1
1
1
ﻭﺃﻭﺿﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺳﻬﻤﺖ
ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ،ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺇﱃ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﺍﳊﺎﺿﺮ ،ﻭﻫﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﰲ
ﺑﺬﻝ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﳌﺨﻠﺼﺔ ﺍﳌﻄﻮﺭﺓ ﻟﻼﻧﺘﻔﺎﻉ ﺎ.
ﻛﻤـﺎ ﰎ ﰲ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﺒﺤـﺚ ﻋﺮﺽ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ
ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ،ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻠﺢ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﳌﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ
ﲢﻘﻴﻖ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺗﻮﻓﲑ ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻪ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻭﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ،ﻭﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﳌﻮﺍﻫﺐ ﻭﺍﳌﻌﺎﺭﻑ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﻫﻀﺔ ،ﺍﻟﱵ ﲢﺎﻭﻝ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﻔﺠﻮﺓ
ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ.
* ﺃﺳـﺘﺎﺫ ﺍﻟﻔﻘـﻪ ﺍﳌﻘﺎﺭﻥ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺑﻘﺴﻢ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﲜﺎﻣﻌﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﺳﻌﻮﺩ
ﺑﺎﻟﺮﻳﺎﺽ
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻷﻭﻝ
ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺣﻜﻤﻪ ﻭﺃﻫﺪﺍﻓﻪ
ﺃﻭﻻﹰ :ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻟﻐﺔ :ﺍﻟﻮﻗﻒ )ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﻮﺍﻭﻭﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﻑ( :ﺍﳊﺒﺲ )ﺑﻔﺘﺢ
ﺍﳊـﺎﺀ ﻭﺳـﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﺎﺀ( .ﻭﳘﺎ ﻣﺼﺪﺭﺍﻥ ﻟﻠﻔﻌﻠﲔ :ﻭﻗﻒ ،ﻭﺣﺒﺲ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﳍﻢ:
ﻭﻗﻒ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺌﺮﺍﹰ :ﺣﺒﺴﻬﺎ ﰲ ﺳﺒﻞ ﺍﳋﲑ ،ﻟﻠﺴﻘﺎﻳﺔ ﻭﳓﻮﻫﺎ .ﺃﻣﺎ ﻗﻮﳍﻢ :ﺃﻭﻗﻒ )ﺑﺎﳍﻤﺰ(
ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺌﺮﺍﹰ ،ﻓﻬﻲ ﻟﻐﺔ ﺭﺩﻳﺌﺔ ﻏﲑ ﻓﺼﻴﺤﺔ).(١
ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺼﺪﺭ ،ﻳﻄﻠﻖ ﺃﻳﻀﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻮﻗﻮﻑ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ
ﺑـﺎﺏ ﺇﻃـﻼﻕ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﺳﻢ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ،ﻛﻘﻮﳍﻢ :ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﺤﻒ ﻭﻗﻒ .ﺃﻱ:
ﻣﻮﻗﻮﻑ).(٢
ﻭﳚﻤـﻊ ﻟﻔـﻆ )ﺍﻟﻮﻗـﻒ( ﻋﻠﻰ ﻭﻗﻮﻑ ،ﻭﺃﻭﻗﺎﻑ) ،(٣ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﳍﻢ :ﻭﺯﺍﺭﺓ
ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ.
ﺛﺎﻧﻴﺎﹰ :ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﹰ :ﺍﻟﻮﻗﻒ ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﹰ ﻟﻪ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﳜﺘﻠﻒ
ﺑﻌﻀـﻬﺎ ﻋـﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﹰ ﺟﺰﺋﻴﺎﹰ ،ﻭﻟﻌﻞ ﺃﻧﺴﺒﻬﺎ ﺃﻧﻪ:ﺣﺒﺲ ﺍﻟﻌﲔ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻤﻠﻴﻚ ،ﻣﻊ
ﺍﻟﺘﺼﺪﻕ ﲟﻨﻔﻌﺘﻬﺎ).(٤
ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ﲝﺒﺲ ﺍﻟﻌﲔ :ﺇﻣﺴﺎﻛﻬﺎ )ﻛﺎﻷﺭﺽ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ( ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻭﺍﳍﺒﺔ ﻭﳓﻮﻫﺎ ﻣﻦ
ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻤﻠﻴﻚ.
ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻕ ﲟﻨﻔﻌﺘﻬﺎ :ﲤﻜﲔ ﺟﻬﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ )ﻛﺎﻟﻔﻘﺮﺍﺀ( ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺑﺜﻤﺎﺭﻫﺎ
ﻭﻏﻼﳍﺎ.
ﻭﻳﻌـﻮﺩ ﺳﺒﺐ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻟﻪ ﺃﺻﻼﹰ ﰲ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﻟﻌﻤﺮ ﺍﺑﻦ
ﺍﳋﻄﺎﺏ ﰲ ﺃﺭﺽ ﻟﻪ ﺃﺻﺎﺎ ﲞﻴﱪ) :ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﺣﺒﺴﺖ ﺃﺻﻠﻬﺎ ،ﻭﺗﺼﺪﻗﺖ ﺎ( ).(١
ﺃﻱ :ﺗﺼﺪﻗﺖ ﲟﻨﻔﻌﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ).(٢
ﺛﺎﻟـﺜﺎﹰ :ﺍﻷﻟﻔـﺎﻅ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼـﻠﺔ ﺑﺎﻟﻮﻗﻒ :ﻟﻠﻮﻗﻒ ﻣﺘﺮﺍﺩﻓﺎﺕ ﻭﺭﺩﺕ ﰲ ﺑﻌﺾ
ﺍﻷﺣﺎﺩﻳـﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ،ﻭﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ،ﻣﻨﻬﺎ :ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ،ﻭﲨﻌﻪ :ﺳﺒﻞ) ،(٣ﻭﺍﻟﺘﺄﺑﻴﺪ،
ﻛﻘﻮﳍﻢ :ﺃﺑﺪﺕ ﺍﻷﺭﺽ :ﻭﻗﻔﺘﻬﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻣﺆﺑﺪ ﺍﳌﺪﺓ ) .(٤ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ
ﺍﻷﺻـﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺣﺪﻳﺚ) :ﺇﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﻋﻤﻠﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ :ﺇﻻ ﻣﻦ ﺻﺪﻗﺔ ﺟﺎﺭﻳﺔ ،ﺃﻭﻋﻠﻢ ﻳﻨﺘﻔﻊ )(١
ﺑﻪ ،ﺃﻭﻭﻟﺪ ﺻﺎﱀ ﻳﺪﻋﻮﻟﻪ( .ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ١٢٥/٣
ﺍﻷﺻـﻞ ﰲ ﻫـﺬﺍ ﻣـﺎ ﺟـﺎﺀ ﰲ ﺣﺪﻳـﺚ ﻋﻤﺮ ﺍﻵﻧﻒ ﰲ ﺃﺭﺿﻪ ﲞﻴﱪ ،ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺍﻟﺼﺤﺎﺡ ﻭﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ﺍﶈﻴﻂ )(٢
ﻭ ﺍﳌﻌﺠﻢ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ :ﻣﺎﺩﺓ )ﺣﺒﺲ( ﻭ)ﻭﻗﻒ(.
ﺍﳌﺼﺒﺎﺡ ﺍﳌﻨﲑ :ﻣﺎﺩﺓ) :ﺣﺒﺲ(. )(٣
ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ٢١٠/٢ﻭﺍﻟﺜﻤﺮ ﺍﻟﺪﺍﱐ ﺹ.٥٤٩ )(٤
ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ٤٠/٣ﻭﻣﻨﺢ ﺍﳉﻠﻴﻞ ٣٣/٤ﻭﺃﺳﲎ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ٤٥٧/٢ﻭﺍﻹﻧﺼﺎﻑ .٣/٧ )(٥
ﺍﳌﺒﺪﻉ ٣١٢/٥ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ٤٠/٣ﻭﻣﻨﺢ ﺍﳉﻠﻴﻞ ٣٣/٤ﻭﺃﺳﲎ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ .٤٥٧/٢ )(٦
ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱄ :ﻟﻠﺮﺟﺎﻝ ﻧﺼﻴﺐ ﳑﺎ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺍﻥ ﻭﺍﻷﻗﺮﺑﻮﻥ ﻭﻟﻠﻨﺴﺎﺀ ﻧﺼﻴﺐ ﳑﺎ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻮﻟﺪﺍﻥ )(٧
ﻭﺍﻷﻗﺮﺑﻮﻥ ﳑﺎ ﻗﻞ ﻣﻨﻪ ﺃﻭﻛﹶﺜﹸﺮ ﻧﺼﻴﺒﺎﹰ ﻣﻔﺮﻭﺿﺎﹰ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.٧/
ﻭﺭﺩ ـﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔـﻆ ﰲ ﺍﳌﻐـﲏ ١٨٥/٨ﻭﻧﻴﻞ ﺍﻷﻭﻃﺎﺭ ٢٣ - ٢٢/٦ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻷﻟﺒﺎﱐ ﰲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ )(٨
ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ٢٩٣/١ﺃﻥ ﻟﻔﻈﻪ)) :ﻻ ﺣﺒﺲ -ﺃﻱ :ﻭﻗﻒ -ﺑﻌﺪ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ(( ﻭﺃﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ ﺃﺧﺮﺟﻪ
ﺍﻟﻄﺤﺎﻭﻱ ﰲ ﺷﺮﺡ ﺳﻨﻦ ﺍﻵﺛﺎﺭ ٢٥٠/٢ﻭﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ١١٤/٣ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﰲ ﺳﻨﻨﻪ ١٦٢/٦ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ
ﺍﺑﻦ ﳍﻴﻌﺔ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﳍﻴﻌﺔ ،ﻋﻦ ﻋﻜﺮﻣﺔ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﺎﻝ :ﲰﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻳﻘـﻮﻝ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻧﺰﻟﺖ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻓﺮﺿﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ،ﻓﺬﻛﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ .ﻭﺍﺑﻦ ﳍﻴﻌﺔ ﻭﺃﺧﻮﻩ ﺿﻌﻴﻔﺎﻥ ﻋﻨﺪ
ﺃﻫﻞ ﺍﳊﺪﻳﺚ .ﺇ.ﻫـ
ﻭﺍﺳـﺘﺪﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﲜﻮﺍﺯ ﺍﻟﻮﻗﻒ ،ﺑﺄﺩﻟﺔ ﻛﺜﲑﺓ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ،ﻓﻴﻬﺎ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺘﻪ ﻭﺍﻟﺘﺮﻏﻴﺐ ﰲ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻓﻀﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺃﺟﺮﻩ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﺫﻟﻚ
ﳌﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﳋﲑ ﻭﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ:
ﺍﻟﺪﻟـﻴﻞ ﺍﻷﻭﻝ :ﺣﺪﻳـﺚ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﻗﺎﻝ) :ﺇﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﺍﻧﻘﻄـﻊ ﻋﻤﻠـﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ :ﺇﻻ ﻣﻦ ﺻﺪﻗﺔ ﺟﺎﺭﻳﺔ ،ﺃﻭﻋﻠﻢ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ،ﺃﻭﻭﻟﺪ ﺻﺎﱀ
ﻳﺪﻋﻮﻟﻪ( ) .(١ﻭﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﺍﳉﺎﺭﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻫﻲ :ﺍﻟﻮﻗﻒ).(٢
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﻗﺪﻡ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ
ﻭﻟـﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﺀ ﻳﺴﺘﻌﺬﺏ ﻏﲑ ﺑﺌﺮ ﺭﻭﻣﺔ ﻓﻘﺎﻝ) :ﻣﻦ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﺑﺌﺮ ﺭﻭﻣﺔ ،ﻓﻴﺠﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ
ﺩﻟﻮﻩ ﻣﻊ ﺩﻻﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﲞﲑ ﻟﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍﳉﻨﺔ؟( ﻗﺎﻝ :ﻓﺎﺷﺘﺮﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻠﺐ ﻣﺎﱄ).(٣
ﻭﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ :ﺃﻥ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﺷﺘﺮﻯ ﺑﺌﺮ ﺭﻭﻣﺔ ﲞﻤﺴﺔ ﻭﺛﻼﺛﲔ ﺃﻟﻒ ﺩﺭﻫﻢ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﱯ ) :ﺍﺟﻌﻠﻬﺎ ﺳﻘﺎﻳﺔ )ﺳﺒﻴﻼﹰ( ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ،ﻭﺃﺟﺮﻫﺎ ﻟﻚ( ﻓﻔﻌﻞ).(٤
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ :ﺃﺻﺎﺏ ﻋﻤﺮ ﺃﺭﺿﺎﹰ ﲞﻴﱪ
ﻓـﺄﺗﻰ ﺍﻟﻨﱯ ﻳﺴﺘﺄﻣﺮﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻘﺎﻝ :ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ،ﺇﱐ ﺃﺻﺒﺖ ﺃﺭﺿﺎﹰ ﲞﻴﱪ ،ﱂ ﺃﺻﺐ
ﻣـﺎﻻﹰ ﻗﻂ ﺃﻧﻔﺲ ﻋﻨﺪﻱ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻤﺎ ﺗﺄﻣﺮ ﺑﻪ؟ ﻗﺎﻝ :ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﺣﺒﺴﺖ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﻭﺗﺼﺪﻗﺖ
ـﺎ .ﻗﺎﻝ :ﻓﺘﺼﺪﻕ ﺎ ﻋﻤﺮ ،ﺃﻧﻪ :ﻻ ﻳﺒﺎﻉ ،ﻭﻻ ﻳﻮﻫﺐ ،ﻭﻻ ﻳﻮﺭﺙ ،ﻭﺗﺼﺪﻕ ﺎ ﰲ
ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻘﺮﰉ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ ﻭﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ،ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ،ﻭﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ،ﻻ ﺟﻨﺎﺡ
ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻭﻟﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﻳﻄﻌﻢ ﻏﲑ ﻣﺘﻤﻮﻝ )… .(١
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺣﺪﻳﺚ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ :ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ) :ﻭﺃﻣﺎ ﺧﺎﻟﺪ -
ﻳﻌـﲏ :ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ - ﻓﺈﻧﻜﻢ ﺗﻈﻠﻤﻮﻥ ﺧﺎﻟﺪﺍﹰ ،ﻗﺪ ﺍﺣﺘﺒﺲ ﺃﺩﺭﺍﻋﻪ ﻭﺍﻋﺘﺪﻩ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﷲ( ).(٢
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ:ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻧﺲ ﻗﺎﻝ :ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻨﱯ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﺍﳌﺴﺠﺪ ،ﻓﻘﺎﻝ) :ﻳﺎ ﺑﲏ
ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ،ﺛﺎﻣﻨﻮﱐ ﲝﺎﺋﻄﻜﻢ ﻫﺬﺍ( ،ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ :ﻻ ﻭﺍﷲ ،ﻻ ﻧﻄﻠﺐ ﲦﻨﻪ ﺇﻻ ﺇﱃ ﺍﷲ( ).(٣
ﺍﻟﺪﻟـﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ :ﻗﻮﻝ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ) :ﱂ ﻳﻜﻦ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺫﻭﻣﻘﺪﺭﺓ ﺇﻻ ﻭﻗﻒ( ).(٤
ﻫـﺬﺍ ،ﻭﻫـﻨﺎﻙ ﺃﺩﻟﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻭﻗﺎﺋﻊ ﻛﺜﲑﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ
ﻣﺸـﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻭﺟﻮﺍﺯﻩ ﻭﺍﺳﺘﺤﺒﺎﺑﻪ ،ﺑﻞ ﺫﻛﺮ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ :ﺃﻥ ﺍﻹﲨﺎﻉ ﻣﻨﻌﻘﺪ ﻋﻠﻰ
ﺫﻟـﻚ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ،ﱂ ﻳﻨﻜﺮﻩ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﺭ ﻣﻨﻬﻢ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻭﻗﻒ).(٥
ﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﲣﺮﳚﻪ ﰲ ﺍﳍﺎﻣﺶ ٥ﰲ ﺹ ٣ﻭﺍﳍﺎﻣﺶ ١ﰲ ﺹ .٤ )(١
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆ ﻭﺍﳌﺮﺟﺎﻥ ﺑﺮﻗﻢ .٥٦٩ )(٢
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆ ﻭﺍﳌﺮﺟﺎﻥ ﺑﺮﻗﻢ .٣٠١ )(٣
ﺍﻟﺬﺧﲑﺓ ٣٢٣/٦ﻭﺍﳌﻐﲏ ١٨٦/٨ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﺰﺧﺎﺭ ،١٤٨/٥ﻭﱂ ﺃﺟﺪﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺭﺟﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ. )(٤
ﺍﳌﻐﲏ .١٨٦/٨ )(٥
ﻭﳑﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﺣﺪﻳﺚ) :ﻣﻦ ﺑﲎ ﷲ ﻣﺴﺠﺪﺍﹰ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﺑﻪ
ﻭﺟﻪ ﺍﷲ ،ﺑﲎ ﺍﷲ ﻟﻪ ﻣﺜﻠﻪ ﰲ ﺍﳉﻨﺔ( ) .(١ﻭﻻ ﳜﻔﻰ ﻣﺎ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﻣﻦ ﺩﻭﺭ ﻣﻬﻢ ﻭﻓﻌـﺎﻝ
ﰲ ﺍﻟـﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻹﺳـﻼﻡ ،ﻭﻧﺸـﺮ ﻗﻴﻤﻪ ﻭﻓﻀﺎﺋﻠﻪ ،ﻭﺗﻌﻤﻴﻖ ﺍﳌﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻭﺻﻴﺎﻏﺔ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﻬﺾ ﺑﺎﺘﻤﻊ.
ﺃﻣﺎ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﺇﱃ ﳎﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﳌﻌﻴﺸﻴﺔ ﻓﻴﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺜﻤﺎﻥ
ﰲ ﺑـﺌﺮ ﺭﻭﻣﺔ ﻭﺣﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺃﺭﺽ ﺧﻴﱪ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺃﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ:
ﺗﻮﻓﲑ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﻭﺍﻟﺮﻱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ،ﻭﺗﻘﺪﱘ ﺍﶈﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﳍﻢ ﳎﺎﻧﺎﹰ ،ﻭﳓﻮﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻓﻴﻪ
ﻮﺽ ﲟﺴﺘﻮﻳﺎﻢ ﺍﳌﻌﻴﺸﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ..
ﻭﺃﻣﺎ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﺇﱃ ﳎﺎﻻﺕ ﻭﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻴﺪﻝ
ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺪﻳﺚ) :ﺇﻥ ﳑﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﳌﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻭﺣﺴﻨﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ :ﻋﻠﻤﺎﹰ ﻧﺸﺮﻩ ،ﻭﻭﻟﺪﺍﹰ
ﺻـﺎﳊﺎﹰ ﺗـﺮﻛﻪ ،ﻭﻣﺼﺤﻔﺎﹰ ﻭﺭﺛﻪ ،ﺃﻭﻣﺴﺠﺪﺍﹰ ﺑﻨﺎﻩ ،ﺃﻭﺑﻴﺘﺎﹰ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ،ﺃﻭﺮﺍﹰ ﺃﺟﺮﺍﻩ،
ﺃﻭﺻﺪﻗـﺔ ﺃﺧﺮﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ ﰲ ﺻﺤﺘﻪ ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ( ).(٢
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﻟﻠﻤﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ :ﺃﻥ ﲣﺼﻴﺺ ﺍﻟﻨﱯ ﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﳌﺼﺤﻒ ﻭﺍﳌﺴﺠﺪ
ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ،ﻓﻴﻪ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﻋﻈﻴﻢ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺮﻳﺎﺩﻱ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻱ ﰲ ﺍﺎﻻﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ
ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻓﻀﻼﹰ ﻋﻦ ﺍﺎﻻﺕ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﳌﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺆﺛﺮﺍﺕ ﺗﻌﻤﻞ
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﺃﻭﻻﹰ :ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻟﻐﺔ :ﻫﻲ ﻣﺼﺪﺭ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﺍﻟﺮﺑﺎﻋﻲ ﺍﳌﺘﻌﺪﻱ ﺑﺎﻟﺘﻀﻌﻴﻒ :ﳕﱠﻰ،
ﺃﻣـﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﺮﺩ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻓﻬﻮ :ﳕﺎ .ﻳﻘﺎﻝ ﳕﺎ ﺍﻟﺰﺭﻉ ،ﻭﳕﺎ ﺍﳌﺎﻝ ،ﳕﻮﺍﹰ .ﻭﻳﻘﺎﻝ :ﳕﱠﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ
ﺍﻟـﺰﺭﻉ،ﻭﳕﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳌﺎﻝ ﺗﻨﻤﻴﺔ ً … ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﻦ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ
ﻭﺍﻟﻜﺜﺮﺓ) .(١ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﺒﺪﻭ ﱄ ﺃﻥ ))ﺍﻟﻨﻤﻮ(( ﳛﺪﺙ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎﹰ ﺑﺬﺍﺗﻪ ،ﺃﻣﺎ ))ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ(( ﻓﻼ
ﺗﺘﻢ ﺑﺬﺍﺎ ،ﺑﻞ ﺑﺘﺪﺧﻞ ﺧﺎﺭﺟﻲ.
ﺛﺎﻧـﻴﺎﹰ :ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻐﺔ :ﻫﻲ ﺍﺳﻢ ﻣﺼﺪﺭ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ :ﺛﻘﻒ )ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﺜﺎﺀ
ﻭﺑﻜﺴـﺮ ﺍﻟﻘـﺎﻑ ﻭﺿـﻤﻬﺎ( .ﻭﺍﳌﺼﺪﺭ :ﺛﻘﻔﺎﹰ ﻭﺛﻘﻔﺎﹰ )ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﺜﺎﺀ ﻭﺑﺴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﻑ
) (١ﻗـﺎﻣﻮﺱ ﺍﳌﺼـﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳـﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﻣﺎﺩﺓ)) :ﺍﻟﺘﻨﻤﻴـﺔ(( ﺹ ١٦٥ -١٦٤
ﻭﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺹ ٢٠ﻭ.٢٢
) (٢ﺍﻟﻌﻠﻖ .١/
) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮﺩﺍﻭﻭﺩ ٣١٧/٣ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ٤٧/٥ﻭﺃﲪﺪ ﰲ ﺍﳌﺴﻨﺪ ١٩٦/٥ﻭﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺣﺴﻦ ﻛﻤﺎ ﰲ ﻫﺎﻣﺶ ﺟﺎﻣﻊ
ﺍﻷﺻﻮﻝ .٦/٨
) (٢ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻄـﱪﺍﱐ ﰲ ﺍﻷﻭﺳـﻂ ﻭﺃﺑﻮﻧﻌـﻴﻢ ﰲ ﺍﳊﻠﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﱪ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﰲ ﺳﻨﺪﻩ ﺿﻌﻒ ﻛﻤﺎ ﰲ
ﻛﺸﻒ ﺍﳋﻔﺎﺀ .١٢٦/٢
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ
ﻭﻗﻒ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﺃﻭﻻﹰ :ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﳌﺴﺠﺪ :ﻟﻴﺲ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻜﺎﻧﺎﹰ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩﺓ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺇﻥ
ﻟـﻪ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺫﻟﻚ ﺩﻭﺭﺍﹰ ﺑﺎﻟﻎ ﺍﻷﳘﻴﺔ ،ﰲ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺇﺿﺎﻓﺔ
ﺇﱃ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺼﺪﺭ ﺇﺷﻌﺎﻉ ﺗﺮﺑﻮﻱ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﻳﺘﻌﺎﺿﺪ ﻣﻊ ﺩﻭﺭ
ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻭﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ.
