Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

From $11.99/month after trial. Cancel anytime.

روزيتا
روزيتا
روزيتا
Ebook195 pages1 hour

روزيتا

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

عرف النيل مع رفاقه، وشق الثوب الذي دثّرته به أمه في نسجها الحكايات عن عروس البحر خانقة الصبية، رآها في أحلامه تصاحبه في جزيرة الذهب وتعرّفه على ملوك البحار، عندما ترك جسده للموج الهادئ وأرخاه في حضن موجة تسلمه لأخرى، سبح إلى البر الشرقي وعاد من دون تعب، بالذات في أيام التحاريق قبل الفيضان، جلو صفحة النيل وهدوؤها يُغري بالسباحة كأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، يأتي الفيضان مجتاحًا الشوارع مغرقًا إياها بالطمي والمياه المحمَرّة، تنحسر من الشوارع شيئًا فشيئًا بعدما غسلها النيل وأطعم السردين.
عمل بالقفاصة، ينهي يوميته قبل المغرب، تأخذه قدماه إلى النيل، يتأمل الصيادين يفردون الشباك بين المراكب، ينزلون طوايل السردين المفضض، ألحقه أبوه بخياط بلدي عند زاوية العقادين، يتركه ويتجه إلى النيل، ألح على أبيه أن يلحقه صيادًا عند أحد معارفه، اشترط عليه أبوه ألا يسمع شكوى منه بعد ذلك، يستقبل النيل قبل طلوع الشمس، يطرح الشِّباك، يلمه بمساعدة زملائه، يهب الوهّاب البلطي والبوري الصايم صيد الليل.
Languageالعربية
Release dateApr 3, 2024
ISBN9789776376915
روزيتا

Related to روزيتا

Related ebooks

Related categories

Reviews for روزيتا

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    روزيتا - عزة دياب

    روزيتا

    رواية 

    تأليف :

    عزة دياب

    تصميم الغلاف:

    عبد الرحمن الصواف

    تحرير أدبي:

    سندس الحسيني

    مراجعة لغوية :

    محمد حمدي

    رقم الإيداع : 2016/11991

    الترقيم الدولي : 978-977-6376-91-5

                    إشراف عام :       

                  محمد جميل صبري

                   نيفين التهامي

    ***

    كيان للنشر والتوزيع

     22 ش الشهيد الحي بجوار مترو ضواحي الجيزة – الهرم

    هاتف أرضي: -0235688678 0235611772

    هاتف محمول: 01005248794-01000405450-01001872290

    بريد إلكتروني: [email protected] - [email protected]

    الموقع الرسمي : www.kayanpublishing.com

    ©جميعُ الحقوقِ محفوظةٌ، وأيُ اقتباسٍ أو إعادةِ طبع أو نشر في أي صورةٍ كانتْ ورقيةً أو الكترونيةً أو بأيةِ وسيلةٍ سمعية أو بصريةٍ دون إذن كتابي من النـاشـر، يعرض صاحبه للمساءلة القانونية.

    روزيتا

    عزة دياب

    رواية

    إهداء 

    إلى الواقفة على أعتاب البحر تقاوم النحر إلى رشيد.

    -1-

    ألهب الصهد اللافح لفرن الخبيز وجنتي حُسنة، وأنبت العرق من تحت عصبتها المشبعة بهبوات الدقيق، بعصا الفرن الحديد مثنية الطرف، وجهت الأرغفة النيئة نحو النار المؤججة عند الشاروقة، والناضجة إلى الحرف الطينى عند الحلق.

    أثار الدخان المنبعث من الحطب المبلل بالندى دموعها، المصبوغة بسواد كحّل الحجر، الذي صاحب عينيها منذ تفتح الصبا، وما فرغت منه مكحلتها، كلما سافرت لأهلها في رشيد تجلبه من وكالة الحنة، ومعه خرج الحنة تنقش به على الكفوف والأذرع والأرجل، والحنة الخضراء تحنّي بها الكفوف والأقدام، وتحني بها شعرها مخلوطا بها مغلي الرمان.

