العدد 579 صدر بتاريخ 1أكتوبر2018
الحقيقة أننا برحيل الكاتب والمنتج الكبير سمير خفاجي عن عالمنا يوم الجمعة الموافق 21 سبتمبر (2018)، لم نفتقد فقط قامة سامية ورمزا من رموز الإبداع المصري، ولكننا افتقدنا أيضا مؤسسة إنتاجية ضخمة كانت تعد من العناصر المهمة لقوتنا الناعمة، ففرقة «الفنانين المتحدين» كانت بلا منافسة أطول الفرق المسرحية عمرا في النصف الثاني من القرن العشرين وأغزرها وأفضلها إنتاجا، ويكفي أن نذكر أنها ظلت لسنوات طويلة تتربع على عرش إنتاج المسرحيات الكبيرة التي ارتبطت بعلامة الجودة بالنسبة للجمهور المصري والعربي، كما يكفي أن نذكر أيضا أنها الفرقة الوحيدة التي قدمت عددا من المسرحيات لمدة تزيد على ثماني سنوات، ومن بينها على سبيل المثال مسرحيات: «مدرسة المشاغبين»، «شاهد ماشافش حاجة»، «الزعيم»، «ريا وسكينة»، «الواد سيد الشغال»، «بودي جارد».
والكاتب والمنتج سمير خفاجي الذي تحمل مسئولية تأسيس فرقة «الفنانين المتحدين» اسم لامع ذو بريق في مجال المسرح المصري والعربي بصفة عامة وفي مجال المسرح الكوميدي بالتحديد، خاصة بعدما نجح عام 1966 مع نخبة من الكتاب وكبار نجوم الكوميديا في تأسيس فرقة «الفنانين المتحدين»، وذلك عقب قرار ضم «فرق التلفزيون المسرحية» إلى مؤسسة «فنون المسرح والموسيقى والفنون الشعبية»، حيث قرر عدد كبير من النجوم آنذاك الانسحاب من عضوية فرقة «المسرح الكوميدي» بعد رفض طلباتهم الفنية والمالية. وقد قام «سمير خفاجي» بإدارة الفرقة والمشاركة في تمويلها منذ البداية ثم تحمل مسئولية التمويل بعد ذلك بمفرده. وكانت أول عروض الفرقة بعنوان «أنا وهو وسموه» بطولة الثنائي الشهير فؤاد المهندس وشويكار، وقد حققت هذه المسرحية نجاحا كبيرا ثبت أقدام الفرقة، فاستمرت مسيرتها إلى بدايات القرن الحالي - أي لما يقرب من خمسة وثلاثين عاما - وقد قدمت خلال مسيرتها الفنية أربعين مسرحية، وهو عدد كبير بلا شك حيث كانت تقدم أحيانا في بعض المواسم أكثر من مسرحية من خلال شعبتين أو ثلاث شعب.
ويكفي أن نذكر أن قائمة الأعمال المسرحية لفرقة «الفنانين المتحدين» تضم كلا من المسرحيات التالية (طبقا لتتابع تاريخ الإنتاج): أنا وهو وسموه، حواء الساعة 12، سيدتي الجميلة (1966)، كده يا كده، الزوج العاشر، المغفل (1967)، البيجاما الحمراء، زنقة الستات، فردة شمال، بمبة كشر (1968)، مجنون بطة، برغوت في العش الذهبي، سري جدا جدا، غراميات عفيفي (1969)، هاللو شلبي (1970)، اللص الشريف (1971)، مدرسة المشاغبين، قصة الحي الغربي، وكالة نحن معك، العيال الطيبين، حصة قبل النوم (1972)، كباريه (1974)، شاهد ما شافش حاجة، أولادنا في ”لندن (1975)، العيال كبرت (1976)، لعبة اسمها الفلوس (1981)، ريا وسكينة (1982)، الزيارة انتهت، زقاق المدق (1984)، الواد سيد الشغال (1986)، علشان خاطر عيونك، مطلوب للتجنيد (1987)، نص أنا نص إنت (1989)، شارع محمد علي، البحر بيضحك ليه (1990)، اثنين في قفة (1991)، الزعيم (1993)، كعب عالي (1996)، كرنب زبادي (1997)، بودي جارد (1999). كما شاركت الفرقة مع فرقة «الكوميدي المصرية» في إنتاج عرض «إنها حقا عائلة محترمة» عام 1977.