ﻣـﻦ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﺗﺸﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ ،ﻭﻳﻨﺒﻌﺚ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺪﻳﲏ ،ﻭﻳﻌﺮﻑ
ﺍﳊﻼﻝ ﻭﺍﳊﺮﺍﻡ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﻛﺜﺮﺓ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﳌﻀﻠﻠﺔ.
ﻭﻓـﻴﻪ ﺗﻌـﺮﻑ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺁﺩﺍﺑﻪ ﻭﺃﺣﻜﺎﻣﻪ ،ﻭﳚﺪ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﺍﳊﺴﻨﺔ،
ﻭﳛـﺎﻛﻲ ﺍﻟﺼـﺎﳊﲔ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ،ﻭﻳﺘﻌﻠﻢ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻲ
ﺑﺎﻷﻣﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ،ﻭﲢﻤﻞ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺑﻌﺰﻡ ﻭﺭﺟﻮﻟﺔ ،ﻭﺍﳊﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻀﺒﺎﻁ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ،
ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ،ﻭﺗﻌﻮﺩ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ….
ﻭﻓـﻴﻪ ﻳﻌـﺮﻑ ﺍﻟﻔـﺮﺩ ﻭﻇﻴﻔﺘﻪ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ،ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ،ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻷﺳﺮﺓ
ﻭﺍﳉـﲑﺍﻥ ﻭﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ،ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻭﻳﺮﺍﻩ ﻣﻦ ﺧﻄﺐ ﻭﻣﻮﺍﻋﻆ
ﻭﺩﺭﻭﺱ ﻋﻠﻤﻴﺔ ،ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺳﻢ ﻭﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﻭﰲ ﻏﲑﻫﺎ … .ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ
ﻓﺄﻣـﺎ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻓﺮﺃﻯ ﻓﺮﺟﺔ ﰲ ﺍﳊﻠﻘﺔ ﻓﺠﻠﺲ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺠﻠﺲ ﺧﻠﻔﻬﻢ..
ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮﻍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻗﺎﻝ )ﺃﻻ ﺃﺧﱪﻛﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺮ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ؟ :ﺃﻣﺎ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻓﺄﻭﻯ ﺇﱃ ﺍﷲ
ﻓﺂﻭﺍﻩ ﺍﷲ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺎﺳﺘﺤﻴﺎ ،ﻓﺎﺳﺘﺤﻴﺎ ﺍﷲ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺄﻋﺮﺽ ،ﻓﺄﻋﺮﺽ ﺍﷲ
ﻋﻨﻪ( ).(١
ﻭﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﻧﻪ ﻣﺮ ﺑﺴﻮﻕ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻓﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻓﻘﺎﻝ :ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻮﻕ،
ﻣـﺎ ﺃﻋﺠﺰﻛﻢ! ﻗﺎﻟﻮﺍ :ﻭﻣﺎ ﺫﺍﻙ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ؟ ﻗﺎﻝ :ﺫﺍﻙ ﻣﲑﺍﺙ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻳﻘﺴﻢ
ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ؟ ﺃﻻ ﺗﺬﻫﺒﻮﻥ ﻓﺘﺄﺧﺬﻭﻥ ﻧﺼﻴﺒﻜﻢ ﻣﻨﻪ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ :ﻭﺃﻳﻦ ﻫﻮ؟ ﻗﺎﻝ :ﰲ ﺍﳌﺴﺠﺪ،
ﻓﺨﺮﺟﻮﺍ ﺳِﺮﺍﻋﺎﹰ ،ﻭﻭﻗﻒ ﺃﺑﻮﻫﺮﻳﺮﺓ ﳍﻢ ﺣﱴ ﺭﺟﻌﻮﺍ ﻓﻘﺎﻝ ﳍﻢ :ﻣﺎ ﻟﻜﻢ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ :ﻳﺎ ﺃﺑﺎ
ﻫﺮﻳﺮﺓ ،ﻗﺪ ﺃﺗﻴﻨﺎ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﻓﺪﺧﻠﻨﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻓﻠﻢ ﻧﺮ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎﹰ ﻳﻘﺴﻢ! ﻓﻘﺎﻝ ﳍﻢ :ﻭﻣﺎ ﺭﺃﻳﺘﻢ ﰲ
ﺍﳌﺴـﺠﺪ ﺃﺣـﺪﺍﹰ؟ ﻗـﺎﻟﻮﺍ :ﺑﻠﻰ ،ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻗﻮﻣﺎﹰ ﻳﺼﻠﹼﻮﻥ ،ﻭﻗﻮﻣﺎﹰ ﻳﻘﺮﺅﻭﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻭﻗﻮﻣﺎﹰ
ﻳﺘﺬﺍﻛﺮﻭﻥ ﺍﳊﻼﻝ ﻭﺍﳊﺮﺍﻡ ،ﻓﻘﺎﻝ ﳍﻢ ﺃﺑﻮﻫﺮﻳﺮﺓ :ﻭﳛﻜﻢ ،ﻓﺬﺍﻙ ﻣﲑﺍﺙ ﳏﻤﺪ .(٢)
ﻭﺇﺿـﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻘﺪ ﰲ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ،ﻛﺎﻧﺖ
ﻫـﻨﺎﻙ ﺧﻄﺐ ﺍﳉﻤﻊ ﻭﺍﻷﻋﻴﺎﺩ ﻭﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ،
ﻓﻴﻌﺎﳉﻬﺎ ﺍﻟﻨﱯ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ،ﺑﺎﻹﺭﺷﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺜﻘﻴﻒ …
ﻭﻛـﻢ ﺧـﺮﺝ ﺍﳌﺴـﺠﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ -ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ -ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﺔ ﻭﺗﺎﺑﻌﲔ ،ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ
ﻭﻣﺪﺭﺳﲔ ﰲ ﺷﱴ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﺍﻧﺘﺸﺮﻭﺍ ﰲ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻷﺭﺽ ﻳﺒﻠﹼﻐﻮﻥ ﺍﻟﺪﻳـﻦ ﻭﻳﻌﻠﻤﻮﻥ
ﻭﻛـﻢ ﺗﺮﺩﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺎﻣﻊ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻓﺬﺍﺫ ﻭﻃﻼﺏ ﻋﻠﻢ ،ﻣﻠﺆﻭﺍ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺧﲑﺍﹰ
ﻭﺑﺮﺍﹰ ،ﻭﻓﻀﻼﹰ ﻭﻋﻠﻤﺎﹰ ،ﻭﺗﺼﻨﻴﻔﺎﹰ ﻭﲢﻘﻴﻘﺎﹰ …
ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ :ﺍﳉﺎﻣﻊ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ
-ﻭﻻﻳﺰﺍﻝ -ﻳﻘﺼﺪﻩ ﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺷﱴ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﻭﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ،ﻟﻴﻨﻬﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ
ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ)….(١
ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﺃﻳﻀﺎﹰ :ﻣﺴﺠﺪ ﺍﻟﻘﲑﻭﺍﻥ ﻭﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻧﺔ ﺑﺘﻮﻧﺲ ،ﻭﺟﺎﻣﻊ
ﺍﻟﻘـﺮﻭﻳﲔ ﺑﺎﳌﻐـﺮﺏ ،ﻭﺟﺎﻣﻊ ﻧﻴﺴﺎﺑﻮﺭ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺟﺎﻣﻊ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﰲ
ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ،ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻫﻮﻣﻨﺘﺸﺮ ﰲ ﺃﺻﻘﺎﻉ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﺪﳝﺎﹰ ﻭﺣﺪﻳﺜﺎﹰ.
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺃﻥ ﻋﺪﺩ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟـﺚ ﺍﳍﺠﺮﻱ
-ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﺍﳌﻴﻼﺩﻱ -ﺑﻠﻎ ﺳﺘﻤﺎﺋﺔ ﻣﺴﺠﺪ).(٢
ﻭﻻ ﻳـﺰﺍﻝ ﺍﳌﺴـﻠﻤﻮﻥ ﻳﺪﺭﻛـﻮﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﺛﺮ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﰲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ
ﺍﳌﺴـﻠﻤﺔ ،ﺍﳌﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ،ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺍﻟﱵ
ﲤـﺎﺭﺱ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻱ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ،ﻭﳍﺬﺍ ﺣﺮﺻﺖ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﻭﻣـﻨﻬﺎ ﺍﳌﻤﻠﻜـﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺇﺷﺎﺩﺓ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﻭﺭﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ
ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ،ﻭﺗﻔﻌﻴﻞ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺮﺻﺖ ﺍﳉﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﳌﺴﻠﻤﺔ ﺍﳌﻘﻴﻤﺔ ﰲ
ﻏﲑ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﻭﻭﻗﻔﻬﺎ ،ﺣﱴ ﺑﻠﻎ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﰲ ﻫﻮﻟﻨﺪﺍ -ﻣﺜﻼﹰ-
ﲦﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﺴﺠﺪﺍﹰ ،ﺑﻞ ﺑﻠﻎ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺮﻭﻛﺴﻞ -ﻭﺣﺪﻫﺎ -ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ
ﻋﺸـﺮﻳﻦ ﻣﺴﺠﺪﺍﹰ ) ،(١ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻓﺴﺎﺡ ﺍﺎﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﰲ ﺃﺩﺍﺀ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ
ﻭﲢﻘـﻴﻖ ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﺎ ﰲ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﺑﻌﺚ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ،
ﻭﻧﺸﺮ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻭﺍﺘﻤﻌﻲ ﰲ
ﻧﻔﻮﺱ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﺰﺍﻳﺪ ﺃﻋﺪﺍﺩﻫﻢ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺻﻘﺎﻉ.
ﺧﺎﻣﺴـﺎﹰ :ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺕ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ :ﲢﺘﺎﺝ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﺇﱃ ﺩﻋﺎﺋﻢ ﺑﺸﺮﻳﺔ
ﺗﺴﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﺗﺘﻔﺮﻍ ﳊﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌﺎﺋﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ،
ﻭﺗﺒﺬﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻟﻄﻼﻤﺎ.
ﻭﻗﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﶈﺴﻨﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻓﻮﻗﻔﻮﺍ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ -ﺍﳌﻨﻘﻮﻟﺔ
ﻭﻏـﲑ ﺍﳌﻨﻘﻮﻟﺔ -ﻋﻠﻰ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﻭﺧﻄﺒﺎﺋﻬﺎ ﻭﺍﳌﻌﻠﻤﲔ ﻭﺍﳌﺆﺫﻧﲔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻭﻗﻔﻮﺍ
ﻋـﻠﻰ ﻃـﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳚﻠﺴﻮﻥ ﰲ ﺣﻠﻘﺎﺎ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﺑﺮﻋﺎﻳﺘﻬﺎ
ﻭﺇﺿـﺎﺀﺎ ﻭﺗﻨﻈـﻴﻔﻬﺎ … ﻭﻳﺴـﺮﻭﺍ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻜﲎ ﻭﺍﳌﻌﻴﺸﺔ) ،(٢ﻟﻀﻤﺎﻥ
ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﻢ ﰲ ﺃﺩﺍﺀ ﺭﺳﺎﻟﺘﻬﻢ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ،ﻭﺇﳚﺎﺩ ﺍﻟﻔﺮﺩ
ﺍﻟﺼﺎﱀ ﰲ ﺷﱴ ﻣﻴﻮﻟﻪ ﻭﺍﲡﺎﻫﺎﺗﻪ.
) (١ﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺹ ٧٩ﻭﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﺹ ١٢٥ﻭ ١٢٩ﻭ ١٣١ﻭ.١٧١
) (٢ﺍﳌﻌﻴﺎﺭ ١١٢/٧ﻭ ٢٧٢ﻭﳎﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ٧٠/٣١ﻭ ٢١٢ﻭﺍﳌﺮﺟﻌﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺎﻥ.
