انتقل إلى المحتوى

إمارة صقلية

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
صقلية
إمارة صقلية (بالعربية)
Εμιράτο της Σικελίας (باليونانية)
Emirato di Sicilia (بالإيطالية)
إمارة صقلية
مقاطعة للدولة الأغلبية خلال الأعوام (831م-909م)
مقاطعة للدولة الفاطمية خلال الأعوام (909م-948م)
إمارة مستقلة تحكمها سلالة بني كلب بعد العام 948م
→
831 – 1072 ←
إمارة صقلية
إمارة صقلية
علم
إيطاليا في عام 1000م. إمارة صقلية باللون الأخضر الفاتح.
عاصمة بَلَرْم (باليرمو)
نظام الحكم ملكية
اللغة الرسمية صقلية عربية  تعديل قيمة خاصية (P37) في ويكي بيانات
اللغة البيزنطية اليونانية، والصقلية العربية، واللاتينية الفظة
الديانة الإسلام: المذهب الشيعي الإسماعيلي (رسميًّا)
مذاهب أهلُ السُنَّة الأربعة (شعبيًّا).
المسيحية الشرقية والغربية
التاريخ
التأسيس 831
الزوال 1072

إمارة صقلية كانت إمارة اسلامية تابعة للدولة الأغلبية ثم للدولة الفاطمية في جزيرة صقلية دامت خلال أعوام 831 حتى 1072.[1]

الغزوات

[عدل]

في عام 535 م جعل الإمبراطور جستنيان الأول من صقلية مقاطعة بيزنطية، وللمرة الثانية بتاريخ الجزيرة تصبح اللغة اليونانية هي اللغة الدارجة بين الأهالي. وبعد ضعف الإمبراطورية البيزنطية تعرضت صقلية لغزو المسلمين زمن الخليفة عثمان بن عفان عام 31 هـ/ 652 م، ولكنه لم يدم طويلا وتركوها. ثم تم فتح قرطاجة مما مكن المسلمين من بناء اسطول قوي وعمل قاعدة بحرية دائمة تجعلهم يتحكمون بالطرق البحرية.[2]

في عام 80 هـ/ 700 م دخل العرب جزيرة قوصرة (بانتلريا حاليا Pantelleria)، وقد كان مايحدث من غارات الأساطيل الإسلامية على صقلية حتى النصف الأول من القرن الثامن، لم يؤد إلا إلى الحصول على بعض الغنائم، فلم يستقر المسلمون بهذه الجزيرة بعد.[3] فقد غزاها عبد الله بن قيس الفزاري من قبل معاوية بن حديج والي إفريقية من قبل معاوية، ثم محمد بن ادريس الأنصاري أيام يزيد بن عبد الملك فغنم منها غنائم كثيرة ثم عاد، ثم غزاها بشر بن صفوان الكلبي والي إفريقية أيام هشام بن عبد الملك عام 109هـ/737م. ثم حاول عبيد الله بن الحبحاب الفهري والي إفريقية إرسال قائد جيوشه حبيب بن أبي عبيدة القيام بهجوم شامل على صقلية وسردانية وذلك عام 122 هـ/ 740 م، فاستولى على سرقوسة على الساحل الشرقي للجزيرة[4]، ولكن بسبب الفتن الداخلية فقد حالت دون اكمال محاولة غزو صقلية. وتهيأ للبيزنطيين الفرصة لتحصين الجزيرة واعداد اسطول لحمايتها، فلم تتعرض الجزيرة لهجمات المسلمين فترة تزيد عن 50 عاما[3]، ولكن صارت هناك اتفاقيات تجارية ما بين المسلمين والبيزنطيين والسماح لهم باستخدام الموانئ الصقلية.

