تحرص الدول المختلفة على خلق وسائل إعلام قوية وعصرية قادرة على نقل الرسالة الإعلامية للدولة بكافة تشعباتها السياسية والثقافية والاقتصادية والفنية. وهذا النقل لا يقتصر على شعب هذه الدولة أو تلك أو محيطها الثقافي القادر على استيعاب لغتها، بل الأهم منه هو النقل باللغة العالمية اليوم وهي اللغة الإنجليزية. والمتابع لوضع إعلامنا السعودي يجد خللاً واضحاً في إدراك مثل هذه الأهمية. فالقناة السعودية الرسمية الوحيدة التي كانت لدينا هي القناة السعودية الثانية والتي تم تأسيسها العام 1983م، وإغلاقها العام 2017م. ولم يقتصر الخلل على إغلاق هذه الذراع الإعلامية المهمة، بل نراه واضحاً منذ تأسيس هذه القناة كما يتضح من فلسفة القناة كما هي مطروحة على موسوعة ويكيبيديا: "القناة الثانية هي قناة سعودية حكومية، انطلقت في عام 1403هـ الموافق 1983، وكانت القناة موجهة إلى المقيمين داخل المملكة الناطقين باللغة الإنجليزية أو التي تعتبر الإنجليزية لغتهم الثانية".
فمن الأساس لم يكن نقل رسالة الوطن وثقافته والدفاع عن قضاياه أمام الدول ذات القرار السيادي في العالم من ضمن توجهات هذه القناة. ويعزز ذلك أن البرامج التي كانت تقدمها قد تنوعت بين نقل المباريات، والمسلسلات والأفلام، والبرامج الوثائقية، ونقل الأخبار. في غياب واضح للبرامج السياسية والحوارية. ومع أن استهداف المقيمين في المملكة من المتحدثين باللغة الأنجليزية أمر مهم إلا أنه لا يعكس إلا جزءاً من رسالة القناة المفترضة. حيث يتوجب على القنوات الفاعلة وضع العالم الآخر، كالعالم الغربي والأميركي في عين الاعتبار.
بمعنى آخر يجب أن يكون لهذه القناة رسالة وطنية تتخذ من سياسة هذه البلاد ورؤيتها وتطلعاتها مادة لها. ويمكن أن نرى مثل هذه الحاجة الملحة أثناء هجوم الإعلام المعادي على المملكة على خلفية قتل الصحفي جمال خاشقجي. فلو كانت هذه القناة عاملة وفاعلة لقدمت الصورة الصحيحة عن هذه الحادثة للآخر الغربي الذي أصبح يتلقى معلوماته من القنوات المعادية. وقد ازدادت الحاجة لهذه القناة مع انطلاقة رؤية هذه البلاد الطموحة والمباركة 2030. حيث هناك الكثير والكثير الذي نريد إبرازه حيال ثقافتنا وفنوننا وقضايانا. وقد تم تعليق بث القناة في عام 2017م بحجة تطويرها، وها نحن في منتصف العام 2019م، وما زلنا ننتظر انطلاقتها من جديد، وحالنا يردد: "طال الصبر والمنتطر مل صبره".
التعليقات