    بواكير الخبيز أرغفة طرية، تغطيها بالخضرة، وتنادي زوجة ابنها لتعد الفطور، فردت ساقيها في دفء الفرن، راحت تدلك ركبتيها، انبسطت أساريرها بابتسامة فبدت خطوط وجهها الأبيض الممتلئ والمحتفظ بمسحة من جمال الصبا، عندما تتذكر زيارة أخيها عصر أمس وحديثه عن عريس لعزيزة:

    - راجل زين ومصطفى ابنك عارفه، متجوز؟.. وإيه يعني! نفسه في عيل.

    دار أبيها في شارع البنط المتفرع من شارع الصاغة. أيام الفيضان يصل النيل إلى أعتابها، وأحيانا يواصل سيره إلى وكالة الباشا في السوق العمومية. قبل الفجر تخرج مع بنات الحي يملأن الجرار، عدا أيام الفيضان الذي يملأ الآبار، فمعظم البيوت تحتفظ ببئر أو اثنتين.

    حسنة هي الصغرى بين أختين وأخ، أختاها تعلمتا الحياكة، إحداهما مساعدة لخياطة كبيرة تحيك فساتين العروس، والأخرى يرسل إليها خياط عربي بالجلابيب الرجالي والسراويل المعروفة بـ»اللباس أبو كمر»، وتقوم بعمل الأزرار الحرير والسراجة.

    اختارت حسنة السجاد. تأتي رفيقاتها صباحًا معهن لفائف الغداء. في طريقهن إلى المشغل يتضاحكن وهن يسردن تفاصيل ليلتهن الماضية. نول السجاد صفحتها تنقش عليها بالأصواف المصبوغة، من أول يوم لها في المشغل وضعت عينيها على سجادة وبرتها عالية وذوقها رفيع. تتمنى اقتناءها لجهازها، فهي ترى شغف البنات من حولها بما تدخره أمهاتهن من أمتعة لعرسهن. قبيل العصر ينصرفن إلى البيوت، وعند باب بيت كل واحدة تعزم عليهن بالدخول يقلن لها: - يوم فرحك.

    جاءت أفراحهن، تزوجن في رشيد، وكان نصيب حسنة في إدكو.

    أخوها محمد علمها القرآن والصلاة. كان شيخهن هي وأمها وأختيها. من تحفظ أسرع يكافئها بالملبن والسكر النبات. تعلم محمد على يد الشيخ محمد أبو السعود. يحتفظ محمد بالقرآن في صدره إلى جانب ذكرياته مع الشيخ الجليل.

    أبوها ليلة الخميس يصلي العشاء ويذهب إلى حلقة ذكر أبي العزائم. يحافظ على تلك الليلة مهما طرق بابه من تجار العسل القادمين من أي بلد. ليلة الذكر عنده مقدمة على كل الأموال، ولأن حسنة الصغرى فكان يأخذها معه، وكم نامت ولم تدر إلا وهو يضعها على كتفه، وفي مرة قال لها:

    - كبرتي يا حسنة.. رجليكي عند ركبتي.

    ومن يومها لم تذهب معه ليلة الذكر.

    تتنهد حسنة منتبه من ذكرياتها:

    - دستة شمع لمقامك يا شيخ خلعي لو تمت جوازة عزيزة.

    وضعت صابحة زوجة ابنها لوح خشب ممتلئ بأقراص العجين، تناولت منه عزيزة ابنتها قرصا فردته على المطرحة. أبقته عزيزة بجوارها. لقّمت النار حطبًا. مسحت صاج الفرن بقطعة ثياب مهترئة مبللة بالماء، لفتها على طرف عصاة الفرن، ثم زجت بالرغيف المفرود.

    ***

    أرضعت زوجة الابن طفلها وتركته يحبو خلفها، تساعد عزيزة في نقل سجادة حجرة الأم إلى حجرة المسافرين، تحت ثقل السجادة:

    - فيه إيه؟ عمر السجادة ما خرجت من أوضتها! يا طول ما تخترعي يا مرات خالي.

    عزيزة تداري ابتسامتها ولمعان عينيها من زوجة أخيها، كي لا تلح في معرفة سر فرحتها أو سر الاهتمام الزائد بحجرة المسافرين، فقد سمعت من خلف باب حجرة أمها، أخاها الكبير يسر لأمها بموعد قدوم العريس:

    - راجل زين، حداه بيت طابقين وعدة صيد.