عقد إبراهيم الأغلبي هدنة ومعاهدة مع حاكم صقلية المسمى قسطنطين مدتها عشر سنوات وذلك عام 189هـ/805م[3]، ولم يطل أمر هذه المعاهدة بسبب مخالفة ونقض البيزنطيين الصقليين لأهم بنودها، ألا وهو رد الأسرى المسلمين إلى ديارهم، فأرسل الأغالبة عام 197هـ/812م أسطولاً هاجم بعض الجزر التابعة لصقلية، وأرسل الإمبراطور البيزنطي أسطولاً من المدن الإيطالية الساحلية غير أن المسلمين استطاعوا أن يهزموا الأسطول البيزنطي وغنموا بعض سفنه. عاود البيزنطيون الكرَّة، فأرسلوا أسطولاً جديداً، فانتصروا على الأسطول الإسلامي، مما أدى إلى تجديد الهدنة مرة أخرى ما بين أبو العباس عبد الله بن الأغلب وبين جريجوري بطريق صقلية (الحاكم) عام 198هـ/ 813م لمدة عشر سنوات أخرى، ولكن أمدها لم يطل، فقد أرسل زيادة الله الأغلبي -ثالث حكام الأغالبة في أفريقية- أسطولاً لفتح صقلية بقيادة ابن عمه، فلم يفلح في فتحها، ولكنه استطاع أن يرد الأسرى المسلمين.[5]

فتحها على يد المسلمين

[عدل]

ثورة فيمي

[عدل]

في عام 211هـ/826م حاول فيمي أو يوفيميوس (Euphemius) وهو قائد الإسطول البيزنطي في صقلية بإجبار راهبة على الزواج منه. وقد اثار الإمبراطور البيزنطي مايكل الثاني موجة من الغضب وأمر حاكم الجزيرة قسطنطين بإنهاء حالة الزواج تلك وقطع أنف فيمي، فثار فيمي فسار في مراكبه إلى صقلية، واستولى على مدينة سرقوسة، فسار إليه قسطنطين فالتقوا واقتتلوا فانهزم قسطنطين إلى مدينة قطانية، فسير إليه فيمي جيشًا فهرب منهم، فأخذ وقتل، وخوطب فيمي بالملك، واستعمل على ناحية من الجزيرة رجلاً اسمه بالطة، فخالف على فيمي، واتفق هو وابن عم له اسمه ميخائيل، وهو والي مدينة بلرم، وجمعا عسكرًا كثيرًا فقاتلا فيمي وطرداه إلى شمال أفريقيا، واستولى بالطة على مدينة سرقوسة.[6][7] فاستنجد فيمي بزيادة الله الأغلبي أمير إفريقية عارضا عليه الجزية مقابل جعله حاكما عليها. فأرسل زيادة الله جيش المسلمين من العرب والبربر والأندلسيون والكريت وخراسانيين[7] بقيادة أسد بن الفرات.

البداية

[عدل]

دخل أسد بن الفرات مرسى مزارا بجنوب غرب صقلية يوم الثلاثاء 18 ربيع الأول 212 هـ / 17 يونيو 827 م بعشرة آلاف راجل وتسعمائة فارس[5] وقيل سبعمئة فارس[3] ومئة سفينة. وحاصر سرقوسة طوال شتاء 827-828 وحتى الصيف. وعانى المسلمون من نقص الغذاء والمرض الذي فتك بأسد بن الفرات مما دفعهم للانسحاب.

وقد استغرق احتلال الجزيرة بالكامل وقت طويلا بسبب مقاومة الأهالي والنزاعات الداخلية، ثم سقطت تورينو عام289هـ/ 902م ولم يكتمل احتلال كامل الجزيرة إلا عام 965م.[7]

حكم الإمارة

[عدل]

تولى حكم الجزيرة كلا من الأغالبة من تونس ثم الفاطميين من تونس ومصر. وقد استفاد البيزنطيون من فترة خلافات بين المسلمين فاحتلوا الطرف الشرقي من الجزيرة ولعدة سنوات. بعد إقماع ثورة بالجزيرة بواسطة الخليفة المنصور الفاطمي عين حسن الكلبي كأمير على صقلية 363-342هـ/948-954م، وقد نجح بالسيطرة على ثورات البيزنطيين بالجزيرة وانشاء سلالة بني كلب الحاكمة بها. وغزا جنوب إيطاليا واستمر حكم تلك الأسرة لمدة قرن من الزمان، وفي عام 372هـ/982م غزا أبو القاسم بجيشه جنوب إيطاليا والتحم مع جيش أوتو الثاني إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة فهزمه بالقرب من كروتوني في كالابريا ولكنه قتل بالمعركة.