) (٣ﺍﳌﻌﻴﺎﺭ ٣٤٣/٧ﻭﳎﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ٧٠ - ٦٩/٣١ﻭ.٢٠٨
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ
ﻭﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ )ﻣﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻲ( ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
) (١ﺍﳌﻌﺠﻢ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ :ﻣﺎﺩﺓ )ﻛﺘﺐ( .ﻭﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﺹ ١٢٩ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺍﳌﻌﻠﻤﲔ ﺹ .٤٥ – ٤١
) (٢ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ﺹ ،١٦٠ﻭﱂ ﺃﺟﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﱪ ﻓﻴﻤﺎ ﺭﺟﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ.
ﻭﱂ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺒﻨﺎﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺼﻴﺐ ،ﻭﻛﻢ
ﺧﻠﹼﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﲰﺎﺀ ﻧﺴﺎﺀ ﺗﻌﻠﹼﻤﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﺓ).(١
ﻭﳑـﺎ ﻳﺮﻭﻯ ﺃﻥ ﻣﺆﺩﺑﺎﹰ ﻛﺎﻥ ﺑﻘﺼﺮ ﺍﻷﻣﲑ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻷﻏﻠﺐ ﺑﺘﻮﻧﺲ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻢ
ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﰲ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﰲ ﺁﺧﺮﻩ).(٢ﻓﻀﻼﹰ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﻣﻌﻠﻤﺎﺕ ﻓﺎﺿﻼﺕ ﺬﻩ
ﺍﳌﻬﻤﺔ).(٣
ﺭﺍﺑﻌـﺎﹰ :ﻣـﻦ ﻣﺸـﺎﻫﲑ ﺍﳌﻌﻠﻤﲔ ﰲ ﺻﺪﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ :ﺍﺗﺼﻒ ﻣﻌﻠﻤﻮﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ
ﺑﺎﳋﺼـﺎﻝ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪﺓ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺘﻮﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﺷﺘﻬﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺎﻑ
ﻭﺣﺴـﻦ ﺍﳋﻠﻖ ،ﻣﻊ ﺍﳋﱪﺓ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﰲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ،ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ
ﻋﻠﻮﻣﻬﻤـﺎ ،ﺇﺿـﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﳓﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﳌﺴﺎﻧﺪﺓ ،ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻄﻼﺏ.
ﻭﻣـﻦ ﻣﺸـﺎﻫﲑ ﺍﳌﻌﻠﻤﲔ ﺃﺑﻮﻋﻠﻲ ﺷﻘﺮﺍﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﳍﻤﺬﺍﱐ ﺍﳌﺘﻮﰱ ﺳﻨﺔ ١٦٨
ﻫﺠﺮﻳﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﻋﺒﺎﺩﻫﺎ).(٤
ﻭﻣـﻨﻬﻢ ﺃﺳﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ ﻓﺎﺗﺢ ﺻﻘﻠﻴﺔ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ٢١٣ﻫﺠﺮﻳﺔ،
ﻭﻛـﺎﻥ ﻗﺪ ﻋﻤﻞ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻌﻠﻤﺎﹰ ﻟﻸﻭﻻﺩ ،ﰒ ﺭﺣﻞ ﺇﱃ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﻟﻼﺳﺘﺰﺍﺩﺓ ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﰒ ﺗﻮﱃ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻘﲑﻭﺍﻥ ،ﰒ ﻓﺘﺢ ﺻﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺍﺷﺘﻬﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ
ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺳﻌﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ).(١
ﻭﻣـﻨﻬﻢ ﺣﺴﻨﻮﻥ ﺍﻟﺪﺑﺎﻍ ،ﻋﺎﺵ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﳍﺠﺮﻱ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ
ﺍﳌﺨﺒﺘﲔ).(٢
ﻭﻣـﻦ ﺍﳌﻌـﻠﻤﲔ ﻭﺍﳌﺆﺩﺑﲔ :ﳏﺮﺯ ﺑﻦ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺭﺯﻳﻦ ،ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ
ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،ﻭﻋﺎﺵ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺭﻋﺎﹰ ﺟﻠﻴﻼﹰ ﻣﻬﺎﺑﺎﹰ،
ﺗﻮﰲ ﺳﻨﺔ ٤١٣ﻫﺠﺮﻳﺔ).(٣
ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺻﺎﱀ ﺍﻟﻜﻠﱯ ،ﻭﺃﺑﻮﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ،ﻭﻣﻌﺒﺪ ﺍﳉﻬﲏ ،ﻭﻗﻴﺲ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ،
ﻭﻋﻄـﺎﺀ ﺑـﻦ ﺃﰊ ﺭﺑﺎﺡ ،ﻭﺍﻟﻜﻤﻴﺖ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ،ﻭﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﻛﺎﺗﺐ ﺑﲏ ﺃﻣﻴﺔ،
ﻭﺃﺑﻮﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼﹼﻡ ،ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ ،ﻭﺍﻷﻋﻤﺶ ،ﻭﺍﳊﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ).(٤
ﺧﺎﻣﺴـﺎﹰ :ﻧﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ :ﻗﺎﻡ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﻭﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﲑ
ﻣـﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ﺍﻟﱵ ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﰲ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﰲ ﻋﺮﺿﻬﺎ ،ﻭﻛﺜﲑﺍﹰ ﻣﺎ ﻭﻗﻒ
ﺍﻷﺛﺮﻳﺎﺀ ﺍﶈﺴﻨﻮﻥ ﺑﻌﺾ ﺃﻣﻮﺍﳍﻢ ﻟﻺﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ ﻭﺍﻟﻄﻼﺏ ،ﻭﻣﺎ ﳛﺘﺎﺟﻮﻧﻪ ﻣﻦ
ﻭﺳـﺎﺋﻞ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﻭﻣـﺮﺍﻓﻖ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ) ،(٥ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺮﻓﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ﲜﻮﺍﺋﺰ
ﻃـﺒﻘﺎﺕ ﻋـﻠﻤﺎﺀ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺹ ٨٠ﻭ ٨٣ﻭﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﳌﺪﺍﺭﻙ ٢٩١/٣ﻭ ٣٠٩ﻭﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻟﻠﺸﲑﺍﺯﻱ ﺹ )(١
١٥٥ﻭ.١٥٦
ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺹ .٦٤ )(٢
ﻣﻨﺎﻗﺐ ﳏﺮﺯ ﺑﻦ ﺧﻠﻒ ﺹ ١٧ﻭﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﳌﺪﺍﺭﻙ .٧١٥ – ٧١٢/٤ )(٣
ﺁﺩﺍﺏ ﺍﳌﻌﻠﻤﲔ .١٤٩ – ١٤٨ )(٤
ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﺴﺎﻛﺮ ٣٠٨/١ﻭ ٢٥/٣ﻭﻣﻌﺎﱂ ﺍﻹﳝﺎﻥ ٢٢٨/١ﻭ.٧٥/٢ )(٥
ﻭﻣﻜﺎﻓﺂﺕ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻭﻋﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﺭﲟﺎ ﺍﺷﺘﺮﻯ ﻟﻠﻤﺘﻌﻠﻤﲔ ﺍﻟﻔﺎﻛﻬﺔ ﻟﻴﺄﻛﻠﻮﻫﺎ ،ﻭﺍﻟﻄﻴﺐ ﻟﻴﺪﻫﻨﻮﺍ
ﺑﻪ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﻛﺮﺍﻣﺎﹰ ﳍﻢ ،ﻭﺗﺸﺠﻴﻌﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﹼﻢ ﻭﺍﻟﺪﺭﺱ).(١
ﺳﺎﺩﺳـﺎﹰ :ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ :ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ﰲ
ﺍﻟﻘـﻴﺎﻡ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ ﰲ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﰲ ﺷﱴ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ
ﻭﺍﳌﺪﻥ ﻭﺍﻟﻘﺮﻯ ،ﻭﺭﲟﺎ ﺗﻌﺪﺩﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ﰲ ﺍﳊﻲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻌﺪﺩﺕ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ.
ﻭﻗـﺪ ﺣﻔﻠـﺖ ﺍﳌﻜﺘـﺒﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﱵ ﺻﻨﻔﻬﺎ ﺍﳌﻌﻠﻤﻮﻥ
ﻭﺍﳌﺆﺩﺑﻮﻥ ،ﻭﺿﻤﻨﻮﻫﺎ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﳌﻌﻠﻢ ﻭﺍﳌﺘﻌﻠﻢ ،ﻭﻃﺮﻕ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﻭﺃﺣﻜﺎﻡ ﺫﻟﻚ
ﰲ ﺿـﻮﺀ ﺍﻟﻔﻘـﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺒﺪﺃ ﺎ ﰲ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻭﺃﺷﻬﺮ
ﺍﳌﻌـﻠﻤﲔ ﻭﺍﳌﺆﺩﺑﲔ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﺗﺆﻳﺪﻩ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ
ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ).(٢
ﺇﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺪ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﳌﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﺺ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ،ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺰﻭﺩﻫﻢ ﲟﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ،ﻭﺗﺼﻘﻞ ﻣﻮﺍﻫﺒﻬﻢ ،ﻭﺗﻨﻤﻲ ﺛﻘﺎﻓﺎﻢ
ﻭﻋﻠﻮﻣﻬﻢ ﻭﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻟﻴﺼﺒﺤﻮﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ.
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﳋﺎﻣﺲ
ﻭﻗﻒ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻮﻕ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻲ
ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﺃﻭﻻﹰ :ﺍﻧﺘﺸﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﺍﹰ ﻭﺍﺳﻌﺎﹰ ﻭﺳﺮﻳﻌﺎﹰ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﳘﻴﺔ ﻛﺒﲑﺓ
ﰲ ﺗﻮﻓﲑ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ )ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻭﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ( ﻭﺗﺄﻣﲔ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻣﺪﺭﺳﻴﻬﻢ ،ﻭﻣﺎ
ﻳﻠﺰﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﻓﻖ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﻭﲡﻬﻴﺰﺍﺕ ﻭﻧﻔﻘﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ.
ﻭﻳـﺮﻯ ﺑﻌـﺾ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺃﻥﹼ ﻛﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﱵ ﺃﻧﺸﺌﺖ ﰲ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻮﻗﻒ).(١
ﻭﻳﺆﻛـﺪ ﺑﺎﺣﺚ ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﻗﺎﺋﻤﺔ
ﻟﻠﻤﺪﺍﺭﺱ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ).(١
ﻟﻘـﺪ ﺃﺳـﻬﻢ ﺍﻟﻮﻗﻒ -ﲝﻖ -ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﹰ ﺑﺎﺭﺯﺍﹰ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ
ﺍﻟﺸـﺎﻣﻠﺔ ،ﻭﻴـﺌﺔ ﺍﻟﻈـﺮﻭﻑ ﺍﳌﻼﺋﻤﺔ ﻟﻺﺑﺪﺍﻉ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﺴﻬﻴﻼﺕ
ﻭﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﻭﻓﹼﺮﻫﺎ ﻭﺍﻗﻔﻮﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻨﻘﻠﻮﻥ ﺑﲔ
ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ،ﻭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺑﺄﻢ ﺳﻴﺠﺪﻭﻥ ﺳﺒﻞ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﺮﳝﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺘﻮﺍﻓﺮﺓ ،ﺃﻳﻨﻤﺎ
ﺫﻫﺒﻮﺍ ﻭﺣﻴﺜﻤﺎ ﺣﻠﹼﻮﺍ.