يمكن إجمال أهم العناصر التي ساهمت في التكوين الأدبي والفني للكاتب والمنتج سمير خفاجي وفي تميزه وتألقه في النقاط التالية:
- النشأة العائلية بأسرة ذات أصول أرستقراطية (وهو من مواليد13 أغسطس عام 1930)، حيث منحته تلك النشأة فرصة الاطلاع والقراءة المستمرة بمكتبة الأسرة، وأيضا فرصة متابعة العروض المسرحية.
- التحاقه بكلية الحقوق - التي لم يستكمل دراسته بها - وصداقته مع عدد كبير من طلاب قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، وحرصه على دراسة أعمال كبار المسرحيين العالميين وفي مقدمتهم الكاتب العالمي وليم شكسبير.
- إجادته لكل من اللغتين الإنجليزية والفرنسية وعشقه للترجمة والبحث عن النصوص التي يمكن أن تتواءم مع المناخ والمزاج المصري.
- مشاركته بالمسرح الجامعي وممارسته لجميع تفاصيل اللعبة المسرحية بدءا بالكتابة والترجمة والإعداد وأيضا التمثيل والمشاركة في الإخراج.
- متابعته المستمرة لجميع عروض فرقتي «الريحاني» و«إسماعيل يس»، ودراسته للإبداعات كل من الكاتبين المتميزين بديع خيري وأبو السعود الإبياري.
- تمتعه ببعض القدرات والمهارات الخاصة ومن بينها: تمتعه بحس شعبي أصيل على الرغم من انتمائه إلى عائلة أرستقراطية كبيرة، وكذلك بموهبة ومهارات القيادة، وأيضا تمتعه بخفة الظل والقدرة على الحكي.
- مشاركته بإعداد البرنامج الإذاعي «ساعة قلبك»، الذي من خلاله تدرب على صياغة المواقف الكوميدية وتقديم بعض الإسكتشات الضاحكة، ثم اكتسابه لكثير من الخبرات من خلال تعاون مع فرقة «المسرح الكوميدي» (التابعة لمسارح التلفزيون).
- صداقته الوطيدة لنخبة من كبار الكتاب والممثلين الموهوبين وخصوصا في مجال «الكوميديا».
ويمكن تصنيف الإسهامات الثرية للأديب الفنان سمير خفاجي إلى قسمين كما يلي:
أولا: إسهاماته في مجال التأليف والاقتباس
يحسب للمبدع سمير خفاجي كمؤلف ومقتبس أمانته وصراحته في ذكر مصدر الاقتباس بوضوح وعدم مجاراة البعض الذين يقومون بالسرقات الأدبية ويحرصون علي إخفاء المصدر الأجنبي حتى يتسني لهم الفوز بصفة المؤلف لتلك النصوص التي يقومون باقتباسها والحصول على أكبر مقابل مادي!
- كما يحسب له تلك المقدرة علي التعاون الجماعي والتأليف الثنائي من أجل تقديم النص المسرحي الكوميدي في أفضل صورة ممكنة، ومن خلال قائمة أعماله يمكن رصد تعدد مشاركاته في التأليف أو الاقتباس مع كل من الكتاب محمد دوارة (أصل وصورة، لوكاندة الفردوس، ملكة الإغراء، فردة شمال)، عبد المنعم مدبولي (أنا مين فيهم، الستات ملايكة، أنا وهو وهي، مطرب العواطف، بص شوف مين)، أحمد شكري (ما كان من الأول، حالة حب)، حسين عبد النبي (دور على غيرها)، بهجت قمر (أنا فين وأنت فين، زنقة الستات، الزوج العاشر، أنا وهو وسموه، حواء الساعة 12، قصة الحي الغربي، العيال كبرت، أنها حقا عائلة محترمة)، عبد الله فرغلي (البيجاما الحمراء)، فاروق صبري (كعب عالي)، وأخيرا يوسف معاطي (بودي جارد).