بفترة حكم الأمير يوسف الكلبي 379-387هـ/ 990-998م بدأ فترة الإضمحلال. فحكم أحمد الأكحل بن يوسف (410-427هـ / 1019-1037) مما بدأت المشاكل تطفو خاصة مع باقي الأسرة الحاكمة بتحالفاته مع البيزنطيون والزيريون. وماأن استلم الأمير الحسن الصمصام حتى أطلق إمارة بنو الصمصام إلا أنه في اخر عهد الدولة جرى اختلاف بين أهل الجزيرة وتشتتت إلى دويلات مختلفة.

وقد قسم المسلمون الجزيرة إلى ثلاث مناطق أساسية: إقليم وادي المزارة (أو مازر) الواقعة في الغرب وقد انتشر فيها الإسلام إلى حد كبير عندما غير السكان دينهم المسيحي واعتنقوا الإسلام. وإقليم وادي دي نوتو (نوطس) في الجنوب الشرقي، وإقليم وادي ديمونا (دمنش) في الشمال الشرقي حيث بقيت أقلية مسيحية معتصمة في أعالي الجبال. ومن هناك كانت تقود المقاومة ضد المسلمين. وكانت مقاومة على هيئة فدائيين أو مغاوير. ومعلوم أن الجبال الوعرة تساعد على هذا النوع من المقاومة.[8]

الإرث

[عدل]

الاقتصاد

[عدل]

دشن المسلمون هناك سياسة الإصلاح الزراعي مما أعطى زيادة بالإنتاج الزراعي، وشجعوا بتقوية المشاريع الصغيرة، كالملكيات الفردية للمزارعين، ورغبوا بتقوية سوق العقار. وطوروا أيضا نظام الري وحسنوه، وشجعوا السكان المحليين على زرع الحمضيات التي لم تكن معروفة في تلك البلاد مثل البرتقال والليمون والفستق وقصب السكر.[9] كما أدخلوا إلى هناك زراعة القطن، وشجر التوت. وكان هذا الأخير يستخدم من أجل تربية دودة القز والحصول على الحرير. كما أدخلوا إلى صقلية شجرة النخيل لأول مرة وكذلك زراعة البطيخ الأحمر والأصفر.

وبما أن هذه الزراعات الجديدة كانت تتطلب الكثير من الماء. ولذلك استخدم المسلمون نظام الريّ الروماني بعد أن أدخلوا عليه تحسينات كبيرة. فقد أضافوا النواعير والقناطر وأشياء أخرى. وبالتالي فالمسلمون لم يكونوا فقط ناقلين للحضارة وإنما كانوا صانعين لها ومضيفين إليها أيضا.[8]

حسن المسلمون أيضا تقنيات استخراج المعادن من الأرض كالكبريت، والرصاص، والفضة الخ. وراحوا يعلمون الناس كيف يمكن أن يستخرجوا الملح من ماء البحر، وكيف يصطادون السمك بكل أنواعه.[8] زار ابن حوقل مدينة باليرمو ووصفها عام 950م، حيث يوجد حي مسور يسمى القصر وهو بوسط المدينة إلى اليوم، وكذلك الجامع الكبير الذي حول إلى كاثدرائية، وأيضا حي الخالصة أو كالسا الذي به قصر السلطان ومكاتب الدولة والسجن الخاص. وقد عد ابن حوقل 7,000 جزار يعملون في 150 محل جزارة.

وزار المنطقة أيضا الجغرافي ابن جبير 578هـ/1183م ووصف أحياء القصر والخالصة "العاصمة التي تحتوي على القوة والثروة. ويوجد بها كل الجمال الحقيقي والخيال الذي يتمناه المرء. آثار النعمة والجاه تزدان بها الميادين والريف، الشوارع والطرق العامة فسيحة، جمال الطبيعة تبهر الأبصار. إنها مدينة العجائب، البيوت شبيهة ببيوت قرطبة، مبنية من حجر الجير، تيار دائم من الماء يأتي من الينابيع الأربع يمر خلال المدينة. والمساجد الكثيرة بحيث لايمكن عدها. ومعظمها يوجد بها مدارس. العيون تمتلأ بالجاه والعز."

