ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺴﺔ
ﺇﺸﺭﺍﻑ
ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ
0
ﺍﻹﻫــﺩﺍﺀ
ﺇﻟﻰ ﺃﺒﻲ ﻭﺃﻤﻲ ﻤﺘﻌﻬﻤﺎ ﺍﷲ ﺒﺎﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ
ﺇﻟﻰ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺃﺴﺭﺘﻲ ﺯﻭﺠﺘﻲ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯﺓ ،ﻭﺃﻭﻻﺩﻱ
ﻤﺤﻤﺩ ،ﺴﺎﺭﺓ ،ﺴﻠﻤﻰ
ﺃﻫﺩﻱ ﺇﻟﻴﻬﻡ ﺜﻤﺭﺓ ﺠﻬﺩﻱ ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﻀﻊ
أ
ﺍﻟﺸﻜﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭ
ﻴﺴﻌﺩﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺘﻘﺩﻡ ﺒﺎﻟﺸﻜﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭ ﻭﺍﻟﻌﺭﻓﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﺴﺘﺎﺫﻱ ﺍﻟﻔﺎﻀل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻨﻅـﺎﻡ
ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ،ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﺒﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﺅﺘﺔ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻔﻀل ﺒﺭﻋﺎﻴﺔ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺇﺒﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻭﺠﻴﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻤﺒﻠﻎ ﺍﻷﺜﺭ ﻓـﻲ ﺘﺭﺘﻴـﺏ
ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻤﻭﺍﻀﻴﻌﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﻭﻻﻫﺎ ﻟﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺃﻥ ﺘﺨـﺭﺝ
ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺸﻜل.
ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻻ ﻴﻔﻭﺘﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺘﻘﺩﻡ ﺒﺎﻟﺸﻜﺭ ﻷﻋﻀﺎﺀ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﻔﻀﻠﻬﻡ
ﺒﻘﺒﻭل ﻗﺭﺍﺀﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﺴﺎﻟﺔ.
ﻭﺃﺨﻴﺭﹰﺍ ﻻ ﻴﻔﻭﺘﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺘﻘﺩﻡ ﺒﻜل ﺍﻟﺸﻜﺭ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺯﻤﻼﺌﻲ ﺍﻟﻌـﺎﻤﻠﻴﻥ ﻓـﻲ ﺍﻟـﺴﻠﻙ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻲ.
ب
ﻓﻬﺭﺱ ﺍﻟﻤﺤﺘﻭﻴﺎﺕ
ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﺤﺘﻭﻯ
ﺃ ﺍﻹﻫﺩﺍﺀ
ﺏ ﺍﻟﺸﻜﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭ
ﺝ ﻓﻬﺭﺱ ﺍﻟﻤﺤﺘﻭﻴﺎﺕ
ﻭ ﺍﻟﻤﻠﺨﺹ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ
ﺯ ﺍﻟﻤﻠﺨﺹ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻨﺠﻠﻴﺯﻴﺔ
1 ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل :ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﻋﻨﺎﺼﺭﻫﺎ ﻭﻤﻭﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻨﻬﺎ
4 1.1ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ
4 1.1.1ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺤﻭل ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
8 2.1.1ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻤﻥ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
11 2.1ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ
12 1.2.1ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺃﻭ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ
14 2.2.1ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
18 3.1ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﻋﻨﺼﺭﻱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ
18 1.3.1ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
20 2.3.1ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻨﻭﻋﻴﻪ ﻤﻥ ﻋﻨﺼﺭﻱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
25 1.2ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻤﺼﺎﺩﺭﻩ ﻭﺃﻨﻭﺍﻋﻪ
25 1.1.2ﺘﺒﺎﻴﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﻓﻲ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
27 2.1.2ﺼﻭﺭ ﺃﻭ ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
27 1.2.1.2ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ
28 2.2.1.2ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ
29 2.2ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻋﻤﺎ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺃﺨﺭﻯ
30 1.2.2ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ
31 2.2.2ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ
33 3.2ﺍﺴﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺸﺭﻭﻁﻪ
33 1.3.2ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
35 2.3.2ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
ج
35 1.2.3.2ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﻗﻌﺔ
38 2.2.3.2ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﺩﻓﻊ
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ :ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ
43 1.3ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺼﻭﺭﺓ ﻭﺃﻨﻭﺍﻋﻪ
43 1.1.3ﺘﺒﺎﻴﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﻓﻲ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ
45 2.1.3ﺼﻭﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ
47 3.1.3ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺤﺴﺏ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺨﻁﺭ
48 2.3ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻋﻤﺎ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺃﺨﺭﻯ
48 1.2.3ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
50 2.2.3ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ
54 3.3ﺍﺴﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺸﺭﻭﻁﻪ
54 1.3.3ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ
56 2.3.3ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ
58 1.2.3.3ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﺘﻜﺏ ﻀﺭﻭﺭﻴﹰﺎ ﻟﻠﻭﻗﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻁـﺭ
ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ
60 2.2.3.3ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺒﺎﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻓﻘﻁ
63 3.2.3.3ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺩﺨل ﻓﻲ ﺤﻠﻭل ﺨﻁـﺭ
ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ
65 4.2.3.3ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻤﻨﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺃﻭ ﺩﻓﻊ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺒﻭﺴﻴﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ :ﺃﺜﺎﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
69 1.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ ﻭﺍﻟﻤُﻜﺭِﻩ
69 1.1.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ
72 2.1.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭِﻩ " ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ"
74 2.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ ﻭﺍﻟﻤُﻜﺭِﻩ
74 1.2.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ
75 2.2.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ
76 3.2.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
77 4.2.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ
77 3.4ﻋﺏﺀ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
د
78 1.3.4ﻋﺏﺀ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻭﻗﺭﻴﻨﺔ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ
79 2.3.4ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺘﻭﺍﻓﺭﻫﺎ ﻓﻴﻪ
82 3.3.4ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻤﻥ ﻋﺏﺀ ﺃﺜﺒﺎﺕ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ
83 4.4ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻜل ﺍﻟﻨﺎﺸﺌﺔ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
84 1.4.4ﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ
85 2.4.4ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل
86 3.4.4ﺍﻟﻬﻭﻯ
87 ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ
92 ﺍﻟﺘﻭﺼﻴﺎﺕ
94 ﺍﻟﻤﺭﺍﺠﻊ
ﻩ
ﺍﻟﻤﻠﺨﺹ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ
ﻟﻘﺩ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻟﻤﻭﻀﻭﻉ " ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻟﻠﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ"
ﺤﻴﺙ ﺤﺩﺩﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (1/74ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺸﺭﻁﺎ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺇﺫ ﻨﺼﺕ
ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ" ﻻ ﻴﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﺒﻌﻘﻭﺒﺔ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻗﺩ ﺃﻗﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌل ﻋﻥ ﻭﻋـﻲ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ"،
ﻭﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺘﻨﺘﻔﻲ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ.
ﻭﺨﺼﺹ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ،ﻟـﺫﻟﻙ
ﻫﺩﻓﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻜل ﻤـﻥ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤـﺎﺩﻱ
ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺒﻴﺎﻥ ﻤﺼﺎﺩﺭﻫﻤﺎ ﻭﺃﻨﻭﻋﻬﻤﺎ ﻭﺘﻤﻴﻴﺯﻫﻤﺎ ﻋﻤﺎ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﺒﻬﻤﺎ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺃﺨـﺭﻯ
ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺘﻭﺍﻓﺭﻫﺎ ﻟﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ،ﻭﺘﺄﺘﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ
ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻷﺜﺭ ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﻋﺩﻡ ﻤﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﺫﻱ
ﺃﻜﺭﻩ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻭﻋﻠﻴﺔ ﺘﻨﺎﻭﻟﺕ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻓﺼﻭل ،ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﺴـﺎﺱ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﻋﻨﺎﺼﺭﻫﺎ ﻭﻤﻭﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜـﺎﻨﻲ ﻜـﺎﻥ ﻓـﻲ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻭﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ ،ﻭﺇﻤـﺎ ﺍﻟﻔـﺼل ﺍﻟﺭﺍﺒـﻊ
ﻭﺍﻷﺨﻴﺭ ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﺜﺎﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ.
و
Abstract
Coercion As a deterrent for retributive
Responsibility
ز
ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ:
ﻴﻌّﺭﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﻪ ﺒﺄﻨﻪ ﻀﻐﻁ ﻤﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻤﺎﺭﺴﻪ ﺍﻟﻤُﻜ ِﺭﻩ ﻋﻠـﻰ
ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻟﺴﻠﺏ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﻤﺎ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ.
ﻭﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﺠﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﻌﺩﺍﻡ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺤﻴـﺙ
)(1
ﺸﺭﻁﺎ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ ﺤﺩﺩﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (1/74ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻰ " :ﻻ ﻴﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﺒﻌﻘﻭﺒﺔ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻗﺩ ﺃﻗﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌـل ﻋـﻥ
ﻭﻋﻲ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ".
ﻭﻟﻘﺩ ﺤﺩﺩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒـﺎﺏ
ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻰ " :ﻻ
ﻋﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﺃﻗﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺠﺭﻡ ﻤﻜﺭﻫﹰﺎ ﺘﺤﺕ ﻁﺎﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﻜﺎﻥ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﺤـﻴﻥ
ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺠﺭﻡ ﻀﻤﻥ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻘﻭل ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻌﺎﺠل ،ﺃﻭ ﺃﻱ ﻀﺭﺭ ﺒﻠﻴﻎ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ
ﺘﺸﻭﻴﻪ ﺃﻭ ﺘﻌﻁﻴل ﺃﻱ ﻋﻀﻭ ﻤﻥ ﺃﻋﻀﺎﺌﻪ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺴﺘﺩﻴﻤﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻭ ﺃﻤﺘﻨﻊ ﻋﻥ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ
ﺍﻟﺠﺭﻡ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﺘﺭﺍﻓﻪ ﻭﺘﺴﺘﺜﻨﻰ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻘﺘل ،ﻜﻤﺎ ﻴﺸﺘﺭﻁ ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜـﻭﻥ
ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻗﺩ ﻋﺭﺽ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻤﺤﺽ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺃﻭ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺇﻟـﻰ ﺩﻓﻌـﻪ
ﻼ".
ﺴﺒﻴ ﹰ
ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ:
ﺘﺭﺠﻊ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺇﻟـﻰ ﺍﻓﺘﻘـﺎﺭ
ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﺘﺠﻤﻊ ﺸﺘﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﺨﺎﺼ ﹰﺔ ﻭﺃﻥ ﺠﻤﻴﻊ
ﺃﺴﺎﺘﺫﺘﻨﺎ ﻭﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻗﺩ ﺘﻨﺎﻭﻟﻭﺍ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﻭﻀﻭﻉ ﻤﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ
ﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﻟﺫﺍ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﺍﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﺘﻨﺎﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻟﻤﺎ ﻴـﺸﻜﻠﻪ ﻤـﻥ
ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﺘﺼﺎﻟﻪ ﺒﻤﺎﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﻤﻌﻨﻭﻴﺎﺘﻬﺎ.
ﺃﻥ ﺘﻨﺎﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻷﺜﺭ ﺍﻟﻤﺘﺭﺘـﺏ ﻋﻠـﻰ
ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺭﺘـﺏ ﻋﻠﻴـﻪ ﻋـﺩﻡ
ﻤﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻜﺭﻩ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻊ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨـﻲ ﻗـﺩ
) (1ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻭﺘﻌﺩﻴﻼﺘﻪ ﺭﻗﻡ 16ﻟﺴﻨﺔ 1960ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺼﻔﺤﺔ 374ﻤـﻥ ﻋـﺩﺩ
ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺭﻗﻡ 1487ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ .1960/5/11
1
ﺍﺴﺘﺜﻨﻰ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻘﺘل ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﺘﻜﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻤﻥ ﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺒﺼﺭﻴﺢ ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ
) (88ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ.
ﺃﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ:
ﻤﻥ ﺨﻼل ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ
ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻗﺩ ﺤﺩﺩ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ
ﺍﻷﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺠﺎﻋ ﹰ
ﻼ ﺍﻟﺒﻨﺩ ) (1ﻤﻨﻬﺎ ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ
ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺒﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻭﻴﻼﺤﻅ ﻤـﻥ
ﻼ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻜـﺎﻥ ﻗـﺩ
ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻟﻡ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻓﻀ ﹰ
ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ "ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ "ﻭﻴﻅﻬﺭ ﻟﻨﺎ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ ﺨﻠﻁ ﺒﻴﻥ
ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺨﻠﻁﹰﺎ ﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺩﻡ ﻀﺒﻁ ﺍﻹﺤﻜـﺎﻡ
ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ،ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﻭﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻓﺄﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺴﺎﻭﻯ
ﻼ ﻤﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ "ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ" ﻭﻜـﺎﻥ ﻴﻔﺘـﺭﺽ ﻓـﺼﻠﻬﻤﺎ
ﺒﻴﻥ ﻜ ﹰ
ﻻﺨﺘﻼﻑ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻋﻥ ﺍﻷﺨﺭ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺫﻟﻙ ﻤـﻥ ﺨـﻼل
ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺒﻴﺎﻥ ﺃﻨﻭﺍﻋﻪ ﻭﺍﻟﻔﺭﻕ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻭﺍﻟﺤـﺎﺩﺙ
ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﻭﺃﻴﻀﹰﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺒﻴﺎﻥ ﺃﻨﻭﺍﻋﻪ ﻭﺍﻟﻔﺭﻕ ﻓﻴﻤـﺎ ﺒﻴﻨـﻪ
ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﻜﺫﻟﻙ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺘـﻲ ﻴﻨﺒﻐـﻲ
ﺘﻭﺍﻓﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻨﻭﻋﻴﻪ ﻟﻜﻲ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻤﺎﻨﻌﹰﺎ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ.
ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ:
ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﻭﻀﻊ ﺸﺭﻁﻴﻥ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﻫﻤﺎ ﺍﻟـﻭﻋﻲ
ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺘﻨﺘﻔﻲ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻓﻤﺘﻰ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﺎﻨﻊ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ؟ ﻭﻫل ﻗﺼﺭ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻥ ﺍﻟﻤـﺫﻜﻭﺭﻴﻥ
ﺒﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﻭﻫﻤﺎ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﻘﺘل ﺃﻭ ﺍﻷﺫﻯ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﻓﻘـﻁ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ
ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺒﻘﻴﻪ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺍﻟﻠﺼﻴﻘﺔ ﺒﺎﻟﻨﻔﺱ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻜﺤﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺃﻭ
ﺍﻟﻌﺭﺽ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ؟ ﻭﻫل ﻴﺸﻤل ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎل،
ﻭﻫل ﻴﺸﺘﺭﻁ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺤﺼﻭل ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺫﺍﺘﻪ ﺒﺈﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺒـﻪ ﻭﻟـﻴﺱ
2
ﺒﺈﻴﻘﺎﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﺸﺨﺹ ﺁﺨﺭ ﻜﺄﺥ ﺃﻭ ﺃﺏ ﻟﻪ؟ ﻭﻫل ﻴﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺇﻜﺭﺍﻫـﹰﺎ ﻴﻤﻨـﻊ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺃﻡ ﻻ؟
ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻗﺩ ﻴﺜﻴﺭ ﺼﻌﻭﺒﺔ ﻋﻨﺩ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺘﺩﻯ ﺒﻪ ﻋﻨﺩ ﺘﺤﺩﻴﺩ
ﻤﺎ ﻴﻌﺩ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻭﻤﺎ ﻻ ﻴﻌﺩ ﻜﺫﻟﻙ ،ﻓﻬل ﻫﻭ ﻤﻌﻴﺎﺭ ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﺃﻡ ﺃﻨﻪ ﻤﻌﻴـﺎﺭ ﺸﺨـﺼﻲ
ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺘﻔﺎﻭﺕ ﻗﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻭﻅﺭﻭﻓﻬﻡ.
ﺇﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ – ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻜﺎﻥ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﺃﻡ ﻜـﺎﻥ ﺇﻜﺭﺍﻫـﹰﺎ
ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ -ﻴﺜﻴﺭ ﺼﻌﻭﺒﺔ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺴﻭﺍ ﺀ ﻓﻲ ﺸﻘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ
ﺃﻭ ﻓﻲ ﺸﻘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺜﻴﺭ ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﻴﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺏﺀ ﺇﺜﺒـﺎﺕ ﻗﻴـﺎﻡ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻡ.
ﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ:
ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻀﻠﻠﻪ ﻓﻘﺩ ﺇﺘﺒﻌﻨﺎ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠـﻲ
ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺘﻨﺎﻭل ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺩ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺩﻓﻨﺎ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟـﻰ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﺍﺘﺒﻌﻨﺎ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻥ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀﻊ ﻭﺫﻟﻙ ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺃﻭﺠﻪ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ
ﺃﻭ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻤﺤل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ.
ﺨﻁﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ:
ﺘﻡ ﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﻭﺃﺭﺒﻌﺔ ﻓﺼﻭل ﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل ﺃﺴـﺎﺱ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﻋﻨﺎﺼﺭﻫﺎ ﻭﻤﻭﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺨﺼـﺼﻨﺎ ﺍﻟﻔـﺼل
ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻋﺭﻀﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻤﺼﺎﺩﺭﻩ ﻭﺘﻤﻴﻴـﺯﻩ
ﻋﻤﺎ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﺘﻁﻠﺒﺔ ﻓﻴﻪ ﻜﻤﺎ ﺨﺼﺼﻨﺎ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﻋﺭﻀﻨﺎ ﻓﻴـﻪ
ﺇﻟﻰ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺼﻭﺭﺓ ﻭﺃﻨﻭﺍﻋﻪ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺘﻤﻴﻴﺯﻩ ﻋﻤﺎ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ
ﺃﺨﺭﻯ ﺜﻡ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﻭﺸﺭﻭﻁﻪ ،ﻭﺒﺤﺜﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺭﺍﺒـﻊ
ﻭﺍﻷﺨﻴﺭ ﺃﺜﺎﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜ ﺭﻩ ﻭﺍﻟﻤُﻜﺭِﻩ "ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ
ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ" ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﻋﺏﺀ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺃﺨﻴﺭﹰﺍ ﻗﻤﻨﺎ ﺒﺩﺭﺍﺴﺔ ﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤـﺸﺎﻜل
ﺍﻟﻨﺎﺸﺌﺔ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺨﻠﺼﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺨﺎﺘﻤﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻭﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻀﻤﻨﺕ
ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺎﺕ.
3
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل
ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﻋﻨﺎﺼﺭﻫﺎ ﻭﻤﻭﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻨﻬﺎ
ﺘﻘﻭﻡ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼﺭﻴﻥ ﺃﺴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻫﻤﺎ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﻭﻟﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻤﺎﻨﻌﹰﺎ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﺠﻌـﺔ ﺇﻟـﻰ ﺍﻨﻌـﺩﺍﻡ
ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﻤﺎ ﻴﺤﺩﺜﻪ ﻤﻥ ﺨﻠل ﻓﻲ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﺨﺼﻭﺼﹰﺎ ﻓﻲ ﻋﻨـﺼﺭ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻟﺫﻟﻙ ﺴﻭﻑ ﻨﻌﺭﺽ ﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﻋﻨﺎﺼﺭﻫﺎ ﻭﺼﻠﺔ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺒﺄﺴﺎﺱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﺒﻌﻨﺼﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻜﻭﻨﻪ ﻤﺎﻨﻌـﹰﺎ ﻟﻠﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ ﻀـﻤﻥ
ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﻤﺅﺜﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ:
) (1ﺍﻟﻘﻠﻠﻲ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺼﻁﻔﻰ ،1948 ،ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ،ﻤﻁﺒﻌـﺔ ﺠﺎﻤﻌـﺔ ﻓـﺅﺍﺩ ﺍﻷﻭل ،
ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺹ.2
) (2ﺇﻤﺎﻡ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻜﻤﺎل ﺍﻟﺩﻴﻥ،ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﻬﺎ ﻭﺘﻁﻭﺭﻫﺎ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﻪ،ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ
ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﺹ.254
4
ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻁﺎﺒﻕ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻑ ﻟﻪ ﻭﺘﻔﻀﻴﻠﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺨﻴﺭ ،ﻭﺘﻘﺎﺱ ﻫـﺫﻩ
ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺒﺎﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻪ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﺩﻭﺍﻓﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻐﺭﻱ ﺒﺴﻠﻭﻙ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺘﻭﺍﻓﺭﺕ ﻫﺫﻩ
ﺍﻻﺴﺘﻁﺎﻋﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺸﺎﺀ ﺃﻻ ﻴﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻓﺎﻨﻘـﺎﺩ ﻟﻬـﺫﻩ ﺍﻟـﺩﻭﺍﻓﻊ ﻓﻬـﻭ ﺤـﺭ
)(1
ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻨﻌﺩﻤﺕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺒﺄﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻤﻜﺭﻫﹰﺎ ﺃﻭ ﻨﺎﺌﻤﹰﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﺩﺭﻙ ﻟﻤـﺎ ﻤﺴﺅﻭل،
ﻴﻔﻌل ،ﺃﻭ ﻜﺎﻥ ﻤﺠﻨﻭﻨﹰﺎ ﺃﻭ ﺼﻐﻴﺭﹰﺍ ﻓﺄﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺘﻨﻌﺩﻡ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﺴﻨﺎﺩ ﺨﻁﺄ ﻤﺎ ﺇﻟـﻰ
ﺍﻟﻔﺎﻋل،ﻷﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻴﻘﺎﺱ ﺒﻤﺩﻯ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﻟﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﺨـﺎﻁﺊ ﺃﻭ ﺃﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﻟﻬـﺫﺍ
ﺍﻟﺨﻁﺄ).(2
ﻓﺄﺴﺎﺱ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﻫﻭ ﺇﺴﺎﺀﺓ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘﺏ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﺃﻭ ﻜﻤﺎل ﻴﻘﺎل ﺃﻥ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﻫـﻭ ﻗﻴـﺎﻡ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺃﻱ ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ ،ﻭﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺇﺫﺍ ﺍﻨﻌﺩﻤﺕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻟﺩﻯ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻨﻌﺩﻤﺕ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻀﻤﻴﺭﻩ ،ﻓﻼ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﺴﻨﺎﺩ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﺇﻟﻴﻪ ،ﺃﻱ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ
ﻤﺨﻁﺌﹰﺎ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﺘﻨﻬﺽ ﻗﺒﻠﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ) .(3ﻭﻴﺭﻜﺯ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﻁﺌﺔ ﻜﻌﻨﺼﺭ ﻤﻥ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻓﺎﻟﺨﻁﻴﺌﺔ ﻫـﻲ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻤﺨﺎﻟﻔـﺔ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﻟﻴﺴﺕ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﺄﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻫـﻲ
ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺜـﻡ
ﻴﺠﺏ ﺘﺠﺭﻴﻡ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻹﺭﺍﺩﻱ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻘﻕ ﺍﻻﻋﺘـﺩﺍﺀ
ﻋﻠﻰ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ). (4
ﻭﻴﺭﻯ ﺒﻌﺽ ﻤﺅﻴﺩﻱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺃﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻟﺩﻯ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻘﻴـﺩﻩ
ﺒل ﻤﻁﻠﻘﻪ ،ﻭﺃﻥ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻭﻟﻪ ﺇﺘﻴﺎﻥ ﺃﻱ ﺘﺼﺭﻑ ﻴـﺭﺍﻩ ،ﻭﻴـﺫﻫﺏ ﺍﻟـﺒﻌﺽ
) (1ﺤﺴﻨﻲ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻨﺠﻴﺏ ،1988 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ،
ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﻁ 5ﻓﻘﺭﺓ ،555ﺹ.486
) (2ﺍﻟﺘﻭﻨﺠﻲ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ،1971 ،ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ،ﻤﻁﺒﻭﻋـﺎﺕ ﻤﻌﻬـﺩ ﺍﻟﺒﺤـﻭﺙ
ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺹ.6
) (3ﺍﻟﻘﻠﻠﻲ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.3
) (4ﺴﻼﻤﻪ ،ﻤﺄﻤﻭﻥ ﻤﺤﻤﺩ.1984 ،ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻁ، 4
ﺹ.595
5
ﺍﻵﺨﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻤﺘﺴﺎﻭﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻤﻥ ﺜـﻡ ﺘﺠـﺏ ﺍﻟﻤـﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻨﻭﻥ ﻜﺎﻤﻠﻲ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ). (1
ﻭﻗﺩ ﻭﺠﻪ ﻟﻠﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﻨﻘﺩ ﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻫﺘﻤﺕ ﺒﺎﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺠـﺭﻡ،
ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻤﻨﺎﺩﺍﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﺘﻭﻗﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﺭﻏﻡ
ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻅﺭﻭﻑ ﻜل ﻤﻨﻬﻡ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﻟﻡ ﺘﻘﺩﻡ ﺘﻔﺴﻴﺭﹰﺍ ﻋﻠﻤﻴﹰﺎ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻓﻠﻘﺩ ﻓﺴﺭﺕ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺒﻤﺎ ﻴﺤﺘﺎﺝ – ﻫﻭ ﺫﺍﺘﻪ -ﺇﻟﻰ ﺘﻔﺴﻴﺭ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺩ ﺍﻨﺘﻬﺕ ﺇﻟـﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ
ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﺴﻭﺀ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻻ ﻨﺯﺍل ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﺴﺎﺀ ﺍﻟﻔـﺭﺩ ﺍﻻﺨﺘﻴـﺎﺭ؟
ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻏﻠﺏ "ﺍﻟﻠﺫﺓ" ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻥ ﻫﻭ ﺍﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻋﻠﻰ "ﺍﻷﻟﻡ" ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺘﻅﺭﻩ
ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺌﻬﺎ). (2
ﻭﻓﻲ ﺘﻁﻭﺭ ﻻﺤﻕ ﻷﻓﻜﺎﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ،ﻭﻟﺘﻼﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﻤﻭﺠﻪ ﻟﻬـﺎ ﻅﻬـﺭﺕ
ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻯ ﻤﻔﻜﺭﻭﻫﺎ ﺃﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﻬﺎ
ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﺒﺩﺭﺠﻪ ﻤﺘﺴﺎﻭﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﻜل ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺘﻭﺠﺩ ﺒﺩﺭﺠﺎﺕ ﻤﺘﻔﺎﻭﺘﺔ ،ﻓﻼ
ﺤﺭﻴﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻭﻻ ﻤﺘﺴﺎﻭﻴﺔ ،ﻓﺄﻤﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻁﻠﻘﻪ ﻓﻠﻜﻭﻨﻬﺎ ﺘﻤﺜل ﻗﺩﺭﺓ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟـﺩﻭﺍﻓﻊ
ﻭﺍﻟﻤﻴﻭل ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻤﻘﻴﺩﺓ ﺒﻤﺎ ﺠُﺒل ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﻁﺒﺎﻉ ﻭﻤﺎ ﺃﺤﺎﻁ ﺒـﻪ
ﻤﻥ ﻅﺭﻭﻑ ،ﻭﺃﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﺴﺎﻭﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻸﻨﻬﺎ ﺘﺘﻔﺎﻭﺕ ﺒـﺎﺨﺘﻼﻑ
ﺍﻟﻤﻴﻭل ﻭﺍﻟﻨﺯﻋﺎﺕ ﻤﻥ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻵﺨﺭ ،ﺒل ﺒﺎﺨﺘﻼﻑ ﺍﻷﺯﻤﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﻼﺒﺴﺎﺕ ﻋﻨﺩ ﺍﻟـﺸﺨﺹ
ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ). (3
ﺜﺎﻨﻴﺎ" :ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺍﻟﻭﻀﻌﻲ :ﻤﺫﻫﺏ ﺍﻟﺠﺒﺭﻴﺔ:
ﻴﻌﺭﻑ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺒﺎﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ﺍﻹﻴﻁﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻗﺩ ﻗﺎﻤﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻴﻁﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ) ،(4ﻭﻗﺩ ﺸﻥ ﺃﻨﺼﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺤﻤـﻼﺕ ﻗﻭﻴـﺔ
) (1ﻋﺒﻴﺩ ،ﺭﺀﻭﻑ ،1981 ،ﺃﺼﻭل ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻹﺠﺭﺍﻡ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺹ.64
) (2ﻭﺯﻴﺭ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻤﺭﺴﻰ 1991 ،ﻋﻠﻡ ﺍﻹﺠﺭﺍﻡ ﻭﻋﻠﻡ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻷﻭل ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬـﻀﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺹ.67
) (3ﻋﺒﻴﺩ ،ﺃﺼﻭل ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻹﺠﺭﺍﻡ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﺹ 71ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (4ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ.78
6
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ،ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺇﺠﻤﺎل ﺃﻭﺠﻪ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺠﻬﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻤـﻥ ﺤﻴـﺙ ﺃﺴـﺎﺱ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻠﻲ):(1
.1ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﻴﺒﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺭﺽ ﻭﻫﻤﻲ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺜﺎﺒﺘﺔ ﻓﻠـﻴﺱ
ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻟﻴل ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺯﻋﻭﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ.
.2ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻜﺎﻥ ﻤﻁﻠﻕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻩ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﻟﻴﺩﺓ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ
ﻭﺤﺩﻩ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﺴﻤﻊ ﻟﺼﻭﺕ ﻀﻤﻴﺭﻩ ،ﻭﻻ ﻴﻘﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻫـﺫﺍ
ﻗﻭل ﻴﻜﺫﺒﻪ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻠﻤﻭﺱ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺘل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺜﺄﺭﹰﺍ ﻟﺸﺭﻓﻪ ،ﺃﻭ ﺸﺭﻑ
ﻋﺎﺌﻠﺘﻪ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺤﺭﺍﹰ ،ﺒل ﺃﻗﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺘﺤﺕ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ.
ﻻ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻌﻤﺩﻴﺔ
.3ﺃﺫﺍ ﺼﺢ ﺠﺩ ﹰ
ﺇﺫ ﻴﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻋﺎﻤﺩﺍﹰ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺃﻱ ﺃﺴﺎﺱ ﺘﻘﻭﻡ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓـﻲ
ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﻤﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﻪ.
ﻼ -ﺇﻟـﻰ ﻨﺘـﺎﺌﺞ
.4ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻡ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻔﺭﺽ ﺍﻟﻭﻫﻤﻲ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﺅﺩﻱ -ﻭﺃﺩﻯ ﻓﻌ ﹰ
ﺨﻁﻴﺭﺓ ،ﻓﺎﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﻟﻴﺩﺓ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻭﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻭﺤﺩﻩ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ
ﺠﻬﺔ ﺃﻥ ﻴﺤﺠﺏ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻥ ﺒﺎﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋـﻥ
ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ.
.5ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺔ ﻟﻠﻔﺭﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ،ﻫـﻭ
ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺭﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺨﺒﻭﻟﻴﻥ ﻤﻤﻥ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻌﻭﻥ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ،ﻻ ﻴـﺴﺄﻟﻭﻥ
ﻋﻤﺎ ﻴﺭﺘﻜﺒﻭﻥ ﻤﻥ ﺠﺭﺍﺌﻡ.
ﻓﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﻴﻬﻤل ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﻭﻴـﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻹﻨـﺴﺎﻥ
ﻤﺴﻴﺭ ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻤﺨﻴﺭ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻨﺘﺎﺠﹰﺎ ﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﺒل ﺃﻨﻬﺎ ﻨﺘﺎﺝ
ﻤﺠﻤﻭﻋﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ،ﺍﺠﺘﻤﻌـﺕ ﻭﺘﻔﺎﻋﻠـﺕ ﻓﻜﺎﻨـﺕ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺩﻓﺎﻉ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻼ). (2
ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻀﺩ ﺨﻁﺭ ﻗﺩ ﻴﺤﺩﺙ ﻤﺴﺘﻘﺒ ﹰ
) (1ﺍﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﻋﺭﺽ ﺃﻭﺠﻪ ﺍﻟﻨﻘﺩ ،ﺍﻟﻘﻠﻠﻲ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ 5ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (2ﺨﻴﺎل ،ﻭﺠﻴﻪ ﻤﺤﻤﺩ ،1983ﺃﺜﺭ ﺍﻟﺸﺫﻭﺫ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ،ﺭﺴـﺎﻟﺔ
ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ،ﺤﻘﻭﻕ ﻋﻴﻥ ﺸﻤﺱ ،ﺹ.24
7
ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺒﺸﺨﺹ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻭﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻓﻌﺕ ﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ
ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺇﻟﻰ ﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﻤﺠﺭﻤﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺨﻤﺱ ﻁﻭﺍﺌﻑ ﺘﺒﻌﹰﺎ ﻟﺩﺭﺠـﻪ ﺨﻁـﻭﺭﺘﻬﻡ ﻭﻨـﺯﻋﺘﻬﻡ
ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻴﺔ ). (1
ﻭﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﻗﺩ ﺘﻌﺭﺽ ﻟﻌﺩﺓ ﺍﻨﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺇﺠﻤﺎﻟﻬﺎ
ﻓﻲ ﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻡ ﺒﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺔ ﻓﻴﻪ ﺇﻨﻜﺎﺭ ﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺃﻤﺭ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ
ﺇﻨﻜﺎﺭﻩ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻨﻜﺎﺭ ﺴﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﻫﻤﺎل ﻓﻜﺭﻩ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻭﻫـﻲ ﻤﻘﻴـﺎﺱ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﻭﻤﻘﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺔ،ﻭﻜﺫﺍ ﺇﻫﻤﺎﻟﻬﺎ ﻟﻔﻜﺭﻩ ﺍﻟﺭﺩﻉ ﻭﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺒﺎﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ،ﻭﻜﺫﺍ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺔ ﻷﻨﻬﺎ
ﺘﻬﺘﻡ ﺒﺎﻟﺘﺩﺍﺒﻴﺭ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻌﻼﺠﻴﺔ ). (2
) (1ﺍﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ،ﻋﺒﻴﺩ ،ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻹﺠﺭﺍﻡ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﺹ 79ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (2ﺍﻟﺘﻭﻨﺠﻲ ،ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.73
) (3ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺤﺩﺍﺙ ﻭﺘﻌﺩﻴﻼﺘﻪ ﺭﻗﻡ 24ﻟﺴﻨﺔ 1968ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺼﻔﺤﺔ 555ﻤـﻥ ﻋـﺩﺩ
ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺭﻗﻡ 2089ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ .1968/4/16
8
ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (92ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻰ ":ﻜل ﻤـﻥ ﺃﻋﻔـﻲ ﻤـﻥ ﺍﻟﻌﻘـﺎﺏ
ﺒﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻔﻘﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻴﺤﺠﺯ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﺒﺘﻘﺭﻴﺭ ﻤﻥ
ﻟﺠﻨﺔ ﻁﺒﻴﺔ ﺸﻔﺎﺅﻩ ﻭﺃﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺨﻁﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻼﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ".
ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺃﻓﺘﺭﺽ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺸﺭ ﻋﻥ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻨـﺸﺭ ﺍﻟﺘـﻲ
ﺘﺭﺘﻜﺏ ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ ﺍﻟﺼﺤﻑ ،ﺤﻴﺙ ﻨﺼﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 78ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ:
"ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻘﺘﺭﻑ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﻴﻌﺩ ﻨﺎﺸﺭﹰﺍ ﻤﺩﻴﺭ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل،
ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﻥ ﻤﺩﻴﺭ ،ﻓﺎﻟﻤﺤﺭﺭ ﺃﻭ ﺭﺌﻴﺱ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ".
ﻻ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺸﺭ ﺘﻡ ﺩﻭﻥ ﺭﻀﺎﻩ )ﻡ (77ﻋﻘﻭﺒـﺎﺕ
ﻭﻴﻌﺩ ﺍﻟﻨﺎﺸﺭ ﻤﺴﺅﻭ ﹰ
ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺸﺭ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﻀﺔ ﺘﻤﺜل ﺨﺭﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ). (1
ﺭﺃﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ:
ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻨﺘﻬﻴﻨﺎ ﻤﻥ ﻋﺭﺽ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻭﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ
ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻓﺄﻨﻨﺎ ﻨﺘﻔﻕ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﹰﺎ ﻭﻤﺫﻫﺏ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﻤـﻥ ﺤﻴـﺙ ﺘﺄﺴﻴـﺴﻬﺎ
ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺃﺨﻼﻗﻲ ﻗﻭﺍﻤﻪ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻷﻥ ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻷﻗﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺩل
ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻭﺍﻟﻌﻘل ،ﻓﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﺭ ﺃﻥ ﺘﻨﻜﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺤﺭﺓ ﻟﻺﻨـﺴﺎﻥ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗـﻊ
ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻴﺅﻴﺩ ﻭﺠﻭﺩﻫﺎ ﻭﺃﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﻁﻠﻘﻪ.
ﻓﺎﻹﻨﺴﺎﻥ ﻟﺩﻴﺔ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﺒﺩﺃﺕ ﻤﻊ ﺒﺩﺀ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﺤﻴﻨﻤﺎ ﺃﻤﺭ ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌـﺎﻟﻰ
ﺁﺩﻡ ﻭﺤﻭﺍﺀ ﺒﻌﺩﻡ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺠﺭﺓ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻬﻤﺎ ﺨﺎﻟﻔﺎ ﺃﻤﺭ ﺍﷲ ﻭﺍﻗﺘﺭﺒﺎ ﻤﻨﻬـﺎ ،ﻓﻬـﺫﺍ
ﻴﻭﻀﺢ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻴﻘﻭل ﺍﷲ ﺠل ﺸﺄﻨﻪ "ﻭﻗﻠﻨﺎ ﻴـﺎ
ﺁﺩﻡ ﺍﺴﻜﻥ ﺃﻨﺕ ﻭﺯﻭﺠﻙ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻜﻼ ﻤﻨﻬﺎ ﺭﻏﺩﹰﺍ ﺤﻴﺙ ﺸﺌﺘﻤﺎ ﻭﻻ ﺘﻘﺭﺒﺎ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟـﺸﺠﺭﺓ
ﻓﺘﻜﻭﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻴﻥ ،ﻓﺄﺯﻟﻬﻤﺎ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﺄﺨﺭﺠﻬﻤﺎ ﻤﻤﺎ ﻜﺎﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﻗﻠﻨـﺎ ﺃﻫﺒﻁـﻭﺍ
ﺒﻌﻀﻜﻡ ﻟﺒﻌﺽ ﻋﺩﻭ ﻭﻟﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻤﺴﺘﻘﺭ ﻭﻤﺘﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺤﻴﻥ" ). (2
ﺜﻡ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻜﺎﻥ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻴﺩﺓ ﻓﻤﻥ ﺸﺎﺀ ﺃﻥ ﻴﺅﻤﻥ ﺒﺎﷲ ﻓﻠﻴﺅﻤﻥ ﻭﻤـﻥ
ﺸﺎﺀ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﺽ ﻋﻥ ﺃﻤﺭ ﺭﺒﻪ ﻭﻴﻜﻔﺭ ﻓﻠﻴﻔﻌل ،ﻤﺼﺩﺍﻗﹰﺎ ﻟﻘﻭﻟﺔ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ " :ﻭﻗـل
) (1ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ،ﻨﻅﺎﻡ ﺘﻭﻓﻴﻕ 2005 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ﻟﻠﻨـﺸﺭ
ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﻋﻤﺎﻥ ،ﻁ 1ﺹ.388
) (2ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺭﺓ ،ﺍﻵﻴﺘﻴﻥ ).(35،36
9
ﺍﻟﺤﻕ ﻤﻥ ﺭﺒﻜﻡ ﻓﻤﻥ ﻴﺸﺎﺀ ﻓﻠﻴﺅﻤﻥ ﻭﻤﻥ ﺸﺎﺀ ﻓﻠﻴﻜﻔﺭ ﺇﻨﺎ ﺃﻋﺘﺩﻨﺎ ﻟﻠﻅﺎﻟﻤﻴﻥ ﻨﺎﺭﹰﺍ ﺃﺤﺎﻁ ﺒﻬﻡ
ﺴﺭﺍﺩﻗﻬﺎ ﻭﺃﻥ ﻴﺴﺘﻐﻴﺜﻭﺍ ﻴﻐﺎﺜﻭﺍ ﺒﻤﺎﺀ ﻜﺎﻟﻤﻬل ﻴﺸﻭﻱ ﺍﻟﻭﺠﻭﻩ ﺒـﺌﺱ ﺍﻟـﺸﺭﺍﺏ ﻭﺴـﺎﺀﺕ
ﻤﺭﺘﻔﻘﺎ" ) . (1ﻭﻴﻘﻭل ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ ﻟﺭﺴﻭل ﺍﷲ ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﺔ ﻭﺴﻠﻡ " ﻓﺫﻜﺭ ﺇﻨﻤـﺎ
ﺃﻨﺕ ﻤﺫﻜﺭ ،ﻟﺴﺕ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺒﻤﺼﻴﻁﺭ" ) . (2ﻭﻴﻘﻭل ﺍﷲ ﺴـﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌـﺎﻟﻰ" ﺃﻥ ﻋﺭﻀـﻨﺎ
ﺍﻷﻤﺎﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺠﺒﺎل ﻓﺄﺒﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﻤﻠﻨﻬﺎ ﻭﺃﺸـﻔﻘﻥ ﻤﻨﻬـﺎ ﻭﺤﻤﻠﻬـﺎ
ﻻ" ) (3ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻵﻴﺔ ﺘﺩل ﺩﻻﻟﺔ ﺃﻜﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ
ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻅﻠﻭﻤﹰﺎ ﺠﻬﻭ ﹰ
ﻤﻨﺫ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻫﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﺴﻤﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺠﺒﺎل ﻗﺒﻭل
ﺍﻷﻤﺎﻨﺔ ﺃﻭ ﺭﻓﻀﻬﺎ.