هذا ويمكن أيضا تصنيف إسهاماته بمفرده في مجال الكتابة والاقتباس طبقا لاختلاف القنوات الفنية مع مراعاة التتابع الزمني كما يلي:
1 - في المجال المسرحي: طلعالي في البخت، نمرة2 يكسب، زيارة غرامية، تسمح من فضلك، جوزين وفرد، الوصية، مطلوب للتجنيد.
2 - بالدراما التلفزيونية: كتب المسلسلات التالية: عباس الأبيض في اليوم الأسود (2004)، كبرياء الحب.
3 - في السينما: قام بكتابة القصة أو السيناريو والحوار للأفلام التالية: المليونير المزيف (1968)، مراتي مجنونة مجنونة (1968)، أنا وهو وهي (1964).
ثانيا: إسهاماته في مجال الإنتاج
بخلال الإنتاج المسرحي شارك المنتج سمير خفاجي أيضا في إنتاج تسعة مسلسلات من بينها: أحلام الفتي الطائر، أوراق الورد، الشاهد الوحيد، أنا فين وإنت فين، زهرة الصبار، وأربعة أفلام من بينها: الحب في الزنزانة، غريب في بيتي، عصابة حمادة وتوتو (عام 1982)، و«حب في الزنزانة» (عام1983 )
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنتج الكبير ظل طوال مسيرته الفنية مثل الجواهرجي الماهر الذي يتقن صنعته ويعرف قيمة الجواهر الحقيقية ويراهن عليها، وعلى سبيل المثال نجد أنه بالنسبة لزملائه من الجيل الأول الذي شاركه مرحلة التأسيس وفي مقدمتهم كل من الفنانين: عبد المنعم مدبولي، محمد عوض، أمين الهنيدي، أبو بكر عزت، حسن مصطفى، جمال إسماعيل، نظيم شعراوي قام بالرهان علي الحصان الفائز دائما وهو النجم فؤاد المهندس خاصة وأنه ظل يشكل ثنائي ناجح مع الفنانة شويكار. وخلال جيل السبعينات ورغم بروز أسماء عدد من نجوم الكوميديا كسعيد صالح وصلاح السعدني ويونس شلبي ومحمد صبحي وسيد زيان وأحمد بدير إلا أنه قد تحمس للنجم عادل إمام، وبالتالي نجد أن حماسه لكل من فؤاد المهندس وعادل إمام قد تم ترجمته عمليا من خلال إنتاجه لأهم عروض كل منهما، حيث شارك «فؤاد المهندس» ببطولة خمسة عروض بالفرقة هي (أنا وهو وسموه، حواء الساعة 12، سيدتي الجميلة، علشان خاطر عيونك، شارع محمد علي). في حين شارك عادل إمام ببطولة سبعة عروض بالفرقة وهي) مدرسة المشاغبين، قصة الحي الغربي، العيال الطيبين، شاهد ما شافش حاجة، الواد سيد الشغال، الزعيم، بودي جارد).
كذلك يضاف إلى رصيده قدرته على استقطاب عدد كبير من نجوم السينما لأول مرة وفي مقدمتهم كل من الفنانتين: نادية لطفي بمسرحية بمبة كشر، شادية بمسرحية ريا وسكينة، بالإضافة إلى عدد كبير آخر من النجوم الذين يمثلون أكثر من جيل، كما يحسب له أيضا كمنتج اكتشافه لعدد كبير من المواهب”الشابة ومنحها الفرصة كاملة للتألق ومن بينهم علي سبيل المثال: سيد زيان، فاروق فلوكس، عبد الله فرغلي، أحمد زكي، يونس شلبي، هادي الجيار، آمال رمزي، حسن السبكي، المنتصر بالله، يوسف داود، علاء ولي الدين، محمد الصاوي، محمد سعد، يوسف داود، يوسف عيد.