ﻭﻗـﺪ ﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﳕﺎﻁ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﻗﻄﺎﻉ ﻋﺮﻳﺾ ﻣﻦ ﺍﺘﻤﻊ :ﺧﻠﻔﺎﺀ ﻭﺣﻜﺎﻡ
ﻭﻭﺯﺭﺍﺀ ،ﻭﺃﺛﺮﻳﺎﺀ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ،ﻭﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﱪ ﻭﺍﳋﲑ).(٢
ﺛﺎﻧـﻴﺎﹰ :ﺃﻣﺎﻛﻦ ﻭﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ :ﻗﺎﻣﺖ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﲜﻮﺍﺭ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ
ﻋﻤﺎﺭـﺎ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺴﻌﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻝ ،ﻭﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺃﻧﻈﻤﺘﻬﺎ ﺍﳋﺎﺻﺔ
ﺍﻟﱵ ﺗﺴﲑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻋﺎﻫﺎ).(٣
ﺛﺎﻟـﺜﺎﹰ :ﺃﺷﻬﺮ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ :ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﺭ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻭﺍﳉﺎﻣﻌﺎﺕ
ﻭﺍﳌﻌﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ -ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ -ﻭﻛﺎﻧﺖ ﲤﻸ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺃﻗﺼﺎﻩ ﺇﱃ ﺃﻗﺼﺎﻩ،
ﻭﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ:
) (١ﺍﳌﻌـﻴﺎﺭ ١٣٠/٧ﻭ ١٣٤ﻭﺟﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ٣٤٨ – ٣٤٢/١ﻭﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ١٢٩ﻭﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺹ ٣٨ﻭ ٤٢ﻭ ٤٣ﻭ.٧٧
) (٢ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﺹ ١٢٩ﻭ ١٣٠ﻭ ١٣٤ﻭ.١٣٦
) (٣ﺟﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ٣٤٨-٣٤٢/١ﻭﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﺹ ١٣٠-١٢٩ﻭ.١٣٤
ﺩﻭﻥ ﻣﻘـﺎﺑﻞ) ،(١ﺑـﻞ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺍﻗﻔﲔ ﻳﻘﻔﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ ﻭﺍﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﻭﺍﳌـﺮﺍﺟﻊ ﻟﺘﻤﻜﻴـﻨﻬﻢ ﻣـﻦ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻔﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻜﺴﻮﺓ
ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ).(٢
ﻭﻗـﺪ ﺧﺼﺼﺖ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻭﺍﳌﻌﺎﻫﺪ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﻭﻗﻔﻴﺔ ﻛﺜﲑﺓ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻭﻋﻴﻨﻴﺔ ،ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﻘـﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﳊﻮﺍﻧﻴﺖ ﻭﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻭﺍﳊﻤﺎﻣﺎﺕ ﺍﳌﺆﺟﺮﺓ ،ﻭﳓﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﻓﻖ
ﻭﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﺭ ﻋﻮﺍﺋﺪ ﻭﺃﺭﺑﺎﺣﺎﹰ ﳐﺼﺼﺔ ﻟﻠﻤﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ).(٣
ﻭﺣﺴﺒﻨﺎ ﺩﻟﻴﻼﹰ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﺮﺓ ﺃﻭﻗﺎﻑ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻭﳓﻮﻫﺎ ﰲ ﺩﻣﺸﻖ ﺧﺎﺻﺔ ،ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﳌﺘﻮﰱ ﺳﻨﺔ ٦٧٦ﻫﺠﺮﻳﺔ ،ﱂ ﻳﻜﻦ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻮﺍﻛﻪ ﺩﻣﺸﻖ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻷﻥ
ﺃﻛـﺜﺮ ﺃﺭﺍﺿـﻴﻬﺎ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋـﻴﺔ ﻭﺑﺴـﺎﺗﻴﻨﻬﺎ ﺃﻭﻗﺎﻑ ،ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﻏﺘﺼﺒﻬﺎ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻈﺎﳌﲔ).(٤
ﺳﺎﺩﺳﺎﹰ :ﻭﻗﻒ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻴﻮﻡ :ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻥ ﻭﻗﻒ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻭﺍﳌﻌﺎﻫﺪ
ﻭﺍﳉﺎﻣﻌﺎﺕ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻧﺎﺷﻄﺎﹰ ﺣﱴ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﻓﻜﺜﲑﺓ ﻫﻲ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻡ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺍﻷﻫﺎﱄ
ﺑﺈﻧﺸﺎﺋﻬﺎ ﻭﺭﻋﺎﻳﺘﻬﺎ..
ﺟﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ٣٤٨-٣٤٢/١ﻭﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﺹ ١٣١-١٣٠ﻭ ١٣٤ﻭﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ )(١
ﺹ ٣٧ﻭ.٣٨
ﺍﳌﻌﻴﺎﺭ .١٣٠/٧ )(٢
ﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺹ ٨٩ﻭ ٩٥ﻭ ٣٢١ﻭ ٣٢٤ﻭﺍﳌﻌﻴﺎﺭ .٣٣٤/٧ )(٣
ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﺹ .١٣٦ )(٤
ﻭﳑـﺎ ﻳﻨـﺒﻐﻲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ :ﺍﳉﺎﻣﻌﺎﺕ ﻭﺍﳌﻌﺎﻫﺪ ﻭﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ
ﺍﻟﻜـﺜﲑﺓ ﺍﳊﻜﻮﻣـﻴﺔ ﻭﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﳌﻨﺘﺸﺮﺓ ﰲ ﻣﺪﻥ ﻭﻗﺮﻯ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﰲ
ﻏﲑﻫـﺎ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﺍﻷﻫﻠﻲ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﺑـﺪﰊ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼـﻴﺖ ﺍﻟﺸﺎﺋﻊ ،ﻭﺍﳌﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﺗﻨﺔ )ﺑﺎﳉﺰﺍﺋﺮ(
ﺍﳌﺸـﻬﻮﺭ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﰲ ﻋﻤﻮﻡ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻜﻠﺘﺎﻭﻳﺔ ﻭﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﺎﻧﻴﺔ
ﲝﻠـﺐ )ﰲ ﺳﻮﺭﻳﺔ( ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﲣﺮﺝ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻻﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻭﺍﳉﺎﻣﻌﺔ
ﺍﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟـﱵ ﺃﻧﺸﺌﺖ ﰲ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻫﻮﻟﻨﺪﺍ ﻋﺎﻡ ١٩٩٨ﻡ ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ ﻭﻗﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﻟﻴﺔ
ﻫﻨﺎﻙ .ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻛﺜﲑ ﰲ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ ﻭﺍﳌﺪﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺒﻞ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻡ
ﻭﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ﻭﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻬﺎﻡ ﰲ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﻭﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ،
ﺍﺑـﺘﻐﺎﺀ ﻭﺟـﻪ ﺍﷲ ﺗﻌـﺎﱃ ،ﻭﺭﻏﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺄﻓﺮﺍﺩ ﺍﻷﻣﺔ ،ﻭﺗﻨﻤﻴﺘﻬﻢ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎﹰ ﻭﻋﻠﻤﻴﺎﹰ
ﻭﺳﻠﻮﻛﻴﺎﹰ …
ﺳـﺎﺑﻌﺎﹰ :ﺩﻭﺭ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ :ﻳﺘﻀﺢ ﳑﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﺃﻥ ﻭﻗﻒ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ
ﻟـﻠﻤﺪﺍﺭﺱ ﺑﻜﺎﻓﺔ ﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﻭﻣﺮﺍﺣﻠﻬﺎ ،ﺃﺳﻬﻢ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﹰ ﻛﺒﲑﺍﹰ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﻴﺔ ،ﺣﻴـﺚ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﻟﻠﻤﻌﻠﻤﲔ ﻭﺍﳌﺘﻌﻠﻤﲔ ﻓﺮﺹ ﺍﻟﺘﺮﻗﻲ ﻭﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻣﻦ
ﺧـﻼﻝ ﺍﻟﺘﻔﺮﻍ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﰲ ﺇﺑﺪﺍﻉ
ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ،ﻭﺑﺮﻭﺯ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻭﻣﺸﺎﻫﲑ ﺳﻄﻌﺖ ﺃﲰﺎﺅﻫﻢ
ﰲ ﲰـﺎﺀ ﺍﳌﻌـﺮﻓﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﲝﺜﺎﹰ ﻭﺗﺄﻟﻴﻔﺎﹰ ﻭﺗﺼﻨﻴﻔﺎﹰ ﻭﲢﻘﻴﻘﺎﹰ ﻭﺇﺑﺪﺍﻋﺎﹰ ﻭﺗﻨﻈﲑﺍﹰ
ﻭﺗﺄﺻﻴﻼﹰ ﻭﲣﺮﳚﺎﹰ ،ﻻ ﻓﺮﻕ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ.
ﻭﻣـﻦ ﻫﺆﻻﺀ :ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﻛﺄﰊ ﻳﻮﺳﻒ
ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻭﺳﺤﻨﻮﻥ ﺍﳌﺎﻟﻜﻲ ،ﻭﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﻭﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ.
ﻭﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﲑ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﶈﺪﺛﲔ :ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳊﺪﻳﺜﻴﺔ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﻭﻏﲑﻫﻢ.
ﻭﻣـﻦ ﻣﺸﺎﻫﲑ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ :ﺃﺑﻮﲤﺎﻡ ﻭﺍﻟﺒﺤﺘﺮﻱ ﻭﺍﳌﺘﻨﱯ ﻭﺍﳉﺎﺣﻆ
ﻭﺍﺑﻦ ﺍﳌﻘﻔﻊ ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻷﺩﺏ.
ﻭﻫـﻨﺎﻙ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ ﻭﺍﻟﻄﺐ
ﻭﺍﻟﺼـﻴﺪﻟﺔ ،ﻣـﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﻄﱪﻱ ﻭﺍﻟﺒﻼﺫﺭﻱ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻷﺛﲑ ﻭﺍﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ ،ﻭﺍﻹﺩﺭﻳﺴﻲ
ﻭﺍﳋﻮﺍﺭﺯﻣـﻲ ﻭﻳﺎﻗﻮﺕ ﺍﳊﻤﻮﻱ ،ﻭﺍﻟﺒﲑﻭﱐ ﻭﺍﳊﺴﻦ ﺑﻦ ﺍﳍﻴﺜﻢ ﻭﺍﻟﻜﻨﺪﻱ ،ﻭﺍﻟﻄﻮﺳﻲ
ﻭﻋﻤﺮ ﺍﳋﻴﺎﻡ ،ﻭﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻭﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻛﺜﲑ ﳑﻦ ﺃﺳﻬﻢ ﰲ ﳕﻮﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭﻫﺎ ،ﲝﻴﺚ ﻏﺪﺕ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻳﻨﻌﻢ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺑﻔﻀﺎﺋﻠﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ..
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ
ﻭﻗﻒ ﺍﳌﻜﺘﺒﺎﺕ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ﺩﻭﺭ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﺭﺗﻘﺎﺀ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﻗﺪ
ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﻮﺍﻗﻔـﻮﻥ ﺃﳘﻴﺔ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﲡﻬﻮﺍ ﺇﱃ ﻭﻗﻒ ﺍﳌﻜﺘﺒﺎﺕ ،ﻭﻣﻠﺆﻭﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ
ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ،ﻭﻗﻞﹼ ﺃﻥ ﳚﺪ ﺍﳌﺮﺀ ﺑﻠﺪﺓ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻜﺘﺒﺔ
ﻭﻗﻔـﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻭﻋﺎﻣﺔ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﻛﺜﺮﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺑﺸﻜﻞ
ﻭﻛـﺎﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺦ ﳐﻄﻮﻃﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﺍﻟﻜـﺮﱘ ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ) ،(١ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ،
ﻭﲞﺎﺻـﺔ ﻣـﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ..ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ
ﻣﺮﺗﺎﺩﻭﺍﳌﺴـﺎﺟﺪ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺼﻠﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﺮﺩﺩﻫﻢ ﻋﻠﻰ
ﺣﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﻭﺍﳉﻮﺍﻣﻊ).(٢
ﺛﺎﻟﺜﺎﹰ :ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ :ﺍﻫﺘﻢ ﻭﺍﻗﻔﻮﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺑﺘﻮﻓﲑ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﺪﺩ ﳑﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻀﺪ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺭﻏﺒﺔ ﰲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺭﺍﻗﻴﺔ ﻣﺘﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﺗﻌﻮﺩ
ﺑﺎﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﻠﻢ ﻭﺍﳌﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﺘﻤﻊ.