سقوطها في يد المسيحيين

[عدل]

وقد سمح للأهالي من أتباع المسيحية بحرية ممارسة شعائرهم وإن كان يجب عليهم الجزية. وقد بدأ التفكك بالإمارة عندما ظهرت الخلافات داخل العائلة الحاكمة المسلمة.[7] وبدخول القرن الحادي عشر تعرضت جنوب إيطاليا لهجمة شرسة من المرتزقة النورمان، وهم السلالة المسيحية من الفايكنج، وكانوا بقيادة الملك روجر الأول الذي أخذ الجزيرة من المسلمين.[7] روبرت جيسكارد النورماندي غزا الجزيرة عام 1060، وقد كانت منقسمة إلى ثلاث إمارات إسلامية مما ساعد على تقوية المسيحيين أمام المسلمين.[10] فبعد أن احتل روجر الأول بوليا وكالابريا بجنوب إيطاليا تم من أخذ ميسينا ب700 فارس. ثم هزم المسلمين في ميسلميري بالقرب من باليرمو عام 1068، ولكن تبقى المعركة الحاسمة وهي حصار باليرمو والتي أدى سقوطها إلى سقوط كامل الجزيرة بيد النورمان عام 1091. وبعد أن تمت له الجزيرة أزاح منها حاكمها المحلي وهو يوسف بن عبد الله من الحكم، بينما تمتع البعض من المسلمين اللذين رضخوا بشيئ من الحقوق كالعبادة والتجارة، قبل ان تسوء أحوالهم الى حين قدوم فريدريك الثاني، إمباطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة.

خسارة المدن الصقلية يعتبر ضربة قوية لهيمنة المسلمين على الجزيرة، وإن بقيت بعضها تحت الحكم الإسلامي مثل إنا التي ظلت تحت حكم ابن الحواس ولفترة طويلة. ولكن خليفته قد استسلم وتحول إلى الديانة المسيحية عام 1087. فأعطيت له الألقاب المسيحية وانتقل مع أهله إلى اقطاعية في كالابريا كان قد اعطاها له روجر الأول. في عام 1091 سقطت كل من بوتيرا ونوتو في أقصى الجنوب من صقلية ثم جزيرة مالطا آخر معاقل المسلمين بيد النورمان. وبنهاية القرن الحادي عشر ضعفت هيمنة المسلمين غرب البحر المتوسط.[11]

قائمة الأمراء

[عدل]

الأمراء

[عدل]

مرحلة الطوائف

[عدل]

انظر أيضا

[عدل]

مراجع

[عدل]
  1. ^ تاريخ صقلية نسخة محفوظة 06 يوليو 2013 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ Denis Mack Smith، (1968). A History of Sicily: Medieval Sicily 800—1713,. Chatto & Windus, London،. ISBN:7011 1347 2. {{استشهاد بكتاب}}: تأكد من صحة |isbn= القيمة: طول (مساعدة)
  3. ^ ا ب ج د الدولة البيزنطية.الدكتور السيد باز العريني. دار النهضة العربية. بيروت
  4. ^ عبد عون الروضان، موسوعة تاريخ العرب، الأهلية للنشر والتوزيع عمان. ط:2 ،2007 ص: 522
  5. ^ ا ب فتح صقلية للشيخ ناصر بن محمد الأحمد نسخة محفوظة 11 مايو 2012 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ قصة أسد بن الفرات نسخة محفوظة 2020-04-08 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  7. ^ ا ب ج د ه "Brief history of Sicily" (PDF). Archaeology.Stanford.edu. 7 أكتوبر 2007. مؤرشف من الأصل (PDF) في 09 يونيو 2007. {{استشهاد بخبر}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  8. ^ ا ب ج Francesio، Giovanni (2003). Sicily Art, History and Culture. Arsenale- London 2006.
  9. ^ Privitera، Joseph. Sicily: An Illustrated History. Hippocrene Books. ISBN:978-0781809092. مؤرشف من الأصل في 2019-12-10. {{استشهاد بكتاب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  10. ^ معركة باليرمو وبوابة المسلمين نسخة محفوظة 24 يناير 2017 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ Previte-Orton (1971), pg. 507-11

وصلات خارجية

[عدل]