وتتضمن خبرات المنتج المتميز سمير خفاجي أيضا مهارته في عدم خضوعه لاشتراطات بعض النجوم ومحاولاتهم لفرض سياسة الأمر الواقع بعد نجاح العرض، ولذلك يمكننا رصد نجاحه المتكرر في استبدال بعض النجوم طالما كان مطمئنا لعدم تأثر نجاح المسرحية بعدم استمرارهم، ومن أشهر الأمثلة على ذلك: مسرحية «مدرسة المشاغبين» حيث تم تبادل دور المدرسة عفت بين كل من النجمات ليلى طاهر، سهير البابلي، نيللي، ميمي جمال، ودور الناظر بين كل من الفنانين عبد المنعم مدبولي وحسن مصطفى، وبدور المدرس الملواني كل من الفنانين حسن مصطفى وعبد الله فرغلي، وبمسرحية «سيد الشغال» تبادل دور الزوجة بين كل من سوسن بدر ومشيرة إسماعيل، وبمسرحية «بودي جارد» مشاركة البطولة النسائية بين كل من الفنانات: رغدة، شيرين سيف النصر، جالا فهمي، منال عفيفي، منال سلامة، وبمسرحية «ريا وسكينة» تبادل دور الشاويش عبد العال بين كل من الفنانين: أحمد حمدي وأحمد بدير، وبمسرحية «هاللو شلبي» تبادل على دور البطولة كل من ميرفت أمين، مديحة حمدي، مديحة كامل، وبمسرحية «العيال كبرت» تبادلت دور البطولة كل من مشيرة إسماعيل ونادية شكري، وبمسرحية «شاهد ما شافش حاجة» تبادلت دور البطولة كل من هالة فاخر وناهد جبر.
- يمكن إجمال أهم أسباب تميز وتفوق «سمير خفاجي» كمنتج في النقاط العشر التالية:
1 - التذوق الفني السليم المبني علي أساس من الثقافة الحقيقية، وقد أهله هذا التذوق لتحقيق الاختيارات الدقيقة والأفضل لجميع عناصر العمل.
2 - إيمانه الكبير بأهمية النص المسرحي كعمود فقري للعرض الناجح، لذلك قد حرص على استقطاب أعمال كبار المؤلفين بجانب مشاركته في التأليف، حيث تضم قائمة إنتاجه نصوصا لكل من الكتاب: ألفريد فرج، نعمان عاشور، علي سالم، يوسف عوف، محمد دوارة، بهجت قمر، وحيد حامد، ناجي جورج، أسامة أنور عكاشة، وذلك بالإضافة إلى الإعداد لرواية نجيب محفوظ.
3 - حرصه على التعاون مع نخبة متنوعة من كبار المخرجين في مقدمتهم الأساتذة: نور الدمرداش، كمال يس، سعد أردش، كرم مطاوع، جلال الشرقاوي، عبد المنعم مدبولي، حسن عبد السلام، فؤاد المهندس، سمير العصفوري، حسين كمال، هاني مطاوع، مراد منير.
4 - الصرف بسخاء على جميع المفردات الفنية للعرض المسرحي وخصوصا الديكورات والملابس والإكسسورات، وقد تعاون مع نخبة متميزة من مهندسي الديكور وفي مقدمتهم الأساتذة: صلاح عبد الكريم، نهى برادة، نهاد بهجت، حسين جمعة، هاني ديفيد، أشرف نعيم.