ﻭﻣـﻦ ﻫـﻨﺎ ﻧﺸﺄﺕ ﺍﳌﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﺍﳌﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ،ﰒ ﻛﺎﻥ
ﻟﻠﻔﻀـﻼﺀ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﺍﻷﺛﺮﻳﺎﺀ ﻭﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﺸﺎﺭﻛﺎﺕ ﻻﺣﻘﺔ،
ﺃﺿﺎﻓﺖ ﻛﺘﺒﺎﹰ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﺇﱃ ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﺮﺍﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﻭﻭﻗﻔﻬﺎ ﰲ
ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ).(٣
ﻭﻣـﻦ ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﺪﺕ ﻋﱪ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ :ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﻣﺪﺍﺭﺱ
ﺍﻷﻣﲑ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﳌﺮﻳﲏ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻒ ﻛﺘﺒﺎﹰ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﱵ ﺑﻨﺎﻫﺎ ﰲ
ﻣﺪﻳﻨﱵ ﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﻟﻘﲑﻭﺍﻥ).(٤
ﻭﻣـﻨﻬﺎ :ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺰﻧﻜﻲ ﺑﺪﻣﺸﻖ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺰﺍﻧﺘﺎﻥ ﻣﻦ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ).(١
ﻭﻣﻨﻬﺎ :ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺍﺣﺘﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺐ ﻛﺜﲑﺓ،
ﻣـﻨﻬﺎ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﺑﻦ ﺍﻟﻨﻔﻴﺲ ،ﺍﳌﺘﻮﰱ ﰲ ﺳﻨﺔ ٦٨٧ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻒ
ﲨﻴﻊ ﻛﺘﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ).(٢
ﺧﺎﻣﺴـﺎﹰ :ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﻭﺍﻟﺮﺑﻂ ﻭﺍﳋﺎﻧﻘﺎﻫﺎﺕ) :(٣ﺍﻧﺘﺸﺮ ﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ
ﻭﻭﻗﻔﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﳍﺠﺮﻱ ،ﻭﻛﺎﻥ ﳑﻦ ﻳﺄﻭﻱ ﺇﻟﻴﻬﺎ :ﺍﻟﺰﻫﺎﺩ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻃﻼﺑﻪ
ﺍﻟﺮﺍﻏﺒﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ).(٤
ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﻭﻗﻔﻴﺔ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﻌﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ،
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ :ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻱ ﺑﺒﻐﺪﺍﺩ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺸﺄﻩ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﺪﻳﻦ ﺍﷲ ﰲ
ﻋﺎﻡ ٥٨٩ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ،ﻭﻭﻗﻒ ﻓﻴﻪ ﻛﺘﺒﺎﹰ ﻛﺜﲑﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ).(٥
ﻭﻣـﻦ ﺫﻟﻚ :ﻣﻜﺘﺒـﺔ ﺭﺑﺎﻁ ﺍﳌﺄﻣﻮﻧﻴﺔ ﺑﺒﻐﺪﺍﺩ ،ﻭﻣﻜﺘﺒﺔ ﺭﺑﺎﻁ ﺭﺑﻴﻊ ﲟﻜﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ
ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﺍﳍﺠﺮﻱ ،ﻭﻣﻜﺘﺒﺔ ﺭﺑﺎﻁ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻭﻣﻜﺘﺒﺔ ﺧﺎﻧﻘﺎﻩ ﺍﻟﺴﻤﻴﺴﺎﻃﻴﺔ
ﺑﺪﻣﺸﻖ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺍﳍﺠﺮﻱ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻛﺜﲑ).(١
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻜﺘﺒﺎﺕ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳌﺨﻄﻮﻃﺔ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ،ﰲ ﺷﱴ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ
ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ).(٢
ﺳﺎﺩﺳﺎﹰ :ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﳌﻘﺎﺑﺮ ﻭﺍﻟﺘﺮﺏ :ﻋﻤﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺍﻗﻔﲔ ﺇﱃ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﻗﺮﺏ
ﺃﺳـﻮﺍﺭ ﺍﳌﻘﺎﺑﺮ ﻭﺍﻟﺘﺮﺏ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻭﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ
ﺑﺎﳌﻮﺗﻰ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺣﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ).(٣
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ :ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺗﺮﺑﺔ ﺃﻡ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﰲ ﻋﺎﻡ ٥٨٤ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ
ﺷـﺎﻃﺊ ﺮ ﺩﺟﻠﺔ ،ﻭﺍﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﻣﻜﺘﺒﺔ ﺗﺮﺑﺔ ﺍﺑﻦ
ﺍﻟﺒﺰﻭﺭﻱ ﺑﺪﻣﺸﻖ ،ﻭﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﺔ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﻭﻣﻜﺘﺒﺔ ﺗﺮﺑﺔ ﺃﻭﻏﻠﻲ ﰲ ﺍﺳﻄﻨﺒﻮﻝ
ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻛﺜﲑ ).(٤
ﺳـﺎﺑﻌﺎﹰ :ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﻭﻛﺘﺐ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻗﻔﻴﺔ :ﺍﻧﺘﺸﺮ ﻭﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺑﲔ ﻛﺎﻓﺔ ﻓﺌﺎﺕ
ﺍـﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻘﻔﻮﻥ ﻛﺘﺒﻬﻢ ﰲ ﺑﻴﻮﻢ،
ﻭﻳﻔـﺘﺤﻮﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﰲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﳏﺪﺩﺓ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﳜﻂ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ ﻟﻴﻘﻔﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻳﺸﺘﺮﻭﻥ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺃﻭﻳﺴﺘﺄﺟﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﳜﻄﻬﺎ
ﳍﻢ ،ﻟﻴﻘﻔﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻃﻼﺑﻪ.
ﻭﻣـﻦ ﺫﻟﻚ :ﺃﻥ ﺃﺑﺎ ﻗﺎﺳﻢ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻮﺻﻠﻲ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺩﺍﺭ ﰲ ﺍﳌﻮﺻﻞ ﻓﻴﻬﺎ
ﻣﻜﺘـﺒﺔ ،ﻻ ﳝﻨﻊ ﺃﺣﺪﺍﹰ ﻣﻦ ﺩﺧﻮﳍﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺟﺎﺀﻩ ﻏﺮﻳﺐ ﺯﻭﺩﻩ ﲟﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ
ﻣﻦ ﻭﺭﻕ ﻭﻣﺎﻝ ).(١
ﻭﻣـﻦ ﺫﻟﻚ :ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻴﻤﲏ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﺪ ﺇﱃ ﻧﺴﺦ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺑﻴﺪﻩ ،ﻭﺇﱃ ﺷﺮﺍﺀ ﻛﺘﺐ ﺃﺧﺮﻯ ،ﰒ ﻭﻗﻔﻬﺎ ﲨﻴﻌﻬﺎ ﻋﻞ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ).(٢
ﻭﻗـﺪ ﺃﺳﻬﻢ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﻭﻗﻒ ﺍﻟﻜﺘﺐ ،ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ،ﻓﻘﺪ
ﺣﻜـﻲ ﺃﻥ ﳏﻤﺪﺍﹰ ﺑﻦ ﺩﺍﻭﺩ ﺍﳌﻮﺻﻠﻲ ﺍﳌﺘﻮﰱ ﺳﻨﺔ ٧٢٨ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ،ﻛﺎﻥ ﺗﺎﺟﺮﺍﹰ ﻗﺎﺩﺭﺍﹰ ﰲ
ﺍﻟﻘﻄﻦ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻒ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻃﻼﺑﻪ).(٣
ﺃﻣـﺎ ﺭﺷـﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺴﻌﺪﻱ ﺍﳌﺘﻮﰱ ﻋﺎﻡ ٧٢٠ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺧﺎﺩﻣﺎﹰ ﰲ
ﺍﳌﺴﺠﺪ ﺍﳊﺮﺍﻡ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺼﺤﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ،ﻭﻳﺸﺘﺮﻱ ﳍﻢ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻳﻮﻗﻔﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ).(٤
ﻭﱂ ﲤﻨﻊ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻣﻦ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﻭﻭﻗﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻴﻨﺘﻔﻌﻮﺍ ﺎ ).(١
ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﳌﻜﺘﺒﺎﺕ :ﺧﻀﻌﺖ ﺍﳌﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﻷﺳﻠﻮﺏ ﻋﻠﻤﻲ ﻣﺘﻘﺪﻡ ﰲ
ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻳﺴﻤﻰ ﺧﺎﺯﻥ ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ )ﺃﻣﲔ ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ(
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﳓﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ).(٢
ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻠﻤﻜﺘﺒﺔ ﻣﻨﺎﻭﻟﻮﻥ ﻳﻨﺎﻭﻟﻮﻥ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﻌﲔ ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﺘﺮﲨﻮﻥ ،ﻳﺘﺮﲨﻮﻥ
ﺍﻟﻜﺘـﺐ ﻏـﲑ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺴﺎﺥ ﻭﺍﻠﺪﻳﻦ ﻭﺍﳋﺪﻡ ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ
ﺍﳌﻮﻇﻔﲔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺴﺘﻠﺰﻣﻬﻢ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ).(٣
ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻓﻬﺎﺭﺱ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺘﺐ ،ﻭﻫﻲ ﻣﺼﻨﻔﺔ
ﺗﺼﻨﻴﻔﺎﹰ ﻋﻠﻤﻴﺎﹰ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎﹰ ،ﻭﲜﺎﻧﺐ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺿﻊ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺩﻭﻻﺏ ،ﲢﻮﻱ
ﺃﲰﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻻﺏ).(٤
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻜﺘﺒﺎﺕ ﺗﻔﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺎ ﻳﻮﻣﻴﺎﹰ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺷﺮﻭﻕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻏﺮﻭﺎ،
ﻭﻛﺎﻧـﺖ ﺗﻌﻄﻞ ﰲ ﻳﻮﻣﻲ ﺍﻟﺜﻼﺛﺎﺀ ﻭﺍﳉﻤﻌﺔ ﻭﰲ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻴﺎﺩ ).(٥
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ
ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
) (١ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻭﺗﺜﻤﲑ ﳑﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﺹ ١٨٦ﻭ ٢١٥ﻭ ٣٣٩ﻭﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺹ .٦٤
ﻭﻣﻦ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ :ﺃﻥ ﺛﻠﺚ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻮﻓﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﱪ
ﻭﺍﳋـﲑ ،ﻭﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﻭﻋﻘﺎﺭﺍﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﰲ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ .ﺑﻞ ﺇﻥ
ﺍﻟﻮﺛـﺎﺋﻖ ﻭﺍﳌﺴﺘﻨﺪﺍﺕ ﺍﶈﻔﻮﻇﺔ ﺗﻔﻴـﺪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﻜﺔ ﺍﳊﺪﻳﺪﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﺪﺕ ﻣﻦ ﺍﺳﻄﻨﺒﻮﻝ
)ﻋﺎﺻـﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎﹰ( ﺇﱃ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ ،ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﺍﳊﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ ،ﻭﳋﺪﻣﺔ
ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻮﻗﻒ ،ﺑﻞ ﻭﻗﻒ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﺎﻭﺭﺓ ﳍﺎ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﻧﺒﲔ،
ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺘﺮ ).(١
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ :ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﲔ )ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ( ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺎﻓﺲ ﰲ ﻋﻮﺍﺋﺪﻩ
ﻣﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﺍﳍﺠﺮﻱ )ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ﺍﳌﻴﻼﺩﻱ( ﻭﺫﻟﻚ ﲟﺎ ﻛﺎﻥ
ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭ ﻭﻓﺴﻴﺢ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ،ﺣﱴ ﺍﺿﻄﺮﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﳊﺮﺏ
ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻭﻋﻮﺍﺋﺪﻩ ).(٢
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺒﺖ ﺍﳊﺮﺍﺋﻖ ﰲ ﺳﺠﻼﺕ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ )ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ( ﻋﺎﻡ ٧٢٣ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ
= ١٣٢٣ﻟﻠﻤﻴﻼﺩ ،ﱂ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﺿﻢ ﺃﻣﻼﻙ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻠﺠﺎﻣﻊ،
ﻭﱂ ﻳﺴـﺘﺜﻦ ﻣـﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﻢ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﺑﻮﺛﻴﻘﺔ ﺃﻭﺷﻬﺎﺩﺓ ﺗﺜﺒﺖ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ،ﻭﺗﻜﺮﺭ
ﳓﻮﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻟﻈﺮﻭﻑ ﺃﺧﺮﻯ ﻃﺎﺭﺋﺔ ).(٣
) (١ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻭﺗﺜﻤﲑ ﳑﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﺹ ٣٤٠ – ٣٣٩ﻭﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺹ .٨٢
) (٢ﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺹ .٦٤
) (٣ﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺹ.٦٤
ﻭﻣﻦ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﺃﻳﻀﺎﹰ :ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﶈﺴﻨﻮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ ،ﻣﻦ ﻭﻗﻒ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ
ﺍﻟﻜـﺜﲑﺓ ﺍﳌﻤـﺘﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻮﺍﻃﺊ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ،ﻭﻭﻗﻔﻮﺍ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺛﺮﻭﺓ
ﲰﻜﻴﺔ).(١
ﻭﻣـﻦ ﺫﻟﻚ :ﻭﻗﻒ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﺟﺪﺍﹰ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ ،ﻭﻣﺎ
ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻛﻦ ﻭﺃﺭﺍﺿﻲ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ،ﻭﺁﺑﺎﺭ ﻭﺃﺷﺠﺎﺭ … ) .(٢ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻭﻗﻒ
ﺃﺣﻴﺎﺀ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ ﻻ ﺣﺼﺮ ﳍﺎ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﻓﻠﺴﻄﲔ ﻭﻣﺼﺮ ﻭﺍﳊﺠﺎﺯ … ).(٣
ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﳌﻮﻗﻮﻓﺔ :ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﺎﻧﲑ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ،ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻗﻒ ﻋﻮﺍﺋﺪ
)ﺇﳚـﺎﺭﺍﺕ ﻭﺃﺭﺑﺎﺡ( ﺍﳊﻤﺎﻣﺎﺕ ﻭﺍﳋﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ،ﻭﺍﻟﺴﻔﻦ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،ﺍﳌﻌﺪﺓ ﻟﻨﻘﻞ
ﺍﻟﺮﻛﺎﺏ ﻭﺷﺤﻦ ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ.(٤) ..