ﻭﺘﺒﻴﻥ ﻟﻨﺎ ﻋﻅﻡ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﻓﻠﻘﺩ ﺴﺒﻘﺕ ﺍﻟﺸﺭﺍﺌﻊ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ﺒﻤﺌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻥ
ﻓﻲ ﺇﺤﺎﻁﺘﻬﺎ ﺒﺄﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻗﻭﻟـﺔ ﺍﷲ ﺘﻌـﺎﻟﻰ " ﺃﻻ ﺘـﺯﺭ ﻭﺍﺯﺭﻩ ﻭﺯﺭ
)(4
ﻭﻤﻤﺎ ﻴﺅﻜـﺩ ﺃﻥ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻭﺃﻥ ﻟﻴﺱ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﻤﺎ ﺴﻌﻰ ،ﻭﺃﻥ ﺴﻌﻴﻪ ﺴﻭﻑ ﻴﺭﻯ"
ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻫﻲ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻗﻭﻟﻪ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ " :ﻓﻤﻥ ﻴﻌﻤل ﻤﺜﻘـﺎل ﺫﺭﺓ
ﺨﻴﺭﹰﺍ ﻴﺭﻩ ،ﻭﻤﻥ ﻴﻌﻤل ﻤﺜﻘﺎل ﺫﺭﺓ ﺸﺭﹰﺍ ﻴﺭﻩ" ) (5ﻓﻠﻘﺩ ﺒﻌﺙ ﺍﷲ ﺴﻴﺩﻨﺎ ﻤﺤﻤﺩﹰﺍ ﺼـﻠﻰ ﺍﷲ
ﻋﻠﻴﺔ ﻭﺴﻠﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﻫﻡ ﻗﺩﺭﻴﺔ ﻴﺤﻤﻠﻭﻥ ﺫﻨﻭﺒﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ،ﻭﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ
ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ ﻗﺩ ﺸﺎﺀ ﻤﺎ ﻨﺤﻥ ﻓﻴﻪ ﻭﺤﻤﻠﻨﺎ ﻋﻠﻴﺔ ،ﻭﺃﻤﺭﻨﺎ ﺒﻪ ،ﻓﻘﺎل ﻋﺯ ﻭﺠـل " ﻭﺇﺫﺍ ﻓﻌﻠـﻭﺍ
ﻓﺎﺤﺸﺔ ﻗﺎﻟﻭﺍ ﻭﺠﺩﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺒﺎﺀﻨﺎ ﻭﺍﷲ ﺃﻤﺭﻨﺎ ﺒﻬﺎ ﻗل ﺃﻥ ﺍﷲ ﻻ ﻴﺄﻤﺭ ﺒﺎﻟﻔﺤﺸﺎﺀ ﺃﺘﻘﻭﻟـﻭﻥ
ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻤﺎ ﻻ ﺘﻌﻠﻤﻭﻥ" ) (6ﻓﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﺹ ﻴﻘﻁﻊ ﺒﺎﻨﺘﺼﺎﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻩ
ﻭﻭﻗﻭﻓﻪ ﻀﺩ ﺍﻟﺠﺒﺭﻴﺔ.
10
2.1ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ
ﻴﻭﺠﺩ ﺨﻼﻑ ﺒﻴﻥ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺒﺸﺄﻥ ﺍﻻﺼﻁﻼﺡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﻤﻜﻭﻨـﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﻤﻨﻬﻡ ﻤﻥ ﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻔﻅ ﺃﺭﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﻤﻨﻬﻡ ﻤﻥ ﻴﺴﻤﻴﻬﺎ ﻋﻨﺎﺼـﺭ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﺁﺨﺭﻭﻥ ﻴﻁﻠﻘﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﻟﻌل ﺴﺒﺏ ﻫـﺫﺍ ﺍﻻﺨـﺘﻼﻑ
ﻴﺭﺠﻊ ﺇﻟﻰ ﻋﺩﻡ ﺃﺘﺒﺎﻉ ﻤﻨﻬﺞ ﻭﺍﺤﺩ ﻴﺅﺩﻱ ﻟﻔﻬﻡ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﻜل ﻤﺴﻤﻰ.
" ﻓﺭﻜﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻫﻭ ﺠﺎﻨﺒﻪ ﺍﻷﻗﻭﻯ ،ﻭﺃﺭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻫﻲ ﺠﻭﺍﻨﺒﻪ ﺍﻟﺘـﻲ
ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﻓﻬﻭ ﺃﺼل ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻭﺍﻟﺸﺭﻁ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻴـﺔ
ﻫﻭ ﺃﻤﺭ ﺨﺎﺭﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺩﺙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻭﻗﻑ ﻭﺠﻭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺍﻓﺭﻩ ،ﻓﺎﻟﺸﺭﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻫـﻭ
ﺇﻟﺯﺍﻡ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺯﺍﻤﻪ ،ﻭﺸﺭﻁ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭﺍﺌﻠﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻼﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻘﺩﻤﻪ").(1
ﻭﻟﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺯﺍﻡ ﻗﺎﻨﻭﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺒﺘﺤﻤل ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺃﻓﻌﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘـﻲ
ﺃﺘﺎﻫﺎ ﺒﺈﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﻓﺈﻨﻤﺎ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﻜﻨﻴﻥ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﻤﺎﺩﻱ ﻫﻭ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺘﺎﻩ ﺍﻟﻔﺭﺩ ،ﻭﺍﻵﺨﺭ
ﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﻨﺎﻁﻪ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﻭﻟﻜل ﺭﻜﻥ ﻋﻨﺎﺼﺭ ،ﻭﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟـﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ –
)(2
ﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ-
ﻫﻲ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ) ، (3ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻫﻲ ﻤﺎ ﻴﻠﺯﻡ ﺘﻭﺍﻓﺭﻩ ﻟﻜﻼ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﻥ.
ﻓﺎﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻤﻌﺎﹰ ،ﻭﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠـﻰ ﻓﻘـﺩ
ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺃﻭ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻭ ﻓﻘﺩﻫﻤﺎ ﻤﻌﺎﹰ ،ﺃﻥ ﻴﻤﺘﻨﻊ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﻭﺘﺘﻔﻕ ﺠﻤﻴـﻊ
ﺍﻟﺸﺭﺍﺌﻊ ﻓﻲ ﺍﺸﺘﺭﺍﻁ ﺘﻭﺍﻓﺭ ﺍﻻﺩﺍﺭﻙ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺤﺭﺓ ﺴﻭﺍﺀ ﺼﺭﺍﺤﺔ ﺃﻭ ﻀـﻤﻨﹰﺎ ﻟـﺩﻯ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻹﻤﻜﺎﻥ ﻤﺴﺎﺀﻟﺘﻪ ﺠﺯﺍﺌﻴﺎﹰ ،ﻭﻟﻘﺩ ﺤﺩﺩﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ) (74ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻨـﻲ
) (1ﻭﺯﻴﺭ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻤﺭﺴﻰ ،1983 ،ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺘﺄﺼﻴﻠﻴﻪ
ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺭﺓ ،ﺹ.30
) (2ﻴﺭﻯ ﺤﺴﻨﻲ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻨﺠﻴﺏ :ﺇﻥ ﻭﺼﻑ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺒﺄﻨﻪ ﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﺼـﻑ ﻓﻴـﻪ
ﺘﺠﺎﻭﺯ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﺒﺭﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺘﻭﺍﻓﺭ ﺍﻟـﺭﻜﻥ ﺍﻟـﺸﺭﻋﻲ
ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻴﻔﺘﺭﺽ ﺘﻭﺍﻓﺭ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺃﻱ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺤﺴﻨﻲ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ
ﻨﺠﻴﺏ ،1988 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ .487
) (3ﺍﺒﻭ ﺨﻁﻭﺓ ،ﺍﺤﻤﺩ ﺸﻭﻗﻲ ﻋﻤﺭ،1991،ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨـﺎﺌﻲ،ﺩﺭﺍﺴـﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨـﺔ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺹ.79
11
ﻓﻲ ﻓﻘﺭﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭل ﻋﻨﺼﺭﺍ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺇﺫ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻰ" :ﻻ ﻴﺤﻜﻡ ﻋﻠـﻰ ﺃﺤـﺩ
ﺒﻌﻘﻭﺒﺔ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻗﺩ ﺃﻗﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌل ﻋﻥ ﻭﻋﻲ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ" ﻭﺍﻟﻭﻋﻲ ﻴﻘـﺼﺩ ﺒـﻪ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ
ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻋﺒﺭ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺒﻠﻔﻅ ﺍﻟﻭﻋﻲ ،ﻭﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺤﺎل ﻴﻌﺘﺒﺭﺍﻥ ﻤﺘﺭﺍﺩﻓﺎﻥ
ﻭﻴﻘﺼﺩ ﺒﻬﻤﺎ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ.
1.2.1ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺃﻭ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ.
ﺍﻟﻭﻋﻲ ﻴﻌﻨﻲ ﺒﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻤﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻡ ﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌل ﻭﻁﺒﻴﻌﺘـﻪ
ﻭﺘﻭﻗﻊ ﺍﻵﺜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻬﺎ ﺇﺤﺩﺍﺜﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺭﻴﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤﺭﻡ ﻭﺍﻟﻤﺒـﺎﺡ) (1ﻭﻴﻘـﺼﺩ
ﺒﺎﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﻫل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺘﺠﻌﻠﻪ ﻗﺎﺩﺭﹰﺍ ﻋﻠـﻰ ﺃﻥ ﻴﻌﻠـﻡ ﺒﺎﻷﺸـﻴﺎﺀ
ﻭﻴﻌﺭﻓﻬﺎ ،ﺃﻱ ﺘﺠﻌﻠﻪ ﻗﺎﺩﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺤﺎﻁﺔ ﺒﺎﻷﻤﻭﺭ ﻭﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﻭﻓﻬﻡ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤـﺴﻴﻪ،
ﺃﻱ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﺎﻟﻤﻌﺎﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻨﻬﺎ ،ﻭﻴﻌﻠﻡ ﺒﻌﻭﺍﻗﺒﻬﺎ
ﻭﻴﻘﺩﺭ ﻨﺘﺎﺌﺠﻬﺎ ،ﻭﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻠﻜﺔ ﺃﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺴﺘﻌﺩﺍﺩ ﻟﺩﻯ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺒﺒﻠﻭﻏﻪ ﺴﻨﹰﺎ ﻤﻌﻴﻨـﹰﺎ
ﻴﺘﺤﻘﻕ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ). (2
ﻭﻴﻌﺭﻑ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺒﺄﻨﻪ" ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜل ﺒﺘﻔﻬﻤﻪ ﻟﻘﻴﻡ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺄﺘﻴﻬـﺎ،
)(3
ﻭﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﻅﻬﺭ ﺍﻟﻤﺤﻘﻕ ﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺠﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺫﻜﺎﺀ"
ﻭﻴﻘﺼﺩ ﺒﻪ ﻓﻲ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻲ ،ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻟﻺﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﻤﻨﻭﻋﺔ ﻋﻠﻴﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺒﺎﺡ ﻟﻪ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺭﺭ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻹﻋﻤﺎل). (4
ﻭﻟﻌﺩﻡ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﻨﻔﺴﻲ ،ﻭﻴﺘﻤﺜـل ﺍﻟﻤﻔﻬـﻭﻡ ﺍﻟﺒﻴﻭﻟـﻭﺠﻲ ﻟﻌـﺩﻡ
ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻓﻲ ﺍﻻﻀﻁﺭﺍﺏ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻹﺠﺭﺍﻤـﻲ ﻗـﺩ ﻴﻅﻬـﺭ ﻫـﺫﺍ
ﺍﻻﻀﻁﺭﺍﺏ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﻤﺭﺽ ﻋﻘﻠﻲ ﻤﺯﻤﻥ ﺃﻭ ﻤﺅﻗﺕ ﺃﻭ ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻀﻁﺭﺍﺏ ﻋﻘﻠﻲ ﻏﻴﺭ
12
ﻤﺭﻀﻲ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺘﺨﻠﻑ ﻋﻘﻠﻲ ﺃﻱ ﺘﺨﻠﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠـﺸﺨﺹ ،ﻭﻴﺘﻤﺜـل
ﺍﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻌﺩﻡ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻡ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻔﻌل ).(1
ﻭﺘﺨﺘﻠﻑ ﻗﻭﺓ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﻤﺩﺍﻩ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟـﺸﺨﺹ،
ﻓﺎﻹﺩﺭﺍﻙ ﻴﺘﺴﻊ ﻤﺠﺎﻟﻪ ﺒﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﻤﺭ ،ﻭﻗﺩ ﺠﻌل ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻠﻭﻍ ﻗﺭﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺼﻭل
ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ)(2ﻭﻴﺨﺘﻠﻑ ﺴﻥ ﺍﻟﺭﺸﺩ ﻤﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﻷﺨﺭﻯ ،ﻭﻴﺭﺠﻊ ﺫﻟﻙ ﻻﺨﺘﻼﻑ
ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺜﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻤﻥ ﺇﻗﻠﻴﻡ ﻵﺨﺭ ،ﻭﻴﺤﻜﻡ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻬﻡ ﻓﻲ
ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺤﺩﺍﺙ ﻭﺘﻌﺩﻴﻼﺘﻪ ﺭﻗﻡ 24ﻟﺴﻨﺔ 1968ﻭﻴﻘﺴﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ﻤﺭﺍﺤـل
ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﺙ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺒﻊ ﻤﺭﺍﺤل ﻫﻲ:
ﺍﻷﻭﻟﻰ :ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺭ ،ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻁﻔل ﻓﺎﻗﺩ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﻭﻻ
ﻴﺴﺄل ﺠﺯﺍﺌﻴﹰﺎ ﻋﻤﺎ ﻴﻘﻊ ﻤﻨﻪ ﻤﻥ ﺃﻓﻌﺎل ﺘﻌﺩ ﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻭﻟﻘﺩ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤـﺎﺩﺓ )(36
ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺤﺩﺍﺙ ﺇﺫ ﺠﺎﺀ ﺒﻬﺎ" :ﻻ ﻴﻼﺤﻕ ﺠﺯﺍﺌﻴﹰﺎ ﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻌﺔ ﻤﻥ ﻋﻤﺭﻩ ﺤـﻴﻥ
ﺍﻗﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﻔﻌل "ﻭﻴﻘﺭﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺹ ﻋﺩﻡ ﺘﻭﻗﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺃﻭ ﺇﻨﺯﺍل ﺃﻱ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺩﺍﺒﻴﺭ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ
ﻋﺩﻡ ﺍﻟﻤﻼﺤﻘﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺒﺎﻟﻘﺎﺼﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺩﺙ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺇﺫ ﻴﻜـﻭﻥ ﺨـﺎﺭﺝ
ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ.
ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ :ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻭﻟﺩ ﺒﻴﻥ ﺴﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻌﺔ ﺤﺘﻰ ﺴﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻋﺸﺭﺓ ،ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻻ ﺘﻘﻭﻡ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺒل ﺘﻁﺒﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻟﺩ ﺘﺩﺍﺒﻴﺭ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ،ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ )(21
ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺤﺩﺍﺙ.
ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻕ ﺒﻴﻥ ﺴﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻋﺸﺭﺓ ﺤﺘﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺎﻤﺴﺔ ﻋـﺸﺭﺓ،
ﻴﻘﺭﺭ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻟﻠﺤﺩﺙ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﻤﺨﻔﻔـﺔ ،ﺇﺫﺍ
ﺭﺃﻯ ﺃﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺘﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺩﺓ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﻁﺒﻕ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺤـﺩﺙ ﻓـﻲ ﻫـﺫﻩ
ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ،ﻓﺎﺴﺘﺒﻌﺩ ﻋﻘﻭﺒﺔ ﺍﻹﻋﺩﺍﻡ ﻭﻋﻘﻭﺒﺔ ﺍﻹﺸﻐﺎل ﺍﻟﺸﺎﻗﺔ ﺍﻟﻤﺅﺒﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﺅﻗﺘﺔ ﻤـﻥ ﺒـﻴﻥ
ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺠﻭﺯ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺩﺙ .ﺍﻟﻤـﺎﺩﺓ ) (19ﻤـﻥ ﻗـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺤـﺩﺍﺙ
ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ.
) (1ﻤﻬﺩﻱ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺅﻭﻑ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺩﺍﺭ
ﻨﺸﺭ ﺃﻭ ﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﺭﻗﻡ ،359ﺹ.439
) (2ﺇﻤﺎﻡ ،ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﻬﺎ ﻭﺘﻁﻭﺭﻫﺎ ،ﺹ.289
13
ﺍﻟﺭﺍﺒﻌﺔ :ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﻥ ﺒﻴﻥ ﺴﻥ ﺍﻟﺨﺎﻤﺴﺔ ﻋﺸﺭﺓ ﺤﺘﻰ ﺴﻨﻪ ﺍﻟﺜﺎﻤﻨﺔ ﻋـﺸﺭﺓ،
ﻭﺍﻟﻭﻀﻊ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻡ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻗﺭﺭ ﺍﻟﻤـﺸﺭﻉ ﻟﻬـﻡ ﻤﻌﺎﻤﻠـﺔ
ﻋﻘﺎﺒﻴﺔ ﺘﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﺩﺭﺠﺔ ﻨﻀﻭﺠﻬﻡ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﻥ ﺘﺼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻀﻭﺝ ﺍﻟﻜﺎﻤل ،ﺤﻴﺙ
ﺘﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﺽ ﻭﺠﻭﺒﹰﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻭ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﺘﻨﺎﺴـﺏ ﻤـﻊ
ﺍﻟﻨﻘﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻓﻲ ﻤﻠﻜﺎﺘﻬﻡ ،ﻜﻤﺎ ﺃﺠﺎﺯ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺘـﺩﺍﺒﻴﺭ ﻋﻠـﻴﻬﻡ،
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (18ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺤﺩﺍﺙ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ.
2.2.1ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ ﻭﻋﻠﻴـﻪ ﻓﺄﻨﻨـﺎ
ﺴﻨﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺒﻴﺎﻥ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻭﻤﺩﻟﻭل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻤﺘﻰ ﺘﺘـﻭﺍﻓﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻤـﺎ ﻫـﻲ
ﻋﻨﺎﺼﺭﻫﺎ ﻭﺫﻟﻙ ﺘﺒﺎﻋﹰﺎ.
ﺃﻭ ﹰﻻ :ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻭﻤﺩﻟﻭل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌل ﻭﺒﺎﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﻫﻲ ﺘﻌﻨـﻲ
ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻡ ﺍﻟﻭﺍﻋﻲ ﻟﻠﺸﺨﺹ ﻋﻠﻰ ﺘﻨﻔﻴﺫ ﻓﻌل ﺃﻭ ﺃﻓﻌﺎل ﻤﻌﻴﻨﻪ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﻨﻔﺴﻴﺔ
ﺃﻴﻀﺎﹰ ،ﻭﻗﻭﺓ ﻴﺴﺘﻌﻴﻥ ﺒﻬﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻟﻠﺘﺄﺜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺤﻴﻁ ﺒـﻪ ﻤـﻥ ﺃﺸـﻴﺎﺀ ﻭﺃﺸـﺨﺎﺹ
ﻭﺘﺼﺩﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ -ﻜﻨﺸﺎﻁ ﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻉ ﻤﺘﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻏﺭﺽ ﻤﻌﻴﻥ ﻋـﻥ ﻁﺭﻴـﻕ
ﻭﺴﻴﻠﻪ ﻤﻌﻴﻨﺔ -ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﻭﺘﺘﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤـل ﻓـﻲ ﺘـﺼﻭﺭ
ﺍﻟﻐﺭﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺒﻠﻭﻏﻪ ،ﺜﻡ ﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﻲ ﻋﻠـﻰ ﺒﻠـﻭﻍ ﻫـﺫﺍ
ﺍﻟﻐﺭﺽ ،ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺩﻟﻭل ﻭﻜﻅﺎﻫﺭﺓ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﺘﺼﺩﻕ ﻋﻠـﻰ ﺍﻷﻓﻌـﺎل ﻏﻴـﺭ
ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﺘﺼﺩﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺔ،ﻷﻥ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﺍﻟﺘﻜﻴﻴﻑ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻨﻲ ﻟﻠﻔﻌـل ﻻ
ﻴﻐﻴﺭ ﻤﻥ ﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ). (1
ﻭﻴﻔﺭﻕ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺠﺎﺭﻭ ﺒﻴﻥ ﻤﺩﻟﻭﻟﻴﻥ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ ):(2
14
-1ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺃﻱ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﺴﺎﺱ
ﺘﺠﺭﻴﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ،ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻌﻤﺩﻴﺔ ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﻤﺩﻴﺔ ،ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﺘﺼﻭﺭ
ﻓﻠﺴﻔﻴﹰﺎ ﻭﻗﺎﻨﻭﻨﻴﹰﺎ ﺘﺠﺭﻴﻡ ﻭﺍﻗﻌﺔ " ﻻ ﺇﺭﺍﺩﻴﺔ" ﺃﻭ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺁﺨﺭ ﻴﺴﺘﺤﻴل ﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ
ﺠﺯﺍﺌﻴﹰﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻘﻬﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻭﻗﻪ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻴﺩﻴﻪ ،ﺃﻭ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ
ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﺭﻫﻪ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺁﺨﺭ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﻤﻌﺩﻤﹰﺎ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ.
-2ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﻟﻨﺸﺎﻁ ﻤﺠﺭﺩ ﺃﻭ ﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻤﺤﺩﺩﺓ ﻴﻨﻁﺒﻕ ﻜﻼﻫﻤﺎ
ﻋﻠﻰ ﻭﺼﻑ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻤﻤﺎ ﻨﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﻫﻲ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﺸﻴﺌﹰﺎ ﺁﺨﺭ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻨﺸﺎﻁﻪ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤـﻲ ﺃﻭ
ﺘﻤﺜل ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻬﺩﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ.
ﺜﺎﻨﻴ ﹰﺎ :ﻤﺘﻰ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ.
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻗﻭﺓ ﻭﻗﺩﺭﺓ ﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﻻ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺇﻻ ﺃﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺒﻠﻎ
ﺍﻟﺴﻥ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻲ – ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺩﺩﻩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻓﻲ ﻨﺼﻭﺼﻪ -ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺘﺤﻜﻡ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻓﻲ ﺴﻠﻭﻜﻪ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ). (1
ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺭﺓ ﻗﺎﻨﻭﻨﹰﺎ ﻫﻲ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﺒﻤﻜﻭﻨﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻅﻬﺭﺕ ﻤﻥ ﺨﻼل
ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻓﻤﻥ ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺃﻤﺭ ﻜﺎﻤﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﻔﺱ ،ﻴﺨﺭﺝ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻌل ﻓﻴﺒﺭﺯ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﻅﻬﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ
ﻭﻟﻜﻲ ﻴﺨﺭﺝ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻅﻬﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﻴﻌﺘﺩ ﺒﻬـﺫﺍ ﺍﻟﻤﻅﻬـﺭ
ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺴﻭﻑ ﻨﻌﺭﺽ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ
ﺘﺒﺎﻋﹰﺎ ﻜﺎﻵﺘﻲ.
ﺜﺎﻟﺜ ﹰﺎ :ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
-1ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ
ﻟﻜل ﻓﺭﺩ ﺤﺎﺠﺎﺕ ﻭﺭﻏﺒﺎﺕ ﻴﺭﺍﺩ ﺇﺸﺒﺎﻋﻬﺎ ﺴﻭﺍﺀ ﺒﻔﻌل ﻴﺅﺩﻱ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻹﺸـﺒﺎﻉ ،ﺃﻡ
ﺒﺎﻤﺘﻨﺎﻉ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺸﻴﺌﹰﺎ ﻴﺭﻏﺏ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺘﻤﻠﻜﻪ
ﻭﺍﻻﺴﺘﻤﺘﺎﻉ ﺒﻪ ،ﻭﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺃﻤﺭﹰﺍ ﻴﺭﻏﺏ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻨﻪ ﻟﻤﺎ ﻴﺴﺒﺒﻪ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺃﻟﻡ،
15
ﻭﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻴﻘﻭﻡ ﻓﻲ ﺫﻫﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺘﺼﻭﺭ ﻟﻠﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻴﺩﻫﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﻐﺭﺽ ﺍﻟﺫﻱ
ﻴﺭﻴﺩ ﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ،ﺜﻡ ﻴﻨﺘﻘل ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻴﺘﺼﻭﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺒﻪ ،ﺃﻱ
ﻴﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺈﺘﻴﺎﻨﻬﺎ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﻟﻪ ﺍﻟﻐﺭﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻴﺩﻩ ،ﺜﻡ ﻴﻨﺘﻘل ﺒﻌﺩ ﺫﻟـﻙ ﺇﻟـﻰ
ﺍﻟﻤﻔﺎﻀﻠﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻤﺘﺎﺤﺔ ﺃﻤﺎﻤﻪ ،ﻭﻴﻭﺍﺯﻥ ﺒﻴﻥ ﻜل ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻭﻤﺩﻯ ﻤﻼﺌﻤﺘﻬﺎ ﻟﻪ ،ﺜـﻡ
ﻴﺨﺘﺎﺭ ﺇﺤﺩﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﻓﻴﺄﺘﻲ ﻗﺭﺍﺭﻩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺭﺠﻡ ﻓﻲ ﺼـﻭﺭﺓ ﺤﺭﻜـﺎﺕ ﻋـﻀﻭﻴﺔ
ﺘﺸﻜل ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﺒﻊ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩﺓ ﻟﺩﻴﺔ). (1
ﻭﺍﻟﻤﺜﺎل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﺭﺏ ﺘﻭﻀﻴﺤﹰﺎ ﻟﻬﺫﺍ ،ﺃﻨﻨﺎ ﻟﻭ ﺘﺼﻭﺭﻨﺎ ﺸﺨـﺼﹰﺎ ﺠﺎﺌﻌـﹰﺎ ﺠـﺩﺍ
ﻭﻴﺤﺘﺎﺝ ﻟﻁﻌﺎﻡ ﻴﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﻟﻴﺩﻓﻊ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﻐﺒﺔ ﺍﻟﺠﻭﻉ ،ﻓﻴﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻨﻘﻭﺩ ﻤﻌـﻪ ﻟـﺸﺭﺍﺀ
ﻁﻌﺎﻤﻪ ﻓﻼ ﻴﺠﺩ ،ﻓﻴﺒﺩﺃ ﻓﻲ ﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬـﺎ ﺍﻟﺤـﺼﻭل ﻋﻠـﻰ
ﺍﻟﻁﻌﺎﻡ ،ﻫل ﻴﺴﺭﻕ ﺨﺒﺯﹰﺍ ؟ ﺃﻭ ﻫل ﻴﺴﺘﺠﺩﻱ ﺜﻤﻥ ﺍﻟﻁﻌﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ؟ ﺃﻭ ﻴﻘﺘﺭﺽ ﻨﻘﻭﺩﹰﺍ
ﻤﻥ ﺃﺤﺩ ﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻪ؟ ﺃﻭ ﻴﺴﺭﻕ ﻨﻘﻭﺩﹰﺍ ﻟﻴﺸﺘﺭﻱ ﺒﻬﺎ ﻁﻌﺎﻤﺎﹰ؟ ﺜﻡ ﻴﻭﺍﺯﻥ ﺒﻴﻥ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل
ﻭﺍﻟﺴﺒل ﻭﻴﺩﺨل ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﻤﻊ ﻨﻔﺴﻪ ﺤﻭل ﺍﻟﻐﺭﺽ ﻭﺍﻟﻭﺴـﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻼﺌﻤـﺔ ﻟـﻪ،
ﻼ ﺴﺭﻗﺔ ﺍﻟﻁﻌﺎﻡ ،ﻓﻬﻨﺎ ﻴﺘﺨﺫ ﻗﺭﺍﺭﻩ ﻭﻴﺸﺤﺫ ﻋﺯﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺠﻭﻋﻪ ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ
ﻓﻴﺨﺘﺎﺭ ﻤﺜ ﹰ
ﺴﺭﻗﺔ ﺍﻟﻁﻌﺎﻡ ،ﺜﻡ ﻴﻨﺘﻘل ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺄﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﻴﺤﻘﻕ
ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﺽ.
ﻓﺎﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ ،ﻫﻭ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻜﺎﻤﻨﺔ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻴـﺴﺘﻌﻴﻥ
ﺒﻬﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻟﻴﺅﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺤﻴﻁ ﺒﻪ ﻤﻥ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻭﺃﺸﺨﺎﺹ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﺘﺤﺭﻙ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻔﺭﺩ ،ﻓﺎﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻲ ﻫﻭ ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺘﺠﻤﻌﺕ
ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺩﺓ ﻋﻭﺍﻤل ﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻭﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﺨﺘﻠﻁﺕ ﺒﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﺨﺘﻼﻁﺎ ﻤﺅﺜﺭﹰﺍ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺜﻡ
ﻨﻔﺫﺕ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺘﻁﻭﻴﻌﻬﺎ ﻭﻤﻭﺍﻓﻘﺘﻬﺎ ﻟﻠﺒﺩﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﻭﺇﺘﻤﺎﻤﻪ) ،(2ﻭﺘﺘﺤﻭل ﻫـﺫﻩ
ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺒﻌﺩ ﻤﺭﺤﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﻅﻬﺭ ﺨﺎﺭﺠﻲ ﺫﻱ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻤﺎﺩﻴﺔ ﻴﺤـﺩﺙ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺁﺜﺎﺭﹰﺍ ﻓﻴﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﻅﻬﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ.
) (1ﻭﺯﻴﺭ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻤﺭﺴﻰ 1999 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬـﻀﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺹ 356ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ .
) (2ﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﺃﺤﻤﺩ 1997 ،ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴـل ،ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ ،ﺒـﻼ ﺩﺍﺭ
ﻨﺸﺭ ،ﺹ.294
16
-2ﺍﻟﻤﻅﻬﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ:
ﻴﻌﺩ ﺍﻟﻤﻅﻬﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﻴﻘﺼﺩ ﺒﻪ ﻓﻲ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠـﺎل
ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺄﺘﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻏﺭﻀﻪ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﺩﺍﻭﻟـﺔ ﺍﻟﻨﻔـﺴﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺭ ﺒﻬﺎ ﻓﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻨﻲ ﺴﻭﻑ ﺃﻓﻌل ،ﺃﻭ ﺴـﻭﻑ
ﺃﻤﺘﻨﻊ ،ﺒل ﻤﻭﻀﻭﻋﻬﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺘﻐﻴﻴﺭﹰﺍ ﻤﻠﻤﻭﺴﹰﺎ ﻓﺎﻟﻔﻌل
ﻫﻭ ﺍﻟﺠﺴﺭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﻪ ﻨﻌﺒﺭ ﺍﻟﻬﻭﺓ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﻭﺠـﻭﺩ ،ﻭﺍﻟﻭﺍﻗـﻊ ﺃﻥ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻅل ﻤﺤﺼﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ،ﺒل ﺘﻨﻁﻠـﻕ
ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻐﺎﻴﺔ ،ﻓﻤﻬﻤﺎ ﺒﻠﻐﺕ ﺩﺭﺠﻪ ﺍﻟﻘﻭل ﻭﻟﻭ ﺃﻗﺘﺭﻥ ﺒﺎﻟﻘﺴﻡ ﻭﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌـل،
ﻓﺄﻥ ﺍﻟﻤﻅﻬﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻻ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﺃﻻ ﺒﺎﻟﻔﻌل). (1
-3ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ.
ﻴﻘﺼﺩ ﺒﻬﺎ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺠﻴﻪ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺍﻟﻭﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻴـﺩﻫﺎ ،ﺴـﻭﺍﺀ ﺇﻟـﻰ
ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﻔﻌل ﺃﻭ ﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻨﻪ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺍﻟﺨﻀﻭﻉ ﻷﻱ ﻤﺅﺜﺭﺍﺕ ﺃﻭ ﻋﻭﺍﺌـﻕ ﺨﺎﺭﺠﻴـﺔ
ﺘﺅﺜﺭ ﻓﻲ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻩ "ﻓﻬﻲ ﻤﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻟﻭﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺨـﺫﻫﺎ ﺇﺭﺍﺩﺘـﻪ ،ﺃﻱ
ﻤﻘﺩﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺃﺭﺍﺩﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﺠﻬﺔ ﺒﻌﻴﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔـﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﻴﻤﻜـﻥ ﺃﻥ
ﺘﺘﺨﺫﻫﺎ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻤﺎ ﻴﺤﻘﻕ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﺒﻭﺍﻋﺜﻪ ﻫﻭ ). (2
ﻭﺍﺼﻁﻠﺢ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻔﻌل ﻋﻥ ﺭﺅﻴﺔ ﻤـﻊ
ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺔ ﻋﺩﻡ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻩ ،ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺔ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻀﺩﻩ) ، (3ﻓﺎﻟﺤﺭﻴﺔ ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻠﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ
ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﺃﻭ ﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺨـﻀﻭﻉ ﻷﻱ ﻗﻬـﺭ ﺃﻭ ﻗـﺴﺭ
ﺨﺎﺭﺠﻲ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺘﺘﻌﺭﺽ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻷﻱ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻗﻬﺭ ،ﻓﺘﻜﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﺘﻴﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌل –
ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ، -ﺘﻨﺘﻔﻲ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴـﺎﺭ ﺃﻭ ﺘـﻀﻴﻕ
ﺤﺴﺏ ﻨﻭﻉ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﻓﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻤﺤﻭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﺘﺼﺒﺢ ﻻ ﻭﺠﻭﺩ ﻟﻬﺎ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
) (1ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﺯﻜﺭﻴﺎ 1971 ،ﻤﺸﻜﻼﺕ ﻓﻠﺴﻔﻴﻪ ،ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻤﻜﺘﺒﺔ ﻤﺼﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ،ﺹ.164
) (2ﺤﺴﻨﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.504
) (3ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﻤﺸﻜﻼﺕ ﻓﻠﺴﻔﻴﻪ ،ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﺹ.18
17
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻓﻴﻀﻴﻕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻫﻭ ﻭﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻟـﺩﻯ ﺍﻟﻔـﺭﺩ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻟﻜﻥ ﺘﻨﻌﺩﻡ ﻟﺩﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ). (1
ﺇﺫﻥ ﻟﻜﻲ ﻴﻌﺘﺩ ﺒﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺘﺼﺒﺢ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺴﻠﻴﻤﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﺸـﺭﻭﻁﻬﺎ ﻭﻫـﻲ
ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﺍﻟﻤﻅﻬﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺃﻭ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜـﻭﻥ ﺤـﺭﺓ ﻓـﻲ
ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ،ﻓﻼ ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻋﻴﺔ ،ﺒل ﻴﻠﺯﻡ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺤـﺭﺓ ،ﻓـﺄﻱ
ﻋﺎﻤل ﺨﺎﺭﺠﻲ ﻴﻁﺭﺃ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺎﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺤﺭﻴﺘﻬﺎ ﻓﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺘﺤﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻫـﺎ ﻋـﻥ
ﻫﺩﻓﻬﺎ ﻭﻏﺭﻀﻬﺎ ﻴﺅﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﺴﻼﻤﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻤـﻥ ﺜـﻡ ﻴـﺅﺜﺭ ﻋﻠـﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﺼﻼﺤﻴﺘﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﺘﻭﻗﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ.
1.3.1ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ.
ﺴﻨﺘﻨﺎﻭل ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻟﻐﺔ ﻭﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻨﺩ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ.
18
ﺃﻭ ﹰﻻ :ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﻠﻐﻭﻱ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ.