5 - القدرة علي التنبؤ الفني السليم، والقدرة علي الابتكار والتجديد واقتحام مناطق إبداعية جديدة، وتقديم موضوعات جديدة وقضايا معاصرة وأيضا عدد كبير من الوجوه جديدة.
6 - عشق المغامرة والمخاطرة، فهو قد يقامر بجميع أمواله في سبيل تحقيق حلم فني يراوده، وبالتالي قد يغامر بإنتاج مسرحية مثل: «الزيارة انتهت» عن نص «زيارة السيدة العجوز لدورينمات، إيمانا منه بأهمية وروعة النص.
7 - القيادة الحكيمة، والتمتع بالصفات القيادية، وبموهبة كسب ثقة وحب واحترام الآخرين، ومهارة عقد صداقات حقيقية مع عدد كبير من النجوم.
8 - القدرة على التوظيف الجيد لنجوم السينما بصفة عامة ومن بينهم على سبيل المثال كل من الفنانين: شادية، نادية لطفي، سناء جميل، هدى سلطان، زهرة العلا، ليلى طاهر، محمود المليجي، فريد شوقي، حسن يوسف، عزت العلايلي، نور الشريف، محمود ياسين، حسين فهمي، يحيى الفخراني، عمر خورشيد، هشام سليم، نجوى فؤاد، زيزي البدراوي، يسرا، لبلبة، نيللي، مديحة كامل، صفية العمري، ليلى علوي، معالي زايد، سماح أنور، جالا فهمي.
9 - المغامرة بإنتاج المسرحية الغنائية الاستعراضية وتقديم عدة عروض ناجحة من بينها: «أنا وهو وسموه»، «سيدتي الجميلة» بطولة فؤاد المهندس وشويكار، «مجنون بطة» بطولة هدى سلطان، «مدرسة المشاغبين» بطولة عادل إمام وسعيد صالح، «كباريه» بطولة نيللي وعمر خورشيد، «علشان خاطر عيونك»، و«شارع محمد علي» بطولة شريهان. وقام بالتلحين كل من محمد عبد الوهاب، منير مراد، بليغ حمدي، سيد مكاوي، علي إسماعيل، إبراهيم رجب، حلمي بكر، عمار الشريعي، جمال سلامة، حسن أبو السعود.
10 - امتلاك القدرة علي النقد الذاتي الموضوعي، والتقييم الحقيقي لكل تجربة، والعمل الدائم علي تصحيح المسار، ولذا فقد حرص علي التسجيل التلفزيوني للمسرحيات الناجحة فقط.
- يجب التنويه على أن ما يقرب من خمسين في المائة من إنتاج فرقة «الفنانين المتحدين» لم يصور تلفزيونيا، وذلك لقناعة هذا المنتج الكبير - الذي يراهن على التاريخ بالدرجة الأولى ولا يهدف لتحقيق المكاسب المادية فقط - بألا يصور إلا المسرحيات الناجحة التي حققت نجاحا على المستويين الجماهيري والأدبي، ولذلك فقد حرص على أن يقوم بحذف وإخفاء بعض المسرحيات من تاريخه وألا يذكرها حتى في رصيده ومن بينها على سبيل المثال: كده يا كده، المغفل، فردة شمال، برغوت في العش الذهبي، سري جدا جدا، اللص الشريف، وكالة نحن معك، مطلوب للتجنيد. وذلك في حين حرص على التصوير الجيد لبعض المسرحيات المتميزة التي أصبحت علامات بالمسرح المصري ومن بينها على سبيل المثال: أنا وهو وسموه، حواء الساعة 12، سيدتي الجميلة، الزوج العاشر، البيجاما الحمراء، غراميات عفيفي، هاللو شلبي، مدرسة المشاغبين، شاهد ما شافش حاجة، العيال كبرت، ريا وسكينة، الواد سيد الشغال، علشان خاطر عيونك، شارع محمد علي، الزعيم.