ﻭﻗـﺪ ﺿﻤﺖ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺇﱃ ﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺄﺕ
ﺣﺪﻳﺜﺎﹰ ﰲ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪ ﻣﻦ ﺃﻏﲎ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ.
ﻫﺬﺍ ،ﻭﻳﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﺍﻟﺘﱪﻋﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ
ـﺎ ﺷﺨﺼـﻴﺎﺕ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻳﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﻛﺎﻷﻭﻗﺎﻑ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ
ﺍﳌـﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ .١٣ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﻭﻗﻒ ﺍﻷﲰﺎﻙ ﳑﺎ ﻫﻮﻣﻘﺪﻭﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺍﳌﻼﺣﻈﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ )(١
ﺍﻟﺸﻮﺍﻃﺊ ﻭﳓﻮﻫﺎ.
ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ.٧٢-٧١ )(٢
ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ.٧١-٦٩ )(٣
ﺍﳌـﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴـﺎﺑﻖ ﺹ ٧٩ﻭ ٩٦-٨٨ﻭ ١٤٠ﻭ .٣٢١ﻭﺍﳋﺎﻧﺎﺕ:ﻛﻤﺎ ﻫﻮﻣﻌﺮﻭﻑ ﻣﻨﺘﺸﺮﺓ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﻣﺼﺮ )(٤
ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ .ﲨﻊ ﺧﺎﻥ ،ﻭﻫﻮﺑﻨﺎﺀ ﺿﺨﻢ ﰲ ﻭﺳﻄﻪ ﺳﺎﺣﺔ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ،ﻳﺸﺘﻤﻞ ﺍﻟﻄﺎﺑﻖ ﺍﻷﺭﺿﻲ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻛﺎﻛﲔ
ﻭﺍﶈﺎﻝﹼ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ،ﻭﺗﻀﻢ ﺍﻟﻄﻮﺍﺑﻖ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻨﻪ ﻏﺮﻓﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﻔﻨﺎﺩﻕ ﺍﻟﻴﻮﻡ.ﻭﺍﻧﻈﺮ :ﺍﳌﻌﺠﻢ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ:
ﻣﺎﺩﺓ :ﺧﺎﻥ.
-١ﻋﻘﺪ ﺍﻻﺳﺘﺼﻨﺎﻉ).(١
-٢ﻋﻘﺪ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﳌﺘﻨﺎﻗﺼﺔ ﺍﳌﻨﺘﻬﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻤﻠﻴﻚ).(٢
-٣ﻗـﻴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﳌﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﰲ
ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ.
-٤ﻗﻴﺎﻡ ﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﺍﻟﱵ ﲤﻠﻚ ﻓﺎﺋﻀﺎﹰ ﻣﺎﻟﻴﺎﹰ ﰲ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺃﻣﻮﺍﳍﺎ ﰲ ﺑﻠﺪﺍﻥ
ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻫﻲ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺃﻭﻗﺎﻓﻬﺎ.
-٥ﺩﻋـﻮﺓ ﺍﳊﻜﻮﻣـﺎﺕ ﺇﱃ ﺗﻮﻓـﲑ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ،
ﻭﲪﺎﻳﺘﻬﺎ ﻭﺇﻋﻔﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ).(٣
ﻭﻓﻀـﻼﹰ ﻋـﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﻭﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻫﻨﺎﻙ ﻃﺮﻕ ﺃﺧﺮﻯ ﻧﺺ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﻤﻮﻻﹰ ﺎ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻭﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻮﻗﻒ ،ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ:
ﺗـﺄﺟﲑ ﺍﻟﻮﻗـﻒ :ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﳏﺎﻻﹰ ﲡﺎﺭﻳﺔ ﺃﻭﻣﻬﻨﻴﺔ ،ﺃﻭﲪﺎﻣﺎﺕ، -١
ﺃﻭﻣﺼـﺎﺑﻦ ﻟﺼﻨﻊ ﺍﻟﺼﺎﺑﻮﻥ ،ﺃﻭﻛﺎﻥ ﺳﻔﻨﺎﹰ ﻭﻗﻔﻴﺔ ) ...(٤ﻣﻊ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ
ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ.
ﺍﻻﺳﺘﺼﻨﺎﻉ :ﻋﻘﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﻴﻊ ﰲ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻣﻄﻠﻮﺏ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﺑﺄﻭﺻﺎﻑ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺍﻧﻈﺮ :ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ )(١
.٢ / ٥
ﻫـﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﺤﺪﺛﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺍﻧﻈﺮ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺘﻬﺎ ﻭﺻﻮﺭﻫﺎ ﰲ: )(٢
ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺹ .١٠٥
ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻭﺗﺜﻤﲑ ﳑﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﺹ .٤٥٥ - ٤٥٤ )(٣
ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﲔ ٣٢٩/٥ـ٣٣٠ﻭ ٣٤٨ﻭ ٣٥١ﻭﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺹ٩٥ﻭ١٤٠ﻭ٣٢١ﻭ.٣٢٤ )(٤
ﻃﺒﻊ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺗﻮﺯﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ -٥
ﻣـﺰﻳﺪ ﻣـﻦ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ،ﻭﻟﻺﻋﺎﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ
ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ).(١
ﺧﺎﻣﺴﺎﹰ :ﳎﺎﻻﺕ ﺗﻨﻤﻮﻳﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﺰﻳﺪﺍﹰ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ :ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻫﻨﺎﻙ
ﳎﺎﻻﺕ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﺰﻳﺪﺍﹰ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﻗﺘﺮﺣﻬﺎ ﻣﺎ
ﻳﻠﻲ:
-١ﲤﻮﻳﻞ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻜﺔ )ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ( ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ
ﻭﻓﻀـﺎﺋﻠﻪ ﻭﻣﺰﺍﻳﺎﻩ ،ﻭﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﳌﺪ ﺍﻹﳊﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺼﻠﻴﱯ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺸﻮﻩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻳﺴﻲﺀ ﺇﱃ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ …
-٢ﺇﻧﺸـﺎﺀ ﻭﻛﺎﻟﺔ ﺃﻧﺒﺎﺀ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﺰﻭﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﺎﻻﺧﺘﺮﺍﻋﺎﺕ
ﻭﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﳌﻔﻴﺪﺓ.
-٣ﺇﻗﺎﻣـﺔ ﻗـﻨﻮﺍﺕ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧـﻴﺔ ﻭﳏﻄﺎﺕ ﺇﺫﺍﻋﻴﺔ ،ﺗﺒﺸﺮ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﺗﻌﺮﻑ
ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻪ ﻭﻓﻀﺎﺋﻠﻪ ،ﻭﲢﺼﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،ﻭﲢﻘﹼﻖ ﳍﻢ
ﻣـﺰﻳﺪﺍﹰ ﻣـﻦ ﺍﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻴﺪﻫﻢ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺩﻳﻨﻬﻢ
ﻭﺩﻧﻴﺎﻫﻢ.
) (١ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ﻭﺍﳋﺎﺻﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﻗﻄﺮ ﻭﻏﲑﳘﺎ.
ﺇﻧﺸـﺎﺀ ﻣﻄﺎﺑﻊ ﻭﺩﻭﺭ ﻟﻠﻨﺸﺮ ،ﺗﺸﺠﻊ ﻃﺒﻊ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳌﻔﻴﺪﺓ ﻭﺗﻮﺯﻳﻌﻬﺎ -٤
ﻭﺗﺮﲨﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﺟﻮﺭ ﻭﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ.
ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺻﺤﻒ ﻳﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻮﻗﻒ؛ ﻟﺘﺘﺎﺑﻊ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺃﻭﻻ ﻓﺄﻭﻻ -٥
ﻓﺄﻭﻻﹰ ،ﻭﺗﺪﺭﺳﻬﺎ ﻭﲢﻠﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺇﺳﻼﻣﻲ …
ﺇﻧﺸـﺎﺀ ﻣﺮﺍﻛـﺰ ﻭﻗﻔـﻴﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻭﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ -٦
ﻭﻣﺴـﺘﻠﺰﻣﺎﻢ ،ﰲ ﺷـﱴ ﺍﺎﻻﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ
ﺍﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﻳﺔ.
ﲤﻮﻳﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﳌﺨﻄﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﻭﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﳌﻐﺼﻮﺏ ﻣﻨﻬﺎ -٧
ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﻭﻃﺒﻌﻬﺎ ﻭﻧﺸﺮﻫﺎ.
ﺇﻗﺎﻣـﺔ ﻣﻌﺎﺭﺽ ﻟﻠﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﺒﺎﺩﻝ -٨
ﺍﻟـﺮﺃﻱ ،ﻭﺇﺗﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻻﻟﺘﻘﺎﺀ ﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭﺍﳌﺆﻟﻔﲔ،
ﻓﻀـﻼﹰ ﻋﻦ ﺗﻮﻓﲑ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺑﺄﺳﻌﺎﺭ
ﻣﻴﺴﻮﺭﺓ.
ﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻨﺪﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲣﺪﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ، -٩
ﻭﺗﺴﻬﻢ ﰲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺸﻜﻼﺕ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺣﻠﹼﻬﺎ.
-١٠ﻃـﺒﻊ ﺃﺷﺮﻃﺔ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮ ،ﻭﺍﻟﻜﺎﺳﻴﺖ ﻭﺗﻮﺯﻳﻌﻬﺎ ﳎﺎﻧﺎﹰ ،ﺃﻭﺑﻴﻌﻬﺎ ﺑﺄﺳﻌﺎﺭ
ﻣﻴﺴﻮﺭﺓ ،ﻟﻨﺸﺮ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ.