ﻴﻘﺎل :ﺃﻜﺭﻫﺕ ﻓﻼﻨﹰﺎ :ﺃﻱ ﺤﻤﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﺭ ﻫﻭ ﻟﻪ ﻜﺎﺭﻩ) (1ﻭﺃﻜﺭﻫﺕ ﻓﻼﻨﹰﺎ ﻋﻠـﻰ
ﻜﺫﺍ ﻭﻜﺫﺍ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ،ﺇﺫﺍ ﺃﺠﺒﺭﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ ) (2ﻭﺍﻤﺭﺃﺓ ﻤﺴﺘﻜﺭﻫﻪ :ﻏﻀﺒﺕ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﺄﻜﺭﻫﺕ
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ). (3
ﻭﺍﻟﻜﹶﺭﻩ -ﺒﻔﺘﺢ ﺍﻟﻜﺎﻑ -ﺍﻹﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺸﻘﺔ ﺘﻜﻠﻔﻬﺎ ﻓﺘﺤﻤﻠﺘﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻜ ُﺭﻩ -ﺒﻀﻡ ﺍﻟﻜـﺎﻑ-
)(4
. ﺍﻟﻤﺸﻘﺔ ﺘﺤﻤﻠﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺘﻜﻠﻔﻬﺎ
ﻑ
ﻭﻗﻴل :ﺍﻟﻜﺭﻩ -ﺒﻀﻡ ﺍﻟﻜـﺎﻑ -ﻭﺍﻟﻜـﺭﻩ -ﺒﻔﺘﺤﻬـﺎ -ﻟﻐﺘـﺎﻥ ﻤﺜـل ﺍﻟـﻀﻌ ﹸ
ﻭﺍﻟﻀﻌﻑ) . (5ﻭﺍﻟﻜﺭﻩ ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﺨﻼﻑ ﺍﻟﺭﻀﺎ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ). (6
) (1ﺍﻷﺯﻫﺭﻱ ،ﺃﺒﻲ ﻤﻨﺼﻭﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺃﺤﻤﺩ1384 ،ﻫـ1964 ،ﻡ ،ﺘﻬﺫﻴﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺤﻘﻘﻪ ﻭﻗﺩﻡ ﻟـﻪ ﻋﺒـﺩ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺭﺍﺠﻌﻪ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ،ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﺘـﺄﻟﻴﻑ ﻭﺍﻷﻨﺒـﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ،ﺍﻟﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﻟﻴﻑ ﻭﺍﻟﺘﺭﺠﻤﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ،ﺝ 6ﺹ .13
) (2ﺍﻟﺒﺼﺭﻱ ،ﺃﺒﻲ ﺒﻜﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﺒﺩ ﺩﺭﻴﺩ ﺍﻷﺯﺩﻱ ،ﺍﻟﻤﺘﻭﻓﻲ ﺴﻨﻪ 321ﻫـ ،ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺒﻼ ﺴﻨﻪ
ﻨﺸﺭ ،ﻤﻁﺒﻌﺔ ﻤﺠﻠﺱ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ،ﺤﻴﺩﺭ ﺁﺒﺎﺩ ،ﺍﻟﺩﻜﻥ ،ﺒﺎﻟﻬﻨﺩ ،ﺝ ،2ﺹ.414
) (3ﺍﻷﺯﻫﺭﻱ ،ﺘﻬﺫﻴﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺝ ،6ﺹ.13
) (4ﺍﺒﻥ ﺴﻴﺩﻩ ،ﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل1377 ،ﻫـ1958-ﻡ ﺍﻟﻤﺘﻭﻓﻲ ﺴﻨﻪ 458ﻫـ ،ﺍﻟﻤﺤﻜﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻷﻋﻅﻡ
ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺍﻟﺴﻘﺎ ﻭﺤﺴﻴﻥ ﻨﺼﺎﺭ ،ﻨﺸﺭﺘﻪ ﺸﺭﻜﺔ ﻤﻜﺘﺒﺔ ﻭﻤﻁﺒﻌﺔ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺍﻟﺒـﺎﺒﻲ
ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﺒﻤﺼﺭ ،ﺝ ،4ﻁ 1ﺹ ،98ﻭ ﺍﻟﺸﻴﺭﺍﺯﻱ ،ﻤﺠﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻴﻌﻘﻭﺏ ﺍﻟﻔﻴـﺭﻭﺯ
ﺍﺒﺎﺩﻱ 1344ﻫـ ،ﺍﻟﻤﺘﻭﻓﻲ ﺴﻨﻪ 1817ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻤﻭﺱ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ،ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺝ،4
ﻁ ،2ﺹ.291
)(5ﺍﻟﺸﻴﺭﺍﺯﻱ ،ﺍﻟﻘﺎﻤﻭﺱ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ،ﺝ ،4ﺹ ،291ﺍﻟﺒﺼﺭﻱ ،ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺝ ،2ﺹ.412
) (6ﺍﺒﻥ ﺯﻜﺭﻴﺎ ،ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻓﺎﺭﺱ1366 ،ﻫـ ،ﻤﻌﺠﻡ ﻤﻘﺎﻴﻴﺱ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺘﺄﻟﻴﻑ ﻋﺒﺩ ﺍﻟـﺴﻼﻡ ﻫـﺎﺭﻭﻥ،
ﻤﻁﺒﻌﺔ ﻋﻴﺴﻰ ﺍﻟﺒﺎﺒﻲ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ،ﺝ ،5ﻁ ،1ﺹ.172
) (7ﺍﻟﻤﺭﺼﻔﺎﻭﻱ ،ﺤﺴﻥ ﺼﺎﺩﻕ 1972 ،ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘـﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ،ﻤﻌﻬـﺩ ﺍﻟﺒﺤـﻭﺙ
ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﺹ.82
19
ﺇﻟﻰ ﺘﻌﻁﻴل ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﺠﺴﻡ" ) (1ﺃﻭ ﺃﻨﻪ " ﺤﻤل ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻋﻠﻰ ﺇﺘﻴﺎﻥ ﻓﻌل ﻤﻌﻴﻥ ﻻ ﻴﻘﺒـل
ﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻘل ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻭ ﺘﺭﻜﺕ ﻟﻪ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ" ). (2
ﻭﻴﻌﺭﻓﻪ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺍﻷﺨﺭ ﺒﺄﻨﻪ ":ﻗﻭﺓ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺘﺠﺒﺭ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ
). (3
ﺠﺭﻴﻤﺔ"
ﺃﻭ ﺃﻨﻪ "ﻀﻐﻁ ﻤﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻤﺎﺭﺴﻪ ﺍﻟﻤﻜ ِﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜ ﺭﻩ ﻟﺴﻠﺏ ﺇﺭﺍﺩﺘـﻪ ﺃﻭ
ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﻤﺎ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ) (4ﺃﻭ ﺃﻨﻪ:
" ﻗﻭﺓ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻤﺤﻭ ﺃﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺃﻭ ﺘﻘﻴﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻭﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ
ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ ﻓﻴﺘﺼﺭﻑ ﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﻤﺎ ﻴﻔﺭﻀﻪ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻘﻭﺓ" ). (5
ﻴﻼﺤﻅ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺃﻥ ﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﺃﻫﺘﻡ ﺒﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﻤﺎ ﺘـﺅﺩﻱ
ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﺘﻌﻁﻴل ﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ﺃﻭ ﺸل ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﻭﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﺃﺸﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺼـﻭﺭ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ،
ﻟﺫﻟﻙ ﻨﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺠﺎﺀ ﺃﺸﻤل ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻴﻑ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻟﻪ ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ
ﺨﻼل ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺼﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺘﻭﺍﻓﺭﻫﺎ ﻓﻴﻪ.
ﻭﻴﻘﺴﻡ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺇﻟﻰ ﻨﻭﻋﻴﻥ ﻤﺎﺩﻱ ﻭﻫﻭ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻤﻌﻨـﻭﻱ ﻴـﻀﻴﻕ ﻤـﻥ ﻨﻁـﺎﻕ
ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﻨﻰ ﺤﺩ ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺴﻨﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺘﻲ.
) (1ﺒﻬﻨﺎﻡ ،ﺭﻤﺴﻴﺱ ،1982 ،ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺨـﺎﺹ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌـﺎﺭﻑ ﺍﻹﺴـﻜﻨﺩﺭﻴﺔ،
ﺹ.272
) (2ﺍﻟﺭﺠﺒﻭ ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﺹ.1
) (3ﻋﺯﻤﻲ ،ﻤﻤﺩﻭﺡ ،2004 ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻹﺒﺎﺤﺔ ﻭﻤﻭﺍﻨـﻊ ﺍﻟﻌﻘـﺎﺏ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜـﺭ
ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻲ ،ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ ،ﺹ.62
) (4ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،2002 ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤـﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ،ﺭﺴـﺎﻟﺔ
ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺹ.60
) (5ﺍﻟﺩﺭﺓ ،ﻤﺎﻫﺭ ﻋﺒﺩ ﺸﻭﻴﺵ ،1990 ،ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ
ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﺍﻟﻤﻭﺼل 2ﺹ.427
20
ﻋﺎﺭﻀﻪ ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎ ﺘﻀﻴّﻕ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﻨﻰ ﺤﺩ ،ﻭﻴﻘﺎل ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ
ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﺎﹰ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺘﺴﻤﻰ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ.
ﻭﻟﻘﺩ ﺤﺩﺩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﻭﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻘـﺴﻡ
ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ) (90-88ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ
ﻭﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ" ﻭﻗﺩ ﺃﺭﺍﺩ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺃﻥ ﻴﺘﺴﻊ ﻟﻺﻜـﺭﺍﻩ ﺒﻨﻭﻋﻴـﻪ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻜﺫﻟﻙ) ،(1ﻭﻟﻜﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺃﻀﻴﻕ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ
ﺒﻜﺜﻴﺭ ،ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﺘﺴﻊ ﻟﻐﻴﺭ "ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ" ﺍﻟﺘﻲ ﺠﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﻋﻨـﻭﺍﻥ ﺃﺤـﺩ
ﻨﺒﺫﺘﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺼل ﻓﻼ ﻓﺭﻕ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺩﻟﻭل ﺍﻟﻠﻐﻭﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﺒﻴﻥ ﺘﻌﺒﻴﺭﻱ " ﺍﻟﻘﻭﺓ
ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ" "ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ" ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﺃﺴﺘﻌﻤﻠﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻓﻲ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻔﺼل ﻭﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺒﻨﺩ )،(1
ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ -ﺤﺴﺏ ﻤﺎ ﺍﺴﺘﻘﺭ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﺩﻟﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ -ﻫﻲ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺁﺨـﺭ
ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻭﺇﻥ ﺨﺼﺼﺕ ﺃﺤﻴﺎﻨﹰﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻓﻘﺼﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﻟﺔ
ﻤﺎ ﺃﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻥ ﺇﻨﺴﺎﻥ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺘﺨﺼﺹ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ
). (2
ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺇﻨﺴﺎﻥ
ﻭﻴﺨﺘﻠﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻓﻲ ﺩﺭﺠﺔ ﺘـﺄﺜﻴﺭﻩ ﻋﻠـﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﻜﻌﻨﺼﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻓﺎﻷﻭل ﻴﻌﺩﻤﻬﺎ ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻴﻀﻴّﻕ ﻤﻥ ﻨﻁـﺎﻕ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻫـﺎ
ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺴﻨﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﺘﺒﺎﻋﹰﺎ.
ﺃﻭ ﹰﻻ :ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻤﻥ ﻋﻨﺼﺭﻱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻹﻁﻼﻕ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﺏ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻴﺭﺠﻊ
ﺃﺴﺎﺴﹰﺎ ﺇﻟﻰ ﻅﻬﻭﺭ ﻭﺠﻪ ﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻟﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻨﻌـﺩﺍﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻜﻠﻴـﺔ
ﻼ ﺘﺎﻤﺎﹰ ،ﻭﻷﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻟـﻡ ﻴﻔﻌـل
ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻭﺘﻌﻁﻴﻠﻬﺎ ﺘﻌﻁﻴ ﹰ
) (1ﻭﺍﻟﺩﻟﻴل ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﺫﺓ ) (1ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺼل ﺘﺤﻤل ﻋﻨـﻭﺍﻥ " ﺍﻟﻘـﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒـﺔ ﻭﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ" ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﺫﺓ ) (2ﻤﻨﻪ ﺘﺤﻤل ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ".
) (2ﺤﺴﻨﻲ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻨﺠﻴﺏ 1998 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﻤﻨـﺸﻭﺭﺍﺕ
ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ،ﺒﻴﺭﻭﺕ ،ﻁ ،3ﺹ 698ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ ،ﺼﺎﻓﻲ ،ﻁﻪ ﺯﻜـﻲ1997 ،
ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻘﻬﹰﺎ ﻭﺍﺠﺘﻬﺎﺩﺍﹰ ،ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ،ﻁﺭﺍﺒﻠﺱ – ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻁ،1
ﺹ.454
21
ﻻ ﻋﻨﻪ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺘﻜﻭﻥ
ﺸﻴﺌﹰﺎ ﻭﻓﻕ ﺇﺭﺍﺩﺍﺘﻪ ﻭﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻩ ﺤﺘﻰ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺴﺅﻭ ﹰ
ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﺃﺴﺘﻌﻤل ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﺠﺭﺩ ﺁﻟﻪ ﻓﻲ ﻴﺩﻩ).(1
ﻓﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻷﻨﻪ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻼ ﻴﻨﺴﺏ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤُﻜ ﺭﻩ ﺇﻻ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﻓﻠﻡ ﺘﺘﺠﻪ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠـﺔ
ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ،ﻷﻨﻪ ﻟﻭ ﻟﻡ ﻴُﻜﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌل ﻟﻤﺎ ﺃﻗﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ،
ﻭﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺒﺎﺸﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻤﺭ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺃﻤـﺎ
ﻤﻥ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻠﻡ ﻴﻜﻥ ﺴﻭﻯ ﺃﺩﺍﺓ ﺃﻭ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻴﺩﻩ ﺍﻟﻤُﻜـﺭِﻩ ،ﺍﻷﻤـﺭ ﺍﻟـﺫﻱ
ﻴﺴﺘﻭﺠﺏ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤُﻜﺭِﻩ ﺠﻨﺎﺌﻴﹰﺎ ﻭﺇﻋﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻴﺘﻘـﺭﺭ
ﺒﺎﻨﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﺒل ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ﻟﻡ ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺒل
ﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﻏﻴﺭﻩ ). (2
ﺜﺎﻨﻴ ﹰﺎ :ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﻥ ﻋﻨﺼﺭﻱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻌﺩ ﻤﺎﻨﻌﺎ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻨﻅﺭﹰﺍ ﻟﺘﺄﺜﻴﺭﻩ ﺍﻟـﺸﺩﻴﺩ ﻓـﻲ ﺤﺭﻴـﺔ
ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﺎﺩ ﻴﻌﺩﻤﻬﺎ ﻭﺘﻔﻘﺩ ﺒﺴﺒﺒﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺃﺤﺩ ﻋﻨﺎﺼﺭﻫﺎ ،ﻓﺎﻟﻤُﻜﺭﻩ
ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﺭﹰﺍ ﻓﻲ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﺒل ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺩﻓﻭﻋﹰﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺒﻬﺎ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫـﺎ
ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻟﻠﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺠﺴﻴﻡ ﺍﻟﻤﺤﺩﻕ ،ﻭﻴﻌﻨﻲ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻴﻨﺘﻔـﻲ
ﻋﻨﻬﺎ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻁﻠﺒﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻟﺘﻜﻭﻥ "ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺇﺠﺭﺍﻤﻴﺔ " ﻴﻘـﻭﻡ ﺒﻬـﺎ ﺍﻟـﺭﻜﻥ
)(3
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ.
) (1ﻤﺤﺴﻥ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﻤﺤﻤﺩ، 2004 ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ
ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻭﻀﻌﻲ ،ﺩﺍﺭﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﻪ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺹ.154
) (2ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.65
) (3ﺍﻟﻘﻬﻭﺠﻲ ،ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ،2002 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺭﺍﺴـﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨـﻪ،
ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ،ﺹ.736
ﻭﺒﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻨﻅﺭ :ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻲ ،ﻓﺘﻭﺡ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ،2003 ،ﺸﺭﺡ ﻗـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ،ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ ،ﺹ.172
22
ﻭﺃﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻗﺩ ﺃﺨﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻟﺫﺍﺕ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ" ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ" ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺩﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ) .(1ﻓﺄﻥ ﺜﻤﺔ ﻓﺭﻭﻕ
ﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ – ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ -ﻭﺒﻴﻥ ﺤﺎﻟـﺔ ﺍﻟـﻀﺭﻭﺭﺓ ﻤـﻥ ﺤﻴـﺙ
ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ،ﻭﺜﻤﺔ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤـﻥ ﺤﻴـﺙ
ﻼ ﻓﻲ
ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻟﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺄﻨﻨﺎ ﺴﻨﻤﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺘﻔﺼﻴ ﹰ
ﺍﻟﻔﺼﻭل ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ.
23
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
) (1ﻤﺤﺴﻥ ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻲ ،ﺹ 33ﻭﺹ 46ﻭﻤﻤـﺎ
ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺫﻜﺭﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﻋﺭﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺴﻨﺔ
1883ﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (65ﻤﻨﻪ ﺒﻘﻭﻟﻪ " ﺇﺫﺍ ﺃﻜﺭﻩ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﺍﻟﺠﻨﺎﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻨﺤﺔ ﺒﻘﻭﺓ ﻻ
ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ ﻓﻼ ﻴﻌﺩ ﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻤﻨﻪ ﺠﻨﺎﻴﺔ ﻭﻻ ﺠﻨﺤﺔ " ،ﺇﻻ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﻼﺤﻘﺔ ﻟـﻡ
ﺘﺭﺩﺩ ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (65ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻘﺭﺭﻫـﺎ ،ﻫـﻲ ﻗﺎﻋـﺩﺓ
ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺤﺎﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﻭﻀﻊ ﻨﺹ ،ﻷﻥ ﻤﻥ ﺃﺴﺱ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﺘﻭﻓﺭ ﺤﺭﻴـﺔ
ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻨﺘﻔﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺃﻨﺘﻔﺕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ.
) (2ﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﺩﻯ:ﻋﺒﻴﺩ ،ﺭﺀﻭﻑ ،1984 ،ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﻴﻴﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻠـﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ ﻭﻓﻠـﺴﻔﺔ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻁ ،3ﺹ.398
24
ﻟﻘﺩ ﺤﺩﺩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺤﻜﻡ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤـﺎﺩﺓ ) (88ﻤـﻥ ﻗـﺎﻨﻭﻥ
ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻭﺠﺎﺀ ﻨﺼﻬﺎ ﻋﻠﻰ " :ﻻ ﻋﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﺃﻗﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺠﺭﻡ ﻤﻜﺭﻫﹰﺎ ﺘﺤﺕ
ﻁﺎﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﻜﺎﻥ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﺤﻴﻥ ﺍﺭﺘﻜﺎﺒﻪ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺠﺭﻡ ﻀﻤﻥ ﺩﺍﺌـﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻘـﻭل ﺍﻟﻤـﻭﺕ
ﺍﻟﻌﺎﺠل ،ﺃﻭ ﺃﻱ ﻀﺭﺭ ﺒﻠﻴﻎ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺘﺸﻭﻴﻪ ﺃﻭ ﺘﻌﻁﻴل ﺃﻱ ﻋـﻀﻭ ﻤـﻥ ﺃﻋـﻀﺎﺌﻪ
ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺴﺘﺩﻴﻤﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻭ ﺃﻤﺘﻨﻊ ﻋﻥ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻡ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﺘﺭﺍﻓﻪ ﻭﺘﺴﺘﺜﻨﻰ ﻤـﻥ
ﺫﻟﻙ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻘﺘل ،ﻜﻤﺎ ﻴﺸﺘﺭﻁ ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻗﺩ ﻋﺭﺽ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
ﻼ".
ﺒﻤﺤﺽ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺃﻭ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﺩﻓﻌﻪ ﺴﺒﻴ ﹰ
ﻴﻼﺤﻅ ﻤﻥ ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻟﻡ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻓـﻀ ﹰ
ﻼ
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒـﺔ ﻭﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ"،
ﻭﻴﻅﻬﺭ ﻟﻨﺎ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ ﺨﻠﻁ ﺒﻴﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺨﻠﻁﹰﺎ
ﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺩﻡ ﻀﺒﻁ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ،ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﻭﻤـﻥ ﺠﻬـﺔ
ﻼ ﻤﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ " ﺍﻟﻘﻭﺓ
ﺃﺨﺭﻯ ،ﻓﺄﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺴﺎﻭﻯ ﺒﻴﻥ ﻜ ﹰ
ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ" ﻭﻜﺎﻥ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﻓﺼﻠﻬﻤﺎ ﻻﺨﺘﻼﻑ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻋﻥ ﺍﻵﺨﺭ ،ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﺴﺒﺏ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻫﻭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺠﺯﺍﺌﻴﹰﺎ ﻋﻥ ﻓﻌﻠﻪ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺴﺒﺏ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻫـﻲ
ﻗﻭﺓ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ.
ﻟﺫﻟﻙ ﻓﺄﻨﻨﺎ ﺴﻨﺘﻨﺎﻭل ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺒﻪ
ﻭﺒﻴﺎﻥ ﻤﺼﺎﺩﺭﻩ ﻭﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻭﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﻭﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﻭﺃﺨﻴـﺭﺍ"
ﺸﺭﻭﻁﻪ.
25
ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻷﻭل:
ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺒﺄﻨﻪ " ﻗﻭﺓ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻤﻔﺎﺠﺌﺔ ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﻤﻔﺎﺠﺌﺔ ﺘﺠﻌـل
ﻤﻥ ﺠﺴﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺃﺩﺍﺓ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺤﺩﺙ ﺇﺠﺭﺍﻤﻲ ﻤﻌﻴﻥ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤـﺩﺙ
ﻭﺒﻴﻥ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺠﺴﻡ ﺃﻱ ﺍﺘﺼﺎل ﺇﺭﺍﺩﻱ) (1ﺃﻭ ﺃﻨﻪ ":ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺒﺎﺸـﺭﻫﺎ
ﺸﺨﺹ ﻋﻤﺩﹰﺍ ﻀﺩ ﺃﺨﺭ ﻓﻴﺴﻠﺒﻪ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﻭﺒﺼﻔﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻜﺭﻫﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﺘﻴﺎﻨﻪ ﻤﻥ
ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ).(2
ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ:
ﻭﻴﻌﺭﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺒﺄﻨﻪ ":ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺠﺴﻡ ﺸﺨﺹ ﺒﻔﻌل ﻗـﻭﺓ ﻁﺒﻴﻌﻴـﺔ
ﻜﻌﺎﺼﻔﺔ ﺃﻭ ﺇﻋﺼﺎﺭ .....ﺍﻟﺦ ،ﺃﻭ ﺒﻔﻌل ﻗﻭﺓ ﺤﻴﻭﺍﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﺴﻴﻁﺭﺓ ﺘﻨﻔﻲ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻪ ﻟﻨﺸﺎﻁﻪ" ) ،(3ﺃﻭ ﺃﻨﻪ " ﻤﺤﻭ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻻ ﺘﻨﺴﺏ ﺇﻟﻴـﻪ
ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺭ ﺤﺭﻜﺔ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﺃﻭ ﻤﻭﻗﻑ ﺴﻠﺒﻲ ﻤﺠﺭﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﻴﺔ). (4
ﻓﺎﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻷﻭل ﻴﻘﺼﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ
ﻴﺘﻭﺴﻊ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻭﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﻔﻌل ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻤﺼﺩﺭﻩ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌـﺔ ﺃﻭ
ﻓﻌل ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ.
ﻭﻨﺤﻥ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﻨﺎ ﻨﺅﻴﺩ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻷﻭل ﻭﻤﺭﺩ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻫﻨﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﻓـﻲ
ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻤﺎ ﻴﺘﺸﺎﺒﻪ ﻤﻌﻪ ﻤﻥ ﻗﻭﺓ ﻗﺎﻫﺭﺓ ﻭﺤﺎﺩﺙ ﻓﺠﺎﺌﻲ ،ﻭﻫﻭ
) (1ﺒﻬﻨﺎﻡ ،ﺭﻤﺴﻴﺱ ،1995 ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻲ ،ﻤﻨﺸﺎﺓ ﺍﻟﻤﻌـﺎﺭﻑ ،ﺍﻹﺴـﻜﻨﺩﺭﻴﺔ،
ﺹ.977
) (2ﺇﺤﻤﺩ ،ﻫﻼﻟﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ،1987 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬـﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ،
ﻁ ،1ﺹ ،381ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺃﻨﻅﺭ :ﻭﺯﻴﺭ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ،
ﺹ ،576ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (3ﺃﺸﺎﺭ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ :ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.725
) (4ﺤﺴﻨﻲ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻨﺠﻴﺏ ،1982ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬـﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ،
ﻁ ،5ﺹ ،539ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻨﻅﺭ :ﺍﻟﻘﻬﻭﺠﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻤﻡ،
ﺹ.702
26
ﻤﺎ ﺴﻴﺘﻡ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻻﺤﻘﹰﺎ ﻋﻨﺩ ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤـﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻘـﻭﺓ ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ
ﻭﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ.
1.2.1.2ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ.
ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻗﻭﺓ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻤﺜل ﺍﻟﻔﻴﻀﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻁﻊ ﺴﺒل
ﺍﻟﻤﻭﺍﺼﻼﺕ ،ﻓﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﺸﺎﻫﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻷﺩﺍﺀ ﺸﻬﺎﺩﺓ ﺩﻋﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻗﺎﻨﻭﻨﹰﺎ ﺃﻭ
ﺍﻟﻌﺎﺼﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺫﻑ ﺒﺈﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺨﺭ ﻓﻴﻘﺘﻠﻪ ﺃﻭ ﻴﺼﻴﺒﻪ ﺒﺠﺭﺍﺡ ،ﺃﻭ ﺍﻷﻤﻁﺎﺭ ﺍﻟﻐﺯﻴـﺭﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻬﺩﻡ ﺴﻭﺭﹰﺍ ﻤﻤﻠﻭﻜﹰﺎ ﻟﻠﻤﺘﻬﻡ ﻓﻴﺼﻴﺏ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺒﺄﻀﺭﺍﺭ ،ﺃﻭ ﻁﺒﻘﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟـﺜﻠﺞ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺤﺭﺍﻑ ﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻭﺇﺼﺎﺒﺔ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺒﺠﺭﺍﺡ ﺇﺫﺍ ﻜـﺎﻥ
ﻴﻘﻭﺩ ﺴﻴﺎﺭﺘﻪ ﻀﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺒﺤﺫﺭ). (2
ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻌل ﺤﻴﻭﺍﻥ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤـﺼﺎﻥ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﺠﻤـﺢ
ﺒﺭﺍﻜﺒﻪ ﻓﻼ ﻴﻘﻭﻯ ﻋﻠﻰ ﻜﺒﺢ ﺠﻤﺎﺤﻪ ﻓﻴﺼﻴﺏ ﺇﻨﺴﺎﻨﹰﺎ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺭﻜﻀﻪ) (3ﻭﻤﺜل ﻜﻠﺏ ﻋﻘـﻭﺭ
ﻴﻌﻘﺭ ﺸﺨﺼﻴﹰﺎ ﻓﻴﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﺃﺩﺍﺀ ﻭﺍﺠﺏ ﻴﻌﺎﻗﺏ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺘﺎﺭﻜﻪ ) (4ﻭﻓﻲ ﻜﻼ ﺍﻟﺤـﺎﻟﺘﻴﻥ ﻻ
ﻴﺴﺄل ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﺠﺯﺍﺌﻴﺎ.
) (1ﺴﻭﻴﻠﻡ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ 2007 ،ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻤﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﻤﻌـﺎﺭﻑ ﺒﺎﻹﺴـﻜﻨﺩﺭﻴﺔ،
ﺹ.475
) (2ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ 156ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (3ﺍﻟﻘﻬﻭﺠﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ.702
) (4ﺍﻟﺯﻟﻤﻲ ،ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ 2005ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟـﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺩﺍﺭ ﻭﺍﺌل ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﻁ ،1ﺹ.202
27
ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻌل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻜﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺨﺭ
ﺒﺄﻥ ﻴﻘﻴﺩ ﻭﺜﺎﻗﻪ ﻓﻴﺴﻠﺒﻪ ﺃﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﻓﻤﺜﻼ ﺇﺫﺍ ﺴﻁﺎ ﻟﺹ ﻋﻠﻰ ﺼﺭﺍﻑ ﻴﻌﻤل ﻟﺤﺴﺎﺏ ﺸـﺭﻜﺔ
ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﻭﺍﻨﺘﺯﻉ ﻤﻨﻪ ﻤﺎل ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻤﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻤﺘﻨـﺎﻉ
ﺍﻟﺼﺭﺍﻑ ﻋﻥ ﺘﻭﺭﻴﺩ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﻤﺴﺭﻭﻕ ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻠﻜﻪ ،ﻓﻼ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﺩ ﺍﻟـﺼﺭﺍﻑ
ﻻ ﻋﻥ ﻀﻴﺎﻉ ﺃﻤﻭﺍل ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ) ، (1ﺃﻭ ﻜﻤﻥ ﻴﺤﺠﺯ
ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ﻤﺴﻴﺌﹰﺎ ﻟﻸﻤﺎﻨﺔ ﻭﻻ ﻤﺴﺅﻭ ﹰ
ﺸﺎﻫﺩ ﻓﻴﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﺘﺄﺩﻴﺔ ﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ،ﺃﻭ ﻜﻤﻥ ﻴﻠﻘﻲ ﺒﺈﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺁﺨـﺭ
ﻓﻴﻘﺘﻠﻪ ﺃﻭ ﻴﺼﻴﺒﻪ ﺒﺠﺭﻭﺡ ،ﺃﻭ ﻜﻤﻥ ﻴﻤﺴﻙ ﺒﻴﺩ ﺃﺨﺭ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ﻭﻴﻀﻊ ﺒﺼﻤﺔ ﺃﺼﺒﻌﻪ ﻋﻠـﻰ
)(2
ﻤﺤﺭﺭ ﻤﺯﻭﺭ ﺃﻭ ﻴﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻌل ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺒﺒـﺭﺍﺀﺓ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻤﻥ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺒﻨﺎ ﺀ ﻋﻠـﻰ ﻁﻠـﺏ ﺍﻟـﺴﻠﻁﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ،ﻷﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﺤﺒﻭﺴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻤﻪ ﻗﻀﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ) ،(3ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
ﻗﻭﺓ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ﻤﺠﺭﺩ ﺃﺩﺍﺓ ﻓﻲ ﻴﺩ ﺍﻟﻔﺎﻋل ،ﻴﺠﺏ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻤـﻥ
ﺍﺴﺘﻌﻤل ﺍﻟﻤﻜ ﺭﻩ ﻜﺄﺩﺍﺓ ،ﺤﻴﺙ ﺘﻨﺘﻔﻲ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻟﻌﺩﻡ ﺇﻤﻜﺎﻥ ﻨـﺴﺒﺔ ﻤﺎﺩﻴـﺎﺕ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ.
2.2.1.2ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ
ﻴﻨﺘﺞ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺃﺜﺭﻩ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺜﺭﺕ ﻋﻠـﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋـل ﻤـﺼﺩﺭﻫﺎ
ﺩﺍﺨﻠﻲ ﻤﺘﺼل ﺒﻪ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ ،ﻓﻼ ﻴﻠﺯﻡ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘـﻭﺓ ﺨﺎﺭﺠـﻪ
ﻋﻥ ﺠﺴﻤﻪ ،ﺒل ﺃﻨﻬﺎ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﻜﺎﻤﻨﺔ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻤﺜﺎل ﺫﻟﻙ ﺴﺎﺌﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺼﺎﺏ ﺒﺸﻠل
ﺃﻭ ﺒﺈﻏﻤﺎﺀ ﺃﻭ ﺒﻌﻤﻰ ﻤﻔﺎﺠﺊ ﻴﻌﺠﺯﻩ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻓﻴﺼﻁﺩﻡ ﺒﺎﻨـﺴﺎﻨﹰﺎ
ﻓﻴﻘﺘﻠﻪ). (4
) (1ﻋﺒﻴﺩ ،ﺭﺅﻭﻑ 1979 ،ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺒﻲ ،ﻁ ،4ﺒﻼ ﺩﺍﺭ ﻨﺸﺭ ،ﺹ .601
) (2ﺍﻟﻘﻬﻭﺠﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ 702ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (3ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ.157
) (4ﺤﻤﺎﺩﺓ ،ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ،ﺍﻻﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺒﺤﺙ ﻤﻨـﺸﻭﺭ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤﻭﻗـﻊ
ﺍﻻﻟﻜﺘﺭﻭﻨﻲ .http://www.barasy.com
28
ﻭﻗﺩ ﺍﺴﺘﻘﺭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﻴﻌﺩ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺍﻟﺘـﻲ
ﺘﻤﺤﻭ ﺃﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻭﺘﻤﻨﻊ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺇﺫﺍ ﺒﻠﻎ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺴﺎﻤﺔ ﺤﺩﹰﺍ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺭﻴﺽ
ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﺒﺎﻻﻟﺘﺯﺍﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺭﻀﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺘﻁﺒﻴﻘﹰﺎ ﻟﺫﻟﻙ ﻗﻀﻲ ﺒﺒﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤـﺘﻬﻡ
ﻓﻲ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻫﺠﺭ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ ﺒﺴﺒﺏ ﺇﺼﺎﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﻤﺭﺽ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻋﻤﻠﻪ
ﻭﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻔﻕ ﻤﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺭﺘﻪ ﻭﺫﻟﻙ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﻗﻭﺓ
ﻗﺎﻫﺭﺓ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺘﺨﻀﻊ ﻟﺘﻘﺩﻴﺭ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﻅﺭﻭﻑ ﻜل ﺤﺎﻟـﺔ ،ﺒـﺸﺭﻁ ﺃﻥ
ﺘﺴﺒﺏ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺃﻡ ﻻ ).(1
ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﺒﺭﺃﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺍﻟﺘﻭﻗﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻁﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺒﺔ
ﻟﻐﻠﺒﺔ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﺭﻴﻀﹰﺎ ﻭﻷﻨﻪ ﺃﺨﻁﺭ ﻤﺭﺍﻓﻘﻪ ﺒﺈﻴﻘﺎﻅﻪ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻭﺼـﻭل ﺇﻟـﻰ
ﺍﻟﻤﺤﻁﺔ ﻭﻟﻡ ﻴﻔﻌل).(2
ﻭﺒﻬﺫﺍ ﻓﺄﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻪ ﻤﺼﺎﺩﺭ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ –
ﻜﻤﺎ ﺴﻨﺭﻯ -ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭﻩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻘﻁ ،ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻫﻭ ﻤﻥ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴـﺩ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤُﻜ ﺭﻩ ﺒﻭﺴﺎﺌل ﺸﺘﻰ ﻟﻠﺘﺄﺜﻴﺭ ﻓﻲ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﻭﺠﻌﻠﻪ ﻴﺘﺼﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻤﻌﻴﻥ.
29
ﺇﺒﺭﺍﺯﻫﺎ ﺒﻐﻴﺔ ﺘﻤﻴﻴﺯﻫﺎ ﻋﻥ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻨﻅﺭﹰﺍ ﺇﻟﻰ ﻭﺠﻭﺏ ﺇﻋﻁﺎﺀ ﻜل ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻭﺼﻑ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ
ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﻬﺎ.
) (1ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ ،63ﻭﺃﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺫﻟـﻙ ﺃﻴـﻀﹰﺎ:
ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ،ﺹ.725
) (2ﺤﺴﻨﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ 540ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ،ﻭﺃﻨﻅـﺭ ﺃﻴـﻀﺎﹰ ،ﺍﻟﺘـﻭﻨﺠﻲ ،ﻤﻭﺍﻨـﻊ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.209
) (3ﻤﺼﻁﻔﻰ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻤﺤﻤﻭﺩ ،1983 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﻤﻁﺒﻌـﺔ ﺠﺎﻤﻌـﺔ
ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺍﻟﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭﺓ ،ﺹ.494
) (4ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ،1997 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ ﻟﻠﻨـﺸﺭ
ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﺹ 390ﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ :ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،ﻜﺎﻤل ،1998 ،ﺸﺭﺡ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ
ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﻪ ،ﺒﻼ ﺩﺍﺭ ﻨﺸﺭ ،ﺹ.548
30
ﻭﻴﺘﻔﻕ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻤﻊ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻻ ﻴﺄﺘﻲ ﺃﻱ ﻨﺸﺎﻁ ﻤـﻥ
ﺠﺎﻨﺒﻪ ،ﻓﺎﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﺍﻓﺭ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺤﻕ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ). (1
ﻭﻴﺨﺘﻠﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻓﻲ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻭﺠﺩ
ﻓﺎﻋل ﺃﺼﻠﻲ ﻤﺴﺅﻭل ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﻫﻭ ﻤﻥ ﺼﺩﺭ ﻋﻨﻪ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﺎﻟـﺔ ﺍﻟﻘـﻭﺓ
ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻓﻼ ﻴﻭﺠﺩ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻴﺜﻭﺭ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻓﺎﻋل ﻟﻬﺎ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ
ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺇﻨﺴﺎﻥ ،ﺃﻤﺎ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻓﻬﻭ ﻓﻌل ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻴـﻭﺍﻥ ﺃﻭ
ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻏﻴﺭ ﺃﻫل ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ). (2
) (1ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻔﺘﻭﺡ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻫﺸﺎﻡ ،1990 ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤـﻥ ﻗـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬـﻀﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺹ.963
) (2ﺍﻟﺯﻟﻤﻲ ،ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﺹ 204ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ :ﺍﻟﻘﻬﻭﺠﻲ،
ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.703
) (3ﻤﻬﺩﻱ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ.500
) (4ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.64
31
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻓﺎﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﻜﺭﻫﺔ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺨﺎﺭﺠﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋل ،ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻹﺭﺍﺩﺘﻪ ﺩﺨل ﻓـﻲ
ﺤﺩﻭﺜﻬﺎ ﻭﻟﻭ ﺘﻤﺜﻠﺕ ﻓﻲ ﺃﻤﺭ ﺩﺍﺨﻠﻲ ﻤﺘﺼل ﺒﻪ ،ﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻴﺴﺘﺤﻴل ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻪ).(1
ﻭﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺍﻵﺨﺭ – ﺒﺤﻕ -ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻻ ﻴﻨﻌﺩﻡ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ
ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﻴﻨﺴﺏ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺒﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻋﻼﻗـﺔ
ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻗﺎﺌﻤﻪ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﺇﺫ ﻟﻭﻻ ﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻟﻤﺎ ﺤﺩﺜﺕ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻟـﺫﻟﻙ ﻓـﺄﻥ ﺍﻟﺤـﺎﺩﺙ
ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﻴﻨﻔﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘـﺼﺩ ﺃﻭ ﺼـﻭﺭﺓ
ﺍﻟﺨﻁﺄ). (2
ﻭﻴﺘﻔﻕ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﻤﻊ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﻴﻠﻘﻰ ﻋﺒـﺅﻩ
ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﺨﻼﻑ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ) (3ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻬﻤﺎ ﻴﻌﺘﺒﺭﺍﻥ ﻤﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻤﺘﻨـﺎﻉ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﺘﻌﻭﻴﺽ ﺤﻴﺙ ﻨﺼﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (261ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻋﻠﻰ ":ﺇﺫﺍ
ﺃﺜﺒﺕ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺃﻥ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﻗﺩ ﻨﺸﺄ ﻋﻥ ﺴﺒﺏ ﺃﺠﻨﺒﻲ ﻻ ﻴﺩ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻜﺂﻓﺔ ﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﺃﻭ ﺤﺎﺩﺙ
ﻓﺠﺎﺌﻲ ﺃﻭ ﻗﻭﺓ ﻗﺎﻫﺭﺓ ﺃﻭ ﻓﻌل ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺃﻭ ﻓﻌل ﺍﻟﻤﺘﻀﺭﺭ ﻜﺎﻥ ﻏﻴﺭ ﻤﻠﺯﻡ ﺒﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻤﺎ ﻟـﻡ
ﻴﻘﺽ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﻭ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ﺒﻐﻴﺭ ﺫﻟﻙ )" (4
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻓـﻲ ﺃﻨـﻪ ﻻ
ﻴﻤﺤﻭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻻ ﻴﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺃﻭ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻓﺄﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ
ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﻨﺸﺎﻁﻪ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻨﺸﺎﻁ ﻏﻴﺭ ﺠﺯﺍﺌـﻲ ﻻﻨﺘﻔـﺎﺀ ﺍﻟـﺭﻜﻥ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻟﺩﻴﻪ ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻁﺄ ،ﻭﻴﺸﺘﺭﻁ ﻓـﻲ ﺍﻟﺤـﺎﺩﺙ ﺍﻟﻔﺠـﺎﺌﻲ
ﺸﺭﻁﺎﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﻥ :ﺃﻭﻟﻬﻤﺎ – ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺘﻭﻗﻌﻪ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻤﻜﻥ ﺘﻭﻗﻌﻪ ﺤﺘـﻰ
) (1ﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ :ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.727
) (2ﺍﻟﺼﻴﻔﻲ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﻤﺼﻁﻔﻰ ،ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ ﻟﻠﻨـﺸﺭ،
ﺹ ،553ﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻤﺼﻁﻔﻰ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ.495
) (3ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻔﺘﻭﺡ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ.964
) (4ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺭﻗﻡ ) (43ﻟﺴﻨﺔ 1976ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ) (2ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺩﺩ 2645
ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ،1976/8/1ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺃﺼﺒﺢ ﻗﺎﻨﻭﻨﺎ ﺩﺍﺌﻤﻴـﺎ ﺒﻤﻭﺠـﺏ
ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺅﻗﺕ ﺭﻗﻡ 1976\43ﻗﺎﻨﻭﻨﺎ ﺩﺍﺌﻤﻴﺎ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺼﻔﺤﺔ 829
ﻤﻥ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺭﻗﻡ 4106ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ .1996\3\16
32
ﻭﻟﻭ ﺍﺴﺘﺤﺎل ﺩﻓﻌﻪ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺤﺎﺩﺜﹰﺎ ﻓﺠﺎﺌﻴﹰﺎ ﺘﻨﺘﻔﻲ ﻤﻌﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜـﺎﻨﻲ ﺃﻥ ﻻ
ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻁﺎﻉ ﻟﻠﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﺘﻭﺴﻁ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺃﻥ ﻴﺘﻔﺎﺩﻯ ﻤﺎ ﻭﻗـﻊ) ،(1ﻭﻻ
ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻋﻥ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ) (2ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺴﻨﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﻭﺒﺸﻜل
ﻤﻭﺴﻊ.