    - يا رب يكون من حظها ونصيبها.

    منحتها كلماتهما إشراقا كسنا الياسمين المتلألئ بالندى.

    كل زميلاتها تزوجن، ترفض أمها العرسان، تريد عريسا غنيًا، تتوق روحها إلى لبس فستان العرس، وما يصاحبه من تصفيف للشعر ورسم للوجه بالأصباغ وللجسد بالحنة الخرج، مثل ما رأته يحدث مع بنات عمها وصابحة بنت عمتها زوجة أخيها.

    ترمقها زوجة أخيها وهي تفرش الكنب العربي بالأغطية المزركشة، والغمازات في خديها تعلن عن مكنون نفسها.

    تنحني على طفلها المتشبث بذيل جلبابها:

    - تعالى يا ابني عمتك سرحانة النهاردة.. قال يا خبر بفلوس.

    تعد حسنة الجمرات للمبخرة في حوش البيت، المحتضن بين جنباته فرن الخبيز، وكومة حطب من جريد النخل.. قحوف وخُوص وأعشاش دواجن وبط وشجرة ليمون تتنفس عطرًا، رغم أن شوكها يحرمهم الجلوس في ظلها.

    بخرت حجرة المسافرين وحجرة عزيزة، تذكرت حجرة ولديها الغائبين شحاتة والصافي، عندما أنهى شحاتة دراسته في مدرسة المعلمين بدمنهور دخل كلية دار العلوم بالقاهرة، كل شهر يأتي لزيارتهم يومين، وها هي ترتب فراشه وكتبه، قد يأتي في أي وقت.

    الصافي أخذ الابتدائية بشق الأنفس، وكان يهرب ويصطاد مع أعمامه في البحيرة، أو يذهب إلى أخواله في رشيد، المهم أن يهرب من المدرسة.

    ترفع طرف الملاءة المنسدل على سريره، فتجد صناديق الزيت فوق بعضها.

    - الله يحرقك يا هتلر، ولعتها نار في قوت الغلابة، وينجيك يا شحاتة، إنت اللي بتوعيني، الصافي تاجر؟!

    - هو فين من امبارح الصبح؟!

    أعطت المبخرة لصابحة لتبخر غرفتها، من الشرفة نادت ابنها الكبير مصطفى، رد عليها من الحوش ولم يدخل البيت، كان ينظف عجوله التي يربيها ويتاجر فيها.

    - عايزة إيه يا امه؟

    - الصافي فين من امبارح؟

     -قال هيغيب أسبوع.

     -الناس هتيجي وشحاتة والصافي مش هنا!

     -إنتي الخير والبركة، واعمامي وخالي محمد، وعلى العموم شحاتة والصافي اللي توافقي عليه عندهم نافذ.

    ***

    رفعت صابحة طفلها على كتفها بعد أن جهزت الشاي، وزينت عزيزة بطرحتها الحرير، كما أوصتها حماتها. تقرص عزيزة خديها وإن كانت لا تحتاج، فيكفيها احمرار خديها، وعينيها الرصاصيتين، وفمها الرقيق، وقوامها الملفوف الذي يعلن عن نفسه مهما اتسعت الثياب.

    دخلت برفقة أمها، وضعت المشروبات على المنضدة في منتصف الحجرة، لم تستطع الوقوف وهي تشعر بالأعين تحملق فيها والسخونة تنبعث من وجنتيها، خرجت وأمها تضحك.

    تلقتها زوجة أخيها:

    - شُفتِي العريس؟

    - هو أنا عرفت أرفع عيني!

     -تعالي من هنا تعرفي تشوفي.

    من بين ضلفتي الباب الموارب، من بين الحضور غريبان يبدوان أبًا وابنه، أو أخًا كبيرًا يصطحب الصغير الذي في هندامه وطربوشه وقور أخّاذ، سمعت نحنحة فهرعت إلى غرفة مجاورة وراء زوجة أخيها.

    دخلت الأم إلى غرفتها يتبعها الابن والبِشر على وجهيهما.

    - عريس زين بس لو كان خالي من غير مَرَة.

    - الراجل مقتدر، إيه يعيبه؟ يا امه دي

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1