جدير بالذكر أن للأديب الفنان سمير خفاجي عددا كبيرا من المواقف الإنسانية التي لا تعد ولا تحصى، ويكفي أن نذكر أنه كان يقوم بمفرده بمهام النقابات الفنية، فيعمل في صمت ودون دعاية على تقديم كثير من الأعمال الخيرية ومن بينها تخصيص معاشات لبعض أبناء الفنانين الراحلين، وتشغيل بعض الفنانين المعتزلين ومن بينهم على سبيل المثال: فيكتوريا كوهين (أنا وهو وسموه)، فهمي آمان بائع الطرشي - وعز الدين إسلام الموظف الساكن بملك «بعضشي» )سيدتي الجميلة(، سميحة توفيق أم بدوي، وآمال سالم أمونة زوجة الأب )ريا وسكينة). وذلك بخلاف تحمله نفقات العلاج أو مصاريف الجنازة لبعض الفنانين ومن أشهرهم الفنان القدير أمين الهنيدي، وكذلك مبادرته السريعة بحجز طائرة خاصة على نفقته لنقل الفنانة شريهان إلى «باريس» لإجراء عملية جراحية بالعمود الفقري أثناء أزمتها الصحية.
كان من حسن حظي أن منحي الله فرصة الاقتراب من عالم الإبداعي لهذا الأديب والمنتج الكبير، حيث تعود علاقتي بعالمه إلى مرحلة مبكرة جدا، وإن اعتمدت في البداية على علاقته العائلية الوطيدة مع عمي الكاتب محمد دوارة (شريكه في تأليف عدة أعمال) ووالدي شيخ النقاد المسرحيين فؤاد دوارة، حيث حرصت على حضور لقاءاتهما معه منذ مرحلة الطفولة خاصة بعدما شاهدت بعض مسرحياته الرائعة وأعجبت بها لدرجة الإنبهار، وبالتحديد مسرحيات: «أنا وهو وسموه»، و«حواء الساعة 12»، و«سيدتي الجميلة». كانت فرقة «الفنانين المتحدين» تقدم عروضها آنذاك على مسرح «ليسيه الحرية» (بشارع الشيخ ريحان) المجاور لمنزلنا، فكنت أحرص وخصوصا أثناء الأجازات الصيفية على تكرار مشاهدة العروض والتسلل إلى الكواليس، ثم الاستمتاع بسماع الحكايات الفنية للمبدع سمير خفاجي، فهو أحد الحكائيين الذي يمتلكون مهارات الحكي وإثارة القفشات والضحكات. ثم تطورت العلاقة إلى صداقة حينما شاركت كرئيس للمهرجان «الأول للمسرح الكوميدي» عام1994 بتكريمه في إطار فعاليات المهرجان. وما زلت أتذكر مدى سعادته الكبيرة بالإقبال الجماهيري وحسن التنظيم ومستوى العروض، وإصراره على إعلان تقديره وحماسه واستعداده لرعاية جميع المواهب الشابة بالجمعية «المصرية لهواة المسرح» (الجهة المنظمة للمهرجان).
وحينما تم تكريمه بفعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري بادرت بكتابة دراسة عنه نشرت بجريدة «القاهرة» (بتاريخ13 سبتمبر 2011)، وسعدت جدا بإعجابه الكبير ورد فعله، حيث لم يكتف بتوجيه الشكر بل وقام على الفور بتحديد موعد ليمنحني شرف كتابة مذكراته، وبالفعل تعددت الجلسات في حضور كل من الصديقين الفنانين آمال رمزي وعصام عبد الله.
حقا أنها رحلة عطاء ثرية تميزت بالصدق والوعي والإخلاص والرغبة الدائمة في تحقيق الإضافة والتجويد. ولا يسعنا في النهاية إلا التوجه إلى الله الجليل بالدعاء له بالرحمة والمغفرة جزاء ما أخلص واجتهد في عمله وسعى مخلصا لإسعادنا فوفق في وضع بصمة مميزة له وتحقيق إضافة نوعية بخريطة الإبداع المسرحي.