33
ﺃﺼﻠﻬﺎ ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻭﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴـﺔ ﻴﻨﻔـﻲ ﻋﻨﻬـﺎ ﺍﻟﻭﺼـﻑ
ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻲ ﻭﻴﺠﻌل ﺍﻟﻔﻌل ﻤﺒﺎﺡ ﻜﻭﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﻜﺒﺔ ﻻ ﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ
ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻪ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﻤﻲ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻴﻨﺘﻔﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤـﺸﺭﻭﻋﺔ ،ﻓـﻲ
ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻤﻌﺩﻡ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ ﻷﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻟﻡ ﻴﺭﺘﻜﺏ ﻓﻌﻼﹰ ،ﻓﻬﻭ ﻟﻡ ﻴﻔﻌـل ﺒـل
ﻜﺎﻥ ﺃﺩﺍﺓ ،ﻭﻤﻥ ﻻ ﻴﻌﻤل ﻻ ﻴﺨﻁﺊ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻴﻘﻭﻡ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﻭﻻ ﻤﺤل ﻟﺒﺤـﺙ
ﺍﻟﺨﻁﺄ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻲ) (1ﻭﻴﺭﻯ ﺁﺨﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻫﻭ ﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ﻴﺨﻀﻊ ﻟﻘﻭﺓ ﻻ ﺴﻴﻁﺭﺓ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺘﻔﻘﺩﻩ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺠـﺴﻤﻪ
ﻭﺘﺴﺨﺭﻩ ﻓﻲ ﺤﺭﻜﺔ ﺃﻭ ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻤﻌﻴﻥ ،ﻭﺘﺅﺩﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘـﻭﺓ ﺇﻟـﻰ ﻤﺤـﻭ ﺇﺭﺍﺩﺓ
ﺍﻟﻔﺎﻋل ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻤﺤﻭ ﺍﻟﻔﻌل ﺫﺍﺘﻪ ،ﻭﺃﺴﺎﺱ ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﺒﻪ ﺃﻨـﻪ ﻻ ﻗﻴـﺎﻡ ﻟﻬـﺫﺍ
ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺒﻐﻴﺭ ﻓﻌل ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻴﺤﻭل ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺩﻭﻥ ﺍﻹﺴﻨﺎﺩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻻ ﻤﺤل ﻟﻠﺒﺤـﺙ ﻓـﻲ
ﺘﻭﺍﻓﺭ ﺍﻹﺴﻨﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﻥ ﻋﺩﻤﻪ). (2
ﻭﻴﺭﻯ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺍﻷﺨﺭ ﺃﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻌﻁﻴل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻏﻴﺭ ﻤﻘﺒﻭﻟﺔ ﻓـﻲ ﺘﺒﺭﻴـﺭ ﻓﻜـﺭﺓ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺤﺎﻻﺘﻪ ،ﻓﻤﻥ ﺃﻀﻁﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻅﻬﻭﺭ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﻋﺎﻡ ﻋﺎﺭﻴـﹰﺎ
ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺴﺭﻗﺔ ﺜﻴﺎﺒﻪ ﻟﻡ ﺘﺘﻌﻁل ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻜﻠﻴﺔ ،ﻭﻴﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴل ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻤﻨﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻫﻭ
ﺃﻥ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻫﻭ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻵﺜﻤﺔ ،ﻻ ﻤﺠﺭﺩ
ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻘﻁ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﻓﺄﻥ ﺍﻹﺜﻡ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﺍﻓﺭ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻭﺍﻹﺜﻡ ﻴﺘﻤﺜل ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻹﻀﺭﺍﺭ ﺃﻭ ﺒﺎﻟﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﺸﺭﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻓﻊ ﻓﺎﻋـل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ
ﻻﻗﺘﺭﺍﻓﻬﺎ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻓﺘﻘﺩ ﺍﻹﺜﻡ ﻓﻲ ﻓﻌل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻠﻴﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻭﻻ ﻤﻥ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺃﻥ ﻴﻌﺎﻗﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ). (3
ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﻓﻲ ﺘﺒﺭﻴﺭ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ – ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻨﺅﻴﺩﻩ ﻤـﻥ
ﺠﺎﻨﺒﻨﺎ -ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻹﻁﻼﻕ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﺏ ﻓـﻲ ﺫﻟـﻙ
ﻴﺭﺠﻊ ﺃﺴﺎﺴﹰﺎ ﺇﻟﻰ ﻅﻬﻭﺭ ﻭﺠﻪ ﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻟﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﻨﻌـﺩﺍﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﻼ ﺘﺎﻤﺎﹰ ،ﻭﻷﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻜـ ﺭﻩ ﻟـﻡ
ﻜﻠﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻭﺘﻌﻁﻴﻠﻬﺎ ﺘﻌﻁﻴ ﹰ
) (1ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.70
) (2ﺴﻭﻴﻠﻡ ،ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.477
) (3ﺤﻤﺎﺩﺓ ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺹ.4
34
ﻻ ﻋﻨﻪ ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻠﻰ
ﻴﻔﻌل ﺸﻴﺌﹰﺎ ﻭﻓﻕ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻭﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻩ ﺤﺘﻰ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺴﺅﻭ ﹰ
ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻌﻤل ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﺠﺭﺩ ﺁﻟﻪ ﻓﻲ ﻴﺩﻩ) .(1ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻜـﻭﻥ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻏﻴـﺭ
ﺤﺭﺓ ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻤﻴﺯﺓ ،ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﺍﻨﺘﻔﻰ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﺘﻁﻠﺒﺔ ﻟﺘﻜـﻭﻥ ﺫﺍﺕ ﻗﻴﻤـﺔ
ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻓﻬﻲ ﻏﻴﺭ ﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ﻟﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﺴﺄل ﻤﺭﺘﻜﺏ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﺎﺩﻱ ﺒﺼﺩﺩﻫﺎ ﺠﺯﺍﺌﻴﹰﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ
ﻹﺭﺍﺩﺘﻪ ﺩﺨل ﻓﻲ ﺤﺩﻭﺜﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺴﺏ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻤـﺭ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟـﺸﺨﺹ ﻤـﺼﺩﺭ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ). (2
35
ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻋﺒﺭ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ) (88ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﺒﻘﻭﻟﻪ" ﻜﻤﺎ ﻴﺸﺘﺭﻁ ﺃﻥ ﻻ
ﻴﻜﻭﻥ ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻗﺩ ﻋﺭﺽ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻤﺤﺽ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ" ).(1
ﻭﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﺒﻌﺩﻡ ﺇﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ،ﻭﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟ ُﻤﻜ ﺭﻩ ﻗﺩ ﺘﻭﻗـﻊ
ﺨﻀﻭﻋﻪ ﻟﻠﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻜﺭﻫﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌل ،ﻭﺃﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻪ ،ﺇﺫ ﻜﺎﻥ ﻤﺘﻌﻴﻨﹰﺎ
ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﺃﻭ ﻋﻨﺩ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻴﺘﻔﺎﺩﻯ ﺍﻟﺨﻀﻭﻉ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ،
ﻓﺈﻥ ﻟﻡ ﻴﻔﻌل ،ﻓﻤﻌﻨﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻹﺭﺍﺩﺘﻪ ﻨﺼﻴﺏ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻀﻭﻉ ﻭﻓـﻲ ﺍﻟﻔﻌـل ﺃﻭ
ﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﺩﺭ ﻋﻨﻪ ،ﻓﻼ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻤﺤل ،ﻓﻤﻥ ﻴﻌﻠﻡ ﺒﺨﻁـﻭﺭﺓ ﺩﺍﺒـﺔ
ﻭﺠﻤﻭﺤﻬﺎ ﻋﻨﺩ ﺴﻤﺎﻋﻬﺎ ﺃﺼﻭﺍﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﺄﻟﻭﻓﺔ ﻟﻬـﺎ ﻓﻴﻤﺘﻁﻴﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻁﺭﻴـﻕ ﻤـﺯﺩﺤﻡ
ﻻ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ،ﻭﻤﻥ ﻴﻀﺒﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ
ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻓﺘﺠﻤﺢ ﻭﺘﺼﻴﺏ ﺸﺨﺼﹰﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺴﺅﻭ ﹰ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺴﻜﺭ ﺒﻴّﻥ ﻓﻴﻘﺒﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻼ ﻴﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺒﺔ
ﻤﻨﻪ ﻴﺴﺄل ﻋﻥ ﺍﻤﺘﻨﺎﻋﻪ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﺘﻤﺘﻨﻊ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ) (2ﻭﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﺯﻭﺠﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻠﻡ ﺒﻤﻁﺎﺭﺩﺓ ﺃﺤﺩ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺴﻠﻭﻜﻬﺎ ﻤﻌﻪ ﻭﺘﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻴﻜﻤﻥ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ
ﻤﻜﺎﻥ ﻤﺎ ﻓﺘﻘﻭﻡ ﻫﻲ ﺒﺎﻟﺘﺭﺩﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺠﻌﻠﻪ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﻴﻭﻗﻊ ﺒﻬﺎ ،ﻓﻬﻨـﺎ
ﻻ ﺘﻌﺩ ﻤﻜﺭﻫﺔ ﻭﺘﻘﻭﻡ ﻓﻲ ﺤﻘﻬﺎ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺯﻨﺎ ،ﻷﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﻘـﺩﺭﻭﻫﺎ ﺘﺠﻨـﺏ ﺫﻟـﻙ
ﺒﺎﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻬﺎ ﺃﺘﺕ ﺴﻠﻭﻜﹰﺎ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﹰﺎ ﺒﺎﻟﺘﺭﺩﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜـﺎﻥ،
ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻭﺃﻴﻀﹰﺎ ﺍﻟﻤﻨﻭّﻡ ﺘﻨﻭﻴﻤﹰﺎ ﻤﻐﻨﺎﻁﻴﺴﻴﹰﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﻴﻤـﺔ ﺃﺜﻨـﺎﺀ
ﺘﻨﻭﻴﻤﻪ ﻭﻜﺎﻥ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌل ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴ ﹸﻨﻭّﻡ ﻻ ﻴﻘﺒل ﻤﻨﻪ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ).(3
ﻭﻴﺜﺎﺭ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﺤﻭل ﻤﻌﻴﺎﺭ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺘﻭﻗﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ؟
ﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻻﺴﺘﻨﺎﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﻥ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴـﺔ ﺘﻭﻗـﻊ ﺍﻟـﺸﺨﺹ
ﻼ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ،ﺃﻱ ﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ – ﻤﺘﻭﺴـﻁ
ﻟﻠﺨﻁﺭ؟ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﻋﻤ ﹰ
ﺍﻟﺫﻜﺎﺀ – ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﺎﻁﺕ ﺒﻤﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﻔﻌل ،ﻓﺈﻥ ﺘﻭﻗﻊ ﺍﻟﺭﺠل
ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺘﻭﻗﻌﹰﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﺎﻋل ). (4
36
ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻨﻭﺍﻓﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﺎﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ،ﻫﻨـﺎ ،ﻭﻨـﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻴـﺎﺭ
ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺒﺎﻹﺘﺒﺎﻉ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻷﻥ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻋﻤﻠﻴـﺔ ﻨـﺴﺒﻴﺔ
ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻤﻥ ﺸﺨﺹ ﻵﺨﺭ ،ﻭﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﻨﺴﺒﻲ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻤﻥ ﺸـﺨﺹ ﻵﺨـﺭ ﻓﻴﺠـﺏ
ﻤﺭﺍﻋﺎﺓ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﺸﺨﺹ ،ﻭﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﺎﻁﺕ ﺒﻪ ،ﻭﺍﻹﻤﻜﺎﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘـﻭﺍﻓﺭﺓ ﻟﺩﻴـﻪ،
ﻭﻤﺴﺘﻭﺍﻩ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺤﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺠﻨﺴﻪ ،ﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻪ
ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﻤﻥ ﻋﺩﻤﻪ ،ﻭﻴﺘﺭﻙ ﺃﻤﺭ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﻟﻘﺎﻀﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻟﺒﺤﺜﻬﺎ ﻭﺘﺤﺩﻴـﺩ
ﺍﻻﺴﺘﻁﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ،ﺒﺼﺭﻑ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﻤﻌﻘﻭﻟﻴﺔ ﺇﺠﺎﺒﺘـﻪ ﺒﺎﻟﻘﻴـﺎﺱ ﺇﻟـﻰ ﺇﺠﺎﺒـﺔ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ). (1
ﻭﺸﺭﻁ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﻴﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺇﺫ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺘﻁﻠﺏ ﻤﺜـل
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﻴﺘﻌﺎﺭﺽ ﻤﻊ ﺍﻟﻘﺎﻋـﺩﺓ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﻘـﻀﻲ ﺒـﺄﻥ ﺘﺤﺩﻴـﺩ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺘﻡ ﻭﻗﺕ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﻔﻌل ،ﺩﻭﻥ ﺍﻋﺘﺩﺍﺩ ﺒﻤﺎ ﻴﺴﺒﻕ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻤﻥ ﻅﺭﻭﻑ ﻻ ﺸﺄﻥ ﻟﻬﺎ ﺒﺄﺭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻭﻴﺭﻯ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺒﺤﻕ ﺃﻥ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﻻ ﻴﺘﻔﻕ ﻤﻊ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﻴﺘﻌﻴﻥ ﺍﺴﺘﺒﻌﺎﺩﻩ ،ﻭﺍﻻﻜﺘﻔﺎﺀ ﺒﺸﺭﻁ
)(2
. ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ
ﻭﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﹰﺎ ﻨﺅﻴﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻗﺩ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﻭﻗـﺩ
ﻴﻌﻠﻡ ﺒﻪ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﻌﺠﺯ ﻋﻥ ﺘﺼﺩﻱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻭﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺘﻼﻓﻴﻪ ،ﻭﻤﻥ ﺜـﻡ ﻴﺨـﻀﻊ
ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺭﻏﻡ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻹﺭﺍﺩﺘﻪ ﺩﺨل ﻓﻲ ﺤﻠﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺭﻏﻡ ﺘﻭﻗﻌﻪ،
ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﺒﺤﺩ ﺫﺍﺘﻪ ﻻ ﻴﻘﺘﺭﻥ ﺒﺈﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺨﻁﺭ ،ﻓﻘﺩ ﻴﺘﻭﻗـﻊ ﺸـﺨﺹ ﺃﻥ ﻴﻘـﻭﻡ ﺁﺨـﺭ
ﺒﺎﺤﺘﺠﺎﺯﻩ ﻟﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﺍﻹﺩﻻﺀ ﺒﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ،ﻭﻟﻀﻴﻕ ﺍﻟﻭﻗـﺕ ﺒـﻴﻥ ﺘﻭﻗـﻊ ﻫـﺫﺍ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻭﻓﻌل ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺯ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﻤﻨﻊ ﻭﻗﻭﻋﻪ ﻭﺘﺨﻠﻑ ﻋﻥ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ،ﻭﻤﻥ ﺜـﻡ
ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﻓﺄﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺤﻘﻕ ﺒﻪ ﺍﻻﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﻗﺩ ﺘﺤﻘﻕ ﻭﺍﻨﻌﺩﻤﺕ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻨﺴﺒﺔ ﺃﻱ ﺨﻁﺄ ﻟﻠﺸﺨﺹ ،ﻭﺍﻟﻌﺒﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻨﺎﺩ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﻫـﻭ ﺒﺘﺤﻘـﻕ ﺍﻹﺜـﻡ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻤُﻜ ﺭﻩ ﻭﻫﻭ ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ ﻤﺭﺘﺒﻁ ﺒﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻴﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﻓﻠﻜﻬﺎ
ﻭﺠﻭﺩﹰﺍ ﻭﻋﺩﻤﺎﹰ ،ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﻟﻴﺱ ﺒﺎﻹﺜﻡ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻻ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﺍﻹﺴﻨﺎﺩ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻴﻤﻜـﻥ ﺃﻥ
) (1ﺃﻨﻅﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.411
) (2ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ .161
37
ﺘﺘﻘﺭﺭ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺇﺫﺍ ﺘﺩﺨل ﺒﺴﻠﻭﻙ ﺇﻴﺠﺎﺒﻲ -ﺭﻏﻡ ﺘﻭﻗﻌﻪ ﻟﻠﺨﻁﺭ -ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴـﻕ
ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﺠﺭﻤﺔ ﻭﻷﻨﻪ ﻫﻨﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺃﺴﻬﻡ ﺒﺈﺭﺍﺩﺘﻪ ﺒﻔﻌل ﻴﺤﻘﻕ ﺍﻹﺜـﻡ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌـﻲ ﻓـﻲ
ﺠﺎﻨﺒﻪ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﺍﻹﺴﻨﺎﺩ). (1
) (1ﺃﻨﻅﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.99
) (2ﺍﻟﺘﻭﻨﺠﻲ ،ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.210
) (3ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.410
38
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺘﻭﺍﻓﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻓﻤﻥ ﻴﺴﺘﺤﻡ ﻓﺘﺴﺭﻕ ﻤﻼﺒﺴﻪ ﺃﻭ ﺘﺫﻫﺏ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺭﻴـﺎﺡ
ﻓﻴﻅﻬﺭ ﻋﺎﺭﻴﹰﺎ ﻻ ﻴﻨﺴﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻔﺎﻀﺢ ﺍﻟﻤﺨل ﺒﺎﻟﺤﻴﺎﺀ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﺘﻤﻨﻌﻪ ﺼـﻌﻭﺒﺔ
ﺍﻟﻤﻭﺍﺼﻼﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻷﺩﺍﺀ ﺸﻬﺎﺩﺘﻪ ﻴﺴﺄل ﻋﻥ ﺍﻤﺘﻨﺎﻋﻪ).(1
ﻭﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻤﻜﻥ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻭﻗﻌﺔ ﺒﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﺍﻟﻤﻜﹸـﺭﻩ
ﻟﻠﺨﻁﺭ ﻓﻼ ﻴﺘﻭﺍﻓﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﺄﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﻁﻠﺏ ﺍﻟﻨﺠﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺭﻁﺔ ،ﻤﺜل ﺭﺠـل
ﺍﻟﺸﺭﻁﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤل ﺴﻼﺤﹰﺎ ﻭﻴﺩﺍﻫﻤﻪ ﺍﻟﺠﻨﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻹﻜﺭﺍﻫﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﻁﻼﻕ ﺴـﺭﺍﺡ
ﺃﺤﺩ ﺃﻋﻭﺍﻨﻬﻡ ﻓﺈﻨﻪ ﻴﻤﻜﻨﻪ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﺩﻓﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻭﻗﻌﺔ ﻋﻨﻪ ﺒﺎﺴﺘﻌﻤﺎل
ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻬﻤﻴﻥ ﻻ ﻴﺤﻤﻠﻭﻥ ﺜﻤﺔ ﺃﺴﻠﺤﺔ ،ﻭﻤﺅﺩﻱ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟـﺸﺭﻁ ﻫـﻭ ﻋـﺩﻡ
ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﺭﺽ ﻟﻪ ﺒﻭﺴﻴﻠﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ).(2
ﻭﻴﺜﺎﺭ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﺤﻭل ﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻘﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﺩﻓﻊ؟
ﻤﺎ ﻫﻭ ﻨﻭﻉ ﺍﻻﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺘﻁﻠﺒﺔ ﻟﺘﺤﻘﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ؛ ﻫل ﻫﻲ ﺍﻻﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ،
ﺃﻭ ﺍﻻﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ؟.
ﺒﺎﺴﺘﻘﺼﺎﺀ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻨﺠﺩ ﺃﻨﻪ ﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﺃﺤﻜﺎﻤﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴـﺭﺓ ﻜﻠﻤـﺔ ﺍﻻﺴـﺘﺤﺎﻟﺔ
ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻁﻠﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻭﻗﺩ ﺃﺩﺨل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤـﺼﻁﻠﺢ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺭﻏﻡ ﺘﺒﺎﻴﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﻘـﻭﻡ ﻋﻠﻴﻬـﺎ
ﺍﻻﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ).(3
ﺇﺫﹰﺍ ﻴﺸﺘﺭﻁ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻜﺭﻫﺕ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌل ﻤﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﺍﻟـﺩﻓﻊ ،ﺃﻱ
ﺃﻥ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻜﻠﻴ ﹰﺔ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل ﻋﻠﻴﻪ ﺒـﺼﻔﺔ ﻤﻁﻠﻘـﺔ ﺃﻥ
ﻴﺘﺠﻨﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻭﺘﻌﺒﺭ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺽ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﺒﺘﻁﻠﺒﻬـﺎ ﺃﻥ ﻴﻜـﻭﻥ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻗﺩ ﻭﺠﺩ ﻓﻲ "ﺤﺎﻟﺔ ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﺘﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ" ﻭﻴﻌﻨـﻲ ﺫﻟـﻙ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻴﺴﺄل ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻻﻨﺘﻔﺎﺀ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ ﺃﻥ
39
ﻼ ) (1ﻭﻗﺩ ﻁﺒﻕ
ﺘﺠﻌل ﺘﺠﻨﺏ ﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﻤﺭﹰﺍ ﻓﻴﻪ ﻤﺸﻘﺔ ﻋﻠﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺴﺘﺤﻴ ﹰ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﺘﻁﺒﻴﻘﹰﺎ ﻤﺒﺎﻟﻐﹰﺎ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻷﺠﺎﻨﺏ ﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺇﺒﻌﺎﺩﻫﻡ
ﻋﻥ ﺍﻹﻗﻠﻴﻡ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺒﻌﺩﻡ ﺍﻋﺘﺩﺍﺩﻩ ﺒﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤـﺴﺘﻤﺩﺓ ﻤـﻥ ﺭﻓـﺽ
ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻔﺭﻨﺴﺎ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﺼﻭﺹ ﻗﺭﺭﺕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺽ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ
ﺃﻥ ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺝ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻴﻠﺯﻡ ﻟﻘﺒﻭﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺒﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻹﺒﻌـﺎﺩ ﻋـﺩﻡ
ﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﺃﻱ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻟﺩﻴﻬﺎ.
ﻭﻗﺩ ﺃﻨﺘﻘﺩ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺸﺭﻁ ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺩﻓـﻊ ﺍﻟﻘـﻭﺓ
ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻨﻅﺭﺓ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﻪ ﻤﺠﺭﺩﺓ ﻭﻟﻡ ﻴﺄﺨﺫ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺸﺨـﺼﻴﺔ ﻟﻠﻤـﺘﻬﻡ
ﻭﺒﺼﻔﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ).(2
ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺸﺄﻨﻪ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﻭﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ﻴﺘﻁﻠﺏ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺍﻻﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻴﺱ ﺒﻭﺴﻊ ﺃﻱ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺭﺩﻫﺎ،
ﻭﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻫل ﻫـﻭ
ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ؟ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺍﻟﺫﻱ
ﻴﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﻋل – ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ-؟.
ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﺘﻁﻠﺏ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻟﻼﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﻫﻭ ﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ
ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻤﺅﺩﻴﺔ ﻟﻼﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻤﻥ ﻋﺩﻤﻪ ﻭﻫـﺫﺍ
ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﻴﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﻘﺎﺱ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟ ُﻤﻜ ﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟـﺸﺨﺹ ﺍﻟﻌـﺎﺩﻱ –
ﻤﺘﻭﺴﻁ ﺍﻟﺫﻜﺎﺀ -ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻭ ﻭﻀﻊ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺴﻴﻜﻭﻥ ﺘـﺼﺭﻓﻪ ﺇﺯﺍﺀ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ،ﻫل ﻫﻭ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺘﺎﻩ ﺍﻟﻤ ﹸﻜﺭﻩ؟ ﺃﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻜﺎﻥ ﺴﻴـﺴﻠﻙ
ﻁﺭﻴﻘﹰﺎ ﺃﺨﺭ؟ ﻓﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﻴﺘﺤﺩﺩ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤ ﹸﻜﺭﻩ ﺤﺴﺏ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻭﺘﺼﺭﻓﻪ).(3
ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺭﻯ ﺃﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﻻ ﻤﺠﺎل ﻟﻪ ﻫﻨـﺎ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻅـﺭﻭﻑ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻜل ﻓﺭﺩ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﺃﻴﻀﺎ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻓﻴﻭﺠﺩ ﺸﺨﺹ ﻗﻭﻱ ﺍﻟﺒﻨﻴـﺔ
ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺼﻠﺩ ﻻ ﺘﺅﺜﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻭﺘﺠﻌﻠﻪ ﻴﺭﻀﺦ ﻟﻬﺎ ﻭﻴﺴﻠﻙ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﻴﻭﺠﺩ
40
ﺁﺨﺭ ﻅﺭﻭﻓﻪ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒﻪ ،ﻗﺩ ﻻ ﺘﺠﻌﻠﻪ ﻴﻘﻭﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘـﺼﺩﻱ ﻟﻬـﺫﻩ ﺍﻟﻘـﻭﺓ
ﺍﻟﻤﻭﺠﻬﺔ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻲ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻤﻨﻪ ،ﻟﺫﺍ ﻨـﺭﻯ ﺃﻥ ﻴﺘـﺭﻙ
ﺍﻷﻤﺭ ﻟﻘﺎﻀﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻟﻴﺤﺩﺩ ﻫﻭ ﺃﺜﺭ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺸﺨـﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟـﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔـﺴﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻭﻅﻴﻔﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜ ﺭﻩ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻜل ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﻭﺃﺜﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺄﺘﻴﻪ). (1
ﺘﻁﺒﻴﻘ ﹰﺎ ﻟﺫﻟﻙ ﻗﻀﺕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻷﺭﺩﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭ ﻟﻬﺎ:
"ﺇﺫﺍ ﺘﻭﺼﻠﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻅﻨﻴﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﻘﻑ ﺒﺴﻴﺎﺭﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﻤل ﺒﻬـﺎ ﺃﻤـﺎﻡ
ﺍﻟﻔﻨﺩﻕ ﻓﻼ ﻴﺼﺢ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﻭﺠﻭﺩﹰﺍ ﺒﻅﺭﻭﻑ ﺘﻭﺠﺏ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﺇﻀـﺎﻓﺔ ﺇﻟـﻰ ﻋـﺩﻡ
ﺍﻤﺘﺜﺎﻟﻪ ﻹﺸﺎﺭﺓ ﺭﺠل ﺍﻷﻤﻥ ﺒﺎﻟﻭﻗﻭﻑ ﺒﺴﻴﺎﺭﺘﻪ ﻷﻥ ﺃﺤﺩ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﺒﺴﻴﺎﺭﺘﻪ
ﻴﻬﺩﺩﻩ ﺒﻤﻭﺱ ﻜﺒﺎﺱ ﻴﻀﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺨﺎﺼﺭﺘﻪ ،ﻴﺠﻌﻠﻪ ﻤﺸﻠﻭل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺈﺩﺍﻨﺘﻪ
)(2
ﻤﺨﺎﻟﻑ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ"
ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻴﺄﺨﺫ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺇﺫ ﻨـﺼﺕ ﺍﻟﻤـﺎﺩﺓ
) (139ﻋﻠﻰ " :ﻴﺨﺘﻠﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﺎﺨﺘﻼﻑ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﻭﺴـﻨﻬﻡ ﻭﻀـﻌﻔﻬﻡ ﻭﻤﻨﺎﺼـﺒﻬﻡ
ﻭﺩﺭﺠﺔ ﺘﺄﺜﺭﻫﻡ ﻭﺘﺄﻟﻤﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺸﺩﺓ ﻭﻀﻌﻔﹰﺎ"
ﻟﺫﺍ ﻨﺭﻯ ﺃﻥ ﻴﺘﺭﻙ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻜﻭﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤ ﹸﻜﺭﻩ ﺃﻤﺎﻡ ﻗﻭﺓ ﻻ ﻗﺒل ﻟـﻪ
ﺒﺭﺩﻫﺎ ﺃﻭ ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ ﻟﻘﺎﻀﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻓﺎﻟﻤﻭﺍﺯﻨﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺸﺨﺹ
ﻭﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒﻪ ،ﻭﻤﺩﻯ ﺘﺄﺜﻴﺭﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺩﻓﻌﻬﺎ ﻟﻪ ﻻﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻤﺠﺒﺭ ﻋﻠﻴـﻪ
ﺩﻓﻌﹰﺎ ﻟﻠﻀﺭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻴﻠﺤﻘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ،ﻓﻼ ﻴﻭﺠﺩ ﻤﻌﻴـﺎﺭ ﻤﺤـﺩﺩ ﻟﻠﻘـﻭﺓ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﺤﺴﺏ ﻅﺭﻭﻑ ﻜل ﻭﺍﻗﻌﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻤﺭﺍﻋـﺎﺓ ﺍﻟﻅـﺭﻭﻑ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ ﻭﻭﻀﻌﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺼﺤﻲ ﻭﻜل ﻤـﺎ
ﻴﺤﻴﻁﻪ ﻤﻥ ﻅﺭﻭﻑ.
) (1ﺃﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.411
) (2ﺘﻤﻴﺯ ﺠﺯﺍﺀ ﺭﻗﻡ ) (98/65ﻤﻨﺸﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺭﻗﻡ 4342ﻤﻥ ﻤﺠﻠﺔ ﻨﻘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺩﺩ
) (12ﻟﺴﻨﺔ .1998
41
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ
42
ﻭﻟﻘﺩ ﺒﺤﺙ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻨﻭﻋﻴﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﻜـﺫﻟﻙ ﺤﺎﻟـﺔ
ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻜﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﻭﺫﻜﺭﻨﺎ ﻭﻟﺌﻥ ﻜﺎﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻗـﺩ
ﺃﻭﺭﺩ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﻗﺴﻡ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﻓﺈﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻨﻊ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺇﻨﻤـﺎ ﻫـﻲ
ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻤﺘﺭﺘﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻟﻌﻠﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻔﻘﺩ ﺒﻪ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﻟﻤـﺎ ﻜـﺎﻥ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﻼ ﺒﺩ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺼل ﻤﻥ ﺘﻤﻴﻴﺯﻩ ﻋﻥ ﻏﻴﺭﻩ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺒﻪ ﻭﺒﻴﺎﻥ ﺼﻭﺭﻩ ﻭﺘﺤﺩﻴﺩ ﺃﻨﻭﺍﻋﻪ
ﻭﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺒﻴـﺎﻥ ﻁﺒﻴﻌـﺔ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﺸﺭﻭﻁﻪ.
) (1ﺃﺤﻤﺩ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ ، 382ﻭﺃﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ :ﻭﺯﻴﺭ ،ﺸـﺭﺡ
ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ ،579ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ :ﻓﺭﻴﺩ ،ﻫﺸﺎﻡ ﻤﺤﻤﺩ ،ﺍﻟﺩﻋﺎﺌﻡ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﻪ ،ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻤﻘﺩﻤﻪ ﻟﻠﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ
ﻋﻴﻥ ﺸﻤﺱ ،ﺒﻼ ﺩﺍﺭ ﻨﺸﺭ ،ﺹ .527
43
ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ:
ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺒﺄﻨﻪ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻋﻠﻰ ﻨﻔـﺴﻴﺔ ﺍﻟـﺸﺨﺹ ﻓﺘﻌـﺩﻡ
ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﻌﻠﻪ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﻌﻠﻰ ﺤـﻴﻥ ﻴـﺭﺩ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺠﺴﻡ ﺍﻟﻤﻜ ﺭﻩ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﻓﺄﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻓﻴﻌﺩﻡ
ﺤﺭﻴﺔ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻩ). (1
ﻭﻨﺤﻥ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﻨﺎ ﻨﺘﻔﻕ ﻤﻊ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ ﻭﺃﻥ
ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺎل ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻓﺄﻨﻪ ﻻ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻭﻤﻬﻤـﺎ
ﺘﺒﻠﻎ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻓﺄﻨﻪ ﻴﺒﻘﻰ ﻟﻠﻤ ﹸﻜ ﺭﻩ ﻗﺩﺭﹰﺍ ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻌـل
ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﻐﻁ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﻭﺘﺤﻤل ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗـﻊ
ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻟﻙ ﻤﺠﺎل ﻟﻠﻤﻭﺍﺯﻨﺔ ﻭﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺒـل ﺃﻥ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻤﻌﺩﻭﻤﺔ ﻨﻬﺎﺌﻴﹰﺎ ﻭﻴﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﻤﻴﺯ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ
ﺃﻤﺭﺍﻥ ،ﻫﻤﺎ:
-1ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻻ ﻴﻘﻊ ﺇﻻ ﻤﻥ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻗﺩ ﻴﻘﻊ
ﺒﺄﺴﺒﺎﺏ ﻏﻴﺭ ﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻥ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻜﺤﻭﺍﺩﺙ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﻓﻌل ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ) ، (2ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ
ﺫﻫﺏ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻭﻱ ﺼﺩﻭﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻤﻥ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺃﻡ ﻤﻥ ﻗﻭﺓ ﻁﺒﻴﻌـﺔ
ﺃﻭ ﺤﻴﻭﺍﻨﻴﺔ). (3
) (1ﺍﻟﺭﺠﺒﻭ ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﺹ ،17ﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ :ﺍﻟﻌـﻭﺠﻲ ،ﻤـﺼﻁﻔﻰ،
،1985ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻨﻭﻓل ،ﻟﺒﻨـﺎﻥ،
ﻁ 1ﺹ 337ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ،ﻭﺃﻨﻅﺭ ﻜﺫﻟﻙ ،ﺼﺎﻓﻲ ،ﻁﻪ ﺯﺍﻜﻲ ،ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻘﻬﹰﺎ
ﻭﺍﺠﺘﻬﺎﺩﺍﹰ ،ﺹ.459
) (2ﻤﻬﺩﻱ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ.500
) (3ﺭﻤﻀﺎﻥ ،ﻋﻤﺭ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،1964 ،ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺘﻴﻥ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭﻴﺔ ﻟﻼﺜـﻡ ،ﻤﺠﻠـﺔ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ
ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﺴﻨﻪ ،1934ﺹ 669ﻭﻴﻼﺤﻅ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺨﻠﻁ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ
ﻭﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻨﻪ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺴﺒﺒﹰﺎ ﻤﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻹﺒﺎﺤﺔ ﻭﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺴﺒﺒﹰﺎ ﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ.
44
-2ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﺼﺩﺭ ﺒﻘﺼﺩ ﺍﻟﺤﻤل ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﺃﻭ ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﻤﻌﻴﻥ ،ﺫﻟـﻙ ﺃﻥ ﻤـﻥ
ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻨﻪ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻴﺤﺩﺩ ﻟﻤﻥ ﻴﺨﻀﻊ ﻟﻪ ﻁﺭﻴﻘﹰﺎ ﻤﻌﻴﻨﹰﺎ ﻜﻲ ﻴﺴﻠﻜﻪ ). (1
45
ﺜﺎﻨﻴ ﹰﺎ :ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ .
ﻭﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺤﻴﻨﻤﺎ ﻴﻘﺘﺼﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻴﻬـﺎ ﻋﻠـﻰ
ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺈﻨﺯﺍل ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺍﻟﺼﺤﻲ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﺍﻟﺒﺩﻨﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴـﺅﺩﻱ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺸﻭﻴﻪ ﺃﻭ ﺇﺤﺩﺍﺙ ﻋﺎﻫﺔ ﺩﺍﺌﻤﺔ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﻤ ُﻬﺩﺩ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ
ﻤﻨﻪ ﺃﺭﺘﻜﺎﺒﻬﺎ ،ﻓﻴﺭﺘﻜﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﻬﺩﺩ ﺇﺫ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﻀﺭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻫﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺤـﺎل ﻤـﻥ
ﻭﻗﻭﻉ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺍﻟﻤﻬﺩﺩ ﺒﻪ ﻭﻤﺜﺎﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﻬﺎﺠﻡ ﺍﻟﻠﺼﻭﺹ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﻨﺯل ﻭﻴﻬﺩﺩﻭﻨﻪ ﺒﺎﻟﻘﺘل
ﺃﻥ ﻟﻡ ﻴﺭﺨﺹ ﻟﻬﻡ ﺒﺄﺨﺫ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺯل ﻓﻴﺴﻤﺢ ﻟﻬﻡ ﺒﺫﻟﻙ ﺘﻔﺎﺩﻴﹰﺎ ﻟﻠﻘﺘل ﺍﻟﻤﻬﺩﺩ ﺒﻭﻗﻭﻋﻪ
ﻋﻠﻴﻪ). (1
ﺘﻁﺒﻴﻘ ﹰﺎ ﻟﺫﻟﻙ ﻗﻀﺕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭ ﻟﻬﺎ:
" ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﻬﻤﻴﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﺒﻬﺘﻙ ﻋﺭﺽ ﺍﻟﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺈﻜﺭﺍﻩ ﻭﺘﻬﺩﻴـﺩ ﻤـﻥ
ﻼ ﺒﺎﻟﻤـﺎﺩﺓ ) (88
ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺍﻷﻭل ﻴﺠﻌﻠﻬﻤﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻨﺩﺓ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﻋﻤ ﹰ
ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻜﻭﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻤﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﺎﻗـﺏ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﻟﻭﻗﻭﻋﻬـﺎ ﺘﺤـﺕ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ"). (2
ﻭﻨﺤﻥ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﻨﺎ ﻻ ﻨﺘﻔﻕ ﻤﻊ ﻤﺎ ﻴﺭﺍﻩ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﻜﻭﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﺘﺨﺫ ﺇﺤﺩﻯ
ﺍﻟﺼﻭﺭﺘﻴﻥ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺘﻴﻥ ،ﻭﻨﺭﻯ ﺃﻨﻪ ﻴﺄﺨﺫ ﺼﻭﺭﺓ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻓﻘﻁ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﻜل ﻤﺎ ﻴﻠﺤﻕ ﺒﻪ
ﻭﻴﻨﺼﺏ ﺃﺜﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻓﻘﻁ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺠﺴﺩ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻜﺭﻫﺎ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻓﻬﻲ
ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺒل ﻫﻲ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﺎﺩﻱ ﻷﻨﻬﺎ ﺘﺸﺘﻤل ﻋﻠـﻰ ﺍﻟـﻀﺭﺏ ﻭﺍﻟﺤـﺒﺱ
ﻭﺇﻋﻁﺎﺀ ﻤﻭﺍﺩ ﻀﺎﺭﺓ ،ﻭﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭ ﺘﻨﺼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺴﺩ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻓﻬﻲ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﺎﺩﻱ،
ﻷﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﺘﺨﺫ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻓﻘﻁ ﻭﻜل ﻤﺎ ﻴﺘﺼل ﺒﻪ ﺃﻭ ﻴﻨﺼﺏ ﺃﺜﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻨﻔﺱ). (3
46
3.1.3ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺤﺴﺏ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺨﻁﺭ.