ﺍﳋﺎﲤﺔ
ﰲ ﺃﻫﻢ ﻣﻌﺎﱂ ﻭﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ
ﺟـﺮﻳﺎﹰ ﻋـﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺍﳊﺴﻨﺔ ،ﳝﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺃﻫﻢ ﻣﻌﺎﱂ ﻭﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮﺍﻟﺘﺎﱄ:
ﺍﻟﺘﺄﻛـﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﳘﻴﺘﻪ ﰲ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، -١
ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ﻭﻏﺎﻳﺎﺗﻪ ﺍﻻﺭﺗﻘﺎﺀ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻭﺗﻮﻓﲑ
ﻣﻄﺎﻟﺒﻪ ﻭﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻪ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻭﺍﳌﺎﺩﻳﺔ.
ﺇﺑـﺮﺍﺯ ﻣـﺪﻯ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻣﺪﻯ -٢
ﺣﺮﺹ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﲢﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻨﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ.
ﺑـﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﻟﻮﻗﻒ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﺩﻭﺭﺍﹰ ﻛﺒﲑﺍﹰ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺗﺮﺷﻴﺪ ﺳﻠﻮﻙ -٣
ﺍﻷﻓـﺮﺍﺩ ،ﻭﻗـﺪ ﺑﺪﺍ ﻫﺬﺍ ﻭﺍﺿﺤﺎﹰ ﰲ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ
ﻗﺮﻭﻥ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺛﺮﺕ ﺑﺎﳊﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﺭﺷﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﻌﻘﺪ ﰲ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﻭﻏﲑﻫﺎ.
ﺇﺑﺮﺍﺯ ﻣﺪﻯ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﺎﻟﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻲ )ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ( -٤
ﻭﺫﻟـﻚ ﻣـﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﺷﺎﺩﺓ )ﺍﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ( ﻭﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﺃﻋﺪﺍﺩﻫﺎ ،ﰲ ﻛﻞ
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻭﻗﺮﻳﺔ ،ﻭﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﻠﻤﲔ ﻭﺍﻟﻄﻼﺏ ﻭﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ.
ﺃﺳـﻬﻢ ﺍﻟﻮﻗـﻒ ﻗﺪﳝﺎ ﻭﺣﺪﻳﺜﺎ ﰲ ﺇﺗﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻜﻞ ﺭﺍﻏﺐ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ -٩
ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﻛﺰﻩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ.
-١٠ﺃﺳـﻬﻢ ﺍﻟﻮﻗـﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﰲ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ
ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭﺑﺮﻭﺯ ﺃﻋﺪﺍﺩ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺑﻐﲔ ﻭﺍﻟﻨﺎﲔ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﺻﺎﺭﻭﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﺘﻤﻌﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ،
ﻓﻀـﻼﹰ ﻋﻦ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻭﺗﻨﺸﻴﻂ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﰲ ﻛﻞ ﻓﻦ ﻭﻋﻠﻢ ،ﳑﺎ ﺃﺛﺎﺭ
ﺩﻫﺸﺔ ﻭﺗﻌﺠﺐ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﻳﻦ.
-١١ﺑـﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺇﱃ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﺍﳊﺎﺿﺮ ،ﳑﺎ
ﻳﺘﻮﺟﺐ ﺑﺬﻝ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﳌﺨﻠﺼﺔ ﻟﻼﻧﺘﻔﺎﻉ ﺎ.
-١٢ﺍﻹﺷـﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻄـﺮﻕ ﻭﺍﻟـﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻭﺗﻨﻤﻴﺔ
ﺍﳌﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻠﻜﻬﺎ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﺣﺎﻟﻴﺎﹰ.
-١٣ﻋﺮﺽ ﳕﺎﺫﺝ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﰲ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ.
-١٤ﺍﻗـﺘﺮﺍﺡ ﳎـﺎﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺣﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ
ﺍﳌﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ..
ﻭﺻﺪﻕ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻗﻞ ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ
ﺇﳕﺎ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺃﻭﻟﻮﺍ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏﺍﻟﺰﻣﺮ ٩/
.٩ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﰲ ﻣﺼﺮ ،ﶈﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ،ﻃﺒﻊ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ .١٩٨٠
.١٠ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﺰﺧﺎﺭ ﺍﳉﺎﻣﻊ ﳌﺬﺍﻫﺐ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭ ،ﻟﻠﻤﺮﺗﻀﻰ ﺍﻟﺰﻳﺪﻱ ،ﻁ،٢
ﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﺒﲑﻭﺕ ١٣٩٤ﻫـ ١٩٧٥ ،ﻡ.
.١١ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ،ﻟﻠﻜﺎﺳﺎﱐ ،ﻁ ،٢ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﺑﺒﲑﻭﺕ ١٤٠٦ﻫـ ١٩٨٦/ﻡ.
.١٢ﺑﻴﺖ ﺍﳊﻜﻤﺔ ،ﻟﺴﻌﻴﺪ ﺍﻟﺪﻳﻮﻩ ﺟﻲ ،ﻁ ،٢ﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ
ﺑﺎﳌﻮﺻﻞ .١٩٧٢/١٣٩٢
.١٣ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﺴﺎﻛﺮ ،ﻃﺒﻊ ﺑﺈﺷﺮﺍﻑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﺪﺭﺍﻥ ،ﺑﺎﻟﺸﺎﻡ ١٣٢٩
ﻫـ.
.١٤ﺗـﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﻴﻤﺎﺭﺳـﺘﺎﻧﺎﺕ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻷﲪﺪ ﻋﻴﺴﻰ ،ﻁ ٢ﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺮﺍﺋﺪ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺒﲑﻭﺕ .١٩٨١/١٤٠١
.١٥ﺗـﺎﺭﻳﺦ ﺍﳉﺎﻣﻊ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﻔﺎﻃﻤﻲ ،ﶈﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﻋﻨﺎﻥ ،ﻃﺒﻊ
ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ .١٩٤٢/١٣٦١
.١٦ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﻮﺻﻞ ،ﻟﺴﻌﻴﺪ ﺍﻟﺪﻳﻮﻩ ﺟﻲ ،ﻃﺒﻊ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﳌﻮﺻﻞ ١٩٨٢ﻡ.
.١٧ﺍﻟـﺘﺤﻔﺔ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ )ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ( ﻟﻠﺴﺨﺎﻭﻱ،
ﻧﺸﺮﻫﺎ ﺃﺳﻌﺪ ﺍﳊﺴﻴﲏ ﰲ ﻋﺎﻡ .١٩٧٩/١٣٩٩
.١٨ﺗﺬﻛﺮﺓ ﺍﳊﻔﺎﻅ ،ﻟﻠﺬﻫﱯ ،ﻃﺒﻊ ﺩﺍﺭ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺒﲑﻭﺕ ،ﺩ.ﺕ.
.١٩ﺍﻟﺘﺮﺍﺗﻴﺐ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ )ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ( ﻟﻌﺒﺪ ﺍﳊﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﱐ ،ﻃﺒﻊ ﺩﺍﺭ
ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺒﲑﻭﺕ ،ﺩ.ﺕ.
.٢٠ﺗـﺮﺍﺟﻢ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ،ﻟﺮﺿﻮﺍﻥ ﺩﻋﺒﻮﻝ ﻭﺭﻓﺎﻗﻪ ،ﻁ ١ﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ
ﺑﺒﲑﻭﺕ .١٩٩٨/١٤١٩
.٢١ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ،ﻹﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﻌﻜﺶ ،ﻁ ١ﻟﺪﺍﺭ ﻋﻤﺎﺭ ﺑﻌﻤﺎﻥ
.١٩٨٦/١٤٠٦
.٢٢ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﳌﺪﺍﺭﻙ ،ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻋﻴﺎﺽ ،ﻃﺒﻊ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ .١٩٥٦/١٣٨٣
.٢٣ﺍﻟﺘﺮﻏﻴـﺐ ﻭﺍﻟﺘﺮﻫﻴﺐ ،ﻟﻠﻤﻨﺬﺭﻱ ،ﲢﻘﻴﻖ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻠﺤﺎﻡ ،ﻃﺒﻊ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺑﺒﲑﻭﺕ .١٩٩٨/١٤١٤
.٢٤ﺍﻟـﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ،ﻟـﻠﺠﺮﺟﺎﱐ ،ﻃﺒﻊ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺒﺎﰊ ﺍﳊﻠﱯ ﲟﺼﺮ /١٣٥٧
.١٩٣٨
.٢٥ﺍﻟـﺜﻤﺮ ﺍﻟﺪﺍﱐ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻟﻶﰊ ﺍﻷﺯﻫﺮﻱ ﺍﳌﺎﻟﻜﻲ ،ﻃﺒﻊ ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﺒﲑﻭﺕ ،ﺩ.ﺕ.
.٢٦ﺟـﺎﻣﻊ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﰲ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ،ﻻﺑﻦ ﺍﻷﺛﲑ ،ﲢﻘﻴﻖ ﻭﲣﺮﻳﺞ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻷﺭﻧﺎﺅﻭﻁ ،ﻃﺒﻊ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳊﻠﻮﺍﱐ ﺑﺪﻣﺸﻖ .١٩٧٢/١٣٩٢
.٦٣ﳎﻤـﻮﻉ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﲨﻊ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﻭﻭﻟﺪﻩ ،ﻃﺒﻊ ﻋﺎﱂ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎﺽ .١٩٩١/١٤١٢
.٦٤ﺍﳌﺴﺘﺪﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﲔ ،ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ ،ﻃﺒﻊ ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺒﲑﻭﺕ ،ﺩ.ﺕ.
.٦٥ﺍﳌﺴﻨﺪ ،ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ،ﻃﺒﻊ ﺩﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ ﺑﺒﲑﻭﺕ ١٣٨٩ﻫـ.
.٦٦ﺍﳌﺼﺒﺎﺡ ﺍﳌﻨﲑ ﰲ ﻏﺮﻳﺐ ﺍﻟﺸﺮﺡ ﺍﻟﻜﺒﲑ ،ﻟﻠﻔﻴﻮﻣﻲ ،ﻁ ٦ﺍﻷﻣﲑﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ
١٩٢٥ﻡ.
.٦٧ﻣﻌﺎﱂ ﺍﻹﳝﺎﻥ ،ﻻﺑﻦ ﻧﺎﺟﻲ ،ﻃﺒﻊ ﺗﻮﻧﺲ ١٣٢٠ﻫـ.
.٦٨ﻣﻌـﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌـﻠﻢ ﰲ ﺑﻴﺖ ﺍﳌﻘﺪﺱ ،ﻟﻜﺎﻣﻞ ﲨﻴﻞ ﺍﻟﻌﺴﻠﻲ ،ﻃﺒﻊ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ
ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺑﻌﻤﺎﻥ ١٩٨١ﻡ.
.٦٩ﻣﻌﺠـﻢ ﺍﻷﺩﺑـﺎﺀ ،ﻟﻴﺎﻗﻮﺕ ﺍﳊﻤﻮﻱ ،ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﳉﻨﺔ ﻣﻦ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ
ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ،ﻃﺒﻊ ﺩﺍﺭ ﺍﳌﺄﻣﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺩ.ﺕ.
.٧٠ﺍﳌﻌﺠﻢ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ،ﻟﺒﻮﺩﻳﻜﻮﻭﺯﻣﻴﻠﻪ ،ﺗﺮﲨﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺳﻠﻴﻢ
ﺣﺪﺍﺩ ،ﻁ ١ﺑﺒﲑﻭﺕ .١٩٨٦/١٤٠٦
.٧١ﺍﳌﻌﺠـﻢ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ ،ﺇﻋﺪﺍﺩ ﳎﻤﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﻁ ٢ﻓﻴﻬﺎ ،ﻟﺪﺍﺭ
ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ١٤٠٠ﻫـ.