ﻴﻘﺴﻡ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺤﺴﺏ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺇﻟﻰ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﻌﻨﻭﻱ
ﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﻌﻨﻭﻱ ﺩﺍﺨﻠﻲ ﻭﺴﻨﺘﻨﺎﻭل ﺫﻟﻙ ﺘﺒﺎﻋﺎ ﻓﻲ ﺍﻵﺘﻲ.
ﺍﻭ ﹰﻻ :ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ.
ﻭﻴﻜﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻤﺜـل ﺍﻟﺘﻬﺩﻴـﺩﺍﺕ ﺃﻭ
ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﻬﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻹﻴﻤﺎﺀﺍﺕ ﺃﻭ ﺍﻹﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺸﺨﺹ ،ﻭﻴﺘﻁﻠﺏ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ
ﻑ ﻭﻤﺒﺎﺸﺭ ﺤﺘﻰ ﻴﻜﻭﻥ ﻤـﻥ ﺸـﺄﻨﻬﺎ ﺴـﻠﺏ
ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻠﺤﺔ ﺒﻘﺩﺭ ﻜﺎ ِ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﻭﻴﺭﻓﻊ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻑ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤـﻥ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﻤﺜﺎﻟﻪ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﺠﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻁﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﺒﻨﺎ ﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺍﻤﺭ ﻤـﻥ
ﺍﻟﺤﺎﺭﺱ). (1
47
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻴﺘﺤﺩ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻤﻊ ﻭﻀﻊ ﻤﻥ ﻴـﻀﻌﻑ ﺃﻤـﺎﻡ ﻨﺯﻋـﺔ
ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ ﺠﺎﻤﺤﺔ ﺃﻭ ﺘﺸﻨﺞ ﻋﺼﺒﻲ ﻴﻔﻘﺩﻩ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﺼﺭﻓﺎﺘﻪ ،ﻜﺎﻟﻭﺴﻭﺍﺱ ﺍﻟﻘﻭﻱ ﺃﻭ
ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻬﻠﻭﺴﺔ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻓﺄﻥ ﺍﻻﺠﺘﻬﺎﺩ ﻻ ﻴﺄﺨﺫ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﺍﻟﻨﻔـﺴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴـﺔ
ﺍﻟﻤﻨﺒﺜﻘﺔ ﻋﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﻴﻌﺘﺒﺭﻫﺎ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻭﺇﻥ ﺃﺨﺫﻫﺎ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓـﻲ
ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺔ ﻭﺇﻋﻤﺎل ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺨﻔﻔﺔ ،ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺸﺄﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟـﻀﻐﻭﻁ ﺇﻓﻘـﺎﺩ
ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﻋﻴﻪ ﻭﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻓﻠﻡ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ). (1
48
ﺠﺴﺩﻩ ،ﻓﺄﺼﺒﺤﺕ ﻤﺠﺭﺩ ﺁﻟﻪ ﺘﺴﺨﺭﻫﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻭﺘﺤﺭﻜﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻟﻡ ﻴﺭﺩﻩ ﺼـﺎﺤﺒﻪ،
ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺇﻨﺴﺎﻨﹰﺎ ﺁﺨﺭ ،ﻜﻤﻥ ﻴﻤﺴﻙ ﺒﻴﺩ ﻤﺘﻬﻡ ﻭﻴﺠﻌﻠﻪ ﻴﻀﻊ ﺇﻤﻀﺎﺀﻩ
ﻋﻠﻰ ﺼﻙ ﻤﺯﻭﺭ ،ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺃﺤﺩ ﻋﻭﺍﻤل ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺴـﻴﻁﺭﺓ
ﻟﻠﻤﺘﻬﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻜﺎﻟﻔﻴﻀﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻁﻊ ﺍﻟﻤﻭﺍﺼﻼﺕ ﻭﻴﺤﻭل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻷﺩﺍﺀ ﺸﻬﺎﺩﺘﻪ ،ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺤﻴﻭﺍﻨﹰﺎ ﻋﺠﺯ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻋﻥ ﺍﻟـﺘﺤﻜﻡ
ﻓﻴﻪ ﻜﺎﻟﺤﺼﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﺩﻩ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻭﻴﺭﻓﺱ ﺇﻨﺴﺎﻨﹰﺎ ﻭﻴﺼﻴﺒﻪ ﺒﺠﺭﻭﺡ ،ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﻘﺩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺴﻴﻁﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺌﻪ ﻜﻤﻥ ﻴﺼﺎﺏ ﺒﺎﻟﻌﻤﻰ ﺃﺜﻨﺎﺀ
ﻗﻴﺎﺩﺘﻪ ﻟﺴﻴﺎﺭﺘﻪ ﻓﻴﺼﻴﺏ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ). (1
ﻓﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻜﻭﻨﻪ ) ﻗﻭﺓ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻤﻜﺭﻫـﺔ(
ﺘﺘﻭﺠﻪ ﻨﺤﻭ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺸل ﺤﺭﻜﺘﻬﺎ ﻭﺇﻋﺩﺍﻤﻬﺎ ﺍﻟﻘـﺩﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﺍﻻﺨﺘﻴـﺎﺭ
ﻟﺤﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﺘﻤﺤﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤـﺔ ،ﻭﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﺼﺩﺭﻩ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ ﻗﻭﺓ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻋﻜﺱ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻤﺎ ﻴﻜـﻭﻥ ﻤـﺼﺩﺭﺓ
ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﹰﺎ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭﺓ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ). (2
ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻨﺼﺏ ﻋﻠﻰ ﺠﺴﻡ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺘﺠﻪ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ ﺇﻟـﻰ
ﻨﻔﺴﻴﺔ ﻻ ﺇﻟﻰ ﺠﺴﻤﻪ ،ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻻ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﻨﺸﻭﺀ ﺃﻴﺔ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ﻓﻼ ﻴﻘﻭﻡ
ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺒﺄﻱ ﺴﻠﻭﻙ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺤﻤل ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺨﺎﻀﻊ ﻟﻪ ﻋﻠـﻰ ﺃﻥ
ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻓﺘﻨﺸﺄ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻟﺩﻯ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺜﻤﺭﺓ ﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴـﺎﺭ
ﻓﺎﻟﻤﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﺎﹰ ،ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﺭﻴﺩﻫﺎ ﻤﻘﻬﻭﺭﹰﺍ ﺃﻭ ﻤﻜﺭﻫﹰﺎ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺭﺍﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻜل
ﻼ ﻻﺴـﺘﺨﺩﺍﻡ ﻤﻠﻜـﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺘـﻡ
ﺤﺎل ﺨﻼﻓﹰﺎ ﻟﻠﻤﻜﺭﻩ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﺇﺫ ﻟﻡ ﺘﺘﺭﻙ ﻟﻪ ﻓﺭﺼﺔ ﺃﺼ ﹰ
ﺘﺴﺨﻴﺭ ﺠﺴﻤﻪ ﻤﺜﻠﻤﺎ ﺘﺴﺨﺭ ﺃﻴﺔ ﺃﺩﺍﺓ ﺃﻭ ﺤﻴﻭﺍﻥ ﺃﻭ ﺠﻤﺎﺩ) ، (3ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻭﺍﻗـﻊ ﺘﺤـﺕ ﺘـﺄﺜﻴﺭ
) (1ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ 391ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (2ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.410
) (3ﻤﺤﻤﺩ ،ﻋﻭﺽ ،ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ،ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ ،ﺒـﻼ
ﺴﻨﺔ ﻨﺸﺭ ،ﺹ 528ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ،ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ :ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ ﻓـﻲ
ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ553ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻭﺃﻴﻀﹰﺎ :ﺃﺤﻤﺩ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،
ﺹ 382ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
49
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﺠﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻤﺎﻡ ﺃﻤﺭﻴﻥ ﺃﺤﻼﻫﻤﺎ ﻤﺭ :ﺇﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﺨﻀﻊ ﻟﻠﺘﻬﺩﻴﺩ ﻓﻴﺭﺘﻜـﺏ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺒﺔ ﻤﻨﻪ ،ﻭﺇﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﻘﺒل ﺒﻭﻗﻭﻉ ﺍﻟﺸﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻷﻤـﺭﻴﻥ
ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﺍ ،ﻷﻥ ﻤﺎ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ
ﻟﻴﺱ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﺯﻨﺔ ﺜﻡ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻤﺜل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺼﺎﺩﻓﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺠـﺩ
ﻓﻲ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻀﻁﺭ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻀﻁﺭﺍﺭﺍ ﻓﻼ ﺨﻴﺎﺭ ﻟﻪ ،ﻭﻓﻘﺩ ﺤﺭﻴﺔ
ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺘﻔﻘﺩ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺃﺤﺩ ﺸﺭﻭﻁﻬﺎ ﻤﻤﺎ ﺘﻨﺘﻔﻲ ﻤﻌﻪ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ) (1ﻟﺫﻟﻙ ﻓﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺤﺴﺏ ﻤﺎ ﻋﺭﻓﻪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻫﻭ ﻗﻭﺓ ﻤﺎﺩﻴﺔ ﻤﻬﻤﺎ ﻜـﺎﻥ
ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﻴﺴﺘﺤﻴل ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ ﻓﺘﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺠﺴﻤﻪ ﻭﺘﺤﺭﻜﻬﺎ ﺩﻭﻥ
ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻤﻥ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻤل ﻴﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻜﺎﻵﻟﺔ ﺍﻟﻤﺴﺨﺭﺓ ،ﻭﺒﺎﻟﺘـﺎﻟﻲ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﺠﻌل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻏﻴﺭ ﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ ﺃﻤﺎ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻓـﻼ ﻴﻤﺤـﻭ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﺴﻠﺒﻬﺎ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﺘﺒﺭﺓ
ﻓﻲ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻓﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺒﺨﻼﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻻ ﻴﻌﺩﻡ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﻜ ﺭﻩ ﻭﺇﻨﻤﺎ
ﻴﺠﺭﺩﻫﺎ ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ). (2
50
ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺒﺄﻨﻬﺎ "ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﻅـﺭﻭﻑ ﺘﻬـﺩﺩ ﺸﺨـﺼﹰﺎ
ﺒﺎﻟﺨﻁﺭ ﻭﺘﻭﺤﻲ ﺇﻟﻴﺔ ﺒﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻤﻨﻪ ﺒﺎﺭﺘﻜﺎﺏ ﻓﻌل ﺇﺠﺭﺍﻤﻲ ﻤﻌﻴﻥ"). (1
ﻜﻤﺎ ﻋﺭﻓﻬﺎ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺒﺄﻨﻬﺎ" :ﻅﺭﻑ ﻤﺎﺩﻱ ﺒﻔﻌل ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﺃﻭ ﺒﻔﻌل
ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻤﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﺽ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺃﻭ ﻏﻴﺭﻩ ﻟﺨﻁﺭ ﺤﺎل ﻴﻬﺩﺩ ﺍﻟﻨﻔﺱ
ﻻ ﺴﺒﻴل ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺌﻪ ﺇﻻ ﺒﺎﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻲ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟ ُﻤ ﻬﺩﺩ ﺸﺨﺹ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻨﻔﺴﻪ
ﺘﻌﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻨﺸﺄ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻁﺒﻴﻌﻴﹰﺎ ،ﻭﺇﻻ ﺍﻨﻘﻠﺒﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﻌﻨﻭﻱ" ).(2
ﻭﻋﺭﻓﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺍﻵﺨﺭ ﺒﺄﻨﻬﺎ":ﺤﺎﻟﺔ ﻴﺠﺩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻏﻴﺭﻩ ﻤﻬـﺩﺩﹰﺍ ﺒﺨﻁـﺭ
ﺠﺴﻴﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﺸﻙ ﺍﻟﻭﻗﻭﻉ ﺒﺴﺏ ﻓﻌل ﺨﺎﺭﺠﻲ ﻤﺼﺩﺭﻩ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﻻ ﺴـﺒﻴل
ﻟﺩﺭﺌﻪ ﺇﻻ ﺒﺎﺭﺘﻜﺎﺏ ﻓﻌل ﻤﻜﻭﻥ ﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺘﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺒﺭﻱﺀ"). (3
ﻭﻤﺜﺎل ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻁﺒﻴﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﻴﻥ ﺇﻨﻘﺎﺫﹰﺍ ﻟﺤﻴـﺎﺓ ﺍﻷﻡ ﻓـﻲ
ﻭﻻﺩﺓ ﻋﺴﻴﺭﺓ ،ﺃﻭ ﺃﻥ ﻴﺸﺎﻫﺩ ﺸﺨﺹ ﺒﻨﺎ ﺀ ﺤﺎﺼﺭﺘﻪ ﺍﻟﻨﻴﺭﺍﻥ ﻭﺃﺼﺤﺎﺒﻪ ﺒﺩﺍﺨﻠﻪ ﻓـﻴﺤﻁﻡ
ﺒﺎﺏ ﻤﺴﻜﻥ ﻤﺠﺎﻭﺭ ﻭﻴﺴﺘﻭﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻤﻠﻭﻙ ﻟﺤﺎﺌﺯﻩ ﻭﻴﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﺇﻁﻔﺎﺀ ﺍﻟﺤﺭﻴﻕ،
ﺃﻭ ﺃﻥ ﻴﺠﺭﻱ ﻤﻤﺭﺽ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺠﺭﺍﺤﻴﺔ ﻟﺸﺨﺹ ﻴﻬﺩﺩﻩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﻴﺴﺘﺤﻴل ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻻﺴﺘﻌﺎﻨﺔ ﺒﻁﺒﻴﺏ). (4
ﻭﺘﻌﻭﺩ ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺃﻴﻀﹰﺎ -ﻻ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﻓﺤﺴﺏ – ﺇﻟﻰ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻗﺩﻴﻤﺔ ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻭﻥ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻴﻘﺎل ﺒﺄﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻻ ﻴﻌﺩ ﺴﺎﺭﻗﹰﺎ ﺃﺫﺍ ﺴﺭﻕ
ﻓﻲ ﻤﺠﺎﻋﺔ ﺭﻏﻴﻔﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺒﺯ ﻴﺩﻓﻊ ﺒﻪ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺨﻁﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺠﻭﻋﹰﺎ ،ﻭﻋﻠـل ﺍﻟـﺒﻌﺽ
ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﺒﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻷﻥ ﻤﻥ ﺸﺭﻭﻁ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ
ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺍﻟﺸﺎﺌﻊ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩﺓ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺸﺭﻜﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺒﺯ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻠﻜـﻪ
ﺃﺤﺩﻫﻡ ﻭﺤﺩﻩ ،ﺜﻡ ﻅﻬﺭﺕ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ
) (1ﻤﺤﺴﻥ ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻲ ﻭﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻭﻀـﻌﻲ،
ﺹ.40
) (2ﺍﻟﺭﺠﺒﻭ ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﺹ 18ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (3ﺁل ﻤﻌﺠﻭﻥ ،ﺨﻠﻭﺩ ﺴﺎﻤﻲ ﻋﺯﺍﺭﺓ ،1984 ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻺﺒﺎﺤﺔ – ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﻪ ،ﺭﺴﺎﻟﺔ
ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﺭﻗﻡ 267ﺹ.384
) (4ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ،ﻨﻅﺎﻡ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.412
51
ﻋﺸﺭ ﻭﻫﻲ ﺃﻋﻡ ﻤﻥ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﺒﻤﻘﺘﻀﺎﻫﺎ ﺃﻥ ﻜل ﻤﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻀﺭﻭﺭﺓ
ﺒﻔﻘﺩ ﺤﺭﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻓﻼ ﻴﺨﻀﻊ ﺇﻻ ﻟﻐﺭﻴﺯﺓ ﺤﺏ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻗـﺩ ﺘﻭﺠﻬـﻪ ﻨﺤـﻭ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻭﻗﺩ ﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﻌﻠﻴل ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺸﻴﻭﻉ ﺍﻻﻋﺘﻘـﺎﺩ
ﺒﺄﻥ ﻟﺩﻯ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺤﺭﺓ ﺘﻭﺠﻬﻪ ﺤﻴﺜﻤﺎ ﺸﺎﺀﺕ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺴﻠﺒﺕ ﻤﻨﻪ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻼ ﻤﺤـل
ﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺘﻪ ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻜﺎﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺴﻠﺒﻬﺎ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﺃﻡ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ). (1
ﺠﺭﻯ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺼﻔﻲ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﺘـﺭﺍﺩﻓﻴﻥ،
ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤل ﺃﻴﻬﻤﺎ ﻤﺤل ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴـﺭ ﻷﻥ ﺃﺭﻜﺎﻨﻬـﺎ
ﻤﺘﺩﺍﺨﻠﺔ ﻭﺇﺜﺭﻫﻤﺎ ﻭﺍﺤﺩ ﻫﻭ ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘـﻪ ﺇﻟـﻰ
ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺼﻭﺭﺓ ﺨﺎﺼﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻴﻤﻴﺯﻩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒـﺎﻟﺨﻁﺭ
ﻋﻥ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺒﻘﺼﺩ ﺤﻤل ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﻤﺴﻠﻙ ﺇﺠﺭﺍﻤﻲ ﻤﻌﻴﻥ). (2
ﻭﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺍﻵﺨـﺭ -ﻭﺒﺤـﻕ -ﺇﻟـﻰ ﺃﻥ ﺜﻤـﺔ ﺍﺨﺘﻼﻓـﹰﺎ ﻭﻓﺭﻭﻗـﹰﺎ ﺒـﻴﻥ
ﺍﻻﺼﻁﻼﺤﻴﻥ) (3ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺇﺠﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻠﻲ:
ﺃﻭﻻ :ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ :ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﺼﺩﺭ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ ﻋﻥ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺒﻘﺼﺩ ﺤﻤل ﻏﻴـﺭﻩ
ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﺎﻟﻐﺎﻟﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﻅﺭﻭﻑ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﺘـﺩﻓﻊ
ﺇﻟﻰ ﺴﻠﻭﻙ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﻓﻌل ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺃﻭﺠﺩ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺎﻭل
ﺍﻟﻤﻀﻁﺭ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻤﻨﻪ ﺃﻭ ﺇﻨﻘﺎﺫ ﻏﻴﺭﻩ ﻤﻨﻪ ) (4ﺃﻭ ﻋﻤل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ). (5
ﺜﺎﻨﻴﺎ :ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ:
ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻨﺠﺩ ﺍﻟﻤﻜ ﺭﻩ ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺇﻻ ﺍﻟﺴﻴﺭ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ ﺍﻟﺘـﻲ
ﺤﺩﺩﻫﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﻜ ِﺭﻩ ،ﻭﻻ ﻗﺒل ﻟﻪ ﺒﺭﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﺇﻻ ﺒﺎﺭﺘﻜـﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺒـﺔ
52
ﻭﺍﻟﻤﺤﺩﺩﺓ ﻟﻪ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻋﺎﺌﺩ ﻟﻤـﻥ ﻜـﺎﻥ ﻓـﻲ ﺤﺎﻟـﺔ
ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﻓﻠﻪ ﺃﻥ ﻴﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﺍﻫﺎ ﻟﻴﺘﻤﻠﺹ ﻤﻥ ﻤﺄﺯﻕ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻠﺠﺌﺔ ﻟﻪ،
ﻓﺎﺨﺘﻴﺎﺭﻩ ﻫﻨﺎ ﺃﻭﺴﻊ ﻭﺃﺸﻤل ،ﻭﺃﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤـﺎﻟﺘﻴﻥ ﻴـﺅﺩﻱ ﺩﻓـﻊ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﺃﻭ ﺩﻓـﻊ
ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻠﺠﺌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻗﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ). (1
ﺜﺎﻟﺜﺎ :ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﻤﻥ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ:
ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺇﻥ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻜ ﺭﻩ ﺘﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺀ ﺨﻁـﺭ ﻴﻬـﺩﺩ ﺍﻟﻤﻜـﺭ ﻩ
ﺸﺨﺼﻴﺎﹰ ،ﻭﺃﻤﺎ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﻘﺩ ﻴﺴﻌﻰ ﻓﺎﻋﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺀ ﻀﺭﺭ ﻻ ﻴﻬﺩﺩﻩ ﺸﺨـﺼﻴﹰﺎ
ﻼ
ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻬﺩﺩ ﺍﻟﻐﻴﺭ ،ﻭﺃﻨﻪ ﺤﻴﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺍﻟﻤﺩﻓﻭﻉ ﺒﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﻌـ ﹰ
ﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻴﺘﻌﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌل ﻤﻭﺠﻬﹰﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺭﺘﻜﺒـﺕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ ﺩﻓﻌـﹰﺎ
ﻟﻠﻀﺭﺭ ﻋﻨﻪ ،ﻷﻨﻪ ﺃﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻭﺠﻬﹰﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻴﻜﻭﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﻌﻨﻭﻱ،
ﻓﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﺘﻤﻴﺯ ﺒﻜﻭﻨﻬﺎ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺘﺼﻴﺏ ﺸﺨﺼﹰﺎ ﺒﺭﻴﺌﹰﺎ ﺩﻓﻌﹰﺎ ﻟﻀﺭﺭ ﺠﺴﻴﻡ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺘﻬﺩﺩ ﺒﻪ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺸﺨﺼﹰﺎ ﻏﻴﺭﻩ ،ﺃﻭ ﻴﻬﺩﺩ ﺒﻪ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻤـﺎ،
ﺸﺨﺼﹰﺎ ﺃﺨﺭ ﻏﻴﺭ ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟـﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺘﺼﻴﺏ ﺸﺨﺼﹰﺎ ﺒﺭﻴﺌﹰﺎ). (2
ﺭﺍﺒﻌﺎ :ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ:
ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻭﺠﺩ ﺸﺨﺹ ﻤﺴﺅﻭل ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﻫﻭ ﻤﻥ ﺼﺩﺭ ﻋﻨـﻪ
ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻭﺘﻘﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜ ِﺭﻩ ﻭﺤﺩﻩ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟـﻀﺭﻭﺭﺓ ﻻ ﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻤﺎﻟﻪ ﺃﻭ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺃﻭ ﻤﺎﻟﻪ ،ﺒﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﻁﺎﻟﻤـﺎ
ﺃﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﺘﺴﺒﺒﹰﺎ ﻓﻲ ﺇﻴﺠﺎﺩ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﺒﺸﺭﻁ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻔﻌـل ﻤﺘﻨﺎﺴـﺒﹰﺎ ﻤـﻊ
ﺍﻟﺨﻁﺭ). (3
53
ﺨﺎﻤﺴﺎ :ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋﻤﺩﹰﺍ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺍﻭ ﺍﻟﻘـﻭل
ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻤﻨﻪ ،ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﻼ ﻴﻠﺯﻡ ﺫﻟﻙ ﺒل ﻴﻤﻜـﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﻴـﻕ ﺍﻟﺨﻁـﺭ
ﺒﺸﺨﺹ ﺁﺨﺭ ،ﻜﻤﻥ ﻴﻜﺴﺭ ﺒﺎﺒﹰﺎ ﻹﻨﻘﺎﺫ ﻤﻥ ﺒﺩﺍﺨﻠﻪ). (1
) (1ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.84
) (2ﺤﻤﺎﺩﺓ ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺹ .5
) (3ﻤﺸﺎﺭ ﺍﻟﻴﻪ ﻟﺩﻯ :ﺤﺴﻨﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ ، ،548ﻭﻴﻨﺘﻘﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴل ﻭﻴﺭﻯ
ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻲ ﻤﺘﻭﺍﻓﺭ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﺘﻬﻤﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺇﺴﻨﺎﺩ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﻭﻨﺤﻥ
ﻨﺅﻴﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﺎﻟﻘﺼﺩ ﻤﺘﻭﺍﻓﺭ ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﻬﻤﺔ ﻟﻡ ﺘﻨﻌﺩﻡ ﺒل ﻀﺎﻕ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻫﺎ.
54
ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ (1) :ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﺒﺤﺴﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻫﻭ ﻋﺫﺭ ﻤﻌﻔﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ،
ﻭﻻ ﻴﻨﻔﻲ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻨـﺎﺩﻴﻥ ﺒـﻪ ﻻ ﺘﺨﻠـﻭ
ﺤﺠﺠﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ،ﻓﺤﻴﻥ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺒﺄﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻻ ﻴﻨﻔﻲ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ،
ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻀﻤﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻹﺜﻡ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺇﺫﺍ ﺒﻬﻡ ﻴﻠﺘﻤﺴﻭﻥ ﻟـﻪ ﺍﻹﻋﻔـﺎﺀ ﻤـﻥ
ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﻟﻭ ﻭﺠﺩ ﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤ ﹸﻜﺭﻩ ﻷﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ ﻤﺜﻠﻤـﺎ
ﺍﺭﺘﻜﺒﻬﺎ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﺍﻨﺘﻔﺎﺀ ﺍﻹﺜﻡ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻔﺎﻋل ،ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻨﻪ ﺇﻤﺎ ﺃﻥ
ﻴﺤّﻤل ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺒﺎﻹﺜﻡ ،ﺃﻭ ﺃﻥ ﻴﺭﺘﻔﻊ ﻋﻨﻪ ،ﻓﻼ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺁﺜﻤﹰﺎ ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﺁﺜﻡ ﻓـﻲ ﺁﻥ
ﻭﺍﺤﺩ.
ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ :ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﻤﻨﻊ
ﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﻤ ﹸﻜﺭﻩ ﻋﻥ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺘﺎﻫﺎ ﺘﺤﺕ ﻭﻁﺄﺓ ﺍﻟﻀﻐﻁ ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴـﺩ ،ﻟﻜـﻥ ﻻ ﻴﻤﻜـﻥ
ﺍﻻﺴﺘﻨﺎﺩ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻷﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﺇﻴﺠﺎﺩ ﻋﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﻓﻜﺭﺓ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻻ ﺘﻌﺩﻭ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺃﻭ ﻭﺼﻔﹰﺎ ﻴﺘﻭﺍﻓﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻤﺘﻰ ﺜﺒﺕ
ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻜﺎﻥ ﻤﺘﻤﺘﻌﹰﺎ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴـﺯ ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺘﻨﺘﻔـﻲ
ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻤﺘﻰ ﺍﻨﺘﻔﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺃﻭ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤ ﹸﻜﺭﻩ ﻤﺘﻤﺘﻊ ﺒﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ،ﻟﻜﻥ ﺤﺭﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻫﻲ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘـﻀﻴﻕ،
ﻓﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻨﺎل ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﻴﻘﺘﺼﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻋﻠـﻰ ﻤﻭﻗـﻑ ﺒﻌﻴﻨـﻪ
ﻭﻴﺘﻤﺜل ﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺴﻠﻭﻙ ﻤﺤﺩﺩ ،ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻓﻬﻭ ﻻ ﻴﻔﻘﺩ ﺍﻟﻤ ﹸﻜﺭﻩ ﺃﻫﻠﻴﺘﻪ ﺒل ﻴﻅل ﺭﻏﻡ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
ﻼ ﻟﺘﺤﻤل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ). (2
ﺃﻫ ﹰ
ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ :ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻌﺩﻡ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ،
ﻫﻭ ﺃﻨﻪ ﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻟﻌﺩﻡ ﺘﻭﺍﻓﺭ ﺸﺭﻭﻁ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﻓﻼ
ﻼ ﻟﺘﺤﻤل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ ﻭﺃﻥ ﺘﻨـﺼﺭﻑ
ﻴﻜﻔﻲ ﻟﺘﺄﺜﻴﻡ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻫ ﹰ
ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺭﻤﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﻭ ﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ،
ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻠﺯﻡ ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻗﺩ ﺒﺎﺸﺭ ﻨﺸﺎﻁﻪ ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﻁﺒﻴﻌﻴـﺔ
ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺴﻤﺢ ﺒﺘﻜﻭﻴﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻋﻴﺔ ﺤﺭﺓ ،ﻭﻤﻥ ﺒﺎﺸﺭ ﺠﺭﻴﻤﺘﻪ ﺘﺤﺕ ﻭﻁﺄﺓ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
55
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﺒﺎﺸﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﺸﺎﺫﺓ ﻻ ﺘﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺒﺘﻜﻭﻴﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺤﺭﺓ ﻓﻴﻨﺘﻔﻲ ﺍﻹﺜﻡ ﻭﻴﻨﺘﻔﻲ
ﺍﻟﺨﻁﺄ ﺃﻭ ﺍﻹﺴﻨﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﻨﺘﻔﻲ ﺒﻪ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ). (1
ﻭﻨﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﺴﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﺨـﺘﻼل ﺃﺤـﺩ
ﺸﺭﻭﻁﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻟﻜﻥ ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﻴﺼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻘﻭل ﻓﻴـﻪ ﺒﺎﻨﻌـﺩﺍﻡ
ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺇﺫ ﺃﻥ ﻗﺼﺩ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻤﺘﻭﺍﻓﺭﹰﺍ ﺩﻓﻌﹰﺎ ﻟﻠﻀﺭﺭ ﺍﻟﻨﺎﺠﻡ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ.
ﻭﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﻗﺩ ﺘﻌﺭﻀﺕ ﻟﻠﻨﻘﺩ ﻤـﻥ ﺃﺼـﺤﺎﺏ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫـﺎﺕ
ﺍﻷﺨﺭﻯ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻪ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻴﺫﻫﺏ ﺇﻟـﻰ ﺍﻋﺘﺒـﺎﺭ ﺃﻥ
ﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻴﺭﺠﻊ ﺃﺴﺎﺴﹰﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﺠﻰ ﻤﻥ ﺍﻹﻋﻔﺎﺀ
ﻭﺍﻨﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﻔﺎﺌﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﻷﻥ ﻤﻥ ﻴﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﻻ ﻴـﺴﺘﺤﻕ
ﺍﻟﻤﺅﺍﺨﺫﺓ ﺃﻴﹰﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺠﻨﺎﻴﺔ ﺃﻭ ﺠﻨﺤﺔ ﺃﻭ ﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻟﺘـﺄﺜﻴﺭ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﻓـﻲ
ﻋﻨﺼﺭ ﻤﻥ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﻫﻭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻓﻬﻭ ﻴﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺃﻱ
ﻴﺤﻭل ﺩﻭﻥ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻗﺎﻡ ﺒﻪ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻟﻤﺎﻨﻊ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺄﺨﺫ ﺒﻪ
ﻜل ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻥ). (2
ﻭﺍﻟﺠﺩﻴﺭ ﺒﺎﻟﺫﻜﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺃﻋﺘﺒﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻌﻘـﺎﺏ ،ﻓﻬـﺫﻩ
ﺍﻟﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺩّﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺘﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﻭﻻ ﺘﻤﻨﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺤﺩﻩ ،ﻭﻫﻜﺫﺍ
ﻻ ﻭﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻤـﻀﻤﻭﻨﻪ ﻤـﻥ ﺍﺼـﻁﻼﺡ
ﻓﺈﻥ ﺍﺼﻁﻼﺡ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺸﻤﻭ ﹰ
ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ.
56
ﺍﻟﻔﺼل ﺘﺤﻤل ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ "ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒـﺫﺓ ) (2ﻤﻨـﻪ ﺘﺤﻤـل
ﻋﻨﻭﺍﻥ "ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ".
ﻴﺘﻀﺢ ﻤﻤﺎ ﺘﻘﺩﻡ ﺃﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻗﺩ ﺫﻜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻨﻭﻋﻴـﻪ ﺒـﺎﻟﻨﺹ
ﺍﻟﺼﺭﻴﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻨﻪ ﺃﻤﺎ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﻓﻠﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻟـﻨﺹ ﺍﻟـﺫﻱ
ﺘﻀﻤﻨﺘﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (61ﻤﻨﻪ ﺃﻱ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺀ
ﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻟﻡ ﻨﺠﺩ ﺨﻼﻓﹰﺎ ﺤﻭل ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺼﻭﺭﺓ ﻤﻥ ﺼـﻭﺭ
ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ).(1) (61
ﻭﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ ﻫﻨﺎﻟﻙ ﻤﻥ ﻴﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺇﻟﻰ ﺇﺨﻀﺎﻉ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ ﻟـﻨﻔﺱ
ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻤﻊ ﺨﻼﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﻟﻭل ،ﻭﻴﺫﻜﺭ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻨﺠﻴﺏ ﺤـﺴﻨﻲ
ﻓﻲ ﺸﺭﺤﻪ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ ) (227ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ،ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻗﺩ ﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ،ﻭﻴﻌﻨﻲ ﺒـﺫﻟﻙ ﺃﻨـﻪ
ﻴﺸﺘﺭﻁ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻓﻌﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ
ﻤﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻏﻴﺭ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺩﻋﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺘﻭﻗﻊ ﺘﻌﺭﻀﻪ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﻜـﻥ ﻫـﺫﻴﻥ
ﺍﻟﺸﺭﻁﻴﻥ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﺃﻥ ﻴﻔﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﺤﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻬﻤﺎ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﺒﺎﻟﻨﻅﺭ
ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﺒﻴﻥ ﻨﻭﻋﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ :ﻓﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻌـﺩﻡ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻴﺠﻌل ﻤﻥ ﺠﺴﻡ ﺍﻟﺨﺎﻀﻊ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺃﺩﺍﺓ ﻤﺴﺨﺭﺓ ﻓﻲ ﻴﺩ ﺍﻟ ُﻤﻜـ ِﺭﻩ ،ﻟـﺫﻟﻙ ﻨﻔﻬـﻡ
ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻤﻁﻠﻕ ﺒﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﻁ ﻤﺤل ﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺔ
ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻓﻼ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻴﻨﻔﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﺤﺭﻴﺘﻬـﺎ
ﻭﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﻓﺤﺴﺏ ﻭﻟﺫﻟﻙ ﺘﻔﻬﻡ ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﻭﻓﻕ ﻤﺩﻟﻭل ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻻ ﻭﻓﻕ
ﻤﺩﻟﻭل ﻤﺎﺩﻱ ،ﻓﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻏﻴﺭ ﺍﻻﺴﺘﻁﺎﻋﺔ -ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻠﻐﺭﺍﺌﺯ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﻤﺸﺎﻋﺭ
ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﻲ ﺃﻭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺩ – ﺘﺤﻤل ﺍﻷﺫﻯ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﺩ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻪ ﻨﻅﻴﺭ
)(2
ﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻓﻊ ﺫﻟﻙ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺇﻟﻴﻪ
) (1ﻤﺤﺴﻥ ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ 45ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ،ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ :ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ،
ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ 104ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (2ﺤﺴﻨﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ،ﺹ 705ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
57
ﻟﻘﺩ ﺃﻭﺭﺩﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﻨﺼﻬﺎ ﻀﻭﺍﺒﻁ ﻤﻌﻴﻨـﺔ
ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ،ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻤﻜﻥ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﺴﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ ،ﺭﻏـﻡ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻟﻡ ﻴﺸﺭ ﻟﻬﺎ ﺼﺭﺍﺤ ﹰﺔ ﻓﻲ ﻤﺘﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺇﻻ ﺇﻨﻨـﺎ ﻨﻼﺤـﻅ ﺃﻥ ﺍﻟـﺸﺭﻭﻁ
ﺍﻟﻭﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ﺘﻨﻁﺒﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ
ﺘﻔﺭﻴﻕ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻫﻲ:
.1ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﺘﻜﺏ ﻀﺭﻭﺭﻴﹰﺎ ﻟﻠﻭﻗﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻁﺭ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ.
.2ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺒﺎﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻓﻘﻁ.
.3ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺩﺨل ﻓﻲ ﺤﻠﻭل ﺨﻁﺭ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ.
.4ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻤﻨﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺃﻭ ﺩﻓﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻭﺴﻴﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻏﻴـﺭ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ.
ﻭﺴﻭﻑ ﻨﻘﻭﻡ ﺒﺒﺤﺙ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺘﺒﺎﻋﹰﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ.
58
ﻭﻴﻌﺩ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺠﺴﻴﻤﹰﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺫﺭ ﺒﻀﺭﺭ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺒل ﻟﻺﺼﻼﺡ ﺃﻭ ﻴﻐﻠﺏ ﺍﺤﺘﻤـﺎل
ﻋﺩﻡ ﻗﺎﺒﻠﺘﻴﻪ ﻟﻺﺼﻼﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻗﺎﺒﻠﻴﺘﻪ ﻟﻪ ﺃﻭ ﻴﺘﺴﺎﻭﻯ ﺍﻻﺤﺘﻤﺎﻻﻥ ،ﺃﻤـﺎ ﺇﺫﺍ ﻜـﺎﻥ
ﺍﺤﺘﻤﺎل ﺇﺼﻼﺤﻪ ﺃﺭﺠﺢ ﻤﻥ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻜﻭﻨﻪ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺒل ﻟﻺﺼﻼﺡ ،ﻓﺎﻟﺨﻁﺭ ﻏﻴﺭ ﺠـﺴﻴﻡ،
ﻭﺘﻁﺒﻴﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻀﺎﺒﻁ ﻴﻘﺘﻀﻲ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻅﺭﻭﻑ ﻜل ﺤﺎﻟﺔ ﻭﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﻭﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻤﻬﺩﺩ
ﺒﻪ ﻭﻤﺩﻯ ﻤﺎ ﺘﺒﻌﺜﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﻤﻥ ﺃﻤل ﻓﻲ ﺇﺼﻼﺤﻪ ). (1
ﺘﻁﺒﻴﻘ ﹰﺎ ﻟﺫﻟﻙ ﻗﻀﺕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻷﺭﺩﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭ ﻟﻬﺎ:
" ﺇﺫﺍ ﺘﻭﺼﻠﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻅﻨﻴﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﻘﻑ ﺒﺴﻴﺎﺭﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﻤل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻤﺎﻡ
ﺍﻟﻔﻨﺩﻕ ﻓﻼ ﻴﺼﺢ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﻭﺠﻭﺩﹰﺍ ﺒﻅﺭﻭﻑ ﺘﺠﻠﺏ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ،ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻋـﺩﻡ
ﺍﻤﺘﺜﺎﻟﻪ ﻹﺸﺎﺭﺓ ﺭﺠﺎل ﺍﻷﻤﻥ ﺒﺎﻟﻭﻗﻭﻑ ﺒﺴﻴﺎﺭﺘﻪ ﻷﻥ ﺃﺤـﺩ ﺍﻷﺸـﺨﺎﺹ ﺍﻟـﺫﻴﻥ ﻜـﺎﻨﻭﺍ
ﺒﺴﻴﺎﺭﺘﻪ ﻴﻬﺩﺩﻩ ﺒﻤﻭﺱ ﻴﻀﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺨﺎﺼﺭﺘﻪ ﻴﺠﻌﻠﻪ ﻤـﺸﻠﻭل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻴﻜـﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜـﻡ
ﺒﺈﺩﺍﻨﺘﻪ ﻋﻨﺩ ﺫﻟﻙ ﻤﺨﺎﻟﻑ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ " ). (2
ﻴﺘﺒﻴﻥ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻅﻨﻴﻥ ﻗﺩ ﺃﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺘﺘﻤﺜل ﻓـﻲ ﻋـﺩﻡ ﺍﻻﻤﺘﺜـﺎل
ﻹﺸﺎﺭﺓ ﺭﺠﺎل ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺒﺴﺒﺏ ﻭﻗﻭﻉ ﺘﻬﺩﻴﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺘﻔﺎﺩﺍﻩ ،ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ
ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺼﻴﺒﻪ ﻫﻭ ﺤﺩﻭﺙ ﺠﺭﻭﺡ ﻗﺩ ﺘﺅﺩﻱ ﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻓﻘﺩ ﻜـﺎﻥ
ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻤﻭﺠﻪ ﻟﻠﻅﻨﻴﻥ ﺨﻁﺭ ﺠﺴﻴﻡ ﻭﻫﺫﺍ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺸﺭﻁ ﻻﺯﻡ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻌﻨـﻰ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﻭﺘﻭﺠﻴﻪ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻅﻨﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ.
ﻭﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭ ﺁﺨﺭ ﻟﻬﺎ ﻗﻀﺕ " :ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯ ﺒﺄﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻨﻘل ﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﻋﺴﻜﺭﻴﺔ ﻟﺩﻭﻟﺔ
ﺃﺠﻨﺒﻴﺔ ﺒﻭﻋﻲ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﻭﺴﻌﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺘﺠﻨﻴﺩ ﺃﺤﺩ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻘﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻐﺎﻴـﺔ
ﻴﻭﻓﺭ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﺍﻟﺠﺭﻤﻲ ﺒﺈﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺒﺄﻤﻥ ﻭﺴﻼﻤﺔ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﺸﻤﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﺃﻥ
ﺇﻓﺸﺎﺀ ﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺴﺭﻴﺔ ﻴﺸﻜل ﺠﺭﻤﹰﺎ ﺨﻼﻓﹰﺎ ﻹﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺃﺴﺭﺍﺭ
ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺸﺄﻥ ﺇﻓﺸﺎﺌﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺸﻜل ﺃﻭ ﻴﺤﺘﻤل ﺃﻥ ﺘﺸﻜل ﺨﻁﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻭﻻ
) (1ﺤﺴﻨﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ،ﺹ 712ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ،ﻭﺃﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺒﺎﺼﻬﻴﺏ،
ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺃﺤﻤﺩ ،2003 ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻤﺎﺠﺴﺘﻴﺭ ،ﺠﺎﻤﻌـﺔ
ﻋﺩﻥ ،ﺹ.111
) (2ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺠﺯﺍﺀ ﺭﻗﻡ 98/65ﻫﻴﺌﺔ ﺨﻤﺎﺴﻴﺔ ﺘﺎﺭﻴﺦ 1998/3/30ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﻤﺭﻜﺯ ﻋﺩﺍﻟﺔ.
59
ﻴﺭﺩ ﻗﻭل ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﺘﺤﺕ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﻀﻐﻁ ﻤﺎﺩﻱ ﻭﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺇﻜﺭﺍﻩ ﺠﺴﻴﻡ ﻭﻋﻠﻰ ﻓﺭﺽ
ﺼﺤﺔ ﺫﻟﻙ ﻓﺄﻨﻪ ﻭﺒﻤﺠﺭﺩ ﺩﺨﻭﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ" ). (1
ﻭﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺅﺨﺫ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴـﺩ ﺠـﺴﺎﻤﺔ ﺍﻟﺨﻁـﺭ ﻫـﻭ ﺍﻟﻤﻌﻴـﺎﺭ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺅﺩﻱ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﻀﻊ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻔﺼل ﻓﻲ
ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻀﺔ ﻋﻠﻴﺔ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻡ ﻓﻲ ﺫﻫﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻟﺤﻅﺔ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺃﻭ
ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ،ﻤﺭﺍﻋﻴﹰﺎ ﻷﺤﻭﺍﻟﻪ ﻭﻅﺭﻭﻓﻪ ﺍﻟﺨﺎﺼـﺔ ،ﻭﺤﺎﻟﺘـﻪ
ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﻭﻤﺠﻤﻭﻉ ﻗﻴﻤﺔ ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻤﺎﺘﻪ ،ﻭﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻼﺒﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒـﻪ ﻭﻗـﺕ
ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﺒﺭﺓ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﻜﺭﻫﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﺘﺄﺜﻴﺭﻫﺎ
ﻓﻲ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤ ﹸﻜﺭﻩ). (2
) (1ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺠﺯﺍﺀ ﺭﻗﻡ 1996/176ﻫﻴﺌﺔ ﺨﻤﺎﺴﻴﺔ ﺘﺎﺭﻴﺦ ، 1996/3/27ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺼﻔﺤﺔ
2034ﻤﻥ ﻋﺩﺩ ﻤﺠﻠﺔ ﻨﻘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻴﻥ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ .1996/1/1
) (2ﺍﻨﻅﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ :ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.116
60
ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻭﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻭﻗﻊ ﻫﻭ ﺍﻻﺴﺘﻁﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﻨﻰ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻐﺎﻟـﺏ ﻤـﻥ
ﺍﻷﻤﻭﺭ). (1
ﻭﺘﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (61ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﻤﺼﺭﻱ ﻓﻲ ﺸﻁﺭﻫﺎ ﺍﻷﻭل ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ" ﻻ ﻋﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ
ﻤﻥ ﺃﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺃﻟﺠﺄﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺒﻬﺎ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﻗﺎﻴﺔ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻏﻴﺭﻩ ﻤﻥ ﺨﻁﺭ ﺠﺴﻴﻡ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ" ،ﻓﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻭﺤﺭﻓﻴﺘﻬﺎ ﻨﺠﺩ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻟﻠﻨﻔﺱ ﺃﻭ
ﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﻐﻴﺭ ،ﻜﻤﺎ ﺇﻨﻬﺎ ﻗﺼﺭﺕ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻤﺴﺘﺒﻌﺩﺓ ﺒـﺫﻟﻙ
ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎل.
ﻭﻟﻘﺩ ﺘﺒﺎﻴﻨﺕ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﺩﻟﻭل ﻟﻔﻅ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩ ﻓـﻲ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ،ﻫل ﻴﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻀﻴﻕ ،ﻓﻼ ﻴـﺸﻤل ﺇﻻ ﺍﻟﺤـﻕ ﻓـﻲ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﺃﻭ
ﺍﻟﺠﺭﻭﺡ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ؟ ﺃﻭ ﻴﻤﺘﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻙ ﺒﺘﻔﺴﻴﺭ ﻭﺍﺴﻊ ﻓﻴﺸﻤل ﺤﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ
ﺴﻼﻤﺔ ﺍﻟﺠﺴﻡ ،ﻭﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﻭﺍﻟﻌﻔـﺎﻑ ﻭﺍﻟـﺸﺭﻑ؟
ﻭﻟﻌل ﺍﻟﺸﻕ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺴﺎﻟﻑ ﻭﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﺎﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﻭﺍﺴﻊ ﻭﻫﻭ ﺭﺃﻱ ﺠﻤﻬـﻭﺭ
ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ،ﻫﻭ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺒﺎﻷﺘﺒﺎﻉ ). (2
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺨﻼﻑ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺤﻭل ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻗﺩ ﻗـﺼﺭ
ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻥ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﻭﻫﻤﺎ ﺇﻴﻘـﺎﻉ
ﺍﻟﻘﺘل ﺃﻭ ﺍﻷﺫﻯ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﻓﻘﻁ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻷﺨـﺭﻯ ﺍﻟﻠـﺼﻴﻘﺔ
ﺒﺎﻟﻨﻔﺱ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻜﺤﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺭﻴـﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﻋﺘﺒـﺎﺭ
ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﻨﺼﺒﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻤﻥ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻤﺎل؟
ﻴﺭﻯ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﺩﺙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻘﻊ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﻨﻔﺱ ﺃﻭ
)(3
ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﻴﺭﻯ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺍﻷﺨـﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎل ﻭﺘﻭﻗﻊ ﺤﺼﻭل ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻌﺎﺠل ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ
) (1ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ 410ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺒﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻴﻀﹰﺎ :ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،
ﺸﺭﺡ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ .556
) (2ﻤﺤﺴﻥ ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ ،93ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ،ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻟﻠﺘﻔـﺼﻴل
ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤـﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ،ﺹ 106ﺇﻟـﻰ
ﺹ.113
) (3ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.396
61
ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻗﺼﺭ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﻘﺘل ﺃﻭ ﺍﻷﺫﻯ ﺍﻟﺠـﺴﻤﺎﻨﻲ
ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﺩﻭﻥ ﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻜﺤﻕ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﻋﺘﺒـﺎﺭ،
ﻓﺎﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﻟﺫﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺩﺡ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﺭ ﺃﻥ ﻟﻡ ﻴﻘﻡ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺒﺎﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻻ ﻴﻌﺩ ﺇﻜﺭﺍﻫـﹰﺎ
ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻤﺎﻨﻌﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻨﻨﺎ ﺨﻼﻓـﹰﺎ ﻟﻠﻘـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤـﺼﺭﻱ ﻤـﺜﻼﹰ،
ﻭﻴﺴﺘﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺤﻴﻨﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻨﺼﺒﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜـﺎﺏ
ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎل ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨـﻲ ﺍﺭﺘـﺄﻯ ﺃﻥ ﺤـﺭﺹ
ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺎﻟﻪ ﻻ ﻴﺭﻗﻰ ﺇﻟﻰ ﺤﺭﺹ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻴﺸﺘﺭﻁ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ
ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻭﺠﻬﹰﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺫﺍﺘﻪ ﺒﺈﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺒـﻪ ﻭﻟـﻴﺱ
ﺒﺈﻴﻘﺎﻋﻪ ﺒﺄﻱ ﺸﺨﺹ ﺁﺨﺭ ،ﻜﺎﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﺭﺘﻜﺎﺏ ﺠﺭﻡ ﻀﺩ ﺯﻭﺝ ﺃﻭ ﺃﺏ ﺃﻭ ﺃﺥ ﻟﻪ ﻻ ﻴﻌـﺩ
ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻤﺎﻨﻌﹰﺎ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺨﻼﻓﹰﺎ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﻭﻏﻴﺭﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ
ﺍﻷﺨﺭﻯ). (1
ﻭﻨﺤﻥ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﹰﺎ ﻨﺅﻴﺩ ﻭﺠﻬﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻫﺫﻩ ﻜﻭﻥ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻤـﺴﺘﻤﺩ
ﻤﻥ ﺼﺭﺍﺤﺔ ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ) (88ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺩﺜﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
ﺒﺎﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻌﺎﺠل ﺃﻭ ﺘﻌﻁﻴل ﻋﻀﻭ ﻤﻥ ﺃﻋـﻀﺎﺌﻪ ﺒـﺼﻭﺭﺓ
ﻤﺴﺘﺩﻴﻤﺔ ﻭﻟﻴﺱ ﺃﻱ ﻋﻀﻭ ﻤﻥ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻏﻴﺭﻩ ،ﻭﻴﺅﻴﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﻴـﻀﹰﺎ ﻨـﺹ ﺍﻟﻤـﺎﺩﺓ)(89
ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﻀﺭﻭﺭ ﺃﻭ ﻏﻴـﺭﻩ ﺃﻭ
ﻤﻠﻜﻪ ﺃﻭ ﻤﻠﻙ ﻏﻴﺭﻩ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻟﻭ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﻓـﻲ ﺤﺎﻟـﺔ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻫﻭ ﺸﺨﺹ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺘﺸﻤل ﺍﻟﻤﺎل ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻟﻤﺎ ﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﺫﻜـﺭ ﺫﻟـﻙ
ﺼﺭﺍﺤﺔ ﺃﺴﻭﺓ ﺒﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﺍﺠﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺤﺎل ﺼﺭﺍﺤﺔ
ﺍﻟﻨﺹ ،ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﻤﻨﺘﻘﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺭﻋﻨﺎ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﻤﺎﺩﺓ )(88
ﺍﻗﺘﺼﺭﺕ ﻓﻲ ﻨﺼﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﺩ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻭﻟﻡ ﺘﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﺩ
ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺼﻠﻪ ﻗﺭﺍﺒﺘﻪ ﺒﺎﻟﻔﺎﻋل ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﺩ ﺍﻟﻤـﺎل ﻤﻬﻤـﺎ
ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻴﻤﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺎل ﻭﻴﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻓﺎﻟﺨﻁﺭ ﻴﻌـﺩ
ﻤﻬﺩﺩﹰﺍ ﻟﻠﻨﻔﺱ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺫﺭ ﺒﻭﻗﻭﻉ ﺍﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻭ ﺴﻼﻤﺔ ﺍﻟﺠﺴﻡ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ
ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺃﻭ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ،ﻓﻴﺘﻌﻴﻥ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﻨﻔﺱ ﺘﻔـﺴﻴﺭﹰﺍ
) (1ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ ،556ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
62
ﻭﺍﺴﻌﹰﺎ ﺒﺘﻌﺩﻴل ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺃﺴﻭﺓ ﺒﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﺒﺤﻴـﺙ
ﻴﺸﻤل ﻜل ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻭﺸﻴﻙ ﺒﻭﻗﻭﻉ ﺍﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺤﻕ ﻤﺭﺘﺒﻁ ﺒﺸﺨﺹ ﻤﻥ ﻴﻬﺩﺩﻩ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﺀ
ﺒﺈﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﻭﺒﺤﻴﺙ ﻴﺸﻤل ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻭﻨﻔﺱ ﺍﻟﻐﻴﺭ ،ﻭﻴﻘﺼﺩ ﺒﺎﻟﻐﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﺨﺹ
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺭﻴﺏ ﺃﻭ ﻋﺯﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋل ،ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻨﺼﺏ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺤـﺩ ﺃﻗﺭﺒﺎﺌـﻪ
ﻭﺃﻋﺯﺍﺌﻪ ،ﺇﺫ ﻴﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌل ﺃﻭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺘﻬﺩﻴﺩﹰﺍ ﻟﻪ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻴﻤﺜل ﺘﻬﺩﻴﺩﹰﺍ ﻟﻤﻥ ﻫﻭ ﻗﺭﻴﺒـﹰﺎ
ﻟﻪ ﺃﻭ ﻋﺯﻴﺯ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻤﺜﺎل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻁﻠﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺯﻨـﺎ ﺘﺤـﺕ ﺘـﺄﺜﻴﺭ
ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﻘﺘﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﻗﺘل ﻁﻔﻠﻬﺎ ،ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﻘﺎل ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺎل ﻷﻥ ﺍﻟﻤـﺎل ﻜـﺎﻟﻨﻔﺱ ﻤـﻥ
ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺤﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﻭﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﻤﺎل ﺃﻴﻀﺎ ﺠﺯ ﺀ ﻤـﻥ ﺍﻟﻜﻴـﺎﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌـﻲ
ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﺤﺩﻭﺙ ﺍﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎل ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﻤﺴﺒﻭﻕ ﺒﺎﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻜﻤـﺎ
ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎل ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻴﻌﺩ ﺃﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻤﺘﻰ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ
ﻤﻬﺩﺩﹰﺍ ﻟﻤﺎل ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺒﺸﺭﻁ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺎل ﻗﻴﻤﺔ ﺤﻴﻭﻴﺔ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺅﺜﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻓﻲ
ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﺎل). (1
) (1ﺍﻨﻅﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ 109ﻭﻤـﺎ
ﺒﻌﺩﻫﺎ.
63
ﺃﻥ ﻨﺸﻭﺀ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻜﺎﻥ ﺭﺍﺠﻌﹰﺎ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻻ ﺸﺄﻥ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺒﻬﺎ ﻷﻨﻪ ﺇﺫﺍ ﺜﺒـﺕ ﺍﺘﺠـﺎﻩ
ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﺸﺎﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺤﺎﻁ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﺨﺘﻴـﺎﺭﺍ
ﺒﺎﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻬﺩﺩﻩ ﺒﺎﻟﺨﻁﺭ ﻭﺘﻭﻗﻊ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺨﻁﺭﻫﺎ ﺇﻻ ﺒﻔﻌل
ﻴﻜﻭّﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺘﻜﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌل ﻓﻼ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻟﺩﻴـﻪ ﻗـﺩ
ﺇﻨﺘﻘﺼﻬﺎ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﻟﺨﻁﺭ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﻴﺒﺭﺭ ﺍﻨﻌﺩﺍﻡ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺃﻥ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁـﺭ ﻗـﺩ
ﺃﻨﺸﺎﺀ ُﻩ ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻷﺼل ﺒﻤﺤﺽ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ). (1
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻤﻥ ﻴﺤﺩﺙ ﺨﻁﺭﹰﺍ ﺒﺈﺭﺍﺩﺘﻪ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﻓﻭﺠﺊ ﺒﺤﻠﻭﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻴﻀﻁﺭﻩ
ﺇﻟﻰ ﺩﻓﻌﻪ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﺇﺫ ﺘﻜﻭﻥ ﻟﺩﻴﻪ ﻓﺴﺤﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻟﻜـﻲ ﻴﺘـﺩﺒﺭ
ﺴﺒل ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺱ ﺒﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻐﻴﺭ ،ﻓﻤﻥ ﻴﺸﻌل ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ
ﺒﻘﺼﺩ ﺇﺤﺭﺍﻗﻪ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻪ ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺝ ﺒﺄﻨﻪ ﺃﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺼﺎﺏ ﺃﻭ ﻗﺘل ﺇﻨﺴﺎﻨﹰﺎ ﺃﺜﻨـﺎﺀ
ﻤﺤﺎﻭﻟﺘﻪ ﺍﻟﻬﺭﺏ ﻹﻨﻘﺎﺫ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻤﻥ ﻴﺘﺂﻤﺭ ﻤﻊ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻪ
ﺃﻥ ﻴﺩﻓﻊ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﺒﺄﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﻀﻁﺭﹰﺍ ﻟﻼﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻓﻲ ﺘﻨﻔﻴﺫﻫﺎ ﺘﺤﺕ ﺘﻬﺩﻴﺩ ﺯﻤﻼﺅﻩ ﻟـﻪ
ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﻌﺩﻭل ﻋﻥ ﺘﻨﻔﻴﺫ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﻟﺤﻅﺔ ﻭﻟﻜﻥ ﻤﻨﻌﻪ ﺭﻓﻘﺎﺅﻩ ﻋـﻥ
ﺫﻟﻙ).(2
ﻭﺘﺸﻴﺭ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻁﻠﺏ "ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ
ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻗﺩ ﻋﺭﺽ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻤﺤﺽ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ"ﺇﻟﻰ ﻀـﺭﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻴﻜـﻭﻥ
ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻗﺩ ﻨﺠﻡ ﻋﻥ ﻓﻌل ﻗﺼﺩﻱ ﺼﺩﺭ ﻤﻨﻪ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻗﺩ ﺘﺴﺒﺏ ﻗﺼﺩﹰﺍ ﻓـﻲ
ﺇﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﺨﻁﺭ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺘﻔﺭﻀﻪ ﻋﻠﺔ ﺘﻁﻠﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﻭﻫﻲ ﺘﻭﻗﻊ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻟﺤﺎﻟـﺔ
ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺘﺠﻬﺕ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺩﺍﺜﻬﺎ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻗﺩ ﻨﺸﺄ ﺒﺴﺒﺏ ﺨﻁﺄ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ،
ﻓﻠﻡ ﻴﻜﻥ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻌل ﻗﺼﺩﻱ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﻪ ،ﺒل ﻨﺸﺄ ﻋﻥ ﺇﻫﻤﺎﻟﻪ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺤﺘﻴﺎﻁﻪ ،ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ
ﻴﺤﺘﺞ ﺒﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻟﻨﻔﻲ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻤﺭﺘﻜﺏ ﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺭ،
ﻓﻤﻥ ﺘﺴﺒﺏ ﺨﻁًﺄ ﻓﻲ ﺇﺸﻌﺎل ﺤﺭﻴﻕ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﻤﺎ ،ﺜﻡ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺤﺎﻭل ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﺒﻨﻔـﺴﻪ ﻤـﻥ
) (1ﺍﻟﻘﻬﻭﺠﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ 723ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (2ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.189
64
ﺍﻟﻨﻴﺭﺍﻥ ﺃﺼﺎﺏ ﺇﻨﺴﺎﻨﹰﺎ ﺃﻭ ﻗﺘﻠﻪ ،ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺩﻓﻊ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺒﻜﻭﻨﻪ ﻤﻜﺭﻫـﹰﺎ ﻤﻌﻨﻭﻴـﹰﺎ ﻭﻻ
ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻟﻜﻭﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻨﺸﺄ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺨﻁًﺄ ﻴﺴﻴﺭﹰﺍ ﺃﻭ ﺠﺴﻴﻤﹰﺎ).(1
ﻭﻴﺭﻯ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻜﺎﻤل ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺅﻴﺩ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭﻩ ﻤﻥ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻌﺩ ﻓﻲ
ﺤﺎﻟﺔ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﻥ ﻴﻭﺠﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﺨﻁﺭ ﻓﺎﻟﻭﻟﺩ ﺍﻟﺨﺎﻀﻊ ﻗﺎﻨﻭﻨﹰﺎ
ﻟﺘﺄﺩﻴﺏ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻪ ﻋﻨﺩ ﺘﻌﺭﻀﻪ ﻟﻠﺘﺄﺩﻴﺏ ﻤﻥ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﺃﻥ ﻴﺩﻓﻊ ﺸﻘﻴﻘﺘﻪ ﻫﺭﺒـﹰﺎ ﻤﻨـﻪ
ﻭﻴﺅﺩﻱ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺇﻴﺫﺍﺌﻬﺎ ﺜﻡ ﻴﺩﻓﻊ ﺒﺎﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻜﻭﻨﻪ ﻓﻲ ﺤﺎﻟـﺔ ﺇﻜـﺭﺍﻩ
ﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻗﺩ ﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤـﺎﺩﺓ
ﻻ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﻤﺎ ﻴﻤﻨﻊ ﻤﻥ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺤﺎﻟـﺔ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
) (90ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺇ ﹼ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻹﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻌﻠﺔ). (2
4.2.3.3ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻤﻨﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺃﻭ ﺩﻓﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻭﺴﻴﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ
ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ.
ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻓﻲ ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺤﻴـﺙ ﺘـﻨﺹ ﻋﻠـﻰ:
ﻼ " ﺃﻱ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻤﻨﻊ ﺍﻟﺨﻁـﺭ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﻭﺍﺠﻬـﻪ
" .........ﺃﻭ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺇﻟﻰ ﺩﻓﻌﻪ ﺴﺒﻴ ﹰ
ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺨﻼﻑ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺩﻓﻊ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺨﻁﺭ ،ﻭﻴﺘﻭﺍﻓﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﻓﻲ
ﺤﻕ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻟﺩﻓﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻻ ﻴﻘﺒل ﻤـﻥ
ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺩﻓﻌﻪ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺘﻜﺒﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻠﺠـﻭﺀ
ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻠﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺇﺫﺍ ﺜﺒﺕ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺇﻤﻜﺎﻨﻪ ﺍﻟـﺘﺨﻠﺹ ﻤـﻥ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁـﺭ
ﺒﺎﻟﻬﺭﻭﺏ ،ﺃﻭ ﺍﻻﺴﺘﻐﺎﺜﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ،ﻷﻨﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟـﺔ ﻜـﺎﻥ ﻓـﻲ
ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻪ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺒﻔﻌل ﻤﺸﺭﻭﻉ ،ﻭﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺃﺘﻰ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﻤﻜـﻭﻥ
) (1ﻋﺒﻴﺩ ،ﺭﺀُﻭﻑ ،ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺒﻲ ،ﺹ ،619ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ:
ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ ،559ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (2ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ.560
65
ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻓﻬﻨﺎ ﺘﻭﺠﺩ ﺸﺎﺌﺒﺔ ﻟﻭﺠﻭﺩ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻭﺍﺘﺠﺎﻫﻬـﺎ ﻨﺤـﻭ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ ﻋـﻥ ﺤﺭﻴـﺔ
ﻭﺍﺨﺘﻴﺎﺭ).(1
ﻭﻋﻠﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺠﺭﺩ ﺒﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴـﺔ
ﻓﺘﻤﺘﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻪ ﻤﺤل ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺈﻨﺯﺍل ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺤﺎﻻﹰ ،ﺃﻤـﺎ ﺇﺫﺍ
ﻼ ﻓﻼ ﻴﻌﺩ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻤﺎﻨﻌﹰﺎ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻷﻨﻪ ﻴﻜـﻭﻥ ﺒﺈﻤﻜـﺎﻥ
ﻜﺎﻥ ﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﻤﺤﺘﻤ ﹰ
ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺩﻓﻌﻪ ﺒﻭﺴﻴﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ) ،(2ﻭﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺤﺎل ﻫﻭ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺎﺜل ﻓـﻲ ﺫﻫـﻥ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺃﻭ ﻤﺨﻴﻠﺘﻪ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺫﺭ ﺒﻀﺭﺭ ﻭﺸﻴﻙ ﺍﻟﻭﻗﻭﻉ ﺃﻭ ﺒﺎﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻩ ،ﻭﻴﻜـﻭﻥ ﺍﻟﺨﻁـﺭ
ﻻ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺘﻴﻥ :ﺍﻷﻭﻟﻰ :ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺫﺭ ﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺸـﻙ ﺍﻟﻭﻗـﻭﻉ ﺃﻱ
ﺤﹼﺎ ﹰ
ﺼﺎﺭ ﺤﺩﻭﺜﻪ ﻗﺎﺏ ﻗﻭﺴﻴﻥ ﺃﻭ ﺃﺩﻨﻰ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :ﺇﺫﺍ ﺒﺩﺃ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﻭﻉ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻨﺘﻪ
ﺒﻌﺩ ،ﺃﻱ ﻤﺎ ﺯﺍل ﻤﺴﺘﻤﺭﺍﹰ ،ﻭﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺤﺎل ﺸﺭﻁ ﻻﺯﻡ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﻓﺈﺫﺍ
ﻻ ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺇﺫ ﺘﻭﺠﺩ ﻓﺴﺤﻪ ﻤﻥ
ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺤﺎ ﹰ
ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺘﺴﻤﺢ ﺒﺎﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻟﺘﻭﻗﻴﻪ ﺒﻭﺴﺎﺌل ﺃﺨﺭﻯ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ
ﻋﻠﻰ ﺒﺭﻱﺀ ،ﻓﻼ ﻗﻴﺎﻡ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻗﺭﻴﺏ ﺍﻟﺤﻠـﻭل،
ﻭﻻ ﻗﻴﺎﻡ ﻟﻬﺎ ﻜﺫﻟﻙ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻗﺩ ﺯﺍل ﺃﻭ ﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻀﺭﺭ ﻓﻌﻠﻲ ﻭﺍﻨﺘﻬﻰ ). (3
ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﻌﺩﺩ ﻭﺴﺎﺌل ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻏﻴﺭ ﻤـﺸﺭﻭﻋﻪ ﻓﻬﻨـﺎ
ﻴﺘﻭﺍﻓﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺍﻟﺸﺭﻁ ،ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻬﺩﺩ ﺯﻴﺩ ﺒﻜﺭﹰﺍ ﺒﻘﺘل ﺃﺒﻨﻪ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﺭﻕ ﻤﺯﺭﻋـﺔ
ﻋﻠﻲ ﺃﻭ ﻴﺩﺱ ﺍﻟﺴﻡ ﻟﻤﻭﺍﺸﻴﻪ ،ﻓﻬﻨﺎ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻟﻴﺴﺕ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺒل ﺃﻜﺜﺭ ﻭﻟﻜﻥ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ
ﻏﻴﺭ ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻟﻭ ﺘﻭﺍﻓﺭﺕ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺒﻬﺎ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻓﻬﻨـﺎ ﻴﻨﺘﻔـﻲ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ).(4
) (1ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ ،128ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺒﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻰ:
ﻤﺼﻁﻔﻰ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.502
) (2ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ.557
) (3ﺍﻟﻘﻬﻭﺠﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﺹ ،722ﻤﺤـﺴﻥ ،ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﻭﺃﺜـﺭﻩ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.112
) (4ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.129
66
ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺘﻔﺎﺩﻯ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺇﻻ ﺒﺎﺭﺘﻜﺎﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻓﻼ ﻴﺠـﻭﺯ
ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻷﺸﺩ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺒﺎﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻷﺨﻑ ،ﻭﻤﺜﺎل ﺫﻟﻙ ﻟﻭ
ﺃﻥ ﻗﺎﺭﺒﹰﺎ ﺃﻭﺸﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺭﻕ ﻟﺜﻘل ﺤﻤﻭﻟﺘﻪ ﻭﻜﺎﻥ ﺒﻪ ﺒﻀﺎﺌﻊ ﻭﺃﺸﺨﺎﺹ ﻓﻴﺠـﺏ ﺇﻟﻘـﺎﺀ
ﻻ ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﻻ ﺃﻥ ﻴﻀﺤﻰ ﺒـﺸﺨﺹ ﻤـﻥ ﺍﻷﺸـﺨﺎﺹ ﻹﻨﻘـﺎﺫ
ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ ﺃﻭ ﹰ
ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ). (1
ﻫل ﻴﺸﺘﺭﻁ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺤﻘﻴﻘﻴ ﹰﺎ؟
ﻫل ﺘﻘﻭﻡ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺒﺎﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻭﻫﻤﻲ؟ ﻤﺜﺎل ﺫﻟﻙ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻫﺩﺩ ﺸﺨﺹ
ﺁﺨﺭ ﺒﻌﻤل ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﺸﻌﻭﺫﺓ ﻜﺄﻥ ﻴﻠﺤﻕ ﺍﻷﺫﻯ ﺒﻪ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺴﺤﺭ ﺃﻥ ﻟﻡ ﻴﺭﺘﻜـﺏ
ﺠﺭﻡ ﻤﺎ .؟
ﺇﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﺎﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻭﻫﻤﻲ ﺇﺫ ﻫﻲ ﺘﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﻨﻔـﺴﻴﺔ
ﻤﺭﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺒﺤﻴﺙ ﺇﺫﺍ ﺃﻋﺘﻘﺩ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻭﻫﻤﻲ ﻜﺎﻥ
ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺘﺄﺜﻴﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﻭﻗﺩ ﻴﺒﻠﻎ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻔﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﺤﺭﻴﺘﻬﺎ ،ﻭﻟﻜـﻥ
ﻴﺘﻌﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻤﺴﺘﻨﺩﹰﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻤﻌﻘﻭﻟﺔ ﻜﻲ ﺘﻨﺘﻔﻲ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓـﻲ ﻜـل
ﺼﻭﺭﻫﺎ ،ﻓﺈﻥ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺴﺌل ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻋﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﻗﺼﺩﻴﻪ،
ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻴﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻭﺼﻑ ). (2
ﻨﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻭﻭﺴﻴﻠﺔ ﺩﻓﻌﻪ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺘﺘﻭﻗﻑ ﻋﻠﻰ ﻅﺭﻭﻑ
ﻜل ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩﻩ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺩﺭ ﻫـﺫﺍ ﺁﺨـﺫﹰﺍ ﻓـﻲ ﺍﻋﺘﺒـﺎﺭﻩ ﺤﺎﻟـﺔ
ﺍﻻﻀﻁﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻓﺈﺫﺍ ﺘﺒﻴﻥ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻜﺎﻥ ﺃﻤﺎﻤﻪ ﺴﺒﻴل ﺁﺨﺭ
ﻟﺩﻓﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻻ ﻴﻌﺩ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻜﺎﻻﺤﺘﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺏ ﺒﺭﺠﺎل ﺍﻟـﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ،
ﻭﻟﻜﻥ ﺁﺜﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺘﺼﺭﻓﻪ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻲ ،ﻓﻼ ﻤﺤل ﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ.
ﻭﻨﻼﺤﻅ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻗﺩ ﺃﻭﺭﺩ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻥ ﻗـﺎﻨﻭﻥ
ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺄﻥ ﻨﺹ ﻓـﻲ ﻤـﺘﻥ
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ ......" :ﻭﺘﺴﺘﺜﻨﻰ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻘﺘـل ".....ﻭﻴﺒـﺩﻭ ﺃﻥ
67
ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻗﺩ ﺃﻭﺭﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ﻨﻅﺭﹰﺍ ﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻘﺘـل ﻋﻠـﻰ
ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻭﻟﻔﻜﺭﺓ ﻗﺘل ﺸﺨﺹ ﺒﺭﻱﺀ ،ﺒﺤﻴﺙ ﻓﻀل ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﻤل ﺍﻟـﺸﺨﺹ
ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻘﺘل ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺒـﺭﻱﺀ ﻭﺃﻥ ﻴﻘـﻭﻡ
ﻻ ﺘﺠﻨﺏ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺘل ﻓﻲ
ﺒﺩﻓﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﺄﻴﻪ ﻭﺴﻴﻠﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻤﺤﺎﻭ ﹰ
ﺴﺒﻴل ﺇﻨﻘﺎﺫ ﻨﻔﺴﻪ.
ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻓﻲ ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻋﺎﻗﺏ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻭﻟﻡ ﻴﻌﻔﻴﻪ ﻤﻥ
ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻘﺘل ﻭﻟﻭ ﺘﺤﺕ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺘﺤﺴﺒﹰﺎ ﻭﺨﻭﻓﹰﺎ ﻤﻥ ﺃﻥ
ﺘﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻘﺘل ﻭﻴﺤﺘﺞ ﻤﻥ ﻗﺎﻡ ﺒﻬﺎ ﺒﺄﻨﻪ ﻭﺍﻗﻊ ﺘﺤﺕ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺒﻴﻨﻤـﺎ
ﻫﻭ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻤﺭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ ﺘﺤﺕ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﻓﻠﻡ ﻴﻌﻔﻲ ﻤﺭﺘﻜﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘـﺎﺏ
ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻘﻭﻡ ﻗﺎﻀﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺒﺎﻷﺨﺫ ﻓﻲ ﺤﺴﺒﺎﻨﻪ ﻋﻨﺩ ﺇﻨﺯﺍل ﺍﻟﻌﻘـﺎﺏ ﻭﻋﻨـﺩ ﺘﻘـﺩﻴﺭﻩ
ﻟﻠﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﻜل ﻗﻀﻴﻪ ﺒﻜﻴﻔﻴﺔ ﻭﻗﻭﻉ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺘل ﻭﺍﻟﻅـﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘـﻲ ﺃﺤﺎﻁـﺕ
ﺒﺎﺭﺘﻜﺎﺒﻬﺎ.
68
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ
ﺃﺜﺎﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺒﺼﻭﺭﻩ ﻭﺸﺭﻭﻁﻪ ،ﻭﺭﺃﻴﻨﺎ ﻜﻴﻑ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻌﺩﻡ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻴﻨﻔﻲ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺒﻤﺎ ﻴﻌﻴﺏ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴـﻀﻴﻕ ﻤـﻥ
ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﺩﻯ ،ﻴﺜﺎﺭ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺴﺅﺍل ﺤﻭل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻜل
ﻤﻥ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻭﺍﻟ ُﻤﻜﺭِﻩ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﻭﻤﻌﻨﻭﻴﺎﹰ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﺜﺎﺭ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺴﺅﺍل ﺁﺨﺭ ﺤﻭل ﻋﺏﺀ ﺇﺜﺒـﺎﺕ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻴﻘﻊ؟ ﻟﺫﺍ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺒﺤﺙ ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻜل ﺍﻟﻨﺎﺸﺌﺔ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ.
69
ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ – ﺃﻭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻗﺩ ﺨﺹ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ
ﺒﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺤﻜﻤﻪ ﻤﺴﺘﻤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ
ﺇﺫ ﺃﻥ ﻤﻥ ﺃﺴﺱ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺘﻭﺍﻓﺭ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻨﺘﻔـﺕ ﺍﻟﺤﺭﻴـﺔ
ﺍﻨﺘﻔﺕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ) .(1ﻭﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺒﻌﻨﺼﺭﻴﻬﺎ ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻫـﻲ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ
ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻤﺸﺭﻋﻨﺎ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (74ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻓـﻲ
ﻓﻘﺭﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻰ:
"ﻻ ﻴﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﺒﻌﻘﻭﺒﺔ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻗﺩ ﺃﻗﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌل ﻋﻥ ﻭﻋﻲ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ " ﺒﻨﺎ ﺀ
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟ ُﻤﻜﺭﻩ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﻻ ﻴﺴﺄل ﺠﺯﺍﺌﻴﺎﹰ،ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻴﺅﺩﻱ ﺒﻨﺎ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﻨﻭﻨﹰﺎ ﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﺍﻟ ُﻤﻜﺭﻩ ﺒل ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ،
ﻓﺎﻟ ُﻤﻜﺭﻩ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺴﻭﻯ ﺃﺩﺍﺓ ﺃﺴﺘﺨﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻟﺘﻨﻔﻴﺫ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﻓـﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻨﺘﻔـﺕ
ﻟﺩﻯ ﺍﻟ ُﻤﻜﺭﻩ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﻨﺘﻔﻲ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﻭﻴﺴﺄل ﺠﺯﺍﺌﻴﹰﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﻭﺇﻋﻔﺎﺀ
ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻻ ﻴﺘﻘﺭﺭ ﻫﻨﺎ ﺒﺎﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺤﺩﻩ ،ﺒل ﺃﻴـﻀﹰﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻌـل
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ﻟﻡ ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﻟ ُﻤﻜﺭﻩ ﺒل ﺼﺩﺭ – ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭ -ﻋﻥ ﻏﻴﺭﻩ ،ﻭﻫﻭ
ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﻓﺎﻹﺴﻨﺎﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﺍﻓﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺤﻕ ﺍﻟ ُﻤﻜﺭﻩ). (2
) (1ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ 545ﻭ ﺹ.548
) (2ﻭﺯﻴﺭ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ ،637ﺒﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻨﻅﺭ :ﺴﻭﻴﻠﻡ ،ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.484
70
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺃﻭ ﺠﺴﺎﻤﺘﻬﺎ" ) (1ﻤﻊ ﻤﺭﺍﻋﺎﺓ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨـﻲ
ﺒﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﺇﺫ ﺠﺎﺀ ﺒﻬﺎ "........ﻭﺘﺴﺘﺜﻨﻰ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻘﺘل"......
ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﺄﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻋﺎﻗﺏ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟ ُﻤﻜﹶﺭﻩ ﻭﻟﻡ ﻴﻌﻔﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺘﻜﺏ
ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻘﺘل ﻭﻟﻭ ﺘﺤﺕ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ.
ﻭﻴﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻜل ﺸﺨﺹ ﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌل ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻋﻠﺔ ﺫﻟﻙ
ﻜﻭﻥ ﻤﺎﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﺎﻡ ﺍﻷﺜﺭ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺃﻥ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟـﻀﺭﻭﺭﺓ ﻴﻐﻠـﺏ
ﺘﻭﺍﻓﺭﻫﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜل ﻤﻥ ﻴﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌل ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻴﺠﻌل ﺩﺭﺀ ﻤﺭﺘﻜـﺏ ﺍﻟﻔﻌـل
ﻟﻠﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﺩ ﻏﻴﺭﻩ ﺴﺒﺒﹰﺎ ﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﺒﻨﻔﺱ ﺍﻟـﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﻤﺘﻨـﻊ ﺒﻬـﺎ
ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﻟﻭ ﺍﺭﺘﻜﺏ ﻫﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌل ﻟﺩﺭﺀ ﺨﻁﺭ ﻴﻬﺩﺩ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻴﻌﻨﻲ ﺫﻟـﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ
ﻴﻘﺭﺭ ﻟﻜل ﻤﺴﺎﻫﻡ ﺴﺒﺒﹰﺎ ﺨﺎﺼﹰﺎ ﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ).(2
ﻭﻴﺭﻯ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﻓﻘﻬﻲ ﺁﺨﺭ ﺃﻥ ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻴﺘﻌﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﻜـﻭﻥ
ﻨﺴﺒﻴﹰﺎ ﻓﻼ ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺃﺜﺎﺭﻩ ﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤُﻜ ﺭﻩ ﻭﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤﻘـﺭﺭ ﻤـﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺔ
ﻤﻘﺼﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺸﺨﺹ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻭﺤﺩﻩ ).(3
ﻭﻨﺤﻥ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﹰﺎ ﻻ ﻨﺘﻔﻕ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻭﻨﻌﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﺍﻟـﺭﺃﻱ ﺍﻷﻭل ﻫـﻭ ﺍﻷﺠـﺩﺭ
ﻭﺍﻷﻗﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻭﺍﺏ ،ﻭﻟﻴﻜﻥ ﻤﻌﻴﺎﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﺴﺘﻔﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻹﻋﻔـﺎﺀ ﻫـﻭ
ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻤﺩﻯ ﺘﻭﺍﻓﺭ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﺤﻘﻪ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺘﺎﻩ ﻓﺄﻥ ﺘﻭﺍﻓﺭﺕ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﺴﺘﻔﺎﺩ ،ﻭﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻓﻘﺩ ﺍﻨﺘﻔﻰ ﻋﻨﻪ ﺴﺒﺏ ﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ،ﻭﻤﻥ ﺜـﻡ
ﻴﻌﺎﻗﺏ ﻭﻴﺘﺭﻙ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﻤﺩﻯ ﺘﻭﺍﻓﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻤـﻥ ﻋـﺩﻤﻬﺎ ﺇﻟـﻰ ﻗﺎﻀـﻲ
ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻴﻘﺩﺭﻫﺎ ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻅﺭﻭﻑ ﻜل ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩﺓ). (4
) (1ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ .141
) (2ﺤﺴﻨﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ.555
) (3ﺍﻟﺭﺠﺒﻭ ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﺹ.268
) (4ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺃﻨﻅﺭ :ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ،ﺹ 141ﻭﻤـﺎ
ﺒﻌﺩﻫﺎ.
71
2.1.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭِﻩ " ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ".
ﺒﻌﺩ ﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻜل ﻤﻥ ﺍﻟﻤُﻜ ﺭﻩ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﻭﻤﻌﻨﻭﻴﺎﹰ ،ﻭﺭﺃﻴﻨﺎ ﺃﻨﻬﻤﺎ ﻴﻌﻔﻴـﺎﻥ ﻤـﻥ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻨﻨﺘﻘل ﻟﺒﻴﺎﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤُﻜﺭِﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﻭﺴﻭﻑ ﻨﺘﻨﺎﻭل
ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺜﻡ ﻨﺘﺒﻌﻪ ﺒﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ.
72
ﺴﺠﻥ ﺸﺎﻫﺩﹰﺍ ﻓﺄﻏﻠﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻟﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﺍﻟـﺫﻫﺎﺏ ﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟـﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓـﻲ
ﻗﻀﻴﺔ ،ﻓﻼ ﻴﺴﺄل ﺍﻟﺸﺎﻫﺩ ﻋﻥ ﺠﻨﺤﺔ ﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ). (1
ﻓﻔﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﺜﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻀـﺭﺒﺕ ﻭﺍﻟـﺸﺨﺹ ﺍﻟـﺫﻱ ﻜﺘـﺏ
ﻭﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺠﻥ ﻟﻡ ﻴﺄﺕ ﺃﻱ ﻤﻨﻬﻡ ﺒﺄﻱ ﻓﻌل ﺇﺭﺍﺩﻱ ،ﺒل ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻡ ﻻ ﺇﺭﺍﺩﻴﺔ
ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻤﺤﺭﻙ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺃﺘﺎﻫﺎ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﻫﻭ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻓﻬﻭ ﺍﻟـﺫﻱ
ﻴﺴﺄل ﻋﻥ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻹﻴﺫﺍﺀ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺄل ﻋﻥ ﺘﺯﻭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﻭﻫـﻭ ﺍﻟـﺫﻱ
ﻴﺴﺄل ﻋﻥ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ.
) (1ﻤﻬﺩﻱ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺹ ،499ﻋﺒﻴﺩ ،ﻓـﻲ ﺍﻟﺘـﺴﻴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﻴﻴـﺭ،
ﺹ.399
) (2ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.148
) (3ﻗﺭﺍﺭ ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺠﺯﺍﺀ ﺭﻗﻡ 99/414ﻤﻨﺸﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺭﻗﻡ 896ﻤﻥ ﻤﺠﻠﺔ ﻨﻘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﺤـﺎﻤﻴﻥ
ﺍﻟﻌﺩﺩ ) (6.5.4ﻟﺴﻨﻪ .2001
73
2.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭَﻩ ﻭﺍﻟﻤُﻜﺭِﻩ.
ﺴﻨﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜ ﺭﻩ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﻭﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻭﻤﻥ ﺜـﻡ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ.
) (1ﻟﻠﺘﻔﺼﻴل ﻓﻲ ﺃﺭﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻨﻅﺭ :ﺍﻟـﺴﺭﺤﺎﻥ ،ﻋـﺩﻨﺎﻥ ﺇﺒـﺭﺍﻫﻴﻡ
ﻭﺨﺎﻁﺭﻱ ،ﻨﻭﺭﻱ ﺤﻤﺩ ،2005 ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺸﺨـﺼﻴﺔ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﻋﻤﺎﻥ ،ﺹ .453-357
) (2ﺴﻠﻁﺎﻥ ،ﺃﻨﻭﺭ ،2007 ،ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﻪ ﺒﺎﻟﻔﻘـﻪ
ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻋﻤﺎﻥ ،ﺹ.343-333
74
ﻭﻤﻊ ﺼﺭﺍﺤﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺹ ﻓﻼ ﻤﺠﺎل ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴـﺔ ﻟﻠﻤُﻜـﺭﻩ
ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﺎﹰ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﺭﻓﺽ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺃﻜﺩ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﺘﻭﺍﻓﺭ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺒﻤﺎ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻻﺴﻨﺎﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ.
75
ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﻓﺄﻥ ﺍﻟ ُﻤﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻻ ﻴﺴﺄل ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻤﺩﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻴﺘﻌﺩﻯ
ﻼ ﻓﺭﻀﻴﻥ:
ﻋﻤ ﹰ
ﺍﻷﻭل :ﺃﻥ ﺘﺭﻓﻊ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﻭﺍﺤﺩ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﺘﻘﻴـﺩ
ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻭﻻ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﺎﻟﺘﻌﻭﻴﺽ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺇﻻ ﺃﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺴﻨﺩ ﻓـﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ ﻭﻫﻨـﺎ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺘﻌﺩ ﻤﻨﻌﺩﻤﺔ ﻓﻲ ﺤﻕ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﺎﹰ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻼ ﻭﺠﻪ ﻟﺒﺤﺙ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ
ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ.
ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :ﺃﻥ ﺘﺭﻓﻊ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺃﻤﺎ ﻗﺒل ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻕ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﺃﻭ ﺒﻌﺩﻩ ،ﻓﺈﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﺴﻭﻑ ﻴﺘﻘﻴﺩ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒـﻨﺹ
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (1/263ﻤﺩﻨﻲ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻻ ﻴﻘﻀﻲ ﺒﺎﻟﺘﻌﻭﻴﺽ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺜﺒـﺕ ﺃﻤﺎﻤـﻪ ﺒـﺄﻥ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﺎﻥ ﻤﻠﺠﺌﹰﺎ ،ﻭﺃﻤﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌـﻲ ﻭﻫﻨـﺎ
ﺘﻅﻬﺭ ﺤﺠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ،ﻭﻴﺘﻘﻴﺩ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﻪ). (1
76
4.2.4ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ.
ﻴﺴﺄل ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﻋﻥ ﻗﻴﺎﻤﻪ ﺒﺈﻜﺭﺍﻩ " ﺍﻟﻤُﻜـﺭﻩ" ﻤﻤـﺎ
ﺤﻘﻕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺘﺒﺕ ﻀﺭﺭﹰﺍ ﻟﻠﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﺤﻜﻡ ﻤﺩﻨﻴﹰﺎ ﺒﺎﻟﺘﻌﻭﻴﺽ ﻋﻠـﻰ
ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺫﻟﻙ ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (1/263ﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺫﻜﺭ ﻭﺫﻟـﻙ
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻠﺠﻲﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻟﺭﻀﺎ ﻭﻴﻔﺴﺩ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ،
ﻓﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﺤﻘﻴﻘﹰﺎ ﻟﻌﻤل ﻏﻴﺭ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺘﺴﻠﺏ ﺒﻪ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋل " ﺍﻟ ُﻤﻜـﺭﻩ" ﻭﻴﻨـﺴﺏ
ﻓﻌﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﻭﻴﺘﺤﻤل ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻜﺎﻤﻠﺔ ) ،(1ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻫﺫﺍ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻠﺠﺌﹰﺎ ﻓﻔﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋـل ﺃﻱ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ.
) (1ﺍﻟﺴﺭﺤﺎﻥ ،ﻭﺨﺎﻁﺭﻱ ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺤﻘـﻭﻕ ﺍﻟﺸﺨـﺼﻴﺔ ،ﺹ 384ﻭﻤـﺎ
ﺒﻌﺩﻫﺎ.
) (2ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺃﺼﻭل ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻭﺘﻌﺩﻴﻼﺘﻪ ﺭﻗﻡ ) (9ﻟﺴﻨﺔ ،1961ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻋﻠـﻰ
ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ 311ﻤﻥ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺭﻗﻡ 1539ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ .1961/3/16
77
ﺃﻨﻪ ﻭﻟﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺄﺴﺭﻩ ،ﻓﺄﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ
ﺃﻥ ﻴﺴﻌﻰ ﺒﻨﻔﺴﻪ ﻟﻠﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺘﺤﻘﻴﻘﹰﺎ ﻟﻠﻌﺩﺍﻟﺔ ،ﻓﻴﻘﻭﻡ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺫﻟﻙ ﺒﺘﻘﺼﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ
ﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺜﻴﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺩﻓﺎﻋﹰﺎ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻴﻤﻬﺩ ﺍﻟﺴﺒﻴل ﺃﻤﺎﻤﻪ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﻋﺩﻡ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ
)(1
ﻭﻋﻠﻴﺔ ﺴﻨﻌﺭﺽ ﻟﻠﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﻌﺏﺀ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻭﻗﺭﻴﻨﺔ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ، ﺃﻭ ﺒﺭﺍﺀﺘﻪ ﺒﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻁﺭﻕ
ﻭﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﺜﻡ ﻨﻌﺭﺽ ﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻤﻥ ﻋﺏﺀ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ.
) (1ﻨﻤﻭﺭ ،ﻤﺤﻤﺩ ﺴﻌﻴﺩ 2005 ،ﺃﺼﻭل ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺸﺭﺡ ﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﺼـﻭل ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤـﺎﺕ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﻋﻤﺎﻥ ،ﺹ .213
) (2ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ .150
78
ﺍﻷﺼل ﻭﻋﻠﻰ ﺒﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﻀﺔ ﺃﺴﺎﺴﹰﺎ ﻗﺒل ﺘﺤﺭﻴﻙ ﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﺤـﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ،ﻭﺃﺜﻨـﺎﺀ
ﺍﻟﺴﻴﺭ ﻓﻲ ﺇﺠﺭﺍﺀﺍﺘﻬﺎ ﻭﺇﻟﻰ ﻟﺤﻅﺔ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻜﻡ،
ﻭﺃﻫﻡ ﻤﺎ ﻴﻤﻴﺯ ﻗﺭﻴﻨﺔ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ﺃﻨﻬﺎ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺇﻟﺯﺍﻤﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ،ﻴﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻋﻤﺎﻟﻬـﺎ
ﻜﻠﻤﺎ ﺜﺎﺭ ﻟﺩﻴﻪ ﺍﻟﺸﻙ ﻓﻲ ﺍﻹﺩﺍﻨﺔ ،ﻓﺈﻥ ﻫﻭ ﺨﺎﻟﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ،ﻭﺃﻋﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﺘـﻲ
)(1
. ﻼ
ﻫﻲ ﻤﺤل ﺸﻙ ﻫﻲ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺜﺎﺒﺘﺔ ،ﻭﻗﻀﻰ ﻓﻲ ﺤﻜﻤﻪ ﺒﺎﻹﺩﺍﻨﺔ ﺃﻋﺘﺒﺭ ﺤﻜﻤﻪ ﺒﺎﻁ ﹰ
79
ﺜﺎﻨﻴ ﹰﺎ :ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ.
ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ﺇﻟﻰ:
ﺃﻭﻻ" :ﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ :ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻥ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ
ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﹰﺎ ﻤﺜل ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺃﻭ ﻜﺎﻥ ﺇﺠﺭﺍﺌﻴﹰﺎ ﻤﺜل ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ
ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﺠﺭﺍﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺃﺼﻭل ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ.
ﺜﺎﻨﻴﺎ" :ﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ :ﺘﻌﺩ ﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺩﻓﻭﻋـﹰﺎ ﻤﻭﻀـﻭﻋﻴﻪ
ﻤﺘﻰ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻬﺎ ﻟﻭ ﺼﺤﺕ ﺃﻥ ﺘﺅﺜﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﻡ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﻤﻨﻬـﺎ ﻋﻠـﻰ
ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻨﺘﻔﺎﺀ ﺭﻜﻥ ﻤﻥ ﺃﺭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟـﺩﻓﻊ ﺒﺎﻨﺘﻔـﺎﺀ ﺍﻟﻅـﺭﻑ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﺍﻟﻤﺸﺩﺩ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺘﻭﺍﻓﺭ ﺴﺒﺏ ﻤﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﺒﺭﻴـﺭ ،ﺃﻭ ﺍﻟـﺩﻓﻊ ﺒﺎﻤﺘﻨـﺎﻉ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ). (1
ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﺘﻀﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻫﻭ ﺩﻓﻊ ﻗﺎﻨﻭﻨﻲ ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﺠـﻭﻫﺭﻱ ﻤﺘﻌﻠـﻕ
ﺒﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﺤﻴﺙ ﻟﻭ ﺜﺒﺕ ﺼﺤﺔ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻟﺘﺭﺘـﺏ ﻋﻠـﻰ ﺫﻟـﻙ ﺍﻤﺘﻨـﺎﻉ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ). (2
ﺜﺎﻟﺜ ﹰﺎ :ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺘﻭﺍﻓﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ.
ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺸﺄﻨﻪ ﺸﺄﻥ ﺃﻱ ﺩﻓﻊ ﺁﺨﺭ ﻟﻜﻲ ﻴﻘﺒل ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻲ ﻴـﺸﺘﺭﻁ
ﺃﻥ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻓﻴﻪ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺸﺭﻭﻁ ﻫﻲ:
ﺃﻭﻻ" :ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺠﺎﺯﻤﹰﺎ ﻭﺼﺭﻴﺤﹰﺎ ﻭﻴﺸﺘﻤل ﻋﻠﻰ ﺒﻴﺎﻥ ﻤﺎ ﻴﺭﻤﻲ ﺇﻟﻴﻪ.
ﺜﺎﻨﻴﺎ" :ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺘﻡ ﺇﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻗﺒل ﺇﻋﻼﻥ ﺍﺨﺘﺘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤـﺔ ﺃﻱ ﻗﺒـل
ﺇﻗﻔﺎل ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺭﺍﻓﻌﺔ.
ﺜﺎﻟﺜﺎ" :ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻘﺩﻡ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﻗﺩ ﺘﻨﺎﺯل ﻋﻨﻪ ﺼﺭﺍﺤﺔ ﺃﻭ ﻀﻤﻨﹰﺎ ،ﻭﻴﻌﺩ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل
ﺍﻟﺘﻨﺎﺯل ﺍﻟﻀﻤﻨﻲ ﻋﺩﻡ ﺘﻤﺴﻙ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﺒﻁﻠﺒﻪ ﺃﻭ ﺍﻹﺼـﺭﺍﺭ ﻋﻠﻴـﻪ ﻓـﻲ ﻁﻠﺒﺎﺘـﻪ
ﺍﻟﺨﺘﺎﻤﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯل ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﻻ ﻴﺤﺭﻡ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻤﻥ ﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﻭل ﻋـﻥ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯل ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﻙ ﺒﻪ ﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻻ ﺯﺍﻟﺕ ﻗﺎﺌﻤﺔ ،ﻭﻟﻡ ﺘﻌﻠﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
80
ﺍﺨﺘﺘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻭﺤﻴﻨﺌﺫ ﻴﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺇﻤﺎ ﺃﻥ ﺘﺠﻴﺏ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺘﺒـﺭﺭ
ﺭﻓﻀﻬﺎ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺤﻜﻤﻬﺎ.
ﺭﺍﺒﻌﺎ" :ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻗﺩ ﺍﺴﺘﻤﺩﺕ ﻤﻥ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺼل ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺒﻁﻼﻨـﻪ
ﺃﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻓﻊ ﺒﻌﺩﻡ ﺼﺤﺘﻪ ،ﻋﻨﺼﺭﹰﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺴﺴﺕ ﻋﻠﻴﻬـﺎ
ﺤﻜﻤﻬﺎ ﺇﺜﺒﺎﺘﹰﺎ ﺃﻭ ﻨﻔﻴﺎﹰ ،ﺃﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﻌﺘﻤﺩ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ،ﻭﻟﻡ ﺘﺭﺩ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺩﻓﻊ ﻓﺄﻥ ﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﻌﻴﺏ ﺤﻜﻤﻬﺎ). (1
ﻓﺈﺫﺍ ﻤﺎ ﺘﻭﺍﻓﺭﺕ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺴﺎﻟﻑ ﺫﻜﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺼﻔﻪ
ﻋﺎﻤﻪ ،ﺃﺨﺫﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺒﻪ ﻭﺒﺤﺜﺘﻪ ﻟﺘﻘﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺘﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺘـﺴﺒﻴﺒﻬﺎ
ﻟﺤﻜﻤﻬﺎ.
ﺭﺍﺒﻌ ﹰﺎ :ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺜﺎﺭ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ.
ﻴﺜﺎﺭ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﻋﻥ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺩﻓﻊ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻫل ﻫﻲ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴـﺯ ﺃﻡ
ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ؟ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﺜﺎﺭﺘﻬﺎ ﻷﻭل ﻤـﺭﺓ ﺃﻤـﺎﻡ ﻤﺤﻜﻤـﺔ
ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﻫﻲ ﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟـﻰ ﺘﺤﻘﻴـﻕ ﻤﻭﻀـﻭﻋﻲ
ﺘﺠﺭﻴﻪ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻓﻬﻭ ﺩﻓﻊ ﻤﺘﻌﻠﻕ ﺒﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﻭﻫﻭ ﺩﻓﻊ
ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺘﺠﺭﻴﻪ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻟﺘﻔﻨﻴﺩ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﻪ ﺤـﺴﺒﻤﺎ ﺘﺘﻜـﻭﻥ
ﻋﻘﻴﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﺒﺸﺄﻨﻪ ،ﻓﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺜﺎﺭ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻭﻻ ﻴﺼﺢ
)(2
ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﻪ ﻷﻭل ﻤﺭﻩ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ.
ﺘﻁﺒﻴﻘﹰﺎ ﻟﺫﻟﻙ ﻗﻀﺕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻟﻤﻭﻗﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭ ﻟﻬﺎ" :ﺇﺫﺍ ﻟـﻡ ﻴـﺭﺩ ﻓـﻲ
ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﻔﻴﺩ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯ ﻤﺨﺘل ﻓﻲ ﻗﻭﺍﻩ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻟﺩﺭﺠﺔ ﺘﺤﻭل ﺩﻭﻥ ﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻪ
) (1ﺴﻭﻴﻠﻡ ،ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ 482ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ،ﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ :ﻨﻤـﻭﺭ ،ﺃﺼـﻭل
ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺹ.510
) (2ﻨﻤﻭﺭ ،ﺃﺼﻭل ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺹ 509ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺒﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ :ﺴﻭﻴﻠﻡ ،ﻨﻅﺭﻴـﺔ ﺩﻓـﻊ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.586
81
ﻓﺄﻨﻪ ﻻ ﺘﻘﺒل ﺇﺜﺎﺭﺓ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ،ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺃﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟـﺩﻓﻊ
)(1
ﻟﻡ ﻴﺜﺭ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ"
) (1ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺠﺯﺍﺀ ﺭﻗﻡ 98/407ﻫﻴﺌﺔ ﺨﻤﺎﺴﻴﺔ ﺘﺎﺭﻴﺦ 1998/7/23ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺼﻔﺤﺔ 585
ﻤﻥ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻴﺔ ﺭﻗﻡ ) (7ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ .1998/1/1
) (2ﻨﻤﻭﺭ ،ﺃﺼﻭل ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺹ.213
) (3ﻋﻭﺽ ،ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻲ ﻤﺒﺎﺩﺌﻪ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻨﻅﺭﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﺒـﻼ ﺩﺍﺭ ﻨـﺸﺭ ،ﺹ 312ﻭﻤـﺎ
ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻭﺃﻨﻅﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ :ﺴﻼﻤﻪ ،ﻤﺄﻤﻭﻥ ﻤﺤﻤﺩ ،1991 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺠـﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ،
ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺹ.645
82
ﺃﻥ ﻋﺏﺀ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻜﺎﻫل ﺍﻟﻨﻴﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﻻ ﻴﺭﺘﻔﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺏﺀ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻨﺹ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺼﺭﺍﺤ ﹰﺔ ). (1
ﻭﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﹰﺎ ﻨﺅﻴﺩ ﺃﻨﺼﺎﺭ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻘﻭﺓ ﺤﺠﺘﻬﻡ ،ﻓﺎﻓﺘﺭﺍﺽ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ
ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻋﺩﻡ ﺇﻟﺯﺍﻤﻪ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﺒﺭﺍﺀﺘﻪ ،ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭل
ﺒﺄﻥ ﻋﺏﺀ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻫﻨﺎ ﻴﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻤﺎ ﺘﻤﻠﻜﻪ ﻤﻥ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺎﺕ ﻟﻺﺜﺒﺎﺕ ﻭﻤـﻥ
ﻗﺩﺭﺓ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺘﻔﻭﻕ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺘﺎﺡ ﻟﻠﻤﺘﻬﻡ ،ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﻅﻴﻔﺔ ﺍﻟﻨﻴﺎﺒـﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ
ﻟﻴﺴﺕ ﻫﻲ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﻨﺔ ﻓﻘﻁ ﺒل ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ،ﻓﻭﺍﺠﺒﻬﺎ ﻫﻭ ﻜﺸﻑ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻴﺠﺎﺒﹰﺎ
ﻭﺴﻠﺒﹰﺎ.
ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻤﻠﺯﻤﺔ ﺒﺎﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﻠﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺘـﺼل ﺒﻘﺎﻋـﺩﺓ ﺃﻥ
ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺯﻡ ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻥ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﺼل ﻓـﻲ ﺍﻹﻨـﺴﺎﻥ
ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ﻭﻫﺫﺍ ﻴﻘﻴﻥ ﻓﺄﻨﻪ ﻻ ﻴﺯﻭل ﺇﻻ ﺒﻴﻘﻴﻥ ﻴﻔﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥ ﺘﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﻠﺒﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺩﻓﻭﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻘﺩﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻤﺘﻰ ﺘﻭﺍﻓﺭﺕ ﺸﺭﻭﻁ ﻗﺒﻭﻟﻬﺎ ،ﻷﻥ ﻋﺩﻡ ﺍﻟـﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬـﺎ
ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻫﺩﻡ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻹﺩﺍﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺹ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﺅﺜﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﻴﻘﻴﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ
ﺃﻥ ﺘﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ.
) (1ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.158
83
)(1
ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺘﺨﺘﻠﻁ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻟﻜﻥ ﺘﻨﻌﺩﻡ ﻟﺩﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ
ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﻗﺩ ﺘﺜﻴﺭ ﺍﻟﻠﺒﺱ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ ﻭﺍﻻﻨﻔﻌـﺎل ﻭﺍﻟﻬـﻭﻯ ﻭﺍﻟﺘـﻲ ﻨـﺼﺕ ﺒﻌـﺽ
ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺼﺭﺍﺤﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻜﺎﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤـﺎﻻﺕ ﻏﻴـﺭ
ﺍﻟﻤﺎﻨﻌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻟﻡ ﻴﻨﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﺸﺭﻴﻌﻨﺎ ﺍﻷﺭﺩﻨـﻲ
ﻭﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻭ ﺍﺴﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﺘﻭﺴـﻊ ﻓـﻲ
ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻭﻋﻠﺔ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﺙ ﻋﻥ ﺍﻻﺤﺘـﺭﺍﻡ ﺃﻭ ﺍﻻﻨﻔﻌـﺎل ﺃﻭ
ﺍﻟﻬﻭﻯ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ،ﺠﻤﻴﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﺨﺫ ﺫﺭﻴﻌـﺔ ﻴﺒـﺭﺭ ﺒﻬـﺎ ﻗﻴـﺎﻡ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﻷﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﺘﺒﻘﻰ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻏﻴـﺭ ﻤﻨﻘﻭﺼـﺔ ،ﺃﻭ
ﻤﺘﺄﺜﺭﺓ ﺒﻤﺎ ﺘﻨﺘﻔﻲ ﻤﻌﻬﺎ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﺃﻭ ﻴﻨﻘﺹ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻷﻨﻪ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤـﺎﻻﺕ ﻴﻤﻜـﻥ
ﺭﻓﺽ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﺒﺎﻗﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﺃﻭ ﻋﺩﻡ ﺍﻻﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻟﻼﻨﻔﻌﺎل ﺃﻭ ﺍﻟﻬﻭﻯ).(2
1.4.4ﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ.
ﻟﻘﺩ ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (227ﻋﻘﻭﺒـﺎﺕ ﻋﻠـﻰ
ﺤﺎﻻﺕ ﻻ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﺤﻴﺙ ﺠﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ " :ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ ﻭﺤـﺎﻻﺕ ﺍﻻﻨﻔﻌـﺎل
ﻭﺍﻟﻬﻭﻯ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺎﻨﻌﺔ ﻟﻠﻌﻘﺎﺏ") (3ﻭﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤـﺎﺩﺓ
228ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﺒﻔﻘﺭﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﺫ ﺠﺎﺀ ﺒﻬﺎ " ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ ﻭﺤﺎﻻﺕ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﻭﺍﻟﻬﻭﻯ ﻟﻴﺴﺕ
ﻤﺎﻨﻌﺔ ﻟﻠﻌﻘﺎﺏ"(4) .
ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﺙ ﻤﻥ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ،ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ ﻟﻐﺔ" ﺍﻹﺠﻼل ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻓـﺔ"
ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺭﺭ ﻗﺎﻨﻭﻨﹰﺎ ﺃﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭ ﻭﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﻤﻘﺘﺭﻥ ﺒﺎﻟﻁﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻷﻫل
ﻭﺍﻷﺴﺎﺘﺫﺓ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻻ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـﻸﻭﻻﺩ ﻭﺍﻟﺘﻼﻤﻴـﺫ،
ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﺙ ﻋﻥ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﻟﻤﺨﺩﻭﻤﺔ ﺃﻭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺯﻭﺠﺔ ﻭﺯﻭﺠﻬﺎ ﺃﻭ
ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺭﺅﻭﺱ ﻭﺭﺅﺴﺎﺌﻪ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻤﺘﺜل ﺃﺤﺩﻫﻡ ﺃﻤﺭ ﻤﻥ ﻴﺩﻴﻥ ﻟـﻪ ﺒـﺎﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﺒﺎﺭﺘﻜـﺎﺏ
) (1ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.57
) (2ﺍﻟﺘﻭﻨﺠﻲ ،ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺹ.218
) (3ﺤﻤﺎﺩﺓ ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺹ.7
) (4ﺼﺎﻓﻲ ،ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻘﻬﹰﺎ ﻭﺍﺠﺘﻬﺎﺩﺍﹰ ،ﺹ.460
84
ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﺞ ﻟﺩﻓﻊ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﻭﻋﻠﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺃﻨﻪ ﻻ ﺘﺘـﻭﺍﻓﺭ
ﻟﻠﻤﻬﺎﺒﺔ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻻﺴـﺘﻁﺎﻋﺔ ﻭﺍﻷﺜـﺭ
ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻫﻭ ﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﻴﻌﻠل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺎﻨﺘﻔﺎﺀ ﺤﺭﻴـﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ،
)(1
. ﻓﻴﻨﺘﻔﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﺘﻁﻠﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎﻻ ﻴﺘﻭﺍﻓﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ
ﻓﻤﻥ ﺃﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻤﺘﺜﺎﻻ ﻷﻤﺭ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻤﺘﻸ ﻗﻠﺒﻪ ﺒﻨﺎﺭ ﺍﻟﺜﺄﺭ ﻻ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ
ﺘﺤﺕ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﻴﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺍﺠﺘﻬـﺎﺩ ﻟﻤﺤﻜﻤـﺔ ﺍﻟـﻨﻘﺽ
ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ " ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﻘﺎﺼﺭ ﺃﻥ ﻴﻌﺘﺫﺭ ﻋﻥ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺃﺭﺘﻜﺒﻬﺎ ﺒﺄﻨﻪ ﻤُﻜﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎﺒﻬـﺎ
ﺒﺄﻤﺭ ﻭﺍﻟﺩﻩ " ). (2
ﻭﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺫﻫﺒﺕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺃﺨﺭﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻤﺎل ﺍﻟﻔﻨـﺩﻕ ﻤﻼﺒـﺱ
ﻭﺃﺸﻴﺎﺀ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻨﺯﻻﺀ ،ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﺭ ﺭﺏ ﻋﻤﻠﻬﻡ ،ﻓﻌﻭﻗﺒﻭﺍ ﺒﺠﺭﻴﻤﺔ ﺨﺭﻕ ﺤﺭﻤﺔ ﻤﻨـﺯل
ﺍﻟﻐﻴﺭ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺘﺩ ﺒﺩﻓﻌﻬﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻷﻨﻬﻡ ﺃﻁﺎﻋﻭﺍ ﺃﻤﺭ ﺭﺏ ﻋﻤﻠﻬﻡ ﻤﻜﺭﻫﻴﻥ ،ﻭﻗﺩ
ﻋﻠﻠﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻗﺭﺍﺭﻫﺎ ﺒﺄﻨﻪ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻬﻡ ﺭﻓﺽ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﻋﻘﺩ ﻋﻤﻠﻬﻡ ﻤﺎ ﻴﺠﺒـﺭﻫﻡ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻤل). (3
2.4.4ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل.
ﻻ
ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﻫﻭ ﺭﺩﺓ ﻓﻌل ﻨﻔﺴﺎﻨﻴﺔ ﺘﺸﻌل ﺤﻭﺍﺱ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﻋﺎﻁﻔﺘﻪ ﻭﺘﺘﺼﻑ ﺇﺠﻤـﺎ ﹰ
ﺒﺎﻟﻐﻀﺏ ﻭﺍﻟﻬﻴﺎﺝ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻌﻁل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﻭﻴﺠﻌﻠﻬـﺎ
ﻋﺎﺠﺯﺓ ﻋﻥ ﻀﺒﻁ ﺭﺩﺓ ﺍﻟﻔﻌل ﻫﺫﻩ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺘﻘـﻀﻲ ﺒـﺄﻥ ﻻ ﻴﻤـﻨﺢ
ﺍﻟﻤﻨﻔﻌل ﻋﺫﺭﹰﺍ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﹰﺎ ﻴﺨﻭﻟﻪ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻋﻥ ﻁﻭﺭﻩ ﻭﺇﻟﺤﺎﻕ ﺍﻷﺫﻯ ﺒﺎﻟﻐﻴﺭ ،ﺒل ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺔ
ﺘﺒﻘﻰ ﺭﺍﺩﻋﹰﺎ ﻟﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻭﺤﺎﻓﺯﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻜﻴﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﻌﻘل ﻓـﻲ ﺘـﺼﺭﻓﺎﺕ
ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﺘﻀﺒﻁﻬﺎ ﻭﺘﺒﻌﺩﻫﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﻁﻁ ) (4ﻓﺎﻵﺜﺎﺭ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟـﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻜل ﻀﻐﻁ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻻ ﺘﻌﺩ ﻤﺎﻨﻌـﹰﺎ ﻟﻠﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ ﻭﻟﻜـﻥ
85
ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻟﻡ ﻴﺘﺠﺎﻫل ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻼﻨﻔﻌﺎل ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺅﺜﺭ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻴﻔﻘﺩﻩ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ
ﻋﻠﻰ ﺭﺩﺍﺕ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﺒل ﺃﺨﺫ ﺒﺫﻟﻙ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﻨﻘﻠـﺏ ﺇﻟـﻰ ﺴـﻭﺭﺓ
ﻏﻀﺏ ﺸﺩﻴﺩ ﻤﺸﺘﺭﻁﹰﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺴﺒﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻭﺭﺓ ﻋﻤل ﻏﻴﺭ ﻤﺤﻕ ﻭﻋﻠﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﻤـﻥ
ﺍﻟﺨﻁﻭﺭﺓ ﺃﺘﺎﻩ ﺍﻟﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﺫﺍ ﺘﺤﻘﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﻤﻨﹸﺢ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﺘﻜـﺏ ﺠﺭﻤـﻪ
ﺘﺤﺕ ﻭﻁﺄﺓ ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﻐﻀﺏ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﺍﻟﻌﺫﺭ ﺍﻟﻤﺨﻔﻑ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻤﺎ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﻤـﺎﺩﺓ
) (98ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﺇﺫ ﺠﺎﺀ ﺒﻬﺎ " ﻴﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺫﺭ ﺍﻟﻤﺨﻔﻑ ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻗﺩﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺒﺴﻭﺭﺓ ﻏﻀﺏ ﺸﺩﻴﺩ ﻨﺎﺘﺞ ﻋﻥ ﻋﻤل ﻏﻴﺭ ﻤﺤﻕ ﻭﻋﻠﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﻭﺭﺓ ﺃﺘﺎﻩ ﺍﻟﻤﺠﻨﻲ
ﻋﻠﻴﻪ".
ﻭﺍﻟﻌﺫﺭ ﺍﻟﻤﺨﻔﻑ ،ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻌﻠﻭﻡ ،ﻴﻠﺯﻡ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻋﻨﺩ ﺘﺤﻘﻘﻪ ﺒﺘﺨﻔـﻴﺽ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺔ
ﻀﻤﻥ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (97ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ) (98ﻻ ﺘﺸﻜل ﻤﺎﻨﻌﹰﺎ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺒل ﺴﺒﺒﹰﺎ ﻟﻤـﻨﺢ ﺍﻟﻔﺎﻋـل
ﻋﺫﺭﹰﺍ ﻤﺨﻔﻔﹰﺎ ﻴﺒﻘﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺨﻔﻑ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺇﻟﺯﺍﻤﻴﺔ ﻭﻫـﺫﺍ ﻤـﺎ
ﻴﻤﻴﺯﻩ ﻋﻥ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺸﻜل ﻤﺎﻨﻌﹰﺎ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﻻ ﺴﺒﺒﹰﺎ ﻟﺘﺨﻔﻴﺽ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ
ﺇﻟﺯﺍﻤﻴﺔ ،ﺒل ﺃﻥ ﺃﺨﺫﻩ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻜﺴﺒﺏ ﻤﺨﻔﻑ ﻴﺒﻘﻰ ﺨﺎﻀـﻌﹰﺎ ﻟﺘﻘـﺩﻴﺭ ﺍﻟﻘﺎﻀـﻲ
ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ.
3.4.4ﺍﻟﻬﻭﻯ.
ﻴﻌﻨﻰ ﺒﺎﻟﻬﻭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻤﺎ ﻴﺤﺘﻭﻴﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ﻓﻲ ﻋﻠـﻡ ﺍﻟـﻨﻔﺱ ،ﻓﻴـﺸﻤل
ﺍﻟﻌﻭﺍﻁﻑ ﻭﺍﻟﻤﻴﻭل ،ﻭﺍﻟﻐﺭﺍﺌﺯ ﻋﻠﻰ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺃﻨﻭﺍﻋﻬﺎ ﻜﺎﻟﻐﻀﺏ ،ﻭﺍﻟـﺒﻐﺽ ،ﻭﺍﻟﺤﻘـﺩ،
ﻭﺍﻟﺤﺴﺩ....،ﺍﻟﺦ ،ﻤﻤﺎ ﻻ ﺸﻙ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﺘﺭﺘﺩ ﻓﻲ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﺍﻷﺼﻠﻲ ﺇﻟـﻰ
ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﺃﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻋﺎﻁﻔﺔ ﺃﻭ ﻤﺸﺎﻋﺭ ﻴﻠﻘﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋـﺏﺀ
ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻴﻘﻀﻲ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺒﻜﺎﻤﻠﻬـﺎ ﺒﺤـﻕ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻤﻴﻥ ﺒﺎﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ،ﻭﺒﺎﺴﺘﺤﻘﺎﻗﻬﻡ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺔ ﺍﻟﻤﻘﺭﺭﺓ ﻟﺠﺭﻴﻤﺘﻬﻡ ،ﻭﻴﻤﻨﻊ ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺝ
ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺒﺎﻷﻋﺫﺍﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴـﺸﻜل ﺍﻟﻬـﻭﻯ ﺴـﺒﺒﹰﺎ ﻤﺎﻨﻌـﹰﺎ
ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺠﻨﻭﻥ ﻤﻁﺒﻕ ) (1ﻭﻓﻕ ﻤﺎ ﺘﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (92ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ.
86
ﻭﺃﺨﻴﺭﹰﺍ ﻴﺘﻭﺠﺏ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻜﺭﺕ ﺁﻨﻔﹰﺎ ﻴﺤـﻕ ﻟﻠﻘﺎﻀـﻲ
ﺘﻘﺩﻴﺭ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺼل ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺠﺭﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺅﺜﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﻋل
ﺇﺫ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻘﺎﻀﻲ ﺍﺴﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﺴﻠﻁﺘﻪ ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﺴﻌﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅـﺭﻭﻑ
ﺘﺄﺜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺘﺤﺩﻴﺩﻩ ﻟﻠﻌﻘﻭﺒﺔ ﻨﻭﻋﹰﺎ ﻭﻤﻘﺩﺍﺭﹰﺍ ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺠﺩ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﺭ ﺃﺨﺫﻫﺎ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺠـﺎﺯ
ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻅﺭﻭﻑ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﻤﺨﻔﻔﺔ ﺘﻘﺘـﻀﻲ ﺃﺨـﺫ ﺍﻟﻤـﺘﻬﻡ
)(1
. ﺒﺎﻟﺭﺃﻓﺔ
ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ
ﻟﻘﺩ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻟﻤﻭﻀﻭﻉ " ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻟﻠﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ"
ﻭﺃﺸﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﺴﺒﺏ ﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻥ
ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺼل ﺒﻤﺎﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﻤﻌﻨﻭﻴﺎﺘﻬﺎ.
ﻭﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻅﻠﻠﻪ ﻓﻘﺩ ﺇﺘﺒﻌﻨﺎ ﺍﻟﻤـﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠـﻲ
ﺒﺘﻨﺎﻭل ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺩ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺩﻓﻨﺎ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﺔ،
ﻭﺃﺘﺒﻌﻨﺎ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻥ ﻭﺫﻟﻙ ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺃﻭﺠﻪ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﺃﻭ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ﻓـﻲ
ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻤﺤل ﺍﻟﺒﺤﺙ ،ﻭﻟﻘﺩ ﺍﺸﺘﻤﻠﺕ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺒﺤـﺙ ﺘﻤﻬﻴـﺩﻱ
ﻭﺜﻼﺜﺔ ﻓﺼﻭل.
ﻋﺭﻀﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﻋﻨﺎﺼـﺭﻫﺎ ﻭﻤﻭﻀـﻊ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﻋﺭﻀﻨﺎ ﺃﺴﺎﺱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺒﺤﺜﻨﺎ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴـﺔ ،ﻭﻭﺠـﺩﻨﺎ
ﺃﻫﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ ﺃﻨﺼﺎﺭﻩ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﺎﻻﺨﺘﻴـﺎﺭ ﺍﻟﺤـﺭ ﻭﺃﻥ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻫﻲ ﺇﺜﻡ ﺃﺨﻼﻗﻲ ،ﻭﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺍﻟﻭﻀﻌﻲ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺫﻫﺏ ﺃﺼﺤﺎﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻨـﺴﺎﻥ
ﻤﺴﻴﺭ ،ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻨﺘﺎﺠﹰﺎ ﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻨﺘﺎﺝ ﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ
ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺠﺘﻤﻌﺕ ﻭﺃﺩﺕ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﻼ.
ﺩﻓﺎﻉ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻀﺩ ﺨﻁﺭ ﻗﺩ ﻴﺤﺩﺙ ﻤﺴﺘﻘﺒ ﹰ
) (1ﺍﻟﻘﻬﻭﺠﻲ ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺹ ،710ﻭﺃﻨﻅﺭ ﻜـﺫﻟﻙ :ﺍﻟﻌـﻭﺠﻲ ،ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ
ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺹ.344
87
ﻭﺭﺃﻴﻨﺎ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻤﻥ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﺇﻨﻪ ﺭﺠﺢ ﻤﺫﻫﺏ ﺤﺭﻴـﺔ
ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻫﻭ ﻁﺎﺒﻌﻪ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﻁﺔ ﺘﻨﻁﻕ ﺒﻬﺎ
ﺒﺠﻼﺀ ﻨﺼﻭﺹ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻓﺎﻟﻤﺎﺩﺓ 74ﻤﻨﻪ ﺘﺅﺴﺱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﻭﺍﻓﺭ ﺍﻟـﻭﻋﻲ
ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ،ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺃﻱ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ.
ﺜﻡ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﻭﺠﺩﻨﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼﺭﻴﻥ ﻫﻤـﺎ:
ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﺍﻨﺘﻬﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴـﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﺅﻫـل
ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺘﺠﻌﻠﻪ ﻗﺎﺩﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻡ ﺒﺎﻷﺸﻴﺎﺀ ﻭﻴﻌﺭﻓﻬﺎ ،ﻭﺘﺨﺘﻠﻑ ﻗﻭﺓ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﻤـﺩﺍﻩ
ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻠﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺨﺹ ،ﺜﻡ ﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻗﻭﺓ ﻨﻔﺴﻴﺔ
ﺘﺨﺭﺝ ﻤﻜﻨﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﻓﻌل ،ﻭﻭﺠﺩﻨﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﺨﺹ
ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺒﻠﻎ ﺍﻟﺴﻥ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺩﺩﻩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻫـﺫﻩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺴـﻠﻴﻤﺔ ﻭﺃﻥ
ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻟﻬﺎ ﻋﻨﺎﺼﺭﻫﺎ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺃﻤﺭ ﻜﺎﻤﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻴﺩل ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻔﻌل ،ﻭﺍﻟﻤﻅﻬﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﻪ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌـﻀﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻲ
ﻴﺘﺭﺠﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻓﻜﺭﻩ ﻭﻋﺯﻤﻪ ،ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﻫﻲ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻋﻠـﻰ ﺘﻭﺠﻴـﻪ
ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﺍﻟﻭﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻴﺩﻫﺎ ،ﻭﻴﺘﻔﻕ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻤﻥ ﺘﻁﻠـﺏ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻵﺜﻤـﺔ ﻟﻘﻴـﺎﻡ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻫﻲ ﺴﻠﻭﻙ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻨﻔﺴﻴﺔ
ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻭﻴﺭﺘﺒﻁ ﺒﺄﻫﻠﻴﺘﻪ.
ﺜﻡ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﻋﻨﺼﺭﻱ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻭﺒﺤﺜﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺘﻌﺭﻴﻑ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﻭﺠﺩﻨﺎ ﺃﻨﻪ ﻀﻐﻁ ﻤﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻤﺎﺭﺴﻪ ﺍﻟﻤُﻜﺭِﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻟﺴﻠﺏ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ
ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﺘﺼﺭﻑ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻭﻓﻕ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻷﻭل ،ﻭﺭﺃﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻴﺼﻴﺏ ﺤﺭﻴـﺔ
ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻗﺩ ﺘﻌﺩﻤﻬﺎ ﻅﺭﻭﻑ ﻋﺎﺭﻀﻪ ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﹰﺎ ﺘﻀﻴﻕ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻫـﺎ
ﺇﻟﻰ ﺃﺩﻨﻰ ﺤﺩ ،ﻭﻴﻘﺎل ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻜﺭﺍﻫﺎ ﻤﺎﺩﻴﺎﹰ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ
ﺘﺴﻤﻰ ﺃﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ :ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻤـﺼﺎﺩﺭﻩ
ﻭﺃﻨﻭﺍﻋﻪ ،ﻭﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻋﻤﺎ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻭﺍﺴﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺸﺭﻭﻁﻪ ،ﻭﻋﺭﻀﻨﺎ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤـﺎﺩﻱ ﻓﻭﺠـﺩﻨﺎ ﺃﻨـﻪ
ﻴﺘﻨﺎﺯﻋﻪ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﻥ ﺍﻷﻭل :ﻴﻘﺼﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﺍﻹﻨـﺴﺎﻥ ،ﻭﻴﺘﻭﺴـﻊ ﻓـﻲ
88
ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻭﺭﺃﻴﻨﺎ ﺼﻭﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺘـﻲ
ﺘﻨﻘﺴﻡ ﺇﻟﻰ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﺇﻜﺭﺍﻩ ﺩﺍﺨﻠﻲ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻫـﻭ ﺍﻟـﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒـﺔ
ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻗﻭﺓ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭﻩ ﻓﻌل
ﺤﻴﻭﺍﻥ ﺃﻭ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﻓﻌل ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﺇﻤﺎ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻓﻘﺩ ﺍﻗﺘﺭﺡ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤـﻥ
ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﺩ ﺒﻪ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻨﺘﺞ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺃﺜﺭﻩ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺜﺭﺕ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﺩﺍﺨﻠﻲ ﻤﺘﺼل ﺒﻪ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ ،ﺜـﻡ ﺘﻨﺎﻭﻟﻨـﺎ
ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻋﻤﺎ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﺭﺃﻴﻨﺎ ﺃﻨﻪ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻤﺭ
ﺍﺨﺘﻼﻑ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ،
ﻓﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺤـﺎﺩﺙ
ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻓﻲ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﺤﻭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻻ
ﻴﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺃﻭ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﻴﻤﺎﺭﺱ
ﻨﺸﺎﻁﻪ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻨﺸﺎﻁ ﻏﻴﺭ ﺠﺯﺍﺌﻲ ﻻﻨﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻟﺩﻴﻪ ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﺼﺩ
ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻁﺄ ،ﺜﻡ ﺒﺤﺜﻨﺎ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺸﺭﻭﻁﻪ ﻭﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻜﻭﻨﻪ ﻋﺫﺭﹰﺍ ﻤﻌﻔﻴﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺃﻡ ﺴﺒﺏ ﺇﺒﺎﺤﺔ ﺃﻡ ﻤﺎﻨﻌـﹰﺎ ﻤـﻥ ﻤﻭﺍﻨـﻊ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻨﺘﻬﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻻﻨﻌﺩﺍﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻜﻠﻴﺔ ﻭﻟﻌﺩﻡ
ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺇﺴﻨﺎﺩ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻤﺎﺩﻴﺎﹰ ،ﻭﺭﺃﻴﻨﺎ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ
ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﻗﻌﺔ ﻭﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﺩﻓﻊ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ :ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺼـﻭﺭﺓ
ﻭﺃﻨﻭﺍﻋﻪ ،ﻭﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻋﻤﺎ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨـﻊ ﺃﺨـﺭﻯ ،ﻭﺍﺴـﺘﺨﻼﺹ
ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺸﺭﻭﻁﻪ ،ﻭﻋﺭﻀﻨﺎ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ
ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺃﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺘﻌﺭﻴﻔﻪ ﺘﺒﻌﹰﺎ ﻻﺨﺘﻼﻑ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﺅﺩﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻭﺓ ﻨﺴﺒﻴﺔ ﺃﻡ ﻗﻭﺓ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﺜﻡ ﺒﺤﺜﻨﺎ ﺼﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘـﻲ ﺍﻨﺤـﺼﺭﺕ ﻓـﻲ
ﺼﻭﺭﺘﻴﻥ ،ﺍﻷﻭﻟﻰ :ﺘﻔﺘﺭﺽ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻟﻠﺘﺄﺜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺘﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ
ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺜﻡ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﻷﻨﻭﺍﻉ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺤﺴﺏ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺨﻁﺭ ،ﻓﺘﺒـﻴﻥ ﺃﻨـﻪ
ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻤﻌﻨﻭﻱ ﺩﺍﺨﻠﻲ ﻭﺨﺎﺭﺠﻲ.
89
ﻭﻋﺭﻀﻨﺎ ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺨﻠﺼﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﺼﺩﺭﻩ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ ﻗﻭﺓ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻋﻜﺱ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤـﺎﺩﻱ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﻤﻜـﻥ ﺃﻥ ﻴﻜـﻭﻥ
ﻤﺼﺩﺭﺓ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ.
ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﻨﺼﺏ ﻋﻠﻰ ﺠﺴﻡ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺘﺠﻪ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ ﺇﻟـﻰ
ﻨﻔﺴﻴﺘﻪ ﻻ ﺇﻟﻰ ﺠﺴﻤﻪ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻴﺠﻌل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻏﻴﺭ ﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ ،ﺃﻤﺎ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻓﻼ ﻴﻤﺤﻭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﺴﻠﺒﻬﺎ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺠﺭﺩﻫـﺎ ﻤـﻥ
ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺜﻡ ﻋﺭﻀﻨﺎ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻋﻼﻗﺘﻬـﺎ ﺒـﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ
ﻭﺃﻭﺠﻪ ﺍﻟﺸﺒﺔ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﺜﻡ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺸﺭﻭﻁﻪ
ﻭﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻜﻭﻨﻪ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﺍﻟﺠﺭﻤـﻲ ﺃﻡ
ﺃﻨﻪ ﻋﺫﺭ ﻤﻌﻔﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺃﻡ ﺃﻨﻪ ﻴﻌﺩﻡ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺃﻡ ﺃﻨـﻪ ﻤـﺎﻨﻊ ﻤـﻥ ﻤﻭﺍﻨـﻊ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﻭﺍﻨﺘﻬﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﺴﺘﻨﺎﺩﺍ
ﺇﻟﻰ ﺍﺨﺘﻼل ﺃﺤﺩ ﺸﺭﻭﻁﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺜﻡ ﻋﺭﻀـﻨﺎ ﺇﻟـﻰ ﺸـﺭﻭﻁ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﻫﻲ:
.1ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺭﺘﻜﺏ ﻀﺭﻭﺭﻴﹰﺎ ﻟﻠﻭﻗﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻁﺭ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ.
.2ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺒﺎﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ.
.3ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﺎﻋل ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺩﺨل ﻓﻲ ﺤﻠﻭل ﺨﻁﺭ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ.
.4ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻤﻨﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺃﻭ ﺩﻓﻊ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻭﺴﻴﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻏﻴـﺭ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻭﺍﻷﺨﻴﺭ ﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﺃﺜﺎﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ
ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ ﻭﺍﻟﻤُﻜﺭِﻩ ﻓﺒﺤﺜﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ ﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺃﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﻻ ﻴـﺴﺄل
ﺠﺯﺍﺌﻴﹰﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﻨﻭﻨﹰﺎ ﻟﻴﺱ ﻫـﻭ ﺍﻟﻤُﻜـﺭﻩ ﺒـل ﺍﻟﻘـﺎﺌﻡ
ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻻﺴﻨﺎﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﺍﻓﺭﻴﻥ ﻓـﻲ ﺤـﻕ ﺍﻟﻤُﻜـﺭﻩ ،ﻭﺃﻥ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻤﻨﻊ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻹﺜﻡ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﻨﺘﻔﻲ ﺍﻟـﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ ﻓـﻲ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻻ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﺸﺭﻭﻁﻪ ،ﺫﻟﻙ ﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﺎ ﺃﺘـﻰ ﺍﻟﻔﻌـل ﺍﻟﻤﻜـﻭﻥ
ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ﺘﺤﺕ ﻭﻁﺄﺓ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ،ﻓﺈﺭﺍﺩﺘﻪ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺤﺭﺓ ،ﻭﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻟﻡ ﻴﺼﺩﺭ ﻋـﻥ ﺍﺨﺘﻴـﺎﺭ
ﻤﻨﻪ ،ﻭﺭﺃﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜ ِﺭﻩ " ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ" ﻓﻬﻭ ﻴﺴﺄل ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ
90
ﻜﺎﻤﻠﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺴﺒﺏ ﻓﻴﻪ ﻤﺴﺘﺨﺩﻤﹰﺎ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﺭﺘﻜﺎﺒﻪ ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻜـﺎﻥ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﺎﺩﻴﹰﺎ ﺃﻡ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻷﻨﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺘﺴﺒﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤُﻜـﺭﻩ ﻟـﻡ ﻴـﺄﺕ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻤﺨﺘﺎﺭﺍﹰ ،ﻭﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ ﻭﺍﻟﻤُﻜﺭِﻩ ﻭﺭﺃﻴﻨﹰﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻤﺎﺩﻴـﹰﺎ
ﻭﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 256ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻻ ﻴﺴﺄل ﻭﺫﻟﻙ ﻻﻨﺘﻔﺎﺀ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﺒﻴﻥ
ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻷﻭل " ﺍﻹﻀﺭﺍﺭ" ﻭﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ " ﺍﻟﻀﺭﺭ" ﻟﻠﺴﺒﺏ ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻋﺒﺭ ﻋﻨـﻪ
ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺒﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 261ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺫﺍﺘﻪ ﻭﻫﻭ ﺃﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﻜـﻭﻥ ﺍﻟﻘـﻭﺓ ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ ﺃﻭ
ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﺃﻭ ﻓﻌل ﺍﻟﻤﻀﺭﻭﺭ ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻌل ﺍﻟﻐﻴﺭ ،ﻭﺒﺤﺜﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴـﺔ
ﻟﻠﻤُﻜﺭﻩ ﻤﻌﻨﻭﻴﹰﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻀﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻠﺠﺊ ﺘﻜﻭﻥ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻌﺩ ﻜل ﺇﻜﺭﺍﻩ ﺴﺒﺒﹰﺎ ﻟﻺﻋﻔﺎﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋـل
ﻭﺇﻟﻘﺎﺌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻤﺭ ﺇﻻ ﺃﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺇﻜﺭﺍﻫﹰﺎ ﻤﻠﺠﺌﹰﺎ ﻭﺫﻟﻙ ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤـﺩﻨﻲ
ﻭﻴﻜﻭﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻠﺠﺌﹰﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺨﻁﺭ ﺠﺴﻴﻡ ﻤﺤﺩﻕ ﻴﻠﺤﻕ ﺒﺎﻟﺠـﺴﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻤـﺎل،
ﻭﺭﺃﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﺨﻠـﺼﻨﺎ ﺇﻟـﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘـﺎﺌﻡ
ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻴﺴﺄل ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻜﻼ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻥ.
ﻭﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﻋﺏﺀ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﻌﺏﺀ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﺒﻘﺭﻴﻨﺔ
ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ،ﺜﻡ ﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺒﺎﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺘﻭﺍﻓﺭﻫﺎ ﻓﻴـﻪ ﻭﻜـﺫﻟﻙ ﺍﻟﺠﻬـﺔ
ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺇﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ،ﺜﻡ ﺃﺘﺒﻌﻨﺎ ﺫﻟﻙ ﺒﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻤﻥ ﻋﺏﺀ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﻋﻠﻰ
ﻤﻥ ﻴﻘﻊ ﻭﻭﺠﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻴﻨﻘﺴﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﺘﺠﺎﻫﻴﻥ ﺍﻷﻭل :ﻭﻴﺭﻯ ﺃﻨﺼﺎﺭﻩ ﺃﻥ ﻋﺏﺀ ﺇﺜﺒـﺎﺕ
ﺍﻟﺩﻓﻊ ﻴﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ،ﺍﺴﺘﻨﺎﺩﹰﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﻤﻭل ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻫـﻲ ﺃﻥ
ﻴﻠﺘﺯﻡ ﺍﻟﻤﺩﻋﻲ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺩﻓﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﺘﺴﻙ ﺒﻪ ،ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :ﻭﻴﺭﻯ ﺃﻨﺼﺎﺭﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋـﺩﺓ ﻓـﻲ
ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺒﺭﻱﺀ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻓﺘﺭﺍﺽ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻋﺩﻡ ﺇﻟﺯﺍﻡ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ
ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﺒﺭﺍﺀﺘﻪ ﻭﺃﻥ ﻋﺏﺀ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻴﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻭﺘﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﻤﻥ
ﺍﻟﻤﺸﺎﻜل ﺍﻟﻨﺎﺸﺌﺔ ﻋﻥ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ ﻭﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﻭﺍﻟﻬﻭﻯ ﻭﺨﻠﺼﻨﺎ ﺇﻟـﻰ ﺃﻥ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻻ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴـﺔ ﻷﻥ ﺤﺭﻴـﺔ
ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ ﺘﺒﻘﻰ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﻘﻭﺼﺔ ،ﺃﻭ ﻤﺘﺄﺜﺭﺓ ﺒﻤﺎ ﺘﻨﺘﻔﻲ ﻤﻌﻬـﺎ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺃﻭ ﻴﻨﺘﻘﺹ ﻤﻨﻬﺎ.
91
ﺍﻟﺘﻭﺼﻴﺎﺕ
.1ﻨﺘﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺭﻋﻨﺎ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﻻﺴﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﺨﻠﻁ ﺒـﻴﻥ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ " ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ" ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤـﺎﺩﺓ 88ﻤـﻥ
ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺭﻗﻡ ) (16ﻟﺴﻨﺔ 1960ﻡ ﻭﺫﻟﻙ ﻻﺨـﺘﻼﻑ ﺍﻷﺴـﺎﺱ
ﻼ ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻭﺍﻷﺜﺭ ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻪ.
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻜ ﹰ
.2ﻨﻭﺼﻲ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺒﻨﻭﻋﻴﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨـﻭﻱ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻭﻀﻊ ﺸﺭﻭﻁ ﺨﺎﺼﺔ ﻟﻨـﻭﻋﻲ
ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﻤﺎ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﻤﻌﻬﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻜﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ
ﻟﻜﻲ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻭﺍﻟﺼﻭﺭ.
.3ﻨﻭﺼﻲ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﺩﺨل ﻤﺸﺭﻋﻨﺎ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺒﺘﻌﺩﻴل ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻋﻘﻭﺒـﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺍﻗﺘﺼﺭﺕ ﺒﻨﺼﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﺩ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻭﻟﻡ ﺘﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﺨﻁﺭ
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﺩ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺼﻠﺘﻪ ﺃﻭ ﻗﺭﺍﺒﺘﻪ ﺒﺎﻟﻔﺎﻋل ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ
ﻴﻬﺩﺩ ﺍﻟﻤﺎل ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻴﻤﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺎل ،ﻭﺫﻟﻙ ﺃﺴﻭﺓ ﺒﻬﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻤـﺸﺭﻉ ﺒـﻨﺹ
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (89ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻔﺭﻕ ﺒـﻴﻥ ﺸـﺨﺹ
ﺍﻟﻤﻀﺭﻭﺭ ﺃﻭ ﻏﻴﺭﻩ ﺃﻭ ﻤﻠﻜﻪ ﺃﻭ ﻤﻠﻙ ﻏﻴﺭﻩ ،ﻭﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﻌﺩ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﻟﺫﻟﻙ ﻓﺄﻨﻨﺎ ﻨﻭﺼﻲ ﺒﻤﺎ ﻴﻠﻲ:
ﺃ -ﺘﻌﺩﻴل ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻭﺍﺴﻌﹰﺎ
ﻭﻟﻴﺱ ﻗﺎﺼﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻥ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﻴﻥ ﺒﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻭﻫﻤﺎ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﻘﺘل ﻭ
ﺍﻷﺫﻯ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﻓﺎﻟﺨﻁﺭ ﻴﻌﺩ ﻤﻬﺩﺩﹰﺍ ﻟﻠﻨﻔﺱ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺫﺭ ﺒﻭﻗﻭﻉ ﺍﻋﺘـﺩﺍﺀ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻭ ﺴﻼﻤﺔ ﺍﻟﺠﺴﻡ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺸﺭﻑ ﺃﻭ
ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ.
ﺏ -ﺘﻌﺩﻴل ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺃﺴﻭﺓ ﺒﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺸﻤل ﻜـل
ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻭﺸﻴﻙ ﺒﻭﻗﻭﻉ ﺍﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺤﻕ ﻤﺭﺘﺒﻁ ﺒﺸﺨﺹ ﻤﻥ ﻴﻬـﺩﺩﻩ ﺍﻻﻋﺘـﺩﺍﺀ
ﺒﺈﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺸﻤل ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻭﻨﻔﺱ ﺍﻟﻐﻴﺭ ،ﻭﻴﻘﺼﺩ ﺒﺎﻟﻐﻴﺭ ﺫﻟـﻙ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺭﻴﺏ ﺃﻭ ﻋﺯﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋل ،ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻨﺼﺏ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻋﻠﻰ
92
ﺃﺤﺩ ﺃﻗﺭﺒﺎﺌﻪ ﻭﺃﻋﺯﺍﺌﻪ ،ﺇﺫ ﻴﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌل ﺃﻭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺘﻬﺩﻴﺩﹰﺍ ﻟﻪ ﺒﻘﺩﺭ ﻤـﺎ ﻴﻤﺜـل
ﺘﻬﺩﻴﺩﹰﺍ ﻟﻤﻥ ﻫﻭ ﻗﺭﻴﺒﹰﺎ ﺃﻭ ﻋﺯﻴﺯﹰﺍ ﻋﻠﻴﻪ.
ﺝ -ﺘﻌﺩﻴل ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺸﻤل ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﻤﻬﺩﺩ ﻟﻤﺎل ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﺒـﺸﺭﻁ ﺃﻥ
ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺎل ﻗﻴﻤﺔ ﺤﻴﻭﻴﺔ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺅﺜﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﺎل.
.4ﻨﻭﺼﻲ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﺩﺨل ﻤﺸﺭﻋﻨﺎ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺒﺘﻌﺩﻴل ﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ) (88ﻋﻘﻭﺒـﺎﺕ
ﺒﺨﺼﻭﺹ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻋﺎﻗﺏ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤُﻜﺭﻩ ﻭﻟﻡ ﻴﻌﻔﻴـﻪ
ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺇﺫﺍ ﺍﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻗﺘل ﻭﻟﻭ ﺘﺤﺕ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ ﻭﺫﻟـﻙ ﺒـﺎﻟﻨﺹ
ﺼﺭﺍﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﻤﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﻓﻘﻁ ﺩﻭﻥ ﺍﻹﻜـﺭﺍﻩ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺫﻟﻙ ﺘﻼﻓﻴﹰﺎ ﻟﻠﺨﻠﻁ ﻭﺍﻟﻠﺒﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻊ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ.
93
ﺍﻟﻤﺭﺍﺠﻊ
ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﺯﻜﺭﻴﺎ ،1971 ،ﻤﺸﻜﻼﺕ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ،ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻤﻜﺘﺒﺔ ﻤﺼﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ.
ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻔﺘﻭﺡ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻫﺸﺎﻡ ،1990 ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤـﻥ ﻗـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺃﺒﻭ ﺨﻁﻭﺓ ،ﺃﺤﻤﺩ ﺸﻭﻗﻲ ﻋﻤﺭ ،1991 ،ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨـﺎﺌﻲ ،ﺩﺭﺍﺴـﺔ
ﻤﻘﺎﺭﻨﻪ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺃﺤﻤﺩ ،ﻫﻼﻟﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ،1987 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬـﻀﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻁ 1ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺃﺨﻨﻭﺥ ،ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺫﻜﻰ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ
ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺸﻭﺭﺓ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺍﻷﺯﻫﺭﻱ ،ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺒﻲ ﻤﻨﺼﻭﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺃﺤﻤﺩ1384 ،ﻫـ1964 ،ﻡ ،ﺘﻬﺫﻴﺏ ﺍﻟﻠﻐـﺔ،
ﺤﻘﻘﻪ ﻭﻗﺩﻡ ﻟﻪ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﻭﺭﺍﺠﻌﻪ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ،ﺍﻟﻤﺅﺴـﺴﺔ
ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﺘﺄﻟﻴﻑ ﻭﺍﻷﻨﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ،ﺍﻟﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﻟﻴﻑ ﻭﺍﻟﺘﺭﺠﻤـﺔ،
ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ،ﺝ.6
ﺁل ﻤﻌﺠﻭﻥ ،ﺨﻠﻭﺩ ،ﺴﺎﻤﻲ ﻋﺯﺍﺭﺓ ،1984 ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻺﺒﺎﺤﺔ ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ،
ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺸﻭﺭﺓ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺇﻤﺎﻡ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻜﻤﺎل ﺍﻟﺩﻴﻥ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﻬﺎ ﻭﺘﻁﻭﺭﻫـﺎ ،ﺩﺭﺍﺴـﺔ
ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ،ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ.
ﺒﺎﺼﻬﻴﺏ ،ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺍﺤﻤﺩ ،3002 ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ،ﺭﺴـﺎﻟﺔ
ﻤﺎﺠﺴﺘﻴﺭ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺸﻭﺭﺓ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻋﺩﻥ.
ﺍﻟﺒﺼﺭﻱ ،ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺒﻲ ﺒﻜﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﺒﻥ ﺩﺭﻴﺩ ﺍﻷﺯﺩﻱ) ،ﺩ.ﺕ( ﺍﻟﻤﺘﻭﻓﻰ ﺴـﻨﺔ
321ﻫـ ،ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻤﻁﺒﻌﺔ ﻤﺠﻠﺱ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ،ﺤﻴﺩﺭ ﺁﺒـﺎﺩ ،ﺍﻟـﺭﻜﻥ،
ﺒﺎﻟﻬﻨﺩ ،ﺝ.2
ﺒﻥ ﺯﻜﺭﻴﺎ ،ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻓﺎﺭﺱ1366 ،ﻫـ ،ﻤﻌﺠﻡ ﻤﻘﺎﻴﻴﺱ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺘـﺄﻟﻴﻑ ﻋﺒـﺩ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻫﺎﺭﻭﻥ ،ﻤﻁﺒﻌﺔ ﻋﻴﺴﻰ ﺍﻟﺒﺎﺒﻲ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ،ﺝ ،5ﻁ.1
94
ﺒﻥ ﺴﻴﺩﻩ ،ﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل1377 ،ﻫـ1958 -ﻡ ،ﺍﻟﻤﺘﻭﻓﻰ ﺴﻨﺔ 458ﻫـ ،ﺍﻟﻤﺤﻜـﻡ
ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻷﻋﻅﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺍﻟﺴﻘﺎ ﻭﺤﺴﻴﻥ ﻨﺼﺎﺭ ،ﻨﺸﺭﺘﻪ ﺸﺭﻜﺔ
ﻤﻜﺘﺒﺔ ﻭﻤﻁﺒﻌﺔ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺍﻟﺒﺎﺒﻲ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﺒﻤﺼﺭ ،ﺝ ،4ﻁ.1
ﺒﻬﻨﺎﻡ ،ﺭﻤـﺴﻴﺱ ،1982 ،ﻗـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ ﺍﻟﺨـﺎﺹ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌـﺎﺭﻑ
ﺒﺎﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ.
ﺒﻬﻨﺎﻡ ،ﺭﻤﺴﻴﺱ ،1995 ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻘـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨـﺎﺌﻲ ،ﻤﻨـﺸﺄﺓ ﺍﻟﻤﻌـﺎﺭﻑ،
ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ.
ﺍﻟﺘﻭﻨﺠﻲ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ،1971 ،ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﻤﻌﻬﺩ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ
ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ.
ﺍﻟﺠﻨﺩﻱ ،ﺤﺴﻨﻲ ،1989 ،ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘـﻀﺎﺀ ﺍﻟﺠﻨـﺎﺌﻲ ،ﺩﺭﺍﺴـﺔ ﻓﻘﻬﻴـﺔ
ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ،ﺍﻟﻁﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺤﺴﻨﻲ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻨﺠﻴﺏ ،1982 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬـﻀﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﻁ.5
ﺤﺴﻨﻲ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻨﺠﻴﺏ ،1988 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬـﻀﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﻁ.5
ﺤﺴﻨﻲ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻨﺠﻴﺏ ،1998 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ﺍﻟﻠﺒﻨـﺎﻨﻲ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ،
ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ،ﺒﻴﺭﻭﺕ ﻁ.3
ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ،1997 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻤﻜﺘﺒﻪ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ
ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﻋﻤﺎﻥ.
ﺤﻤﺎﺩﺓ ،ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻜﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﻤﺘﻭﻓﺭ
ﻋﺒﺭ http:// www.barasy.com:
ﺨﻴﺎل ،ﻭﺠﻴﻪ ﻤﺤﻤﺩ ،1983 ،ﺍﺜﺭ ﺍﻟﺸﺫﻭﺫ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ،
ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺸﻭﺭﺓ ،ﻋﻴﻥ ﺸﻤﺱ.
ﺍﻟﺩﺭﺓ ،ﻤﺎﻫﺭ ﻋﺒﺩ ﺸﻭﻴﺵ ،1990 ،ﺍﻹﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ
ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﺍﻟﻤﻭﺼل.
95
ﺍﻟﺭﺍﺯﻗﻲ ،ﻤﺤﻤﺩ ،1999 ،ﻤﺤﺎﻀﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻲ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘـﺏ
ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ،ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﻁ.2
ﺭﺍﺸﺩ ،ﻋﻠﻲ ﺃﺤﻤﺩ ،1966 ،ﻋﻥ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﻌﻤﺩ ﻭﺍﻟﺨﻁﺄ ﻭﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﺍﻟـﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜـﺔ ،ﺹ ،11ﻜﻠﻴـﺔ
ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻋﻴﻥ ﺸﻤﺱ.
ﺍﻟﺭﺠﺒﻭ ،ﺫﻨﻭﻥ ،1969 ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻺﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺩﻜﺘـﻭﺭﺍﻩ ﻏﻴـﺭ
ﻤﻨﺸﻭﺭﺓ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺭﻤﻀﺎﻥ ،ﻋﻤﺭ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،1964 ،ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺘﻴﻥ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭﻴـﺔ ﻟﻺﺜـﻡ ،ﻤﺠﻠـﺔ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﺴﻨﺔ ،1934ﺹ ،669ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺍﻟﺯﻟﻤﻲ ،ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﻤﻭﺍﻨﻊ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟـﺸﺭﻴﻌﺔ
ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺩﺍﺭ ﻭﺍﺌل ﻟﻠﻨـﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴـﻊ ،ﻁ،1
ﻋﻤﺎﻥ.
ﺍﻟﺴﺭﺤﺎﻥ ،ﻋﺩﻨﺎﻥ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻭﺨﺎﻁﺭﻱ ،ﻨﻭﺭﻱ ﺤﻤﺩ ،2005 ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤـﺩﻨﻲ،
ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﻋﻤﺎﻥ.
ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ،ﻜﺎﻤل ،1998 ،ﺸﺭﺡ ﺍﻹﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻷﺭﺩﻥ.
ﺴﻼﻤﺔ ،ﻤﺄﻤﻭﻥ ﻤﺤﻤﺩ ،1984 ،ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜـﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ،
ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﻁ.4
ﺴﻼﻤﺔ ،ﻤﺄﻤﻭﻥ ﻤﺤﻤﺩ ،1991 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻁ ،2ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬـﻀﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺴﻠﻁﺎﻥ ،ﺃﻨﻭﺭ ،2007 ،ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﻪ
ﺒﺎﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻋﻤﺎﻥ.
ﺴﻭﻴﻠﻡ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ،2007 ،ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ،ﻤﻨـﺸﺄﺓ ﺍﻟﻤﻌـﺎﺭﻑ
ﺒﺎﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ.
ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻲ ،ﻓﺘﻭﺡ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ،2003 ،ﺸـﺭﺡ ﻗـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ﺒﺎﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ.
96
ﺍﻟﺸﺒﺎﺒﻲ ،ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﺍﻟﻭﺠﻴﺯ ﻓﻲ ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌـﺭﻱ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ،ﺒﻴﺭﻭﺕ ،ﺒﻼ ﺴﻨﺔ ﻨﺸﺭ.
ﺍﻟﺸﻴﺭﺍﺯﻱ ،ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻤﺠﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻴﻌﻘﻭﺏ ﺍﻟﻔﻴﺭﻭﺯ ﺃﺒﺎﺩﻱ 1344ﻫـ ،ﺍﻟﻤﺘـﻭﻓﻰ
ﺴﻨﺔ 817ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻤﻭﺱ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ،ﺝ ،4ﺍﻟﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻁ.2
ﺼﺎﻓﻲ ،ﻁﻪ ﺯﺍﻜﻲ ،1997 ،ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻘﻬـ ﹰﺎ ﻭﺍﺠﺘﻬـﺎﺩﹰﺍ ،ﺍﻟﻤﺅﺴـﺴﺔ
ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ،ﻁﺭﺍﺒﻠﺱ ،ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻁ.1
ﺍﻟﺼﻴﻔﻲ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﻤﺼﻁﻔﻰ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ.
ﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﺃﺤﻤﺩ ،1997 ،ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺒـﻼ
ﺩﺍﺭ ﻨﺸﺭ.
ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ،ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ 2002 ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤـﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ،
ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﻋﺒﻴﺩ ،ﺭﺀﻭﻑ ،1979 ،ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺒﻲ ،ﻁ ،4ﺒﻼ ﺩﺍﺭ ﻨﺸﺭ.
ﻋﺒﻴﺩ ،ﺭﺀﻭﻑ ،1981 ،ﺃﺼﻭل ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻹﺠﺭﺍﻡ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﻋﺒﻴﺩ ،ﺭﺀﻭﻑ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﻴﻴﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ،
ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻁ.3
ﻋﺯﻤﻲ ،ﻤﻤﺩﻭﺡ ،2004 ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻹﺒﺎﺤﺔ ﻭﻤﻭﺍﻨـﻊ ﺍﻟﻌﻘـﺎﺏ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻲ ،ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ.
ﺍﻟﻌﻭﺠﻲ ،ﻤﺼﻁﻔﻰ ،1985 ،ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻲ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﺍﻟﺠـﺯﺀ ﺍﻟﺜـﺎﻨﻲ ،ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻨﻭﻓل ،ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻁ.1
ﻋﻭﺽ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺤﻲ ﺍﻟﺩﻴﻥ ،1986 ،ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻲ ﻤﺒﺎﺩﺌﻪ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻓﻲ
ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻴﺩ ،1994 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻤﻜﺘﺒـﺔ ﺍﻟﺠـﻼﺀ،
ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺭﺓ.
ﻓﺭﻴﺩ ،ﻫﺸﺎﻡ ﻤﺤﻤﺩ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﺍﻟﺩﻋﺎﺌﻡ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨـﻪ،
ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺸﻭﺭﺓ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻋﻴﻥ ﺸﻤﺱ.
97
ﺍﻟﻘﻠﻠﻲ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺼﻁﻔﻰ ،1948 ،ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻓﺅﺍﺩ ﺍﻷﻭل،
ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺍﻟﻘﻬﻭﺠﻲ ،ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ،2002 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ
ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ.
ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ،ﻨﻅﺎﻡ ﺘﻭﻓﻴﻕ ،2005 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ
ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﻋﻤﺎﻥ ،ﻁ.1
ﻤﺤﺴﻥ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﻤﺤﻤﺩ ،2004 ،ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ
ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻭﻀﻌﻲ ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ.
ﻤﺤﻤﺩ ،ﻋﻭﺽ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴـﺔ،
ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ.
ﻤﺤﻤﻭﺩ ،ﻤﺤﻤﺩ ﺫﻜﻰ ،1967 ،ﺃﺜﺎﺭ ﺍﻟﺠﻬل ﻭﺍﻟﻐﻠﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ ،ﺭﺴـﺎﻟﺔ
ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺸﻭﺭﺓ ،ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﺍﻟﻤﺭﺼﻔﺎﻭﻱ ،ﺤﺴﻥ ﺼﺎﺩﻕ ،1972 ،ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘـﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ،
ﻤﻌﻬﺩ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ.
ﻤﺼﻁﻔﻰ ،ﻤﺤﻤﻭﺩ ﻤﺤﻤﻭﺩ ،1983 ،ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﻤﻁﺒﻌـﺔ
ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﺍﻟﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭﺓ.
ﺍﻟﻤﻁﻴﺭﻱ ،ﻤﺭﺯﻭﻕ ﺒﻥ ﻓﻬﺩ ﻤﺭﺯﻭﻕ ،2004 ،ﺃﺜﺭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴـﺔ
ﻓﻲ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺯﻨﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺘﻁﺒﻴﻘﺎﺘﻬـﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜـﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ
ﺍﻟﺴﻌﻭﺩﻴﺔ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻨﺎﻴﻑ ﻟﻠﻌﻠﻭﻡ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ.
ﻤﻬﺩﻱ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺅﻭﻑ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ،ﺍﻟﺠﺭﻴﻤـﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ.
ﻨﻤﻭﺭ ،ﻤﺤﻤﺩ ﺴﻌﻴﺩ ،2005 ،ﺃﺼﻭل ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺸـﺭﺡ ﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ﺃﺼـﻭل
ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﻋﻤﺎﻥ.
ﻭﺯﻴﺭ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻤﺭﺴﻰ ،1983 ،ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ،ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ
ﺘﺄﺼﻴﻠﻴﺔ ،ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﻜﻠﻴـﺔ ﺍﻟﺤﻘـﻭﻕ ،ﺠﺎﻤﻌـﺔ
ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺭﺓ.
98
ﻭﺯﻴﺭ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻤﺭﺴﻰ ،1991 ،ﺸﺭﺡ ﻗـﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒـﺎﺕ ،ﺍﻟﻘـﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
ﻭﺯﻴﺭ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ،ﻤﺭﺴﻰ ،1991 ،ﻋﻠﻡ ﺍﻹﺠﺭﺍﻡ ﻭﻋﻠﻡ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﺍﻟﺠـﺯﺀ ﺍﻷﻭل ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ.
99